فِي إحدَى الدُّولِ العربيَّةِ الشقيقةِ، دخلَ مُعمَّم قاعةً فسيحةً فيهَا مئاتٌ من النَّاسِ ينتظرُونَهُ بفارغِ الصَّبرِ، وعلى أحرِّ من نارِ الجمرِ، وحالمَا رأوهُ افتتنُوا بهِ وتهاوشُوا عليهِ، فمنهُم مَن لمسَهُ بيديِهِ تبرُّكًا بهِ، واعتبرُوا أنفسَهُم محظوظِينَ، ومنهُم مَن حاولَ لمسَهُ فلمْ يقدِرُوا، واعتبرُوا أنفسَهُم ضحيَّةً لحظِّهم العاثرِ!.
ثمَّ صعدَ المُعمَّم بسكينةٍ وخشوعٍ فوقَ منبرٍ خشبيٍّ مطليٍّ بلونِ الذَّهبِ، ويعلُو رؤوسَ النَّاسِ بثلاثةِ أمتارٍ على الأقلِّ، وبدأَ يبكِي ويحكِي لهُم ما حدثَ لهُ في الصَّحراءِ عندَ ذهابِهِ إليهَا ليلًا، للتأمُّلِ والاختلاءِ!.
فقالَ لَا فُضَّ فُوهُ:
وأنَا وسطَ كُثبانِ الصَّحراءِ والرِّمالِ النَّاعمةِ الصَّفراءِ، أتأمَّلُ نجومَ وكواكبَ الفضاءِ، وأختلِي بربِّ السَّماءِ، أردْتُ التحدُّثَ بالجوِّالِ، فأخرجتُهُ من جيبِي لأُفاجَأُ أنَّ درجةَ شحنِهِ صارتْ صِفرًا بعدَ أنْ كانتْ مئةً، ولَا أستطيعُ التَّحدُّثَ بهِ معَ أيِّ كائنٍ كانْ، فاستغثْتُ بفُلانٍ (ماتَ قبلَ مئاتِ السِّنينِ رضِيَ اللهُ عنهُ وأرضَاهُ) قائلًا لهُ: أغثنِي يا فُلانُ، أدركني يا فُلان، أنقذني يا فُلان، فما هي إلّا ثواني لأرَى درجةَ شحنِ جوالِي تتلألأُ وسطَ الظَّلامِ الدَّامسِ، وتُشيرُ إلى مئةٍ بالمئةِ، فتحدَّثْتُ بالجوَّال طويلًا وكثيرًا، ومعَ ذلكَ لم تنقصْ درجةُ شحنِهِ عن المئةِ، فيا لعظمةِ فُلانٍ!.وهنَا ضجَّت القاعةُ بالصِّياحِ والسُّرورِ للرِّوايةِ، وربَّمَا ذهبَ بعضُ هؤلاءِ النَّاسِ بعدَهَا للصَّحراءِ لدعاءِ فُلانٍ كَي يشحنَ جوَّالاتِهم، وربَّما سيحتجُّ تُجَّارُ الشَّواحنِ للإفلاسِ الذي سيصيبُهم؛ بعدَ إقلاعِ الكثيرِ عن شراءِ الشَّواحنِ؛ لأنَّ الشَّحنَ سيجرِي لجوَّالاتِهم فقطْ بدعاءِ فُلانٍ، وانتهتْ الرِّوايةُ..
والإحصائياتُ تقولُ: إنَّ هذا البلد هو من أكبر الدول شراءً واستهلاكًا لشواحن الجوَّال، وما الرواية إلَّا أحد مسلسلات الكذب والضحك على الذقون، والاستخفاف والاستهزاء التي يمارسها بعض المعممين على الناس، الذين ـوهذا هو بيت القصيدـ يستحقون علاجهم من داء تصديق الخرافات، وإيمانهم بالمخلوق الميت دون الخالق الحي، وبالشِّركِ دونَ التَّوحيدِ، حتَّى أصبحُوا مثلَ (الشُخْشِيخَةِ) بينَ يدي تُجَّارِ البدعِ والطَّوائفِ والغلوِّ المُبينِ، ويا اللهُ أغثنَا وأدركنَا وأنقذنَا وأنتَ فقطْ: الواحدُ الأحدُ الفردُ الصَّمدُ!.
