عام التنين.. الاحتفال الذي تنتظره الصين كل 12 عاما
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يعد التنين الحيوان الخامس في الأبراج الصينية، ويرمز في ثقافتها إلى الرخاء والمجد والثروة والحظ السعيد والبشائر الطيبة، ويعد عام التنين فريدا عن بقية الأعوام الصينية، إذ إنه الوحيد الذي يتخذ رمزا له حيوانا أسطوريا.
تحتوي دورة الأبراج الصينية على 12 حيوانا يمثل كل منها عاما، وكل عام يرتبط بأحد هذه الحيوانات "الجرذ والثور والنمر والأرنب والتنين والأفعى والحصان والماعز والقرد والديك والكلب والخنزير".
وكل 12 عاما ينتظر الصينيون قدوم هذا العام، فيستقبلونه باحتفالات ضخمة وألوان زاهية، معتقدين أنه يجلب لهم الحظ السعيد، إذ يشكل في الثقافة الصينية رمزا للعدالة والنبل والشرف، وينظر إليه دائما على أنه رمز للحظ السعيد.
وفي الأساطير الصينية ينظر إلى التنين على أنه قادر على التحكم في الرياح والأمطار والسيطرة على الخصوبة ومصادر المياه، لذلك يعتبر رمزا للوفرة والحصاد أيضا، علاوة على دلالته على قوة الإمبراطورية، وهو ما يمثل سلطة الحاكم وقوته.
من عبادة الطوطم في المجتمع البدائي نشأ رمز التنين ليصبح ظاهرة ثقافية مميزة للصين، وتجسد الحكايات الشعبية الصينية التنين بصورة مخلوق خارق بقرن وحراشف وشارب يطير في السماء ويغطس في الماء ويخترق الغيوم وينزل المطر.
ارتبط التنين ارتباطا وثيقا بالسلطة الإمبراطورية، حيث اعتبر الأباطرة أنفسهم "أبناء السماء من التنين الحقيقي" وزينت القصور الإمبراطورية برسوم التنين.
ويثير التنين عند الصينين مشاعر عميقة تجاه الوطن الأم ويشعل حماسة حب الوطن لديهم، خاصة عند ذكر "أولاد التنين وخلفائه"، ولا تزال أساطير وحكايات التنين حاضرة في اللغة الصينية الحديثة، مما يؤكد على تأصله رمزا لديهم رغم قدمه.
تعود أسطورة التنين إلى قصة إمبراطور أسطوري يدعى ياندي، وتقول إن نسله من نسل تنين قوي للغاية، وتحالف ياندي مع الإمبراطور هوانغ دي الذي كان إمبراطورا لأسرة تشين من 221 إلى 210 قبل الميلاد، واستطاعا معا قهر أعداء الصين وتوحيد البلاد بأكملها.
ومع مرور الوقت أصبح الكثير من الصينيين يعتقدون أن ياندي هو أحد أسلافهم، مما جعلهم يؤمنون بأنهم من نسل التنانين، فعزز ذلك مشاعر الفخر والاعتزاز لديهم وجعلهم يتمسكون بتراثهم وثقافتهم.
من أهم الدلالات عن التنين استعمالات ألوانه التي يرمز كل منها إلى صفة أو معنى محدد، وأبرزها:
التنين الأحمر: يرمز إلى الفرح والاحتفالات والمهرجانات. التنين الأسود: يرمز إلى الرغبة في الانتقام والشر والكوارث. التنين الأبيض: يرمز إلى الموت والحداد والفضيلة والنقاء. التنين الأزرق والأخضر: يرمزان إلى الصحة والسلام والنمو وبدء حياة جديدة. التنين الأصفر: يرمز إلى الحكمة والقوة والحظ الجيد والإمبراطور. التنين الذهبي: يرمز إلى الثروة والقوة والازدهار والسلطة. الاحتفال بعام التنينويوافق عام التنين رأس السنة القمرية أيضا (عيد الربيع)، ويبدأ مع بداية أول شهر قمري في السنة الصينية، ويختلف موعد الاحتفال من عام إلى آخر، لكنه يصادف دائما الفترة الواقعة بين أواخر يناير/كانون الثاني ومنتصف فبراير/شباط.
وتستغرق النشاطات الاحتفالية -بما فيها الاستعدادات للعيد- أكثر من شهر، وكان الصينيون في العصور القديمة يرون أن رأس السنة القمرية بمثابة "شهر عسل" يمضونه في كل سنة.
في هذه السنة تنتقل الصين من عام الأرنب إلى عام التنين، وتستهل الاحتفالات بتوديع العام القديم، وتهدف إلى جلب الحظ والازدهار في العام الجديد.
