منذ شروعها في تنفيذ عمليات عسكرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر درجت مليشيا الحوثي الإرهابية على تقديم نفسها للرأي العام العربي كجماعة مستقلة بقرارها عن النظام الإيراني، فقد ركز خطابها الموجه على هذه النقطة بالذات، وتجاهل الشارع اليمني الذي يعرفها جيدا، ويدرك تبعيتها وزيف ادعاءاتها.

إلا أن المراقب لسير الأحداث ولتصريحات مسؤولي طهران ومليشيا الحوثي سرعان ما يكتشف الخديعة، فحرب إسرائيل على غزة، التي تدعي الجماعة أنها الدافع الأساسي لتحركها إنما هي شعار، من شعارات كثيرة تجيد أذرع إيران استخدامها وقت الحاجة، يخفي وراءه حقيقة أطماع إيران ورغبتها في السيطرة على المنطقة، ومصالحها التي شرعت في التفاوض بشأنها مع الأمريكان، ما يعني أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ستتوقف، ليس بتوقف حرب غزة كما تقول الجماعة، بل بحصول إيران على صفقة ما تنتظرها.

فقد كشفت صحيفة الفاينايشل تايمز البريطانية في تقرير لها، النقاب عن محادثات سرية أجرتها الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران بداية هذا العام في محاولة لإقناع طهران باستخدام نفوذها على جماعة الحوثي لإنهاء هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر، وفقًا لإفادات مسؤولين أمريكيين وإيرانيين تحدثوا للصحيفة.

وذكر التقرير أن المحادثات جرت في عمان في يناير وكانت الأولى بين الخصمين منذ عشرة أشهر.

حيث ترأس الوفد الأميركي مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومبعوثه الخاص إلى إيران أبرام بالي. 

ومثل النظام الإيراني نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كاني، وهو أيضا كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين.

وقالت الصحيفة: إن المسؤولين العمانيين قاموا برحلات مكوكية بين الممثلين الإيرانيين والأمريكيين، إذ لم يتحدثوا بشكل مباشر.

وأشارت إلى أن هذه المحادثات تسلط الضوء على كيفية استخدام إدارة بايدن القنوات الدبلوماسية مع خصمها، إلى جانب الردع العسكري، في محاولة لتهدئة موجة الأعمال العدائية الإقليمية التي تشمل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران والتي اندلعت بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.

ونقلت عن مصدر مطلع على المحادثات أن المسؤولين الأميركيين يعتبرون إنشاء قناة غير مباشرة مع إيران "وسيلة لإثارة مجموعة كاملة من التهديدات الصادرة من إيران". وشمل ذلك نقل "ما يتعين عليهم القيام به من أجل منع صراع أوسع نطاقا، كما يزعمون أنهم يريدون".

وأشارت إلى أنه كان من المقرر إجراء جولة ثانية من المفاوضات بمشاركة مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك في فبراير/شباط، ولكن تم تأجيلها لانشغال المسؤول الأمريكي بجهود التوسط بين إسرائيل وحماس لأجل وقف الحرب في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم الأمم المتحدة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "لدينا العديد من القنوات لتمرير الرسائل إلى إيران". ورفضوا تقديم تفاصيل "بخلاف القول إنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ركزوا جميعا على إثارة مجموعة كاملة من التهديدات الصادرة عن إيران، وحاجة إيران إلى وقف تصعيدها الشامل".

وكانت آخر محادثات معروفة بين الولايات المتحدة وإيران هي ما يسمى بالمحادثات غير المباشرة في مايو الماضي.

واتهم المسؤولون الأمريكيون طهران مرارا وتكرارا بتزويد الحوثيين بطائرات بدون طيار وصواريخ ومعلومات استخباراتية لشن هجماتهم على السفن. 

وتعترف إيران بدعمها السياسي للحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن.

وتصر على أن المتمردين يتصرفون بشكل مستقل. "لقد قالت إيران مراراً وتكراراً إن لديها فقط شكلاً من أشكال التأثير الروحي [على المتمردين]. وقال مسؤول إيراني: “إنهم لا يستطيعون إملاء الأوامر على الحوثيين، لكن يمكنهم التفاوض والتحدث”. 

الحوثي.. ذراع إيران الأكثر طيشاً

أوقفت إيران نشاط الجماعات التابعة لها في العراق وسوريا، نظرا لأن عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية ألحقت ضررا مباشرا بالحرس الثوري الإيراني الذي لديه تواجد معلن في البلدين العربيين، جعل قادته عرضة للاستهداف بغارات أمريكية وإسرائيلية، بعكس تواجده غير المعلن في اليمن الذي يعطيه أفضلية في المناورة، بالإضافة للاستعداد الذي تبديه جماعة الحوثي للمغامرة ولا مبالاتها بعواقب عملياتها الطائشة ونتائجها على حياة اليمنيين. 

ومما أورده تقرير الفاينايشل تايمز أن طهران سعت إلى تخفيف التوترات مع واشنطن منذ أن أدى هجوم بطائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية أمريكية على الحدود الأردنية السورية إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين. وبعد أن تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم، سحبت إيران كبار قادة الحرس الثوري الإيراني من سوريا. وبعد أيام، في 2 فبراير/شباط، نفذت القوات الأمريكية موجة من الهجمات ضد القوات التابعة لإيران في سوريا والعراق. ولم يتم شن أي هجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا منذ 4 فبراير، حيث قال مسؤولون أمريكيون، إن هناك مؤشرات على أن طهران عملت على كبح جماح الميليشيات العراقية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول إيراني قوله، إنه عندما زار العميد إسماعيل قاآني، قائد قوة القدس، جناح الحرس الثوري المسؤول عن العمليات الخارجية، بغداد الشهر الماضي، طلب من الميليشيات العراقية “إدارة سلوكها بطريقة لن تسمح لأمريكا التعامل مع إيران”. 

