من لم يمت بالقصف.. يقتله الجوع
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
غزة. «أ ف ب»: في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة، يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضاع كارثية وصعبة، في ظلّ تفشّي الجوع الذي دفع أبو جبريل إلى ذبح حصانَيه الاثنين لإطعام أطفاله وجيرانه.
ويقول أبو جبريل (60 عاماً) لوكالة فرانس برس «لا خيار أمامنا إلّا ذبح الحصان لإطعام الأطفال، الجوع يقتلنا، لا توجد أية أنواع من الخضروات، ولا طحين ولا مياه شرب».
ويضيف «لدي حصانان كنت أشتغل عليهما في أرضي الزراعية في بيت حانون، دمّروا بيتي وجرفوا أرضي. قرّرت ذبح الحصانين لمساعدة عائلتي وعائلات أقاربي وجيراني في الحصول على الطعام».
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الجمعة، أنّ طفلاً يبلغ من العمر شهرين يدعى محمود فتوح توفي جراء سوء التغذية في مستشفى الشفاء في مدينة غزة، على بعد سبعة كيلومترات من جباليا.
وكان مخيّم جباليا الذي أُنشئ في العام 1948 والذي يغطّي مساحة 1,4 كيلومتر فقط، الأكبر في القطاع الفلسطيني قبل العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفرّ أبو جبريل من بيت حانون القريبة عندما اندلع النزاع. وبات منزله مع عائلته عبارة عن خيمة بالقرب من مدرسة الفالوجا التابعة للأنروا والتي تؤوي نازحين.
قبل الحرب، كانت المياه الملوّثة وانقطاع التيار الكهربائي مشكلة في المخيّم المكتظ بالسكان. وكان الفقر الناجم عن ارتفاع معدّلات البطالة مشكلة أخرى بين سكّانه الذين يزيد عددهم عن 100 ألف نسمة.
الآن، بدأ الطعام ينفد في ظل عدم قدرة وكالات الإغاثة على الوصول إلى المنطقة، جراء القصف وسرقة الشاحنات القليلة التي تحاول العبور.
وأفاد برنامج الأغذية العالمية هذا الأسبوع بأنّ فرقه أبلغت عن «مستويات غير مسبوقة من اليأس»، بينما حذّرت الأمم المتحدة من أنّ 2,2 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة.
- التسوّل - في المخيّم، ينتظر أطفال بترقّب بينما يحملون علَباً بلاستيكية وأواني طهي مكسّرة للحصول على الطعام القليل المتاح.
ومع تضاؤل الإمدادات بالغذاء وارتفاع الأسعار، يشكو شاب من أنّ سعر كيلو الأرز ارتفع من سبعة شيكلات (1,90 دولار) إلى 55 شيكلاً. ويقول بغضب، مشيراً إلى طفل بجانبه، «نحن الكبار لا يهمّنا... أمّا الصغار الذين تبلغ أعمارهم أربع وخمس سنوات، فما الذي ارتكبوه من ذنب كي يناموا جائعين ويستيقظوا جائعين؟».
وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أنّ النقص المقلق في الغذاء وتزايد سوء التغذية والأمراض، قد يؤديان إلى «انفجار» في وفيات الأطفال في غزة.
ويتم التداول على مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو لطفل يقدّم على انه محمود فتوح، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة سوء التغذية، وفق ما قالت وزارة الصحة في القطاع المحاصر. ولم يكن في إمكان وكالة فرانس برس التحقّق من هوية الطفل أو صحة التشخيص من مصادر مستقلة.
ويعاني واحد من كل ستة أطفال دون الثانية من العمر في غزّة من سوء التغذية الحاد، وفق تقديرات لمنظمة اليونيسيف نُشرت في 19 فبراير.
وفي محاولة لسدّ جوعهم، اعتاد سكان قطاع غزة على تناول بقايا الذرة الفاسدة والأعلاف الحيوانية غير الصالحة للاستهلاك البشري وحتّى أوراق الشجر. وتقول امرأة موجودة في المخيم «لا أكل ولا شرب... ولا طحين»، مضيفة «بدأنا نتسوّل من الجيران، ولا شيكل في الدار. ندقّ الأبواب في الحارة ولا أحد يعطينا مالاً». وتتصاعد حدّة التوتر في جباليا بسبب نقص الغذاء وتداعياته، فيما نُظّمت الجمعة وقفة احتجاجية شارك فيها عشرات الأشخاص.
وحمل طفل في التظاهرة لافتة كتب عليها «لم نمت من القصف ولكننا نموت من الجوع».
ورفع آخر عالياً لافتة كُتب عليها «المجاعة تنهش لحومنا وأجسادنا»، بينما هتف المتظاهرون «لا لا للجوع، لا لا للإبادة الجماعية، لا لا للحصار».
على مدى الأسابيع والأشهر الماضية، أدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى تحويل غزة إلى دمار.
لم يخبر جبريل أحداً بقراره ذبح الحصانَين. طبخ اللحم مع الأرز، وقدّمه لعائلته وجيرانه.
ورغم الحاجة، يقول إنّه لا يزال قلقاً بشأن ردّات فعلهم. ويضيف «لا أحد يعرف أنّه يأكل لحم حصان».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سوء التغذیة
إقرأ أيضاً:
تدمير دبابة إسرائيلية من طراز ميركافا في عملية نوعية شمال مدينة جباليا
أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عن تدمير دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا" في عملية نوعية شمال مدينة جباليا، وذلك عبر تفجير عبوة أرضية شديدة الانفجار في منطقة القصاصيب، يوم الثلاثاء الماضي.
وأكدت الكتائب، عبر بيان نُشر على قناتها في منصة تيليجرام، أن عناصرها رصدوا هبوط طائرة مروحية إسرائيلية في موقع الاستهداف، يُعتقد أنها جاءت لتنفيذ عملية إخلاء.
من جانبها، صرّحت حركة حماس، مساء الخميس، أن سياسة "التجويع الممنهج" التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بلغت مرحلة خطيرة تُهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني.
وأكدت الحركة أن هذه الممارسات تشكّل "مجزرة جماعية" تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لوقفها، داعية إلى إدخال المساعدات الغذائية فورًا ودون قيود، مع ضمان وصولها الآمن إلى جميع مناطق القطاع.
وأعربت الحركة عن استعدادها الفوري لاستئناف المفاوضات، بشرط وصول المساعدات إلى مستحقيها وإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة، مؤكدة أن استمرار التفاوض في ظلّ التجويع يفقد العملية التفاوضية معناها ومصداقيتها.
كما حمّلت الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن تعثّر المباحثات، بعد انسحابه المفاجئ من جولة المفاوضات الأخيرة، رغم اقترابها من تحقيق اتفاق شامل.