تفصلنا أيام قليلة على الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، التي مثلت نقطة تحول فارقة في تاريخ مصر، حيث غيرت هذه الثورة مسار البلاد، وأنقذتها من الانزلاق في نفق مظلم مجهول، خاصة بعدما سيطرت جماعة الإخوان على مؤسسات الدولة، كما أنقذت الثورة مصر من محاولات الجماعة المتكررة لتغيير الهوية المصرية وجر البلاد إلى صراعات إقليمية.

ثورة 30 يونيو واستعادة الهوية المصرية

أدرك الشعب المصري مبكرا خطورة هذا المسار الذي كانت ستسلكه البلاد، خاصة بعدما ظهرت نية جماعة الإخوان لتحويل مصر إلى أداة لتنفيذ أجندات خارجية، بهدف اختراق الدولة المصرية من الداخل.

لم يستغرق الأمر سوى عام واحد من حكم الجماعة لتنكشف نواياها الحقيقية، فقد سعوا إلى إضعاف مؤسسات الدولة، وتهميش القضاء، والسيطرة على الإعلام، واستعداء الجيش، والارتهان لقوى خارجية، مما شكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.

لم تتوقف الجماعة الإرهابية عن استفزاز الشعب المصري، ففي 8 يوليو 2012، أصدر محمد مرسي قرارا جمهوريا بإعادة مجلس الشعب المنحل، متحديًا بذلك حكم المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات، وفي 22 نوفمبر 2012، أصدر إعلانًا دستوريًا مكملًا منح نفسه سلطات واسعة وحصن قراراته من الطعن القضائي، كما منع حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد.

ثورة 23 يونيو

أشعلت هذه الخطوات فتيل الاحتجاجات في الشارع المصري، وردًا على ذلك، حشدت الجماعة أنصارها في مظاهرات مؤيدة، وقام أعضاء وأنصار الإخوان بالاعتداء على المتظاهرين السلميين مستخدمين الأسلحة، مما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد عادوا الإعلام والصحافة، متوعدين كل من يتحدث عن انتهاكاتهم ومخالفاتهم.

وفي تحد آخر لاستقلال القضاء، أصدر محمد مرسي قرارًا بتعيين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار رئاسي لمدة أربع سنوات، ترتب على هذا القرار عزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، مما أثار غضبًا عارمًا داخل الأوساط القضائية، ولم يمر الأمر مرور الكرام، فقد عقد القضاة اجتماعًا طارئًا تحت عنوان «يوم أسود في تاريخ القضاء المصري»، لينتهي الصراع بانتصار إرادة القضاء وتراجع الرئيس الإخواني عن قراره.

وعاني الشعب المصري خلال حكم الإخوان من تدني الخدمات بشكل كبير، وتفاقمت الأوضاع سوءًا، حيث واصلت الجماعة استغلال الشعارات الدينية لتنفيذ مصالحها، لكن الشعب المصري كان على درجة كبيرة من الوعي، لذا بدأ المصريون في التحرك، وتمرد الشباب على حكم الإخوان وشرعوا في جمع ملايين التوقيعات من المصريين فيما عرف وقتها بحركة تمرد والتي قادها الشباب المصري.

ولكن قوبلت هذه الجهود بالاستهزاء من قبل مرسي وجماعته، ولكن المصريين كانوا على الموعد في 30 يونيو فخرج الملايين إلى الشوارع في واحدة من أكبر الحركات الشعبية في تاريخ مصر الحديث معلنين رفضهم القاطع لحكم جماعة الإخوان، ومطالبين باستعادة الدولة من مشروع كان يهدد بتفكيكها وإضعاف مؤسساتها.

اقرأ أيضاًمدبولي: ثورة 30 يونيو كانت بداية تصحيح المسار للدولة المصرية

«مصطفى بكري»: ثورة 30 يونيو عظيمة وستبقى خالدة في الذاكرة مدى الدهر

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو ذكرى ثورة 30 يونيو تفاصيل ثورة 30 يونيو أحداث ثورة 30 يونيو الشعب المصری ثورة 30 یونیو

إقرأ أيضاً:

العفافيش.. ثلاثة عقود من الخيانة وبيع الوطن

أحمد قحيم
في ذاكرة اليمن السياسي، يظل اسم الهالك علي عبدالله صالح وجناحه العفاشي في المؤتمر الشعبي العام رمزًا صارخًا للفساد والعمالة والخياشنة، ونموذجًا حيًا لمن باع الوطن وخيراته للمستعمرين والقوى الأجنبية، وجعل اليمن حقلًا للنهب والاستغلال، مقابل التمسك بكرسي السلطة، متجاهلًا حقوق شعبه وسيادته الوطنية.

ثلاثة وثلاثون عامًا من الحكم لم تثمر سوى التبعية المطلقة، نهب الثروات، وانحدار الاقتصاد، وفتح بوابات التطبيع مع العدو الصهيوني، وصولًا إلى المشاركة في تحالف العدوان على اليمن عام 2015.

منذ عام 1978، أحكم عفاش قبضته على البلاد عبر شبكة ولاءات قبلية ومصالح ضيقة، وحوّل المؤتمر الشعبي العام إلى واجهة سياسية لحكم الفرد، بينما كانت خيرات اليمن تُستنزف بلا رحمة: النفط والغاز يُباعان بصفقات سرية، الموانئ تُؤجر لشركات أجنبية بأثمان بخسة، الديون تتضاعف، والاقتصاد الوطني ينهار، فيما كانت العائلة الحاكمة تنعم بالثراء الفاحش على حساب معاناة الشعب.

