تتحرك الدولة في مخططاتها التنموية المختلفة وفق استراتيجية مدروسة تستهدف الاستفادة من الإمكانات والقدرات التي يتسم بها كل إقليم ومنطقة، وخلق قيمة اقتصادية مضافة لتدخلاتها التنموية في المناطق المختلفة يمكن الاستفادة منها بعد ذلك في شراكات استثمارية كبرى تحقق عوائد اقتصادية وتنموية كبيرة وإضافية لما تحقق بالفعل.

ويمكن النظر إلى الشراكة الاستثمارية في مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة في المنطقة الشمالية الغربية كأحد الأمثلة المهمة في هذا الإطار، وهو نموذج للشراكات الاستثمارية الإيجابية بين الحكومة والقطاع الخاص كجزء من استراتيجية متكاملة للدولة لتنمية الساحل الشمالي الغربي لوضعه على خريطة التنمية الشاملة.

تنمية القيمة

استراتيجية الدولة الهادفة إلى تركيز الاهتمام على بعض المناطق في أقاليم جغرافية مختلفة وتحقيق كل سبل التنمية بها بما ينعكس إيجابا عليها وعلى الإقليم ككل، ظهرت بوضوح في منطقة الساحل الشمالي الغربي من خلال مشروع مدينة العلمين الجديدة؛ إذ كانت منطقة الساحل الشمالي الغربي مهملة تنمويا إلى حد بعيد خلال عقود مضت، ما جعل القيمة الاستثمارية والتنموية لهذه المنطقة في أدنى مستوياتها رغم ما تتسم به من قدرات وسمات فريدة عن بقية مناطق وأقاليم الجمهورية وحتى عن بقية دول العالم.

وتصويبا لهذا الوضع، عكفت الدولة منذ 2014 على وضع مخطط لتحقيق تنمية شاملة للمحور الغربي فكانت البداية مع مشروع مدينة العلمين الجديدة، حيث الاستفادة من المنطقة وتطويرها لتصبح نموذجا للتنمية العمرانية المتكاملة، وقبلة سياحية متميزة على مستوى العالم. فمثلت مدينة العلمين الجديدة أحد أهم اقطاب التنمية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي ومنخفض القطارة، وأيقونة التنمية بالساحل الشمالي كله، كمدينة ذات طابع بيني عمراني متميز جنوب الطريق الساحلي. وتمثل هذه المدينة الجيل الرابع من المدن الجديدة التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، بعد أن تم تطهيرها من الألغام، فضلا عن توافر 15 ألف فدان معدة للتنمية الفورية بالمدينة.

وانعكس إنشاء مدينة العلمين الجديدة إيجابيًا على وضع منطقة الساحل الشمالي الغربي كلها على خريطة الاستثمار والسياحة والتجارة العالمية؛ إذ استلزم إنشاء المدينة ذات الطابع العالمي للاستفادة من موقعها المتميز على ساحل البحر المتوسط وتحقيق تنمية متكاملة وتوفير أساس اقتصادي متنوع أن تتدخل الدولة بكل قدراتها للارتقاء بمستويات البنية التحتية في هذه المنطقة ككل، مع تأكيد الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي لتعظيم العوائد الاقتصادية وتأكيد أن القطاع الخاص هو قاطرة التنمية بالفعل، وأن كل خطط و مشروعات الدولة في تحديث البنى التحتية من طرق ومواني ومحاور لوجستية ومشروعات الطاقة كان الهدف الاستراتيجي منها جعل مصر بيئة جاذبة للاستثمار وتعظيم قيمة المناطق الجغرافية المدرجة في خطط التنمية متوسطة وبعيدة المدى.

وهو أمر يحقق عائدا استراتيجيا من جهتين: الجهة الأولى أنه يسهم في تحسين جودة حياة المواطنين المقيمين في هذه المنطقة بعد عقود من التهميش التنموي وتعزيز الاتصالية بين المناطق المختلفة لإقليم الساحل الشمالي الغربي، أما الجهة الثاني هو أنّه يزيد من القيمة السوقية والاستثمارية للمنطقة بما يفتح الباب واسعا للمزيد من المشروعات المستقبلية بعدما أصبحت المنطقة مهيأة على مستوى البنية التحتية والإنشاءات الإقامة مشروعات استثمارية ضخمة بالشراكة مع القطاع الخاص والمستثمرين الاستراتيجيين تحقق عوائد كبيرة للاقتصاد المصري على المديات القصيرة والمتوسطة والبعيدة.

أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية الإقليمية للساحل الشمالي الغربي  تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع لا يقل عن 12% في السنة. توطين ما لا يقل عن 5 ملايين نسمة. توفير نحو 1.5 مليون فرصة عمل. دمج المنطقة في الاقتصاد القومي والعالمي عن طريق زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من أقل 5% حاليا إلى 7%. الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بحيث لا يقل مؤشر التنمية البشرية عن 77 تطوير شبكات البنية الأساسية وتعزيز علاقات التبادل بين المنطقة وباقي الأقاليم المحيطة. إنشاء العديد من المدن الجديدة المستدامة والذكية من الجيل الرابع لاستقطاب ملايين من السكان وتحقيق التنمية العمرانية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي باعتباره من أكثر المناطق القادرة على استيعاب الزيادة السكانية، من خلال خلق أنشطة اقتصادية متميزة توفر فرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب خلال العقود القادمة.  الاستخدام الأمثل لكافة الموارد والمقومات في هذا النطاق، ويتمثل ذلك في استغلال المناطق جنوب الشريط الساحلي بدءًا من العلمين إلى السلوم في استصلاح الأراضي بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية. تنمية المدن الساحلية القائمة كمراكز تنمية رئيسية، مع إنشاء مراكز سياحية عالمية، إضافة إلى استغلال ظهير الاستصلاح الزراعي في إنشاء تجمعات عمرانية جديدة قائمة على الأنشطة السياحية والسكنية وأنشطة التصنيع الزراعي والتعدين، فضلا عن إنشاء عدد من التجمعات البيئية الجديدة لخدمة أنشطة سياحة السفاري، وإمكانية استصلاح ملايين الأفدنة على تحلية مياه البحر ومياه الصرف الزراعي المعالجة، لاستزراع نباتات الوقود الحيوي والأعلاف، بجانب استغلال منخفض القطارة في التنمية المتكاملة. خريطة الساحل الشمالي

مرسى مطروح

رأس الحكمة 

سيدي حنيش

مطار مرسى مطروح

سيدي عبد الرحمن

الضيعة 

العلمين الجديدة

طريق موكا

طريق الإسكندرية الصحراوي

طريق الضيعة

طريق الضبعة

مدينة رأس الحكمة

يعد مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة التي تقع على الساحل الشمالي وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 96 كيلومترا جزءًا مهما من استراتيجية الدولة لتنمية الساحل الشمالي الغربي، إذ يستهدف مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052 وضع مدينة رأس الحكمة على خريطة السياحة العالمية خلال 5 سنوات كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط وفي العالم، ما يوضح أنّ الدولة تعمل في هذه المشروعات الضخمة وفق خطط اقتصادية واستراتيجيات معدة مسبقا يتم التحرك فيها خطوة تلو أخرى وفق ما هو محدد للوصول إلى الهدف النهائي. 

وتعد مدينة رأس الحكمة واحدة من أكثر الواجهات المانية شهرة في ساحل البحر المتوسط والتي ستحاكي في تصميمها المدن ذات الوجهات المائية (waterfront)، والتي تتميز بخصائصها البيئية والمتوسطية الفريدة بحيث تعكس في تصميمها شخصية الموقع الفريد بينيا وثقافيًا وحضريا وعمرانيا.

ويعكس المشروع التكامل والعلاقة المتوازنة مع المنطقة المحيطة من حيث روابط التنمية الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بمدن مرسى مطروح والإسكندرية والعلمين وبرج العرب، ويعتمد على تأسيس للعلاقات المتكاملة والمتوازنة مع التنمية الإقليمية المحيطة وكذلك المشاريع الوطنية الجارية والمقترحة، وتطبيق مناهج مبتكرة لتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) ليبرز كنموذج ناجح يعزز التنمية الحضرية المستدامة ويسد فجوات التمويل واستثمارات البنية التحتية.

