بينما يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سيطرة عسكرية غير محددة على قطاع غزة ما بعد الحرب، نجد أن كل ما فعلته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن هو التلويح بعدم الموافقة، فبدلاً من استخدام نفوذها على نتنياهو، تحاول إدارة بايدن بدلاً من ذلك أن تُظهر للأمريكيين أن الرئيس غاضب من رئيس الوزراء الإسرائيلي.


فبينما أعلن بنيامين نتنياهو عن خطته لغزة ما بعد الحرب، وكشف أن إسرائيل ستحتفظ بسيطرة عسكرية لأجل غير مسمى وستنشئ “مناطق عازلة” في القطاع ، يخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي لاحتلال عسكري، تحت إدارة مدنية غامضة، بمجرد أن تنهي إسرائيل هجومها المدمر على غزة. وبحسب صحيفة "الجارديان" تمثل خطة نتنياهو صفعة على وجه جو بايدن، الذي أصر منذ أشهر على أن الولايات المتحدة لن تقبل احتلالاً عسكريًا إسرائيليًا أو محاولات للاستيلاء على أجزاء من قطاع غزة.
غطاء دبلوماسي
ومنذ أعلن بايدن دعمه غير المشروط لإسرائيل بعد بدء الحرب في غزة، واحتضن نتنياهو في عناق خلال زيارة إلى تل أبيب ــ تحدى نتنياهو علانية أهم حليف لإسرائيل ولم يدفع أي ثمن في مقابل ذلك.
وكل أسبوع، ينتقد بايدن وكبار مساعديه نتنياهو وطريقة تعامله مع الصراع، لكنهم يواصلون توفير الغطاء الدبلوماسي الأمريكي وشحنات الأسلحة التي تسمح لإسرائيل بمواصلة حربها ، بحسب "الجارديان". والأسبوع الماضي، قبل أيام من إعلان نتنياهو عن خطته لما بعد الحرب، استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وكانت هذه هي المرة الثالثة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض لحماية إسرائيل من قرار للأمم المتحدة منذ أكتوبر – وامتنعت بريطانيا فقط عن التصويت على الإجراء الأخير، في حين أيده أعضاء المجلس الثلاثة عشر الآخرون. وقال مسئول كبير في وزارة الخارجية أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي: إن "احتياجات إسرائيل الأمنية الحقيقية" يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل أن تدعو المحكمة إلى انسحابها الفوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة الدولية في عام ٢٠٢٢ مراجعة شرعية السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وقدمت أكثر من ٥٠ دولة وجهات نظرها في جلسات الاستماع التي استمرت أسبوعًا في لاهاي. ولم يقف إلى جانب إسرائيل سوى عدد قليل من الدول – بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا والمجر.
خسائر بايدن
وستستغرق المحكمة أشهرًا لإصدار قرارها، وعلى الرغم من أنها لا تتمتع بصلاحيات تنفيذية، فإن الحكم بأن الاحتلال غير قانوني من شأنه أن يزيد من عزلة إسرائيل وداعميها الدوليين مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويمكن أن يمهد الحكم أيضًا الطريق أمام الدول لفرض عقوبات على إسرائيل. ومع تحول إسرائيل إلى منبوذة دولياً بسبب احتلالها وإخضاعها للفلسطينيين، سيكون من الصعب على واشنطن إلقاء المحاضرات على خصومها، وخاصة روسيا والصين، بشأن احترام القانون الدولي.
لا يبدو أن بايدن، الذي يُفترض أنه رجل عملي في السياسة الخارجية، منزعج من كون الولايات المتحدة واحدة من الدول القليلة التي تواصل دعم الحرب الإسرائيلية على غزة. في الواقع، راهن بايدن مستقبله السياسي على دعمه لنتنياهو وإسرائيل، إلا أنه يدأ يخسر. وفي الانتخابات الرئاسية هذا العام، حيث من المرجح أن يواجه دونالد ترامب مرة أخرى، فقد بايدن بالفعل الدعم بين التقدميين الشباب، والناخبين الأمريكيين السود والعرب، الذين يشعرون جميعا بالغضب من رفضه كبح جماح إسرائيل.
ناقوس الخطر
