خلال منتدى الغاز في الجزائر… رئيسي: نظام الهيمنة الغربي أصبح ضعيفاً.. سعيد: ضرورة دعم سيادة الدول على مواردها الطبيعية
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
الجزائر-سانا
أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن نظام الهيمنة الغربي الذي يرتكز على استعمار الدول الأخرى بات اليوم أضعف من أي وقت مضى، مشددا على دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة جرائم العدوان الصهيوني.
وقال رئيسي في كلمة له اليوم أمام قمة رؤساء منتدى الدول المصدرة للغاز في الجزائر: “إن تأسيس الكيان الصهيوني تم وفقا لمخطط استعماري، بهدف الحفاظ على نظام الهيمنة الاستعماري في منطقتنا”، مشيراً إلى أن كيان الاحتلال تلقى ضربات مهلكة لن تعوض بفعل المقاومة الفلسطينية.
وشدد رئيسي على دعم الشعب الفلسطيني الصامد بكل السبل المتاحة، مؤكداً أن الحرب الدائرة في غزة هي تجسيد للمواجهة بين محور الشر ومحور الشرف، وأن فلسطين أضحت اليوم معياراً للإنسانية والأخلاق والضمير البشري.
وأشار الرئيس الإيراني إلى أن الولايات المتحدة قدمت ما في وسعها من الدعم السياسي والعسكري والإعلامي للإرهاب الصهيوني الممنهج، لافتاً في الوقت نفسه إلى انتشار الأصوات المنادية بإحقاق العدالة للشعب الفلسطيني في أنحاء العالم.
وعلى صعيد آخر، أشار الرئيس الإيراني إلى تحقيق بلاده إنجازات في مجال صناعة الغاز، داعياً أصحاب رؤوس الأموال الدوليين والدول الأعضاء للمساهمة في مشاريع الطاقة الإيرانية، بما في ذلك المشاريع المتعلقة بالغاز الطبيعي.
من جهته أكد الرئيس التونسي قيس سعيد في كلمته أمام القمة أن هذا الاجتماع دليل على إرادة الشعوب في السيطرة الكاملة على مواردها الطبيعية.
وأضاف: إنه “من بين القرارات التي لا يمكن تجاهلها في هذا السياق قرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة المتعلق بالسيادة الدائمة على الموارد الطبيعية”، مبرزاً دور منتدى الدول المصدرة للغاز في الدفاع عن هذا المبدأ المتعلق بالسيادة على أحد أهم الموارد الطبيعية وهو الغاز.
وأشار الرئيس التونسي إلى ما ورد في وثيقة تأسيس منتدى الدول المصدرة للغاز بخصوص مساندة حقوق السيادة للدول الأعضاء على مواردها من هذا الصنف من الطاقة وعلى قدرتها على أن تخطط وتدير باستقلالية حقوق التنمية المستدامة والفعالة والمراعية للمقتضيات البيئية وعلى استخدام الغاز لمصلحة شعوبها.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
رفع العقوبات عن سوريا.. هل يطلق نظامًا إقليميًا جديدًا؟
شكّل إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المفاجئ في الرياض يوم 13 مايو/ أيار الماضي، عن نيّته رفع العقوبات المفروضة على سوريا، إحدى أكثر اللحظات لفتًا للانتباه خلال زيارته للخليج.
وفي اليوم التالي، التقى الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وصافحه، وذلك على الرغم من أن الأخير كان قد حارب القوات الأميركية في العراق.
أوضح ترامب أن قراره جاء استجابة لطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. دعمت قطر هذا التوجّه بشدة، بحكم أنها ساندت "الحكم الجديد" من اليوم الأول، وترى في نفسها شريكًا اقتصاديًا واستثماريًا قويًا له.
تسببت هذه الخطوة في صدمة لدى إسرائيل، التي توصف بأنها الحليف الأقرب تقليديًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والتي تدفع باتجاه تقسيم سوريا إلى "دويلات مذهبية وإثنية متناحرة". بيدَ أن ترامب اختار الانحياز إلى رؤية الدول الثلاث التي تؤمن بأن إعادة إعمار سوريا ضرورة لاستقرار الشرق الأوسط، وأنها ستفتح آفاقًا واسعة للتجارة والاستثمار.
