إيران تجني ثمار القرصنة الحوثية بمحادثات سرية مع أمريكا في عمان
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
منذ شروعها في تنفيذ عمليات عسكرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر درجت مليشيا الحوثي الإرهابية على تقديم نفسها للرأي العام العربي كجماعة مستقلة بقرارها عن النظام الإيراني، فقد ركز خطابها الموجه على هذه النقطة بالذات، وتجاهل الشارع اليمني الذي يعرفها جيدا، ويدرك تبعيتها وزيف ادعاءاتها.
إلا أن المراقب لسير الأحداث ولتصريحات مسؤولي طهران ومليشيا الحوثي سرعان ما يكتشف الخديعة، فحرب إسرائيل على غزة، التي تدعي الجماعة أنها الدافع الأساسي لتحركها إنما هي شعار، من شعارات كثيرة تجيد أذرع إيران استخدامها وقت الحاجة، يخفي وراءه حقيقة أطماع إيران ورغبتها في السيطرة على المنطقة، ومصالحها التي شرعت في التفاوض بشأنها مع الأمريكان، ما يعني أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ستتوقف، ليس بتوقف حرب غزة كما تقول الجماعة، بل بحصول إيران على صفقة ما تنتظرها.
فقد كشفت صحيفة الفاينايشل تايمز البريطانية في تقرير لها، النقاب عن محادثات سرية أجرتها الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران بداية هذا العام في محاولة لإقناع طهران باستخدام نفوذها على جماعة الحوثي لإنهاء هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر، وفقًا لإفادات مسؤولين أمريكيين وإيرانيين تحدثوا للصحيفة.
وذكر التقرير أن المحادثات جرت في عمان في يناير وكانت الأولى بين الخصمين منذ عشرة أشهر.
حيث ترأس الوفد الأميركي مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومبعوثه الخاص إلى إيران أبرام بالي.
ومثل النظام الإيراني نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كاني، وهو أيضا كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين.
وقالت الصحيفة: إن المسؤولين العمانيين قاموا برحلات مكوكية بين الممثلين الإيرانيين والأمريكيين، إذ لم يتحدثوا بشكل مباشر.
وأشارت إلى أن هذه المحادثات تسلط الضوء على كيفية استخدام إدارة بايدن القنوات الدبلوماسية مع خصمها، إلى جانب الردع العسكري، في محاولة لتهدئة موجة الأعمال العدائية الإقليمية التي تشمل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران والتي اندلعت بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.
ونقلت عن مصدر مطلع على المحادثات أن المسؤولين الأميركيين يعتبرون إنشاء قناة غير مباشرة مع إيران "وسيلة لإثارة مجموعة كاملة من التهديدات الصادرة من إيران". وشمل ذلك نقل "ما يتعين عليهم القيام به من أجل منع صراع أوسع نطاقا، كما يزعمون أنهم يريدون".
وأشارت إلى أنه كان من المقرر إجراء جولة ثانية من المفاوضات بمشاركة مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك في فبراير/شباط، ولكن تم تأجيلها لانشغال المسؤول الأمريكي بجهود التوسط بين إسرائيل وحماس لأجل وقف الحرب في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم الأمم المتحدة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "لدينا العديد من القنوات لتمرير الرسائل إلى إيران". ورفضوا تقديم تفاصيل "بخلاف القول إنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ركزوا جميعا على إثارة مجموعة كاملة من التهديدات الصادرة عن إيران، وحاجة إيران إلى وقف تصعيدها الشامل".
وكانت آخر محادثات معروفة بين الولايات المتحدة وإيران هي ما يسمى بالمحادثات غير المباشرة في مايو الماضي.
واتهم المسؤولون الأمريكيون طهران مرارا وتكرارا بتزويد الحوثيين بطائرات بدون طيار وصواريخ ومعلومات استخباراتية لشن هجماتهم على السفن.
وتعترف إيران بدعمها السياسي للحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن.
وتصر على أن المتمردين يتصرفون بشكل مستقل. "لقد قالت إيران مراراً وتكراراً إن لديها فقط شكلاً من أشكال التأثير الروحي [على المتمردين]. وقال مسؤول إيراني: “إنهم لا يستطيعون إملاء الأوامر على الحوثيين، لكن يمكنهم التفاوض والتحدث”.