يدق حلفاء بايدن ناقوس الخطر من أنه قد يخسر ميشيغان، وهي ولاية متأرجحة تضم كتلًا تصويتية كبيرة من السود والعرب والمسلمين الأمريكيين، بسبب سياساته في الشرق الأوسط. حذر عضو الكونجرس رو خانا، أحد مؤيدي بايدن والديمقراطي التقدمي من كاليفورنيا الذي حاول التوسط بين حملة بايدن والديمقراطيين في ميشيغان، فريقه هذا الأسبوع: “لا يمكننا الفوز بولاية ميشيغان بسياسة الوضع الراهن".
ومع ذلك، يرفض بايدن استخدام النفوذ الكبير الذي يتمتع به لإجبار نتنياهو على قبول وقف دائم لإطلاق النار: فإلى جانب توفير الغطاء الدبلوماسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى. وتعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل، حيث قدمت ٣.٨ مليار دولار من الأسلحة إلى إسرائيل. مساعدات عسكرية سنويا ومن دون إمدادات ثابتة من الأسلحة الأمريكية منذ أكتوبر، لنفاد القنابل التي تسقطها إسرائيل على غزة. وبعد هجمات حماس، سارع بايدن إلى مطالبة الكونجرس بتقديم ١٤.٣ مليار دولار على شكل أسلحة إضافية ومساعدات أمنية لإسرائيل. لقد تم تعليق هذه الحزمة في الكونجرس، لكن ذلك لم يمنع إدارة بايدن من الإسراع بشحنات الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك عشرات الآلاف من قذائف المدفعية والذخائر الأخرى التي وافقت عليها وزارة الخارجية بموجب إجراءات الطوارئ التي تجاوزت موافقة الكونجرس.
إسرائيل والنفوذ الأمريكي
وقللت إدارة بايدن باستمرار من نفوذها على إسرائيل ونتنياهو ، حيث قال ماثيو ميلر قال المتحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحفي يوم ١٢ فبراير: "أعتقد أن الناس يتظاهرون في بعض الأحيان بأن الولايات المتحدة الأمريكية لديها عصا سحرية يمكنها التلويح بها لجعل أي موقف في العالم يسير بالطريقة التي نريدها تمامًا، وهذا ليس هو الحال أبدًا". ويثير تعليق ميلر سؤالا مهما: إذا لم يتمكن بايدن من استخدام مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية ــ والقدرة على قطع إمدادات إسرائيل من القنابل حرفيا ــ لإجبار نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار، فماذا يمكن أن يفعل بايدن بالعصا السحرية؟.
وبدلاً من استخدام نفوذها على نتنياهو، تحاول إدارة بايدن بدلاً من ذلك أن تُظهر للأمريكيين أنه غاضب من نتنياهو، وأنه قريب من نوع من "الخرق" معه بشأن غزة ، إلا أن ذلك ما هو إلا ستار من الدخان لأن بايدن يرفض استخدام نفوذه لوقف الحرب، إما عن طريق وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل أو السماح بتمرير قرار الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار دون حق النقض الأمريكي.
وهذه التسريبات تجعل بايدن يبدو أضعف وتساعد في تعزيز مكانة نتنياهو في إسرائيل، مما يظهر أنه قادر على الوقوف في وجه الرئيس الأمريكي. 
لقد وضع بايدن ومساعدوه أنفسهم في موقف يبدو أنهم عاجزون عن إيقاف نتنياهو. أفضل ما يمكن للإدارة الأمريكية أن تفعله هو التلويح بإصبعها في وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، كما لو كان طفلاً مشاكساً.
وبينما يتردد بايدن، يموت الفلسطينيون بأعداد كبيرة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية الوحشية، وتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، والمجاعة .
فلا يوجد نظام صحي يمكن الحديث عنه في غزة. وقام الجيش الإسرائيلي بوقف المستشفيات تلو الأخرى.
وبينما يشكو بايدن من الزعيم الإسرائيلي الذي لا يستمع إليه، فإن رئاسته الآن في خطر، إنه جرح ألحقه بنفسه وكان بإمكان بايدن تجنبه من خلال الوقوف في وجه نتنياهو لوقف الحرب.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: بايدن نتنياهو غزة رئیس الوزراء الإسرائیلی الولایات المتحدة ما بعد الحرب إدارة بایدن إلى إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل يلتقي نتنياهو والسيسي في قصر ترامب؟ مطالب مصر وتحذير في إسرائيل