حث ترامب الرئيس السوري على الانضمام إلى الاتفاقيات الأبراهامية التي ترسي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتطهير سوريا من "الإرهابيين الأجانب"، وترحيل "المقاتلين الفلسطينيين". ولم يتطرق إلى حماية الأقليات أو بناء المؤسسات الديمقراطية السورية. من جانبه، أعلن الشرع قبوله اتفاقية فك الارتباط لعام 1974 التي أقامت منطقة عازلة بين إسرائيل وسوريا، ودعا الشركات الأميركية إلى الاستثمار في النفط والغاز السوريين.
إعلانمجمل هذا المشهد قد يطلق ديناميات إقليمية جديدة لن تقتصر فحسب على "إعادة تأهيل سوريا كدولة موحدة ومستقرة، ضمن توازنات ترعاها قوى إقليمية وازنة" – كما ذكر محمد سرميني في مقاله "اللحظة التي غيرت ترامب تجاه سوريا" على الجزيرة نت.
غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه الاتجاهات قد لا تأخذ في الغالب مسارًا متبلورًا يسير في اتجاه محدد؛ إذ ربما تأخذ مسارًا حلزونيًا متعرجًا بحكم كثرة الفاعلين، وتداخل العوامل، وتعقيد الدوافع والأهداف والمصالح، وهو ما أطلق عليه التحليل الشبكي في مقابل التحليل النظمي. ما يحسن التأكيد عليه -إذن- هو أننا لسنا على الأقل حتى الآن بصدد نظام إقليمي في المنطقة برزت اتجاهاتُه الأساسية وفاعلوه الرئيسيون، وتبلورت خصائصه وسماته.
توجهات ثمانية رئيسيةوعلى الرغم من ذلك، يمكن رصد بعض هذه التوجهات استنادًا إلى الحالة السورية التي تظل مفتوحة على احتمالات متعددة. واكتفي في هذا المقال بالرصد دون تقييم المعضلات التي تواجه هذه الديناميات الثماني، والذي أرجو أن أصرف فيه جهدًا آخر.
أولًا: الاقتصاد كقوة استقرار إقليميةوفقًا لهذه الرؤية، يُنظر إلى التدابير الاقتصادية، وعلى رأسها تخفيف العقوبات والاستثمار والمساعدات وجهود إعادة الإعمار، من قبل مختلف الأطراف الفاعلة (قادة الخليج والإدارة الأميركية) باعتبارها أدوات قادرة على تعزيز الاستقرار في المناطق الخارجة من الصراعات، مثل سوريا، وربما تساهم في التخفيف من حدة الأزمات في غزة واليمن، فضلًا عن خدمة المصالح الإستراتيجية الأوسع للولايات المتحدة ودول الخليج.
وفق هذه الرؤية، يُعد التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار ضروريين لتحقيق الاستقرار في سوريا بعد سنوات الحرب الأهلية. وتُشكل العقوبات عائقًا رئيسيًا أمام جهود إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية والتعافي الاقتصادي، إذ إنها تضر بالدرجة الأولى بالمدنيين السوريين.
إعلانومن المتوقع أن يمهد رفع العقوبات الطريق أمام تدفق المساعدات والاستثمارات والخبرات الإقليمية والدولية لدعم "الحكومة الجديدة" في جهودها لإعادة بناء البلاد ومنع عدم الاستقرار السياسي. ويُعتبر وجود اقتصاد قوي أمرًا حيويًا لنجاح "الحكومة السورية الجديدة" في تحقيق الاستقرار.
وبحسب التقديرات، سيظل الاقتصاد السوري في حالة تدهور مستمر ما لم يتم تخفيف العقوبات، الأمر الذي سيزيد من الاعتماد على روسيا والصين وإيران. كما أن ازدهار سوريا سيساهم في الحد من تدفقات اللاجئين.
تتبنى السعودية وقطر بالشراكة مع تركيا بشكل خاص فكرة تخفيف العقوبات، لا سيما تلك المفروضة على البنية التحتية والقطاعات العامة، انطلاقًا من اعتقاد بأن ذلك سيعزز مكانة القيادة الجديدة، ويواجه النفوذ الإيراني، ويحول دون تحول سوريا إلى "دولة فاشلة".