الحوثي.. ذراع إيران الأكثر طيشاً
أوقفت إيران نشاط الجماعات التابعة لها في العراق وسوريا، نظرا لأن عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية ألحقت ضررا مباشرا بالحرس الثوري الإيراني الذي لديه تواجد معلن في البلدين العربيين، جعل قادته عرضة للاستهداف بغارات أمريكية وإسرائيلية، بعكس تواجده غير المعلن في اليمن الذي يعطيه أفضلية في المناورة، بالإضافة للاستعداد الذي تبديه جماعة الحوثي للمغامرة ولا مبالاتها بعواقب عملياتها الطائشة ونتائجها على حياة اليمنيين.
ومما أورده تقرير الفاينايشل تايمز أن طهران سعت إلى تخفيف التوترات مع واشنطن منذ أن أدى هجوم بطائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية أمريكية على الحدود الأردنية السورية إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين. وبعد أن تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم، سحبت إيران كبار قادة الحرس الثوري الإيراني من سوريا. وبعد أيام، في 2 فبراير/شباط، نفذت القوات الأمريكية موجة من الهجمات ضد القوات التابعة لإيران في سوريا والعراق. ولم يتم شن أي هجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا منذ 4 فبراير، حيث قال مسؤولون أمريكيون، إن هناك مؤشرات على أن طهران عملت على كبح جماح الميليشيات العراقية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إيراني قوله، إنه عندما زار العميد إسماعيل قاآني، قائد قوة القدس، جناح الحرس الثوري المسؤول عن العمليات الخارجية، بغداد الشهر الماضي، طلب من الميليشيات العراقية “إدارة سلوكها بطريقة لن تسمح لأمريكا التعامل مع إيران”.
وفي حين أن هدف إيران النهائي هو إخراج القوات الأمريكية من العراق وسوريا، فقد أوضحت طهران أنها تريد تجنب صراع مباشر مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، وتجنب حرب إقليمية شاملة.
الا أن الحوثيين استمروا في مهاجمة السفن، على الرغم من الضربات المتعددة التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد منشآتهم العسكرية.
وشنت الجماعة 99 هجومًا في البحر الأحمر والمياه المحيطة به، مما أثر على 15 سفينة تجارية، بما في ذلك أربع سفن أمريكية، منذ أكتوبر/تشرين الأول.
ويعترف المسؤولون الأمريكيون بأن العمل العسكري وحده لن يكون كافيا لردع الحوثيين، ويعتقدون أن طهران ستحتاج في نهاية المطاف إلى الضغط على الجماعة للحد من أنشطتها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
إيران والاتفاق النووي.. احتمالات رفض المقترح الأمريكي وتصعيد المعركة الدبلوماسية
رويترز:
قال دبلوماسي إيراني كبير لرويترز يوم الاثنين إن طهران تعتزم رفض الاقتراح الأمريكي لإنهاء النزاع النووي القائم منذ عقود، ووصفه بأنه “غير قابل للتنفيذ” ولا يراعي مصالحها ولا يتضمن أي تغيير في موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم.
وأبلغ الدبلوماسي الكبير، المقرب من فريق التفاوض الإيراني، رويترز بأن “إيران تُعد ردا سلبيا على المقترح الأمريكي وهو ما يمكن تفسيره على أنه رفض للعرض الأمريكي”.
وقدم وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي لإيران يوم السبت الماضي المقترح الأمريكي لاتفاق نووي جديد خلال زيارة قصيرة لطهران بينما كان يضطلع بدور وساطة في المحادثات النووية بين طهران وواشنطن.
لكن لا تزال العديد من القضايا عالقة بعد خمس جولات من المحادثات بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لحل الأزمة النووية.
ومن بين الخطوط الحمراء التي يختلف الطرفان بشأنها رفض إيران مطلب الولايات المتحدة بالتزام طهران بوقف تخصيب اليورانيوم الذي يُنظر إليه على أنه مسار محتمل لتطوير قنابل نووية.
وتؤكد طهران رغبتها في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، وتنفي منذ فترة طويلة اتهامات القوى الغربية لها بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية.