م. طلال القشقري – صحيفة المدينة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
كيف تحمي طفلك من ضربة الشمس والإجهاد الحراري؟
مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تصبح الرحلات إلى الشواطئ والمسابح واللعب في الحدائق من الأنشطة اليومية المفضلة للأطفال والعائلات. لكن خلف هذه اللحظات الممتعة قد تكمن أخطار صحية حقيقية ناجمة عن التعرض المطوّل لأشعة الشمس، والتي قد تصل في بعض الحالات إلى تهديد الحياة.
فرغم أن التعرض المفرط للشمس قد يسبب مضاعفات صحية لأي شخص، فإن الأطفال -وخصوصا من هم دون سن الرابعة- يُعدّون من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري. ويُعزى ذلك إلى ضعف قدرة أجسامهم على تنظيم حرارة الجسم، إضافة إلى عدم وعيهم لحاجتهم إلى شرب الماء أو تخفيف الملابس لتبريد أجسامهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ثلاث أمهات قطريات يحوّلن الألم إلى أمل ويؤسسن منصة "أهالي التوحد"list 2 of 2أسطورة الأم المثالية.. لماذا تشعرين بالتقصير المستمر في حق أطفالك؟end of listكما أن الأطفال والمراهقين غالبا ما يندمجون في اللعب أو النشاط البدني دون انتباه للإرهاق أو ارتفاع حرارة أجسامهم، مما يزيد من خطر تعرضهم لمشكلات صحية مرتبطة بالحر الشديد، مثل الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس.
الإجهاد الحراري وضربة الشمس
يحدث الإجهاد الحراري عندما يفقد الجسم كميات كبيرة من الماء والأملاح؛ عادة بسبب التعرق، ويمكن السيطرة عليه والتعامل معه سريعا إذا تم التدخل في الوقت المناسب، أما ضربة الشمس فهي حالة طبية طارئة وخطيرة، تحدث عندما يفقد الجسم قدرته على تنظيم درجة حرارته الداخلية.
ورغم تشابه أعراضهما، فإن ضربة الشمس تعد أكثر خطورة وقد تؤدي إلى الوفاة، ولهذا من الضروري مراقبة المصاب عن كثب، إذ إن عدم تحسن أعراض الإجهاد الحراري خلال 30 دقيقة قد يعني تطور الحالة إلى ضربة شمس تستدعي تدخلا طبيا عاجلا، بحسب ما أفادت به الخدمة الصحية الوطنية البريطانية.
وعادة ما تتشابه أعراض الإجهاد الحراري لدى البالغين والأطفال، لكن الأطفال قد يُظهرون انفعالية زائدة وسرعة في التهيج أكثر من البالغين.
وإذا ظهرت علامات الإجهاد الحراري على الطفل، يجب تبريده بسرعة عبر الخطوات التالية:
الانتقال إلى مكان مظلل أو بارد وتشجيعه على شرب الماء البارد بكميات صغيرة متكررة. إزالة أي طبقات غير ضرورية من الملابس مثل الأحذية أو الجوارب. تبريد جسم الطفل من خلال الاستحمام، أو مسح جسمه أو رشه بالماء الفاتر، أو وضع كمادات باردة حول منطقة الرقبة وتحت الإبطين، أو لفه بملاءة مبللة وباردة، مع استخدام مروحة للمساعدة في التبريد. ضربه الشمسإذا فقد الجسم قدرته على تبريد نفسه، ولم تتحسن الأعراض خلال 30 دقيقة، فقد يكون ذلك مؤشرا على الإصابة بضربة شمس، وهي حالة طبية طارئة إذا لم تعالج بسرعة، قد تسبب تلفا في أعضاء حيوية مثل القلب، الكلى، العضلات، الكبد، الرئتين أو الدماغ، ويزداد خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة، قد تصل إلى الوفاة.
