اللواء العاطفي: على أمريكا وبريطانيا أن تعتاد على الموقف الجديد في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
يمانيون|
جدد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي التأكيد على أن اليمن وقواته المسلحة بشكل عام والقوة البحرية خاصة لا يتعرضون لأي سفن لا تتبع كيان العدو الصهيوني، ولا تخدم أجندته، مؤكداً أن الممر الملاحي آمن، ولن تصاب أية سفينة أخرى بأي أذى، أو تتعرض للإعاقة”.
كما أكد خلال كلمة ألقاها اليوم بمناسبة إنهاء الدورة لقادة الألوية والكتائب والسرايا لقوات الاحتياط بالمنطقة العسكرية الخامسة التزام صنعاء بكافة المواثيق والعهود الدولية التي لا تمس الكرامة والسيادة اليمنية، أو تفرض وصاية أو هيمنة.
وقال: “نحن أمناء على المجرى الملاحي في البحر الأحمر وخليج عدن، والبحر العربي ومضيق باب المندب، ولن تكون سيادة لأحد على مياهنا الإقليمية، وعلى جيوبولتيك اليمن الجديد المتعافي والقوي والحاضر بقوة في المحافل الدولية”.
وأشار اللواء العاطفي إلى أن “اليمن ليس معنياً بحسابات أمريكا، طالما ظلت الإدارة الأمريكية أسيرة للحسابات الصهيونية، ولا تظن أمريكا أن اليمن يدور في فلكها، أو أن تخيف اليمنيين بأسلحتها وسطوتها”، مؤكداً أن الأمن البحري للبحرين الأحمر والعربي أُعيدت صياغته بشكل سليم بعد إلغاء العربدة الصهيونية في هذه البحار، التي كانت دوما مصدر تهديد دائم.
وتطرق اللواء العاطفي إلى المعادلة العسكرية اليمنية للقوات البحرية، مؤكداً ان التوجيهات الصادقة والصارمة والفّعالة من قائد حكيم، ممثلٍ بقائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- جاءت لتعيد للبحرين الأحمر والعربي هويتهما التي اختطفها الصهاينة والدائرون في دوامة الصهيونية العالمية”.
ووفقاً لذلك أوضح اللواء العاطفي أنه “طالما ظلت المذابح الصهيونية قائمة في غزة، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإننا مستمرون في تنفيذ مهامنا على الكيان الصهيوني الغاصب، ولن تتوقف حتى يتوقف عدوانه وإجرامه بحق الأبرياء في الأراضي المحتلة، وهذا وعدا قطعناه، ولن نتراجع عنه، ونحن في اليمن إذا قلنا فعلنا”.
وبيّن وزير الدفاع بحكومة تصريف الأعمال أن “الشعب اليمني تعرض -طوال تسع سنوات- لعدوان مكثف، وحصار خانق، ومؤامرة دولية، فيما الجميع ظل يدور في فلك الصمت المطبق، والمواقف الملتوية”.
واستطرد قائلاً: “ظل شعبنا اليمني يدفع الثمن باهظاً، ولم تسمح واشنطن بإحلال السلام، وبثبات الأمن والاستقرار في اليمن، بل إن العاصمة العدوانية واشنطن ساهمت ودعمت الكيان الصهيوني لإبادة الشعب الفلسطيني، وهم أخوة لنا في الجغرافيا والإنسانية والإسلام”.
ولفت إلى أنه “من الصعب أن يبقى الشعب اليمني والقوات المسلحة بعيداً عن هذه المعادلة، لكن أوجبت على اليمنيين كل المقتضيات -بفضل الله وبالقيادة الثورية الحكيمة- أن نكون في الريادة، وفي مقدمة الصفوف لمواجهة المشروع الصهيوني”.
كما أكد اللواء العاطفي أن “على أمريكا وعواصم الرأسمالية المتوحشة، وفي مقدمتها لندن وتل أبيب، أن تعتاد على الموقف الجديد في البحر الأحمر، وأن ينسوا نفوذهم الطاغي على جيو ستراتيجية هذا البحر، وعليهم أن يعلموا أن اليمن لم يعد يقبل بما كانت ترّتبه وتنظمه في إطار الأمن البحري للبحر الأحمر، وخليج عدن والبحر العربي”.
وقال: “على أمريكا ولندن وإسرائيل أن يدركوا أن أسلوب اختزال الجغرافيا، وادعاء الوصاية على البحار، أصبح أسلوباً مرفوضاً وغير مرحب به، وعليهم أن يقبلوا بمعادلة جديدة تحفظ للدول أمنها واستقرارها وسيادتها على مياهها الإقليمية، وعلى جرفها القاري”.
وأضاف: “على الجميع إدراك أن القرار اليمني لن يمس طالما بقيت الدماء تجري في شراييننا، وطالما ظلت أيادينا على الزناد، شاء من شاء وأبى من أبى”.
وأوضح وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال أن “القوات المسلحة اليمنية، وبتوجيهات ومتابعة من قائد الثورة، عملت على المزيد من التطوير والتحديث والبرامج المكثفة لكافة تشكيلاتها؛ لتكون على استعداد دائم وجهوزية عالية للإدارة الفاعلة للمشاركة في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، وفي أية مواجهة تستدعي من اليمن الإسراع للمشاركة فيها، وإنجاز أية مهام مسندة، أو تسندها القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى إليها؛ في ظل التحديات الشاخصة، التي تحفل بها هذه المرحلة المشتعلة المفتوحة على كل الاحتمالات”.
وتابع: “اليمن هو ملاذ السلم والشراكة والبناء والعطاء والإنسانية، خاصة عندما تصدق النوايا، لكن عندما تتعاظم التحديات، ويتكالب أعداء الله والأمة، وأعداء اليمن لفرض إرادة الشر والطغيان، فإن يمنا آخراً ينبعث، ورجالاته الأوفياء تجدهم جبالا صامدين أشداء على أعدائهم، أقوياء أعزة في المواقف، يسارعون إلى إعادة التوازن، واستعادة المواقف السليمة، وإزاحة رموز الشر والبغي والطغيان والاستكبار والاستعلاء”.
وخاطب الوزير العاطفي القادة بالقول: “نحن على ثقة تامة بأنكم على مستوى عال من المسؤولية والوعي بما يدور، وبما يضمره الأعداء، ومن يدور في فلكهم؛ لهذا نشد على أيادي الجميع بالمزيد من اليقظة والمعنويات والمرابطة القتالية المتكاملة، والمزيد من التنكيل بالأعداء، وما دُمنا على كلمة سواء بقيادة قائد الأمة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، فإن النصر المؤكد في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس حليفنا – بإذن الله تعالى”.
من جانبهم، جدد القادة -باسمهم ونيابة عن منتسبي وحداتهم العسكرية- التأكيد على جهوزيتهم العالية في تنفيذ المهام المسندة إليهم في الدفاع عن السيادة الوطنية ضد المعتدين أياً كانوا.
وأوضحوا أن القدرات الدفاعية والهجومية العسكرية المتقدمة، التي يمتلكونها، قادرة على إفشال مخططات ومؤامرات أعداء الوطن، والشعب والأمة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: اللواء العاطفی
إقرأ أيضاً:
اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.
إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.
وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.
أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.
وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.
خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.