وقال الدبلوماسي الإيراني الذي طلب عدم كشف هويته لحساسية الأمر “بموجب هذا المقترح، يبقى موقف الولايات المتحدة من التخصيب على الأراضي الإيرانية من دون تغيير ولا يوجد بيان واضح بشأن رفع العقوبات”.
وقال عراقجي إن طهران سترد رسميا على المقترح قريبا. ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق.
وتطالب طهران برفع جميع القيود التي فرضتها الولايات المتحدة وتعيق اقتصادها المعتمد على النفط فورا. لكن واشنطن ترى أنه يجب رفع العقوبات المرتبطة بالملف النووي على مراحل.
وفُرضت عقوبات على عشرات المؤسسات الإيرانية الحيوية بالنسبة للاقتصاد الإيراني ومن بينها البنك المركزي وشركة النفط الوطنية منذ عام 2018 بسبب “دعمها الإرهاب أو نشر الأسلحة” حسبما تقول واشنطن.
وشمل إحياء ترامب حملة “أقصى الضغوط” على طهران منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني تشديد العقوبات والتهديد بقصف إيران إذا لم تُفض المفاوضات الحالية إلى اتفاق.
وانسحب ترامب في عام 2018، خلال ولايته الأولى، من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران في 2015 مع ست قوى عالمية وعاود فرض عقوبات أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل. في المقابل، سرعان ما انتهكت طهران القيود التي فرضها الاتفاق النووي الموقع في 2015 على برنامجها النووي.
وألزم اتفاق 2015 إيران باتخاذ خطوات لتقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وقال الدبلوماسي إن التقييم الذي أجرته “لجنة المفاوضات النووية الإيرانية”، تحت إشراف الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، وجد أن الاقتراح الأمريكي “منحاز تماما” ولا يخدم مصالح طهران.
وأضاف الدبلوماسي الإيراني أنه لذلك تعتبر طهران هذا المقترح “غير قابل للتنفيذ” وتعتقد أنه يحاول الانفراد بفرض “اتفاق سيئ” على إيران من خلال مطالب مبالغ فيها.
*الأزمة النووية تزيد توتر الشرق الأوسط
والمخاطر كبيرة لكلا الجانبين. فترامب يريد الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي قد يؤجج سباق تسلح نووي إقليمي وربما يهدد إسرائيل. أما المؤسسة الدينية في إيران فترغب في التخلص من العقوبات المدمرة.
وتقول إيران إنها مستعدة لقبول بعض القيود على التخصيب لكنها تريد ضمانات محكمة بأن واشنطن لن تتراجع عن أي اتفاق نووي مُستقبلي.
وصرح مسؤولان إيرانيان لرويترز الأسبوع الماضي بأن إيران قد توقف تخصيب اليورانيوم إذا أفرجت الولايات المتحدة عن الأموال الإيرانية المجمدة واعترفت بحق طهران في تخصيب اليورانيوم للاستخدام المدني بموجب “اتفاق سياسي” قد يُفضي إلى اتفاق نووي أوسع.
وترى إسرائيل، عدو إيران اللدود، أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديدا وجوديا وتؤكد أنها لن تسمح أبدا لطهران بحيازة أسلحة نووية.
وقال عراقجي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري بالقاهرة “لا أعتقد أن إسرائيل سترتكب خطأ مثل مهاجمة إيران”.
في غضون ذلك، تضاءل نفوذ طهران الإقليمي نتيجة الانتكاسات العسكرية التي لحقت بقواتها وقوات حلفائها في “محور المقاومة” ذي الأغلبية الشيعية الذي يضم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وجماعة حزب الله اللبنانية والحوثيين في اليمن وفصائل مسلحة عراقية.
ووجه وزير الدفاع السعودي في أبريل نيسان رسالة صريحة إلى المسؤولين الإيرانيين لأخد عرض ترامب بالتوصل إلى اتفاق جديد على محمل الجد باعتباره وسيلة لتجنب خطر الحرب مع إسرائيل.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق عربي ودوليقيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...
من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...
It is so. It cannot be otherwise....
It is so. It cannot be otherwise....