ويُنظر إلى تخفيف العقوبات باعتباره خطوة أولى حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في القطاعات الأساسية، وتهيئة المناخ للاستثمار الدولي. ويمكن لجهود التعافي المبكرة، المدعومة بتخفيف العقوبات، أن تتيح عودة آمنة للنازحين السوريين، وتساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع.
ترى هذه الدول أن الاستقرار الجيوسياسي يكتسب أهمية بالغة لرفاهية اقتصاداتها، التي قد تتضرر من جراء حالة عدم اليقين الاقتصادي أو التصعيد مع إيران. وهناك تفاؤل بأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط من شأنه أن يدعم الأجندات الاقتصادية لدول الخليج الساعية لتنويع اقتصادها وبناء اقتصاد ما بعد النفط.
ثانيًا: التحالفات السائلة الفضفاضةتشير الحالة السورية إلى تقارب محدد في المصالح بين الفواعل الإقليمية فيما يتعلق باستقرار سوريا وإعادة إعمارها، وخاصة في جهودهم للتأثير على السياسة الأميركية بشأن العقوبات، وأدوارهم في الاستثمار بعد الصراع. ومع ذلك، فإن هذا لا يمثل بالضرورة إجماعًا إقليميًا أوسع بشأن مجمل القضايا والأزمات في الإقليم، كما يتضح من ديناميكيات التوازن المحتملة، والتنافسات القائمة.
إعلانتظل أولوية الدول لمصالحها القُطرية، ولم يحدث حتى الآن حوار جاد بين "الفواعل الرئيسية" في الإقليم حول ملامح نظام إقليمي جديد. ومصالحها في سوريا متعددة الأوجه، ورغم تقاربها حول نقاط محددة، فإنها لا تعكس بالضرورة إجماعًا إقليميًا شاملًا. بل إنها مدفوعة إلى حد كبير بتقارب مصالح محددة بين هذه الدول فيما يتعلق بمستقبل سوريا واستقرارها، لا سيما بعد تغيير الحكومة فيها.
ثالثًا: التطبيع المرتبط بإنهاء الاحتلاللم تعد أولوية ترامب هي ضم مزيد من الدول العربية الكبرى إلى اتفاقيات أبراهام، وقد تراجعت محاولاته لإقناع بقية دول الخليج للانضمام لتلك الاتفاقيات التي أقرت اعترافًا متبادلًا وعلاقات اقتصادية بين بعض الدول العربية الموقعة عليها وإسرائيل.
وفي مقابل ذلك، فقد أكدت الدول غير الموقعة بوضوح موقفًا من هذه القضية يتماشى مع الخطة العربية التي تحدد إستراتيجيات إعادة إعمار غزة وتنميتها، وتدعم قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على أساس خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتشترط التطبيع مع إسرائيل فقط بعد أن يوقع القادة الإسرائيليون والفلسطينيون اتفاقية سلام تحل جميع قضايا الوضع النهائي، وتنهي الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وترسخ السيادة الفلسطينية على غزة والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية).
تأمين اتفاق نووي مع إيران يمثل حاليًا أولوية أكثر أهمية بالنسبة لترامب، وهو كذلك شديد الأهمية للمملكة العربية السعودية ولبقية دول الخليج. فالمملكة، التي عارضت الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، تشجع الولايات المتحدة الآن على المضي قدمًا في المفاوضات لمنع الحرب.
وفي حين توصف اتفاقيات التطبيع بأنها لا تزال "حية وبصحة جيدة" على الرغم من العدوان الإسرائيلي"، إلا أن المستقبل القريب للتطبيع واسع النطاق، خاصة مع لاعبين رئيسيين في المنطقة، يبدو أنه يتأثر بالسياق الإقليمي الحالي، بما في ذلك الإبادة الجماعية في غزة وإعطاء الأولوية لقضايا أخرى مثل الاتفاق النووي الإيراني.