وفي حالة ملاحظة أي من أعراض ضربة الشمس التالية يجب الاتصال بالإسعاف ومحاولة تبريد الطفل حتى وصول المساعدة الطبية، وتشمل الأعراض:
التشوش الذهني أو فقدان التناسق الحركي. الارتفاع الشديد في درجة حرارة الجسم يصل إلى 40 درجة مئوية أو أكثر. الاحمرار والسخونة وجفاف الجلد (لا يتعرق). التسارع في ضربات القلب. التنفس السريع أو الضيق في التنفس. نوبات تشنج فقدان الوعي. حماية الأطفال خارج المنزل:لحماية الأطفال وتجنب تعرضهم للإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، إليك بعض النصائح:
تجنب ممارسة الأنشطة البدنية المرهقة في الخارج خلال النهار في الأيام شديدة الحرارة. ارتداء ملابس فضفاضة وفاتحة اللون لمساعدة أجسامهم في الحفاظ على البرودة، وقبعات واسعة الحواف. البقاء في الظل قدر الإمكان. وضع كريم واق من الشمس، وتوصي الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية بأن يوفر حماية واسعة النطاق ضد أشعة "يو في إيه" (UVA) و"يو في بي" (UVB)، ويحتوي على عامل حماية من الشمس "إس بي إف" (SPF) لا يقل عن 30، ومقاوم للماء، مع إعادة تطبيقه كل ساعتين، وبعد السباحة أو تجفيف الجسم بالمنشفة. تشجيع الأطفال على شرب كميات وفيرة من المياه. تناول أطعمة تحافظ على الجسم رطبا مثل الخس والخيار والبطيخ والفراولة والبرتقال. التحدث مع الأطفال حول علامات الإجهاد الحراري للانتباه لأجسامهم عند حدوث أي منها. عدم ترك الأطفال أو الرضع على الإطلاق داخل سيارة مغلقة، حتى لو كانت درجة الحرارة الخارجية معتدلة، إذ يمكن أن ترتفع درجة الحرارة داخل السيارة بشكل خطير وتؤدي إلى أمراض مرتبطة بالحرارة.وأجرى عالم الأرصاد الجوية في كاليفورنيا، يان نول، دراسة في عام 2005 حول ارتفاع درجة الحرارة داخل المركبات المغلقة مقارنة بالحرارة في الخارج.
وبحثت الدراسة في حالة وفاة رضيع نتيجة نسيانه داخل سيارة متوقفة في طقس بلغت حرارته نحو 30 درجة مئوية، وتوصلت إلى أن درجة الحرارة داخل السيارة قد تتجاوز نحو 49 درجة مئوية خلال ساعة واحدة فقط.
إعلانولذلك يحذر تماما من ترك الأطفال داخل السيارة، إذ قد يسبب تركه لمدة لا تتعدى 15 دقيقة إلى وفاته، حتى لو كان الطقس معتدلا، أو تم ترك النوافذ مواربة.
حماية الأطفال داخل المنزللا تتوقف الحماية من الحرارة خارج المنزل فقط، بل يجب أيضا توفير حماية من الحرارة في الداخل، وذلك عن طريق:
فتح النوافذ في الليل والصباح الباكر وعندما يكون الهواء في الخارج أبرد، وينبغي إبقاؤها مغلقة خلال النهار إذا كانت درجة الحرارة في الخارج أعلى. تظليل أو تغطية النوافذ المواجهة للشمس خلال النهار للحد من دخول الحرارة. استخدم المراوح الكهربائية بشرط ألا تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية، إذ يمكن أن يكون استخدامها فوق هذا الحد غير فعال أو حتى ضارا.