وتضم الاحتفالات بعام التنين بعض الطقوس المميزة في جميع أنحاء الصين وتستمر 15 يوما، ويعود فيه ملايين الأشخاص إلى الصين قاطعين آلاف الأميال للاحتفال مع أسرهم، في أكبر هجرة جماعية في العالم كل عام.
ولا ترتبط هذه الاحتفالات بعام التنين، حيث إنه تقليد ثابت في كل رأس سنة قمرية، إذ يعد اجتماع شمل العائلة تقليدا ملزما، وتجبر التقاليد أفراد العائلة على الاجتماع فتغلق على إثرها معظم المحلات والمجمعات التجارية، ويلجأ الناس إلى شراء حاجياتهم قبل شهر من موعد العيد تحسبا لهذه الأزمة، كما يشترون الهدايا والتسالي والملابس الجديدة.
ومنذ التسعينيات من القرن الـ20 يمنح سكان الصين أسبوع إجازة من العمل بمناسبة العام الجديد.
ووفقا لوزارة التجارة الصينية، ينفق السكان في هذه الفترة أكثر من 820 مليار يوان (نحو 1115 مليار دولار) على التسوق والطعام.
ومن بين طقوس الاحتفال بعيد الربيع ورأس السنة الصينية رقصة التنين والعنقاء والألعاب النارية والاحتفالات الشعبية المهرجانات التقليدية المرتبطة بعام التنين، مثل مهرجان قوارب التنين (دوان وجيه)، وتقديم الهدايا الحمراء لكونها ترمز للحظ الجيد في الثقافة الصينية، وتحرص الأسر على لم شملها وتشارك أصنافا عديدة الأطعمة المخصصة لهذه المناسبة.
يحرص الصينيون على نظافة منازلهم قبل منتصف ليلة رأس السنة القمرية بهدف تخليصها من أي حظ سيئ قد يتراكم خلال العام الماضي، ويهتمون أيضا بتسوية الديون قبل حلول العام الجديد، بما في ذلك فواتير بطاقة الائتمان.
أما بالنسبة للمحظورات التي يجب تجنبها خلال الاحتفال بالعيد فأهمها قص الشعر أو غسله في اليوم الأول من العام الجديد، ومبعث هذا الاعتقاد أن الحرف الصيني لكلمة "الشَعر" هو الحرف ذاته في كلمة "الازدهار" الصينية، مما جعلهم يعتقدون أن غسل أو قص الشعر يعني التقليل من الثروة أو من فرص تحقيق الرخاء في العام المقبل.
كما يتوقف الصينيون المهتمون بالقراءة عن شراء الكتب، ويعود السبب في ذلك إلى كون لفظ كلمة "كتاب" باللغة الصينية يشابه لفظ كلمة "خسارة"، لذلك فإن شراء الكتب في هذه الفترة يعد بمثابة دعوة للحظ السيئ، وتشير التقاليد إلى أن حفاوة الاحتفالات تسهم في صفاء الطريق للعام الجديد.
فيمَ يتميز عام التنين عن غيره؟في الثقافة الصينية يعني ربط السنة الصينية بحيوان معين تأثيره على الناس من حيث الزواج وفرص العمل وكذلك الثروة، ويعتقدون أن عام التنين أكثر الأعوام حظا لمواليده، إذ يؤمن الصينيون بأن الشخص المولود في ذلك العام يكون استقلاليا وقويا وشجاعا وذا نفوذ، علاوة على أنه يكون شخصا محظوظا.
وبسبب الحظوظ المرتبطة بعام التنين كثيرا ما يحاول الصينيون إنجاب أبنائهم فيه ليحظوا بتلك الصفات، مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في عدد المواليد كل عام من أعوام التنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العام الجدید عام التنین رأس السنة یرمز إلى
إقرأ أيضاً:
” المواجهة الهندية – الباكستانية و التنين الصيني “
مهند أبو فلاح
الاشتباكات العنيفة بين الجارتين اللدودتين الهند و الباكستان الدائرة حاليا على امتداد المناطق الحدودية لا سيما في منطقة كشمير المتنازع عليها بين البلدين ليست الأولى من نوعها ، لكن تسليط الاضواء اعلاميا على نوعية الطائرات المقاتلة الهندية التي تم إسقاطها من قبل سلاح الجو الباكستاني يوحي بوجود أجندة خفية لدى جهات تقف من وراء التصعيد الأخير بين الجارين النوويين .
الحديث عن طائرة رافال التابعة لسلاح الجو الهندي الفرنسية الصنع التي اسقاطها من قبل سلاح الجو الباكستاني باستخدام طائرات صينية الصنع يوحي بوجود من ينفخ في كير الفتنة و الأزمة بين البلدين و لا سيما أن إقليم كشمير المحاذي لمنطقة التيبت في أعالي جبال الهملايا كان مسرحاً لحرب قصيرة دامية بين الهند و الصين في مطلع ستينيات القرن الماضى و لا يخفى على المتابعين للمشهد السياسىي في شبه القارة الهندية رغبة الدوائر الحاكمة في نيودلهي بتهيئة الرأي العام المحلي لصفقات سلاح جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
مقالات ذات صلة الدكتور احمد زياد أبو غنيمة 2025/05/10لوبيات الصناعات الحربية المتنفذة في البيت الاسود بواشنطن و في أروقة البنتاجون ( وزارة الدفاع الأمريكية ) و لجنة الدفاع في الكونجرس ليست معنيةً فحسب بجني المزيد من الأرباح و المكاسب المالية عبر صفقة ضخمة تعقدها مع ثاني أكبر دول العالم سكانيا بعد الصين الا و هي الهند ، بل هي راغبةٌ في خلق صراع مسلح دموي بين كلا البلدين لوضع حد لاقوى قوة اقتصادية صاعدة على مستوى العالم في إشارة إلى النظام الشيوعي الحاكم في بكين .
النمو المتسارع للاقتصاد الصيني يشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الأمريكي في بلد رأسمالي يهيمن عليه رجال الأعمال من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة ، الذين يضغطعون بقوة على الإدارة الأمريكية لاتخاذ خطوات عملية ملموسة لوضع حد نهائي للتفوق الصيني على منتوجاتهم في مختلف أسواق العالم التجارية و هو امر لا يمكن تحقيقه و هذا ما عبرت عنه سياسة الرئيس الجديد في البيت الأبيض دونالد ترامب من خلال اتخاذ سلسلة إجراءات اقتصادية للحد من تدفق البضائع و السلع الصينية المنشأ إلى الأسواق الأمريكية
صناع القرار في واشنطن يدركون أنه لا سبيل لإيقاف عجلة التنمية الاقتصادية الصينية المتسارعة الا عبر استدراج الصين إلى مواجهة عسكرية مع دولة تملك الموارد البشرية اللازمة لمواجهة بكين و هو امر غير متوفر فعليا الا في الهند التي تشكو في حقيقة الأمر من ضعف فعلي في ترسانتها العسكرية لاسيما الجوية منها و التي يرجع جزءٌ لا يستهان به منها الى حقبة الحرب الباردة .
الدوائر الليبرالية الحاكمة في نيودلهي تبدو معنية اكثر من اي وقت مضى في مواجهة الصين ليس لأنها راغبة في الحصول على بعض العمولات المالية من صفقات سلاح تعقد مع القوى الغربية فقط بل لأنها تشعر بتهديد مضاعف لوجودها في سُدة الحكم في بلادها في أعقاب سقوط النظام الملكي الحاكم في نيبال المجاورة الواقعة بين الهند و الصين و قيام الجمهورية فيها على يد الثوار الماويين في بلد كان ينظر إليه بإستمرار بإعتباره جزءً من الحديقة الخلفية للهند .
انتصار الثوار الماويين في نيبال اعطى زخما هائلا و قوة دفع معنوية رهيبة لنظرائهم في الهند الذين يخوضون كفاحا مسلحا متواصلا ضد النظام الحاكم في نيودلهي منذ عدة عقود في أكثر من عشر ولايات هندية مما يعيق كثيرا من الاستثمارات الغربية في البلاد و يشكل خطرا داهما على مصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة في الهند و المرتبطة فكريا و اقتصاديا بالنظام الرأسمالي الليبرالي العالمي .
حسابات حكام نيودلهي تتقاطع و تتلاقى الى حد بعيد مع مصالح الدوائر الامبريالية في واشنطن و لندن و غيرهما الراغبة في إعادة صياغة المشهد الاقتصادي العالمي بما يتلاءم مع العقلية الشيطانية المتحكمة في تفكيرها و النابعة من تلك النظريات التي وضعها عالم الجغرافية السكانية الانجليزي مالتوس في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي و التي ترى في الحروب المدمرة وسيلة إيجابية للتخلص من مشكلات الانفجار السكاني و التزايد المضطرد في عدد سكان العالم على نحو لا يتناسب مع الزيادة في انتاج الغذاء عالميا .
العقلية الشيطانية لتجار الحروب و مصاصي دماء البشرية ليست مستغربة لدينا نحن معشر العرب المؤمنين بالله فهي تذكرنا بقول الحق عزّ و جلّ في محكم تنزيله العربي المجيد في معرض وصفه لأسلاف هؤلاء من عبيد آل روتشيلد و روكفلر من المرابين الصهاينة اليهود أحفاد الصعلوك شايلوك ” كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله و يسعون في الأرض فسادا و الله لا يحب المفسدين ” ( سورة المائدة – الآية ٦ )