إعلانإن نهج ترامب القائم على المعاملات وتركيزه على الصفقات الاقتصادية خلال الزيارة قد أدى أيضًا إلى تهميش القضية الفلسطينية مقارنة بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها الإدارات السابقة.
رابعًا: مراعاة المصالح الأميركيةتشارك الدول الراعية لسوريا بفاعلية في ضمان الاستقرار والسلام الإقليميين، وهو ما يوصف بأنه ضروري لتحقيق الرخاء الاقتصادي وتحويل المنطقة إلى مركز للفرص -كما اشار ترامب في زيارته الأخيرة للخليج.
تسعى هذه الدول لإخراج المقاتلين الأجانب وتطالب بإخراج إيران من سوريا، ولبنان بتقليل نفوذ حزب الله على السياسة اللبنانية، وهو ما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة. وتفضل الحل الدبلوماسي فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني لتجنب الصراع العسكري وحماية بنيتها التحتية الاقتصادية. وهذا يتماشى مع تفضيل إدارة ترامب للتوصل إلى اتفاق تفاوضي.
تُعتبر هذه الدول وسيطًا محتملًا في الصراعات الإقليمية وحتى العالمية، حيث استضافت السعودية محادثات بشأن أوكرانيا وعرضت التوسط في المفاوضات النووية الإيرانية الأميركية المستقبلية. وتستضيف قطر المفاوضات بين حماس وإسرائيل، كما تلعب هذه الدول جميعًا دورًا في عدم عودة تنظيم الدولة، وهو ما يتماشى أيضًا مع أهداف مكافحة الإرهاب الأميركية.
تصبّ مساعي هذه الدول في المصالح الأميركية من خلال تعزيز الرخاء الاقتصادي، والدعوة إلى جهود الاستقرار الإقليمي وتسهيلها (خاصة في سوريا)، والسعي إلى حلول دبلوماسية مع منافسين مثل إيران، واستضافة أصول عسكرية أميركية حيوية، والانخراط في مناقشات حول إعادة الإعمار بعد الصراع (كما هو الحال في غزة)، وغالبًا ما تتماشى الأولويات الإستراتيجية فيها مع الأهداف الأميركية المتصورة في المنطقة.
ويظهر من مواقف الدول مثل السعودية وتركيا وقطر بشأن سوريا، وتفضيل دول الخليج للدبلوماسية مع إيران وشروط التطبيع مع إسرائيل، أن تأثيرها متزايد على السياسة الأميركية نفسها.
إعلان خامسًا: شرق أوسط بلا جماعات مسلحةشهد عام 2024، وما مضى من هذا العام، استخدام إستراتيجيات متنوعة لمواجهة "الجماعات المسلحة غير الحكومية" في الشرق الأوسط. واجهت بعض الجماعات، مثل "محور المقاومة"، إجراءات تهدف إلى إضعاف قدراتها -خاصة العسكرية. في المقابل، كانت هناك حالات دمج حكومي محتمل لبعض الجماعات المسلحة، كما هو الحال في سوريا بعد الأسد، وجهود لدمج جماعات أخرى في هياكل الدولة -كما يجري مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وجهود للمصالحة مع الدولة عن طريق حل جناحها العسكري مع قبول لاندماجها في العملية السياسية كحزب شرعي -كما يجري مع حزب العمال الكردستاني (PKK) في تركيا.
"محور المقاومة" الذي يضم جماعات مثل حزب الله والحوثيين وجماعات المقاومة الفلسطينية شهد "انتكاسات كبيرة" في عام 2024 أدت إلى "إضعاف موقفهم العام". أما حماس، فمن المرجح أن تخرج من الصراع الدائر منذ أواخر 2023 حتى الآن "بقدرات عسكرية ضعيفة إلى حد كبير"؛ بسبب "العدوان العسكري الإسرائيلي".
كان أحد أهداف الضربات الأميركية تجاه الحوثيين الانتقال من الضربات المستهدفة إلى حملة أوسع وأكثر عدوانية؛ تهدف إلى تعطيل قدراتهم بشكل نشط، بما في ذلك استهداف قيادتهم السياسية إلى جانب الأصول العسكرية، وهذا يشير إلى وجود محاولة لإضعاف الحوثيين إلى ما هو أبعد من مجرد احتوائهم.