الولايات المتحدة – تجري اتصالات دبلوماسية بقيادة الأمريكيين في الكواليس، قبل لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي نهاية الشهر، لعقد اجتماع ثلاثي يشمل أيضا الرئيس المصري.

إلا أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يشترط، وفق ما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عقد الاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوقيع على اتفاق لشراء الغاز من حقل ليفياثان (اللوفيتان)، فيما حذرت جهات في قطاع الطاقة الإسرائيلي من أن نتنياهو قد يوافق على ذلك – مجانا دون الحصول على أي مقابل.

وبحسبما نقلت “يديعوت أحرونوت” عن هذه الجهات، فإن الأمر يتعلق بصفقة غاز ضخمة بقيمة 35 مليار دولار بين حقل ليفياثان ومصر – “دون أن تحصل إسرائيل على التزام صريح بأن مصر ستعمل ضد تهريب الأسلحة”.

وقالت مصادر مطلعة على الأمر إن “السيسي يشترط عقد الاجتماع ليس فقط بصفقة الغاز، بل وأيضا بمطالبة إسرائيل بالانسحاب من محور فيلادلفيا ومحور نتساريم – وهو مطلب تعارضه إسرائيل”، وفق “يديعوت أحرونوت”. في الواقع، لم يتحدث نتنياهو والسيسي منذ اندلاع الحرب في غزة، بل وعارض الرئيس المصري دعوة رئيس الوزراء إلى قمة في شرم الشيخ.

وذكرت مصادر سياسية رفيعة للصحيفة أن “إسرائيل ومصر قلصتا الفجوات بينهما، وأن هناك فرصة جيدة لنجاح الطرفين في التوصل إلى اتفاق غاز يتيح عقد الاجتماع بين نتنياهو والسيسي نهاية الشهر”.

وورد في “يديعوت أحرونوت” أن ما يعرقل التوصل إلى مثل هذا الاتفاق الآن هو معارضة وزير الطاقة إيلي كوهين، الذي يرفض الموافقة على الصفقة قبل توقيع اتفاق مع شركة الكهرباء الإسرائيلية يضمن عدم ارتفاع الأسعار للمستهلك الإسرائيلي. يمارس كوهين ضغوطا على مالكي حقل ليفياثان لتزويد شركة الكهرباء الإسرائيلية بالغاز بسعر جذاب، لكن مسؤولي الحقل عرضوا حتى الآن أسعارا مرتفعة جدا تمنع التوقيع.

كما هاجم مصدر مطلع على الأمر الوضع القائم وتساءل: “منذ متى تقدم إسرائيل هدايا قبل الاجتماعات؟” وبحسب قوله، “إذا وافق نتنياهو على صفقة الغاز قبل الحصول على التزام من المصريين بمكافحة تهريب الأسلحة والتراجع عن المطالبة بالانسحاب من فيلادلفيا – فهذا أمر وهمي. بأي حق يضع السيسي مثل هذه الشروط؟ الغاز الإسرائيلي هو أصل استراتيجي من الدرجة الأولى، ولكن من أجل التوقيع على اتفاق مع مصر، يجب التأكد من ضمان جميع المصالح الإسرائيلية”.

وأشار المصدر أيضا إلى أنه إذا وقعت إسرائيل الصفقة مع مصر “فإن ذلك سيوفر 20 في المئة من استهلاك مصر للكهرباء – وسيجعل من الصعب على إسرائيل التصدير إلى أماكن أخرى”. وأضاف: “إسرائيل تعطيهم الكعكة بأكملها وتضمن أمن الطاقة المصري قبل أن تضمن أمن الطاقة الإسرائيلي”.