لم تقتصر خيانة العفافشة على الاقتصاد، فقد حولوا الأجهزة الأمنية إلى أدوات قمع ضد الشعب، وفتحوا الأبواب أمام الوصاية الأمريكية والسعودية تحت شعار “التعاون الأمني”، بينما كان القرار السيادي يُتخذ في أروقة السفارة الأمريكية وقصور آل سعود.. وحتى قضية فلسطين، التي رفعوا شعارات التضامن معها، لم تمنعهم من نسج خيوط التطبيع في الخفاء من خلال لقاءات سرية مع مسؤولين إسرائيليين في عمّان عام 1995، وصفقات غاز عبر وسطاء مرتبطين بشركات إسرائيلية، واتصالات غير مباشرة مع رجال أعمال صهاينة للاستثمار في موانئ البحر الأحمر.

أما الأمن والسيادة فحدث ولا حرج، فقد كان لعفاش فيها صولات وجولات، الاتفاقيات الأمنية مع واشنطن سمحت للطائرات الأمريكية بدون طيار بانتهاك الأجواء اليمنية واغتيال مواطنين يمنيين، واتفاقية جدة عام 2000 تنازل فيها عن أراضٍ يمنية لصالح السعودية، أما إعطائه الضوء الأخضر للغارات الجوية السعودية في صعدة عام 2009 فلم يكن إلا حلقة أخرى في سلسلة الخيانة الطويلة. .

والإمارات هي الأخرى لم تكن بعيدة عن غنائم العفافشة، فقد أُعطيت إدارة ميناء عدن في 2008، محطمين بذلك الاقتصاد الوطني، ومعطّلين أي مسار لتحسين مستوى حياة المواطن اليمني.

مع ثورة فبراير 2011، انهارت واجهة النظام، لكن المبادرة الخليجية أعادت الحياة لعفاش والعفافشة ومنحتهم حصانة، لتبدأ مرحلة جديدة من التخطيط لاستعادة السلطة بأي ثمن، حتى لو كان التحالف مع أعداء اليمن المباشرين.. وفي 2015، حين فشلوا داخليًا في إسقاط ثورة 21 سبتمبر، انضموا علنًا لتحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، مقدمين المعلومات الاستخباراتية ومهيئين الممرات للقصف والحصار وتجويع الشعب اليمني.

في المقابل، برز الجناح الوطني داخل المؤتمر الشعبي العام، ثابتًا في الموقف، رافضًا الارتهان، ومتحالفًا مع الجيش وكل القوى الوطنية.. مشاركًا في إدارة الدولة وتعزيز الجبهة الداخلية، ورافعًا شعار الدفاع عن صنعاء والقدس كقضية واحدة، ضد المشروع الأمريكي الصهيوني.

هنا نجد أنفسنا أمام هذا السؤال الكبير: أين ضاعت ثروات اليمن؟! فـ33 سنة من الإهمال والفساد جعلت اليمن رغم ثرواته الطبيعية والمعادن والنفط والغاز والثروة السمكية والفواكه من أفقر بلدان العالم العربي، يعيش أكثر من 30 مليون نسمة حالة بؤس وفقر، فيما قصور وفلل عائلة عفاش منتشرة في كل مكان، من صنعاء إلى عدن، بل وحتى في الإمارات وصولا إلى أوروبا.

أم أن المواطن اليمني سيصدق أن منح الطرق والكهرباء والمدارس والمستشفيات كانت “إنجازًا”؟! فهي مجرد شَحْت واسترزاق، أما مؤسسات الدولة الحقيقية، فكانت أدوات لتثبيت حكم الفرد ونهب الموارد، لا لخدمة الشعب.

اليوم، ومع كل المحاولات المستمرة لتحسين صورة العفافشة، يبقى الشعب اليمني واعيًا وحذرًا، يدرك أن جناح عفاش لم يكن يومًا إلا خنجراً في خاصرة الوطن، وأن أي تزيين أو تحسين لصورته لن يمحو التاريخ الملطخ بالعمالة والفساد.

وفي المقابل، يثبت المؤتمر الوطني المقاوم أن الانتماء الحزبي يجب أن يخضع للمصلحة العليا للوطن، وأن اليمن الحر لن يعود إلى زمن الارتهان، فثورة 21 سبتمبر قلبت الموازين وربطت مصير اليمن بمصير فلسطين، لتصبح مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني أولوية وطنية، فيما يبقى جناح عفاش شاهدًا حيًا على أن الخيانة لا تصنع إلا الخراب، وأنها مهما تزيّنت، ستظل خيانة.

مقالات مشابهة

  • مستقبل إخوان اليمن في ظل التحركات الأميركية لتصنيف الجماعة إرهابية
  • 90 مختطفًا في إب خلال 3 أشهر وجماعة الحوثي تنفذ حملات اعتقال استباقية قبل ذكرى ثورة 26 سبتمبر
  • باحث: جماعة الإخوان احتلت منصات التواصل الاجتماعي.. وأصبح لديها إستراتيجية مختلفة
  • عضو بالقومي لحقوق الإنسان: الإخوان وإسرائيل تياران تم بناؤهما على العنصرية
  • العفافيش.. ثلاثة عقود من الخيانة وبيع الوطن
  • أقوى خطوة أمريكية ضد الإخوان.. روبيو: تصنيف الجماعة إرهابية قيد الدراسة والإعداد.. وحديث عن مصالح انتخابية خاصة بنيويورك
  • روبيو: الولايات المتحدة تعمل على تصنيف «جماعة الإخوان» كمنظمة إرهابية
  • باحث: أوروبا تتحرك لوقف تغلغل الإخوان .. ولندن لا تزال مركزًا للتنظيم الدولي
  • النمنم: الإخوان الإرهابية تُريد إسقاط الدولة المصرية .. وكل شيء انكشف
  • محلل سياسي: الجماعة ليست صاحبة مشروع فكري أو سياسي بل مجرد أداة بيد أجهزة معادية