وافقت الولايات المتحدة على تمويل القوات المسلحة اللبنانية لتعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات من حزب الله. ورغم أن تعزيز القوات المسلحة اللبنانية لا يشكل مواجهة مباشرة مع حزب الله، فإنه يمثل وسيلة غير مباشرة لإدارة نفوذ "جهة فاعلة غير حكومية قوية" داخل لبنان من خلال تعزيز قدرة الدولة.
في سوريا، يسلط الوضع الضوء على مشهد معقد، حيث لعب "المسلحون الموالون للحكومة" دورًا في إسقاط نظام الأسد، وبات مطلوبًا أن يحلوا أنفسهم ليتم دمجهم في مؤسستي الأمن والدفاع في سوريا الجديدة.
إعلانعلاوة على ذلك، كان الهدف من الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في مارس/ آذار 2025 هو دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في الجيش السوري الجديد. هذه الخطوة، وإن كانت تهدف إلى استقرار سوريا، ومنع إعادة ترسيخ النفوذ الإيراني، فإنها تُشير أيضًا إلى شكل من أشكال التكامل بين الدولة مع جماعة مسلحة، ومع ذلك، ظلت تفاصيل هذا التكامل ومدى الحكم الذاتي الكردي موضع تفاوض.
وفي 27 فبراير/ شباط 2025، أعلن عبدالله أوجلان – زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) المسجون – دعوته لحل الحزب. وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الدعوة، بأنها "فرصة لاتخاذ خطوة تاريخية نحو هدم جدار الإرهاب". وفي 3 مارس/ آذار، أعلن الحزب عن وقف إطلاق النار استجابة لدعوة زعيمه، وأتبع ذلك في 12 مايو/ أيار الماضي عن حل نفسه.
هذه التطورات، التي يمكن أن نضم إليها التعامل مع الجماعات المسلحة الشيعية في العراق، تعكس تطلع الولايات المتحدة وشركائها في الاتحاد الأوروبي والمنطقة نحو شرق أوسط بلا جماعات مسلحة، أو على أقل تقدير يختفي فيه أكثرها.
يبدو أن الولايات المتحدة وشركاءها يهدفون على الأرجح إلى شرق أوسط، يتقلص فيه نفوذ بعض "الجماعات المسلحة غير الحكومية" وأفعالها المزعزعة للاستقرار بشكل كبير.
الهدف الإستراتيجي من ذلك هو تهيئة الشرق الأوسط ليكون معبرًا وممرًا لخطوط التجارة العالمية، بما يتطلبه ذلك من تطبيع العلاقات السياسية بين دوله المختلفة.
سادسًا: إسرائيل/ نتنياهو: وصفة عدم استقرارإسرائيل متورطة في حرب على "سبع جبهات" -على حد قول قادتها- ولا تريد للمنطقة أن تهدأ أبدًا. يتجلى ذلك في تورط إسرائيل المباشر في الإبادة الجماعية في غزة، واعتداءات المستوطنين في الضفة، وعدوانها العسكري المستمر في سوريا، وموقفها الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية، والرغبة في حل عسكري للبرنامج النووي الإيراني، وتداعيات التهجير للفلسطينيين على الاستقرار في مصر والأردن.. باعتبارها عوامل مهمة تؤثر على الديناميكيات الإقليمية المعقدة وغير المستقرة في كثير من الأحيان.
إعلانتتجلى أهمية الوضع الحالي لمشروع ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) في جوانب متعددة. ويكشف عن عدة جوانب مهمة حول المنطقة والتجارة العالمية. لم يُصوَّر مشروع (IMEC) كطريق تجاري فحسب، بل كوسيلة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتطبيع العلاقات السياسية، لا سيما من خلال ربط الهند بأوروبا وأميركا عبر الخليج العربي والأردن وإسرائيل.