أسباب تجعل منطقة رأس الحكمة مستقبل الاستثمار السياحي في مصر طريق فوكة الجديد هو أحد المشروعات الضخمة التي تشارك في إنشائه القوات المسلحة ليربط بين القاهرة والساحل الشمالي، حيث تبلغ المسافة من القاهرة إلى العلمين من خلال طريق فوكة الجديد حوالي 140 كيلومترًا بعد أن كان الطريق السابق حوالي 240 كيلومترا من القاهرة إلى مدخل طريق العلمين من خلال طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، ثم من طريق العلمين وحتى الساحل الشمالي والعلمين، وسيوفر طريق فوكا الجديد مسافة كبيرة بين القاهرة ومطروح. الشريط الساحلي بطول 50 كيلومترا والواقع بين مدينة الضبعة إلى مرسى مطروح تعد أجمل شواطئ العالم من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية رائعة الجمال.  يعد إنشاء مدينة مليونيه في منطقة العلمين في الساحل الشمالي وما يتبعها من أنشطة صناعية وتجارية وسكنية، يتيح ذلك لمنطقة رأس الحكمة الواعدة نشاطا سياحيًا كبيرًا خلال الـ20 عاما القادمة. المنطقة تضم أنماطا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية على طول امتداد الساحل الشمالي الغربي لنحو 400 كيلومتر من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية للجمهورية، بطول نحو 90 كيلومترا من غرب الإسكندرية، وحتى العلمين، ومن العلمين وحتى رأس الحكمة بطول نحو 130 كيلومترا، ومن النجيلة وحتى السلوم بطول نحو 130 كيلومترا، تضم بداخلها شرق وغرب مدينة مرسى مطروح بطول نحو 90 كيلومترا. المنطقة تزخر بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات في تلك المناطق استرجاعا للأحداث التاريخية التي اتخذت مواقعها في هذه المناطق. عوائد مباشرة

يبلغ إجمالي المساحة المعروضة للاستثمار السياحي بمدينة رأس الحكمة نحو 11.5 مليون متر، بتكلفة استثمارية تتجاوز مليار و351 مليون جنيه؛ لإقامة مشروعات سياحية متكاملة لجذب السائحين الوافدين إلى مصر لمنطقة رأس الحكمة، خاصة وأن البنية التحتية من طرق وخدمات في مراحل الإنشاء المتقدمة.

وقد تزيد قيمة الاستثمارات المبدئية للمشروع على 22 مليار دولار، ما يعني توفير سيولة دولارية كبيرة تزيد صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي على السواء، وتخفيف أزمة النقد الأجنبي بعدما تأثرت تدفقاته جراء الأزمات الدولية وخاصة الحرب على غزة بما أثر على عائدات قناة السويس.

وتسهم الشراكة الاستثمارية كذلك في تحقيق مستهدفات الدولة في التنمية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل من خلال تشغيل الشركات المصرية في المشروعات المختلفة داخل مدينة رأس الحكمة سواء في قطاعات البنية التحتية أو في الإنشاءات أو المطورين العقاريين الذين سيتوجهون لهذه المنطقة للاستفادة من مقوماتها ولأنها ستكون وجهة السياحة العالمية مستقبلا.

علاوة على ذلك، سيؤدي المشروع إلى تحقيق انتعاش في قطاع الصناعة وخاصة الصناعات المرتبطة بالإنشاءات وغيرها من الصناعات التي سيزداد الطلب عليها لتلبية احتياجات هذا المشروع في مراحله المختلفة بدءًا من المراحل الإنشائية وحتى مراحل التشطيبات النهائية، ما يعني ضمان وجود طلب كبير يعزز من حركة السوق المصرية.

