غانتس.. استقبال رسمي بواشنطن وصفعة قوية لنتنياهو
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
قال محللون سياسيون للجزيرة نت إن زيارة الوزير في مجلس الحرب بالحكومة الإسرائيلية بيني غانتس -إلى الولايات المتحدة- تمثل صفعة قوية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي أصبح عبئا على الإدارة الأميركية، وفشل في تحرير الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وكشفت صحف إسرائيلية أمس الاثنين أن نتنياهو رفض منح زيارة غانتس إلى واشنطن "طابعا رسميا" ولم يكتف بذلك بل حاول تقويضها.
كما أشارت إلى أن نتنياهو أمر سفيره لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ بعدم حضور الاجتماعات التي يعقدها غانتس مع المسؤولين الأميركيين، وأنه "تحرك خلال الأيام الأخيرة لمنع غانتس من التوصل إلى أي تفاهمات رسمية مع إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن".
لكن الإدارة الأميركية متمثلة في كامالا هاريس نائبة الرئيس استقبلت أمس غانتس استقبالا رسميا، وذلك غداة انتقادات وجهتها لتل أبيب لعدم سماحها بدخول الكميات الكافية من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
الجزيرة نت ترصد خلفيات هذه الزيارة، وأسبابها، وتداعياتها على المشهدين الإسرائيلي والأميركي مع عدد من الباحثين والمحللين السياسيين.
خلفيات الزيارة
الكاتب والمحلل السياسي ماجد إبراهيم قال إن هذه الزيارة تأتي "في ظل استمرار فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أي إنجاز على الأرض، واستمرار تعثر الاتفاق على هدنة أو وقف إطلاق النار، خاصة مع ما يقوم به نتنياهو من وضع العراقيل على عكس رغبة الإدارة الأميركية.
وأضاف إبراهيم -في حديث للجزيرة نت- أن ذلك ترافق مع عدم إطلاع نتنياهو شركاءه في الائتلاف الحكومي على تفاصيل المفاوضات مع حماس، وكذلك طلبه معلومات عن الأسرى الأحياء لدى المقاومة من دون إعلام الحكومة التي لم تضع هذا الشرط من الأساس، والذي رفضته المقاومة.
وغير بعيد عن ذلك، يقول الكاتب المختص في الشأن الأميركي محمد المنشاوي إن المتنافسين السياسيين في الداخل الإسرائيلي نفد صبرهم تجاه هذه الحرب، وهذا التوجه الذي يدفع إليه رئيس الوزراء.
وأضاف أن غانتس كان يتخيل أن العدوان على قطاع غزة سيستمر أياما أو أسابيع وينتهي الأمر، وبعدها تقام انتخابات مبكرة ويُحاسب المسؤول عن الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن نتنياهو يبدو أنه يريد إطالة أمد الحرب إلى ما لا نهاية.
أما الباحث في أكاديمية روبرت بوش الألمانية محمد دراوشة فيرى أن دعوة غانتس لزيارة الولايات المتحدة تعد صفعة قوية لنتنياهو، الذي انتخب منذ أكثر من عام رئيسا للحكومة ولم تقدم له واشنطن دعوة لزيارتها حتى الآن، وهذه أول مرة في التاريخ أن رئيس حكومة إسرائيلية لا يدعى إلى واشنطن، وهذا يوضح الفجوة الكبيرة والحقيقية في المواقف والثقة بين نتنياهو والإدارة الأميركية.
لماذا يغضب نتنياهو؟
وأضاف دراوشة أن هذا الاحتضان الأميركي لغانتس أمر يدركه نتنياهو سياسيا، ويعلم أنه إضعاف لمكانته وصفعة تجاه مستقبله الانتخابي، ولذلك يمكن القول إن تاريخ الرابع من مارس/آذار الحالي هو بداية المعركة الانتخابية داخل إسرائيل، وسيكون الرأسان المتنازعان غانتس ونتنياهو.
والأخطر من ذلك أن الولايات المتحدة -كما يرى الباحث في أكاديمية روبرت بوش الألمانية- تراهن على "الصوت العقلاني" لغانتس في الحكومة الإسرائيلية، ويمكنها جذب الكثير من دول العالم التي ستراهن على ذلك، بما فيها أيضا دول عربية.
لكن المنشاوي ذهب إلى أن نتنياهو أصبح عبئا على واشنطن وعلى بايدن نفسه، و"من هنا ربما رأت أميركا أن غانتس بديل مناسب عندما يزور البيت الأبيض ويلتقي نائبة الرئيس، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان". ومن أجل هذا "عارض رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الزيارة، ووجه تعليمات للسفارة في واشنطن بمقاطعة الزيارة، وعدم التعاون مع غانتس في ترتيب لقاءاته".
أما المحلل السياسي ماجد إبراهيم، فيرى أن الزيارة تهدف إلى معاقبة نتنياهو بسبب إصراره على الاستمرار في الاستهداف المكثف للمدنيين في قطاع غزة على عكس ما طُلب منه قبل بداية المرحلة الثالثة للحرب، بالإضافة إلى ارتكابه المجازر التي تحرج إدارة بايدن، وآخرها مجزرة الطحين في غزة.
الداخل الإسرائيلي
وتعكس هذه الزيارة أيضا التصادم السياسي في الداخل الإسرائيلي، فهناك حكومة ائتلافية جمعت ألوانا شتى من مختلف الطيف السياسي، ومن الواضح أن العدوان على غزة جمعهم في البداية "فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة" كما يقول المنشاوي، لكن زيارة غانتس تكشف عن تغير آخر.
ويقول المنشاوي إنها رسالة كبيرة للداخل الإسرائيلي بأن هناك أصواتا أخرى غير نتنياهو، وأنه يمكنها التواصل مع أركان صناعة القرار في العاصمة الأميركية التي تعد الداعم الأكبر للعدوان الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإن إدارة بايدن -كما يقول المنشاوي- لا تشخّص علاقاتها الخارجية في ملف مهم مثل الملف الفلسطيني الإسرائيلي "وأعتقد أن الإدارة الأميركية ترى نتنياهو اليوم عبئا عليها في إطار تصورها لما بعد انتهاء المعارك في قطاع غزة".
أما دراوشة فاختلف قليلا مع الرأي السابق، وقال إن نتنياهو أصبح فعلا عبئا كبيرا جدا على الحكومة الأميركية، وعبئا كبيرا جدا على المنظومة العسكرية والاقتصاد والشعب الإسرائيلي.
لكنه يستدرك بقوله إنه ليس من السهل التخلص من نتنياهو سياسيا، فهو حتى الآن ما زال يحافظ على نسبة 64 عضوا في الكنيست ضمن الائتلاف الحكومي، مقابل 56. ومن ثم فخصومه بحاجة إلى 5 أعضاء من داخل حزب الليكود لكي يسقط نتنياهو.
وضمن حديث الأرقام الانتخابية، يقول إبراهيم إنه حسب آخر استطلاع للرأي أجري في إسرائيل، فإنه في حال جرت انتخابات اليوم فسيحصل حزب غانتس على 39 مقعدًا، مقابل حصول الليكود برئاسة نتنياهو على 17 مقعدًا فقط.
وأضاف أنه لهذا السبب يريد غانتس استغلال أي فرصة لفك ارتباطه بالائتلاف الحكومي، شريطة أن يؤدي ذلك لسقوطها، مع أنه يربط هذه الخطوة بالتوقيت المناسب الذي لا يؤثر على سير الحرب. في حين يستمر نتنياهو في دفعه لهذه الخطوة عبر محاولات تهميشه والتشدد في مفاوضات الأسرى.
الداخل الأميركي
ولم تبتعد ظلال زيارة غانتس عن الداخل الأميركي، حيث يقول المنشاوي إن الولايات المتحدة تمر بموسم انتخابي ساخن، وهناك رسالة كانت بمثابة الصفعة على وجه الإدارة الحالية، وعلى وجه الرئيس بايدن، في انتخابات ولاية ميشيغان.
وأضاف المختص بالشأن الأميركي أن واشنطن لديها حسابات أخرى غير حسابات تل أبيب، فالولايات المتحدة ترى أن استمرار العدوان الإسرائيلي خلال شهر رمضان سيكون مضرا جدا لسياساتها حول العالم وحلفائها العرب والمسلمين، لما في ذلك من رمزية كبيرة لأكثر من مليار مسلم حول العالم وعيد الفطر الذي يليه.
وأشار إبراهيم إلى أن استطلاعا لقناة فوكس نيوز قال إن 65% من الناخبين الأميركيين غير راضين عن أداء الرئيس في حرب إسرائيل على قطاع غزة، لذلك فإن بايدن يتخوف من فقدان الدعم بين الناخبين المسلمين بالولايات الرئيسية التي تحسم المواجهة المتوقعة مع منافسه المحتمل دونالد ترامب.