ويُعد وضعه الحالي، المتأثر بشكل كبير بالحرب على غزة والصراعات الإقليمية المرتبطة بها، مؤشرًا واضحًا على "حالة عدم الاستقرار العميقة" التي لا تزال تعوق مشاريع التكامل الطموحة هذه. في ظل حقيقة أن بناء البنية التحتية اللازمة، وخاصة بين إسرائيل والأردن، يُعتبر الآن أمرًا "غير محتمل"، هل يمكن لسوريا الجديدة أن تكون إحدى محطات هذا الممر؟
بات واضحًا التأثير الضار للصراعات المنخرطة فيها إسرائيل على التعاون الإقليمي الأوسع. يرتبط مستقبل طرق التجارة المقترحة وممرات الطاقة في الشرق الأوسط ارتباطًا وثيقًا بمستقبل حكومة نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف.
يُشكل عدم الاستقرار الذي تُسببه حكومة اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني حاليًا تهديدًا كبيرًا لتحقيق هذه المشاريع وأمنها. لذلك، من المرجح أن تتطلب الجهود المبذولة لإنشاء هذه الطرق التجارية والحفاظ عليها معالجة وضع "المتطرفين" على جميع الجبهات. ويمكن للديناميكيات المحيطة بهذه الطرق، بدورها، أن تُشكل المسار المستقبلي للاستقرار الإقليمي -هكذا يتصور البعض.
هذا الهدف الإستراتيجي لـ"الرأسمالية الأميركية"، يعني أيضًا بعدين متكاملين: مواجهة ممر الحزام والطريق الذي تدعمه الصين، والتفرغ لمواجهة الصين بالانسحاب من الشرق الأوسط المستقر.
سابعًا: إعادة ضبط نفوذ إيران التي لم تعد عدوًادول الخليج الرئيسية (السعودية، الإمارات، قطر) وتركيا تتبنى مقاربات مختلفة للتعامل مع إيران، ولكنّ هناك اتجاهًا مشتركًا نحو تفضيل الحلول الدبلوماسية والتفاوضية على المواجهة العسكرية، وتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة -كما يظهر في سوريا ولبنان.
إعلانتتأثر هذه المقاربات بشكل كبير بالرغبة في حماية المصالح الاقتصادية الحيوية (مثل البنية التحتية النفطية)، والحاجة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي الذي يُنظر إليه على أنه أساس للرخاء والتنمية. وقد دفعت هذا المصالح إلى التعامل المباشر مع إيران، حتى لو كان ذلك يعني تجاوز الحلفاء التقليديين مثل الولايات المتحدة في إدارة بعض ديناميكيات الأمن الإقليمي.
ثامنًا: تراجع قضايا حقوق الإنسان والديمقراطيةتركز الرواية السائدة في الإقليم على الدولة التي توفر التقدم الاقتصادي والاجتماعي تحت قيادة قوية. من الواضح أن الديمقراطية السياسية غائبة عن مجمل مناقشة التحول في دول المنطقة، وما تبقى هو حديث عن الحريات الشخصية فقط.
يقتصر الاهتمام بحقوق الإنسان في المقام الأول على الاعتراف بـ"الأزمة الإنسانية في غزة"، والتي أخشى أن تجعل من القضية الفلسطينية مجرد قضية إنسانية لشعب بلا حقوق.
إن مناهج السياسة الخارجية لترامب، هي مناهج "معاملاتية" وتعطي الأولوية للصفقات الاقتصادية والاستقرار، وتتجاهل تمامًا قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن تركيز الجمهور العربي على ضرورة تحسين الظروف المعيشية اليومية لا يعني أنهم غير مهتمين بتحسين الحكم أو أنهم يرفضون الديمقراطية. لا يعتقد العرب -كما أشار الباروميتر العربي في استطلاعاته- أن الديمقراطية سيئة بطبيعتها، وبدلًا من ذلك، فقد تبنوا نهجًا قائمًا على النتائج تجاه الديمقراطية، نهجًا لا يوفر الشرعية وحكم القانون فحسب؛ بل أيضًا الظروف الاجتماعية والاقتصادية المزدهرة.
في الختام؛ كيف سيبدو الشرق الأوسط إذا تفاعلت هذه الاتجاهات الثمانية وغيرها مع بعضها البعض؟ وكيف ستبدو ملامحه إذا انبعثت المعضلات داخل كل اتجاه وبين الاتجاهات جميعًا؟ -أسئلة تستحق المتابعة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
إعلان aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline