قال الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: ينبغي للمسلم في رمضان أن يطهر نفسه بالتوبة إلى الله تعالى، لينال الجائزة الكبرى والمغفرة لذنوبه وألا ينفق وقته وعمله في غير طاعة الله حتى لا يرغم أنفه ويخسر المغفرة، وعلى من أراد التقرب إلى الله عليه أن يسارع بالتخلص من التبعات برد حقوق العباد واستغفار الله عز وجل والندم على ما فات من تقصير في حقه عز وجل.

مفتي الجمهورية يشارك في مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" بمكة المكرمة مفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف فندقًا بالعاصمة الصومالية مقديشو

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن الذنب الذي تكون منه التوبة لا يخلو إمَّا: أن يكون حقًّا لله، أو للآدميين، فإن كان حقًّا لله؛ كترك الصلاة مثلًا، فإن التوبة لا تصحُّ منه حتى يجتهد قدر طاقته في قضاء ما فات منها، وهكذا إن كان ما ترك صومًا، أو تفريطًا في الزكاة، وأمَّا إن كان الذنب من مظالم العباد فلا تصحُّ التوبة منه إلا بردِّه إلى صاحبه، إن كان قادرًا عليه، فإن لم يكن قادرًا فيجب أن يعزم على أدائه وقت القدرة عليه، وأن يكون ذلك في أسرع وقت.

وناشد المفتي الجميع بالاستجابة لنداءات الله عزَّ وجلَّ المتكررة بالتوبة والإنابة له سبحانه، وبرغم أن الباب في كلِّ الأوقات يظلُّ مفتوحًا، فإن مواسم الخير تأتي وكأنها دعوةٌ أخرى، تجدِّد الأملَ أمام العبد في رحمة مولاه، وفي قبوله سبحانه لتوبة التائبين؛ فيشدِّد على أنه هو مَن يتقبَّل توبتهم: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ [الشورى: 25]، بل ينادي عباده من شدَّة حرصه على قربهم منه يطلب منهم التوبة من الذنوب فيقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [النور: 31]، ثم يعلمهم بأنَّ هذه التوبة يجب أن تكون توبةً خالصةً، أسماها سبحانه "نصوحًا" فيقول لهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: 8].

شروط التوبة

وعن شروط التوبة قال: إنَّ العلماء قد حددوها في أربعة: الندم بالقلب، وترك المعصية في الحال، والعزم على ألا يعود إلى مثلها، وأن يكون ذلك حياءً من الله تعالى، لا من غيره، فإذا اختلَّ شرط من هذه الشروط لم تصحَّ التوبة"، وقد أضاف بعض العلماء أن من شروط التوبة الاعترافَ بالذنب وكثرةَ الاستغفار.

هل يجوز استخدام الإكراه والإجبار كي يؤدي الأبناء الصلاة

وردًّا على سؤال يسأل هل يجوز استخدام الإكراه والإجبار كي يؤدي الأبناء الصلاة، قال على رَبِّ الأسرة النصحُ لمن هُم تحت رعايته من الزوجة والأولاد وغيرهم بالمحافظة على الصلاة، واتخاذ كافة الوسائل المعنوية المشروعة في حثِّهم عليها، فإن أصرّوا على تركها فلا يلحقه من ذلك إثمٌ، مع مراعاة المداومة على النُّصح والإرشاد، والدعاء لهم بصلاح الحال.

وأما الضَّربُ الوارد في الحديث النبوي الشريف؛ كصورةٍ من صور التأديب على التهاون في أداء الصلاة، فالمراد به: الخفيف غير المبرح الذي يكون من جنس الضرب بالسواك ونحوه مما لا يُعَدُّ أصالةً للضرب والإيلام؛ لأن المقصود من ذلك هو التربية والتأديب النفسي بإظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن التقصير في امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بإقام الصلاة، واللجوء إليه ليس بواجبٍ، وإنما هو مندوبٌ إليه في حقِّ الولد المميِّز إذا تعيَّن وسيلةً لتأديبه، بخلاف الزوجة والولد البالغ والصغير غير المميِّز؛ فلا يجوز ضربهم على ترك الصلاة.

حكم من أكل أو شرب ناسيًا

وردًّا على سؤال ما حكم من أكل أو شرب ناسيًا قال: ما نفتي به هو مَن أفطر ناسيًا في صوم فَرضٍ أو نَفْلٍ فليتم صومه، ولا قضاء عليه ولا كفارة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، فإن قَدَرَ على قضاء هذا اليوم فهو أَكْمَل وأَوْلَى خروجًا مِن الخلاف.

وتابع: ومِن كمال رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أنَّه تجاوز عن مؤاخذتهم بسبب الخطأ والنسيان؛ إذ النسيان أمرٌ جُبلت عليه طبائع البشر، فرَفَع عنهم إِثْم ما ارتكبوه نسيانًا، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك".

حكم عقوق الوالدين

الدكتور شوقي علام - مفتي الحمهورية

وردًّا على سؤال عن حكم عقوق الوالدين حتى في رمضان قال إننا نحتاج إلى وقفة صادقة في شهر رمضان لنعيد حساباتنا في مسألة صلة الأرحام، ونحتاج وقفة شجاعة لترتيب الأوراق لإنهاء الخصام والقطيعة، وعلينا الاستفادة من نفحات هذا الشهر الكريم لنعالج أي جفاء أو قطيعة موجودة.

كما أن الشرع حرص على صِلَةِ الأرحام على وجه العموم؛ فقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾» (متفقٌ عليه).

وأشار إلى أن الله تعالى -وكذلك رسولُه صلى الله عليه وآله وسلم- أوجب بِرَّ الوالدين والإحسانَ إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24]، بل قَرَنَ ذلك بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36]، كما قرن الشكر لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: 14]، وأكَّد سبحانه وتعالى على برِّ الوالدين حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، ولَمَّا امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14]، وإنما لَم يأمر الوالدين بمِثل ذلك للاستغناء بالطبع عن الشرع؛ فعلاقة الوالدين بولدهما هي علاقة طَبَعِيَّة جُبِلَت عليها الفطرة السوية.

واختتم بالرد على سؤال عن حكم الإجهاض لأن لديها ولدين ولا تريد الثالث ولذا قامت بإجهاضه، قائلًا إن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأي حال من الأحوال بعد نفخ الروح في الجنين إلا بمبرر مشروع؛ وهو التقرير الطبي المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم، وعلى السائلة أن تتوب إلى الله.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء التوبة صدى البلد شوقي علام صلى الله علیه وآله وسلم مفتی الجمهوریة سبحانه وتعالى قال تعالى على سؤال إن کان ناسی ا

إقرأ أيضاً:

حكم الجمع بين صيام أيام عليا من رمضان والعشر من ذى الحجة؟

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وصيام أيام قضاء رمضان.

وأضافت دار الإفتاء، فى اجابتها عن سؤال «هل يجوز الجمع بين النيتين بين صيام العشر الأوائل من ذى الحجة بالإضافة لأيام الكفارة؟»، أنه عندما يصوم الإنسان أيام القضاء منفردة يأخذ ثوابها وعندما يصوم النوافل منفردة يأخذ ثوابها فكثرة الأعمال تعطى أجرًا أكثر.

حكم الجمع بين صيام أيام عليا من رمضان والعشر من ذى الحجة؟ 

وأوضح أن العلماء قالوا إن السُنة تدخل تحت الفرض فقالوا يجوز إندراج صوم يوم عرفة أو الست من شوال مع ما تصومه مما عليك من قضاء فصوم ما عليك من قضاء لك أجر فيه وصوم يوم عرفة لك أجر فيه أيضًا، ولكن الذى يصوم كل شيء منفردًا عن غيره يأخذ الأجرين ولكن تعب يومين.

14 كلمة تعينك على الطاعة في العشر الأول من ذي الحجةهل صام النبي العشر الأوائل من ذي الحجة؟.. الإفتاء تجيب

وأشار الى أنه يجوز إدخال صيام يوم عرفة أو التسع الأوائل من ذى الحجة أو أى صوم نافلة مع أيام القضاء التى تقضيها.

هل يجوز صوم العشر من ذي الحجة قبل قضاء أيام من رمضان؟

 صيام العشر من ذي الحجة من أفضل الأيام، وأعظمها عند الله وفضل العبادة فيها عظيم، وجاء في فضل قيامها ما رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر.

واستحب أهل العلم صيام الأيام التسعة من ذي الحجة، لما ورد في مسند أحمد وسنن النسائي عن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة، والمراد التسعة الأولى من ذي الحجة، إذ يحرم صوم يوم النحر اتفاقًا، وهذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم كالألباني والأرناؤوط ولكن الاستدلال به مع ذلك يظل سائغًا، ويتسأل الكثير من الذين عليه أيام من رمضان هل يجوز صوم العشر من ذي الحجة قبل قضاء أيام من رمضان؟.

واختلف العلماء في حكم صيام التطّوع قبل القضاء، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه " لا يصح التطوع قبل القضاء، وعللوا : أن النافلة لا تؤدى قبل الفريضة، وذهب البعض الأخر إلى جواز ذلك ما لم يضق الوقت، وقالوا : ما دام الوقت موسّعاً فإنه يجوز أن يتنفّل، كما لو تنفّل قبل أن يصلي، فمثلاً الظهر يدخل وقتها من الزوال وينتهي إذا صار ظل كلّ شيء مثله ، فله أن يؤخّرها إلى آخر الوقت ، وفي هذه المدّة يجوز له أن يتنفّل ، لأن الوقت موسّع، والأفضل أن يجمع بين قضاء النافلة وقضاء رمضان .

طباعة شارك هل يجوز صوم العشر من ذي الحجة قبل قضاء أيام من رمضان صيام العشر من ذي الحجة حكم الجمع بين صيام أيام عليا من رمضان والعشر من ذى الحجة

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يكرم حفظة القرآن الكريم بمحافظة الشرقية.. صور
  • مفتى الجمهورية يشهد حفل تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية أم الزين بالشرقية
  • مفتي الجمهورية ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الرحمة بقرية أم الزين
  • مفتي الجمهورية: مستمرون في مواكبة التحديات الفكرية والمجتمعية المعاصرة
  • مفتي المملكة: الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة
  • محافظ الشرقية يبحث مع مفتي الجمهورية عددا من الملفات الهامة
  • مفتي الجمهورية: استخدام «واقي الشمس» أثناء الإحرام جائز بشرط خلوه من العطر
  • حكم الجمع بين صيام أيام عليا من رمضان والعشر من ذى الحجة؟
  • السيد القائد: الشروح لمفردة (الرشد) في المعاجم اللغوية جميعها تدخل تحتها.. وما تدل عليه أن تكون مصيباً للصواب
  • مفتي المملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج واتباع السنة