ويرجح الكاتب والمحلل السياسي حدوث مواجهة علنية وشيكة بين الإدارة الأميركية ونتنياهو، مع إلقاء اللوم على إسرائيل في فشل مفاوضات الأسرى لدى حماس، وربما تجنب الولايات المتحدة استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرارات المناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، أو حتى فرض شروط على توريد الأسلحة للجيش الإسرائيلي.
أما الباحث بأكاديمية روبرت بوش الألمانية فذهب أبعد من ذلك، وقال إن زيارة غانتس تمثل تدخلا أميركيا واضحا في الشؤون الإسرائيلية، وإن الاستقبال الرسمي له، ولقاءاته مع مسؤولي الإدارة الأميركية، بهدف خلق ديناميكية تصل إلى زعزعة الحكومة الحالية في إسرائيل، والدفع باتجاه إقامة حكومة بديلة.
وعاد دراوشة ليشير إلى أن إدارة بايدن تورطت ودفعت ثمنا غاليا جدا نتيجة احتضان نتنياهو وإعطاء إسرائيل مساحة واسعة من الدعم الدبلوماسي في الأمم المتحدة، والدعم المالي الذي وصل إلى 14 مليار دولار، بالإضافة إلى الدعم العسكري الموسع خلال هذا العدوان على غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة زیارة غانتس هذه الزیارة قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
البنتاغون: الضربات الأميركية على إيران أخرت برنامجها النووي عامين
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس الأربعاء، أن الضربات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية في 22 يونيو/حزيران، قد أعادت برنامج إيران النووي إلى الوراء لمدة تصل إلى عامين، في تقدير استخباراتي جديد يتجاوز التقييمات الأولية التي أشارت إلى تأخير لبضعة أشهر فقط.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في إفادة صحفية: "لقد ألحقنا أضرارا ببرنامجهم لمدة تراوح بين سنة وسنتين على الأقل، هذا ما خلصت إليه تقييمات استخبارية داخل وزارة الدفاع"، مضيفا أن التقدير الأقرب هو نحو عامين، دون تقديم أدلة علنية تدعم هذا التقييم.
ونفذت الولايات المتحدة هجمات جوية دقيقة باستخدام أكثر من:
12 قنبلة خارقة للتحصينات تزن 13 ألف و 600 كيلوغرام، ألقتها قاذفات بي-2 على موقعين نوويين. 20 صاروخ كروز من طراز توماهوك أُطلقت من غواصة أميركية استهدفت موقعا ثالثا.وشارك في العملية ما يزيد عن 125 طائرة حربية، منها قاذفات شبح ومقاتلات ومزودات وقود جوية، في واحدة من أكبر العمليات الجوية الأميركية ضد منشآت إيرانية خلال العقدين الأخيرين.
جدل حول فعالية الضرباتورغم التأكيدات الأميركية على "نجاح المهمة"، أثار تقييم أولي لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية شكوكا، عندما أفاد الأسبوع الماضي بأن الضربات أخّرت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، وهو ما اعتبره مسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب غير دقيق وغير موثوق.
في المقابل، حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن إيران ما زالت قادرة على استئناف إنتاج اليورانيوم المخصب خلال بضعة أشهر، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الضربات قد قضت فعلا على قدرات إيران النووية.
كما أشار خبراء نوويون مستقلون إلى أن إيران ربما نقلت كميات من اليورانيوم عالي التخصيب إلى خارج موقع "فوردو" الجبلي قبل الضربات لتفادي خسائر فادحة، وهو ما نفاه وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، قائلا إن المعلومات الاستخباراتية لا تدعم ذلك.
إعلانمن جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن منشأة فوردو تضررت بشدة، دون أن يحدد طبيعة الأضرار، مضيفا في مقابلة مع قناة "سي بي سي نيوز" أن "لا أحد يعلم على وجه الدقة ما حدث داخل المنشأة، لكن الأضرار جسيمة".
وفي 13 يونيو/حزيران، كانت إسرائيل قد شنت هجوما واسعا على إيران، استهدف مواقع عسكرية ونووية واغتالت عددا من العلماء والقادة، بهدف منع طهران من امتلاك سلاح نووي.
وردّت إيران لاحقا باستهداف مقرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية بصواريخ وطائرات مسيّرة.
وفي 22 يونيو/حزيران، تدخلت الولايات المتحدة بعملياتها المباشرة، وتبعتها ضربة إيرانية على قاعدة العديد في قطر، قبل أن يُعلن في 24 يونيو/حزيران عن وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران بوساطة دولية.