كما صرح مصدر سياسي رفيع المستوى، حسب الصحيفة، بأن “الوزير كوهين يصر على أن تكون هناك أسعار جذابة لإسرائيل كشرط لتوقيع الاتفاق مع مصر”. وأوضح: “صحيح أن كوهين ربط الاتفاق مع مصر بوجود اتفاق لبيع الغاز بسعر جذاب للسوق المحلية”، لكنه قال إن “هناك فرصة جيدة للتوصل إلى تفاهمات وعقد قمة في مار آي لاغو لأن لجميع الأطراف مصالح بذلك”.

وبحسب قوله، “للأمريكيين مصلحة في زيادة الاستقرار الإقليمي ومصلحة في أن تربح شركة شيفرون المالكة لحقلي ليفياثان وتمار من الصفقة؛ لإسرائيل مصلحة لأنها ستحصل نتيجة الاتفاق مع مصر على عشرات المليارات من الشواقل من العائدات؛ ولمصر مصلحة لأن ذلك سيوفر لها كمية كبيرة من الغاز”.

وأردف: “يشترط الوزير كوهين ضمان الأسعار للسوق الإسرائيلية قبل الموافقة على الصفقة مع مصر – وهناك اتصالات متقدمة جدا لحل هذا الأمر”، متابعا: “إسرائيل لا تقدم أي هدية. الصفقة مع مصر هي بسعر 7.4 دولار لكل وحدة غاز. الشركات نفسها هي التي تعقد الصفقة والدولة توافق عليها فقط. المستفيد الأكبر هو إسرائيل التي ستحصل على إيرادات ضخمة من الضرائب”.

وقال المصدر السياسي الرفيع أيضا إن “نتنياهو يعمل على تحقيق مكاسب سياسية مقابل مصر، وهذا هو بالضبط ما تجري الاتصالات بشأنه الآن”. وقدر أن “هناك فرصة جيدة جداً لعقد الاجتماع”.

واختتم قائلاً: “السيسي بحاجة إلى الغاز، ترامب يطلب ذلك، وإسرائيل تربح المال من البيع. هناك تطابق في المصالح. واحتمالات معقولة لحدوث ذلك. لدى الأطراف الثلاثة مصلحة في دفع الصفقة قدماً”.

في الواقع، ووفقا لـ”يديعوت أحرونوت”، يمر نتنياهو والسيسي بجمود تام في العلاقات منذ أكثر من عامين. في حين لعبت مصر دورا هاما في صفقة الرهائن، لكن التوتر لا يزال قائماً بشكل أساسي حول تهريب الأسلحة.

في غضون ذلك، تجري محادثات مفاوضات مكثفة هذه الأيام للموافقة على اتفاق تصدير الغاز من حقل ليفياثان إلى مصر. ويتمحور الخلاف حول كمية الغاز التي ستصدرها إسرائيل، مقابل ما ستحتفظ به لنفسها. وتخشى “المنظمات المدنية” من أن تكون إسرائيل قد استنزفت غالبية هذا المورد الطبيعي الثمين في مياهها الاقتصادية، وأن فرصة العثور على مصادر إضافية للغاز الطبيعي ضئيلة.

المصدر: “يديعوت أحرونوت”

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة ترحب بإعادة بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل
  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان
  • إعلام عبري: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالتحرك لنزع سلاح حزب الله
  • رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل
  • الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • ترامب: الولايات المتحدة لا تريد هدر الوقت بشأن أوكرانيا
  • الولايات المتحدة وأوكرانيا يجتمعان اليوم لمناقشة خطة سلام عاجلة بعد مهلة دونالد ترامب لزيلينسكي
  • هل يلتقي نتنياهو والسيسي في قصر ترامب؟ مطالب مصر وتحذير في إسرائيل
  • دونالد ترامب: بايدن يتحمل أزمة الاقتصاد وحرب أوكرانيا