وفي حين أن هدف إيران النهائي هو إخراج القوات الأمريكية من العراق وسوريا، فقد أوضحت طهران أنها تريد تجنب صراع مباشر مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، وتجنب حرب إقليمية شاملة. 

الا أن الحوثيين استمروا في مهاجمة السفن، على الرغم من الضربات المتعددة التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد منشآتهم العسكرية. 

وشنت الجماعة 99 هجومًا في البحر الأحمر والمياه المحيطة به، مما أثر على 15 سفينة تجارية، بما في ذلك أربع سفن أمريكية، منذ أكتوبر/تشرين الأول. 

ويعترف المسؤولون الأمريكيون بأن العمل العسكري وحده لن يكون كافيا لردع الحوثيين، ويعتقدون أن طهران ستحتاج في نهاية المطاف إلى الضغط على الجماعة للحد من أنشطتها.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

واشنطن تعترض شحنة عسكرية صينية لتسليح صواريخ إيران

نفذت قوات العمليات الخاصة الأمريكية عملية بحرية سرية أسفرت عن الاستيلاء على شحنة من المعدات العسكرية كانت فى طريقها من الصين إلى إيران فى خطوة هدفت إلى عرقلة مساعى طهران لإعادة بناء برنامجها للصواريخ الباليستية بعد الخسائر الكبيرة التى لحقت به خلال الحرب التى استمرت 12 يوما مع إسرائيل فى يونيو الماضى.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسئولين أمريكيين قولهم إن عملية الاعتراض جاءت استنادا إلى معلومات استخباراتية دقيقة أفادت بأن الشحنة كانت متجهة إلى شركات إيرانية تعمل على توفير قطع غيار حساسة لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيرانى.
وبحسب التقرير كانت السفينة التى لم يتم الكشف عن اسمها تبحر قبالة سواحل سريلانكا عندما صعد اليها عناصر من القوات الخاصة الأمريكية وصادروا حمولتها والتى وصفها أحد المسئولين بأنها مكونات ذات استخدام مزدوج يمكن توظيفها فى صناعات مدنية أو عسكرية بما فى ذلك الأسلحة التقليدية.
وقال بهنام بن طالبلو مدير ملف إيران فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن الشركات الصينية غالبا ما تزود إيران بمعدات قياس متطورة تستخدم فى تحسين دقة الصواريخ، مشيرا إلى ان هذه المعدات تشمل أجهزة قياس الطيف وأجهزة الجيروسكوب التى تلعب دورا أساسيا فى توجيه الصواريخ بدقة عالية.
وأضاف بن طالبلو أن هذه المكونات تشكل خطرا أكبر من مجرد المواد الكيميائية الأولية، مؤكدا أن تزويد إيران بهذه التقنيات يعزز قدراتها الصاروخية بشكل مباشر.
وأوضحت المصادر ان المعلومات الاستخباراتية التى جمعتها الولايات المتحدة، اشارت بوضوح إلى ان وجهة الشحنة كانت شركات إيرانية متخصصة فى الحصول على قطع غيار ومكونات لبرنامج الصواريخ الباليستية الذى تحاول طهران إعادة بنائه بعد الضربات الإسرائيلية المكثفة.
وتزامنت هذه العملية مع تبنى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب استراتيجية بحرية أكثر تدخلا حيث جاءت قبل أسابيع فقط من قيام الولايات المتحدة يوم الأربعاء باحتجاز ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة سواحل فنزويلا كانت تستخدم لنقل النفط إلى إيران.
وتسعى إيران فى الوقت الراهن لاعادة بناء ترسانتها الصاروخية الباليستية التى تعرضت لدمار واسع بعدما أطلقت إسرائيل نحو 500 صاروخ خلال الحرب التى استمرت 12 يوما فى يونيو فيما تشير تقديرات إلى أن نحو 1000 صاروخ إضافى دمر فى غارات إسرائيلية لاحقة.
وفى الشهر الماضى دعا عضوان ديمقراطيان فى الكونجرس الأمريكى وزير الخارجية ماركو روبيو ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف إلى فتح تحقيق بشأن عدة شحنات من مادة بيركلورات الصوديوم نقلت من الصين إلى إيران.
وأشار راجا كريشنامورثى وجو كورتنى إلى أن هذه المواد الكيميائية يمكن استخدامها فى تصنيع وقود الصواريخ معتبرين أن بكين باتت أكثر جرأة فى مساعدة طهران على إعادة التسلح دون التعرض لعقاب حقيقى.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تعترض شحنة عسكرية صينية لتسليح صواريخ إيران
  • تقرير أمريكي: نفوذ إيران يقف وراء تراجع بغداد عن تصنيف الحوثيين إرهابيين
  • أمريكا تصادر سفينة مغادرة من الصين تحمل معدات عسكرية إلى إيران
  • “الجبهة الشعبية” تدين القرصنة الأمريكية لناقلة النفط الفنزويلية
  • بزشكيان: عازمون على تنفيذ الاتفاقية الشاملة بين إيران وروسيا
  • إيران ترد على منع أمريكا 3 من دبلوماسييها من العمل في نيويورك
  • مفاجأة الحرس الثوري الإيراني: حديد 110.. مسيّرة شبحية فائقة السرعة
  • إيران تطالب بتدخل أممي لتخفيف القيود على دبلوماسييها في نيويورك
  • الكونغرس:تجميد 50%من المساعدات الأمريكية للعراق إلا بعد حل الحشد الشعبي الإيراني الإرهابي
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين لموظفي السفارة الأمريكية في اليمن