يضاف إلى ذلك أنّ مشروع مدينة رأس الحكمة سيلعب بدوره دورًا مهما للغاية في تنمية منطقة الساحل الشمالي الغربي وسيكون له الأثر ذاته وربما أكبر لمشروع مدينة العلمين الجديدة، ما يعني أنّه سيفتح الباب واسعا أمام شراكات استثمارية كبرى في هذه المنطقة مستقبلا وبقيم استثمارية أعلى استغلالا للاهتمام العالمي بهذه المنطقة التي من المؤكد ستشهد نقلة كبيرة خلال السنوات المقبلة، خاصة مع امتلاكها للعديد من المقومات السياحية والثقافية والتاريخية التي لم تستغل على الوجه الأمثل حتى الآن، وستؤدي مشروعات مثل رأس الحكمة والعلمين الجديدة إلى الالتفات إليها بما يحقق نقلة حضارية للمنطقة بوجه عام.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مشروع رأس الحكمة رأس الحكمة مدينة رأس الحكمة الساحل الشمالي مدینة العلمین الجدیدة مدینة رأس الحکمة البنیة التحتیة هذه المنطقة مشروع مدینة مرسى مطروح بطول نحو من خلال فی هذه

إقرأ أيضاً:

خبير: مشروع تطوير رأس الحكمة أعطانا مساحة للتنفس.. ولكن لم يحل الأزمة الاقتصادية

أكد مصطفى إسماعيل حسن، الخبير في مجال الاستثمار، أن عجز الموازنة دفع الحكومة لاقتراض من البنك المركزي دون زيادة الإنتاج، منوهًا بأن البنك المركزي لم يتعامل بكل أدواته مع عجز الموازنة مما ساهم في الضغط على النقد الأجنبي، مشددًا على أن مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة مشروع كبير جدًا وأعطت للدولة المصرية مساحة حركة جيدة، وأعطتنا مساحة للتنفس ولذلك هذا الوقت هو الأفضل للانتظار والتخطيط ووضع الحلول.

مشروع رأس الحكمة

وأشار "حسن"، خلال لقائه مع الإعلامي إبراهيم عيسى، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، إلى أن مشروع تطوير رأس الحكمة أكسبنا بعض الوقت ولكن لم يحل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة المصرية خلال الفترة الحالية، موضحًا أن هذا المشروع خففت الأزمة وقللت الضغوطات ولكن لم نعالج أصل الداء وعالجنا الأعراض.

عاجل| "الديهي" يكشف موعد إعلان أسماء التشكيل الوزاري للحكومة الجديدة توضيح ه‍ام من إبراهيم عيسى على طريقة تشكيل الحكومة الجديدة

وشدد على أنه لا بد من معالجة عجز الموازنة، أما أن يكون من خلال تخفيض الإنفاق أو زيادة الإيرادات، موضحًا أن فوائد الديون أصبحت أكبر مكون في مصاريف الدولة المصرية، والسنادي هناك زيادة أكبر بسبب ارتفاع سعر الفائدة.
 

مقالات مشابهة

  • مشروع المدينة الزراعية بصحم تحقق استراتيجية التنمية المستدامة
  • رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك في الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد NDB
  • الليلة في الساحل الشمالي بمليون جنيه.. مفيدة شيحة مهاجمةً ارتفاع الأسعار: مش بنمشي ورا حَد
  • وزير الإسكان يتابع استعدادات مدينة العلمين الجديدة لإقامة مناطق ترفيهية وأنشطة خلال موسم الصيف الحالى
  • وزير الإسكان يتابع استعدادات مدينة العلمين الجديدة لإقامة مناطق ترفيهية
  • وزير الإسكان يتابع استعدادات العلمين الجديدة لإقامة مناطق ترفيهية وأنشطة خلال موسم الصيف الحالي
  • وزير الإسكان يتابع استعدادات مدينة العلمين لإقامة مناطق ترفيهية خلال صيف 2024
  • وزير الإسكان يتابع استعدادات مدينة العلمين الجديدة لإقامة مناطق ترفيهية وأنشطة
  • خبير: مشروع تطوير رأس الحكمة أعطانا مساحة للتنفس.. ولكن لم يحل الأزمة الاقتصادية
  • Gates Developments تحقق 8 مليار جنيه مبيعات خلال حفل إطلاق مشروعها الجديد Lyv” في رأس الحكمة