الحملات الانتخابية في السنغال تركز على إنعاش اقتصاد البلاد
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
تمثل التحديات الاقتصادية العقدة الأهم أمام الرئيس المستقبلي للسنغال، في دولة يتبوأ اقتصادها المرتبة الرابعة في غرب أفريقيا.
ورغم وجود هامش ضيق زمنيا للحملات الانتخابية، بسبب الاضطرابات التي رافقت قرار تأجيلها ثم العودة عن التأجيل بقرار قضائي، فإن كلا الطرفين، الائتلاف الحاكم والمعارضة، لعبا على وتر البطالة ومصادر الثروة والتضخم وانخفاض العملة، لاستقطاب أصوات الناخبين.
وضعت إدارة الرئيس مكي سال رؤية إنمائية "خطة السنغال الناشئة". تستند الخطة على مراحل متوسطة وطويلة الأمد تنتهي بحلول عام 2035، وترتكز على إحداث تحول هيكلي في الاقتصاد بتعزيز محركات النمو من استيراد وتصدير وتوسيع سوق العمل، إضافة لتعزيز رأس المال البشري بتحسين الظروف المعيشية وتحقيق المساواة الاجتماعية وترسيخ الحكم الرشيد وسيادة القانون وتمتين الأمن والاستقرار وحماية الحقوق والحريات.
معوقات تكبح الاقتصادولعبت عوامل عدة في تأخير تطبيق إستراتيجية مكي سال، ابتداء من جائحة كورونا التي رفعت معدلات البطالة، وخفضت النمو لمستويات قياسية. سجل بعدها الاقتصاد تعافيا وصفه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي "بالمذهل"، لتأتي الحرب الروسية على أوكرانيا وتحبط الصعود. رغم ذلك، تلعب المؤشرات لصالح السنغال، حيث يقول صندوق النقد، إن اقتصادها يتمتع "بآفاق قوية مستندا على قطاعي النفط والغاز".
توشك السنغال على الانضمام لكبرى الدول المنتجة والمصدر للغاز الطبيعي، وأدرجت الحكومة ضمن توقعاتها للاقتصاد إنتاج قرابة 100 ألف برميل نفط يوميا من حقل سنغومار عبر شركة وودسايد الأسترالية، مدعوما بوحدة تخزين وتفريغ إنتاج عائمة تحمل اسم أول رئيس للبلاد ليوبولد سيدار سنغور، التي ترسو قبالة شواطئ دكار على بعد نحو 100 كيلومتر.
كما تتوقع الحكومة إنتاجا سنويا من الغاز يقدر بنحو 2.5 مليون طن، رغم اضطراب في العقود، حيث خرجت "بي بي" البريطانية من السوق بسبب خلاف مع الحكومة حول استخدامات الإنتاج من حقل ياكار ترانيغا. وأرجع وزير النفط والطاقة السنغالي الخلاف إلى سعي الشركة لتصدير الغاز على خلاف رغبة الحكومة باستخدامه محليا لتشغيل محطات الطاقة.
البطالة وسوق العمللكن المصاعب الأكثر دقة لا تنحصر بمؤشرات الاقتصاد الكلي، إذ تعد البطالة واحدة من أكثر القضايا إلحاحا، بمعدل وصل لنحو 19.5% في الربع الثالث من العام الماضي، بحسب أرقام رسمية، ويعيش قرابة 40% من السكان في المناطق الريفية حيث يبلغ معدل الفقر 57.3%، وهو ضعف العدد في المدن لاسيما العاصمة، بحسب إحصائيات عام 2019.
الهجرة غير الشرعيةأدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين من السنغاليين عبر الأطلسي بنحو الضعف العام الماضي مقارنة بعام 2022. تأتي هذه الزيادة رغم وجود إستراتيجية وطنية للحد منها.
وأعلن المرشح الحالي أمادو با مبادرة ترتكز على إستراتيجيتها على توفير حوافز لبقاء الشباب، وضبط إدارة الحدود، وملاحقة مهربي البشر وتسهيل عودة المهاجرين غير النظاميين وإعادة إدماجهم.
كانت أولى استجابات الحكومة للأزمة المعيشية، رفع أجور القطاع العام بنحو 20% والقطاع الخاص بـ10%. لكن التضخم وغلاء الأسعار ونقص إمدادات الغذاء، عوامل أسهمت في تآكل الزيادات على الأجور دون أن يحقق المواطن فائدة مباشرة، فارتفعت أسعار المواد الغذائية وانخفضت مستويات الاستيراد، بموازاة ركود عالمي شهدته حتى أقوى الاقتصادات الصناعية، في أوروبا وآسيا على حد سواء.
الاقتراضرغم الواقع الصعب، يقدر صندوق النقد أن النمو الاقتصادي في السنغال سيستقر بحلول العام المقبل عند 7.4%، شرط تنفيذ ما سماها "إصلاحات هيكلية ثابتة" والتي ترتكز على ضبط المالية العامة بزيادة الإيرادات والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، وترشيد إنفاق القطاع العام. وقدم الصندوق قرضا بقيمة 1.5 مليار دولار للسنغال لإسناده في إعادة هيكلة الاقتصاد.
وتربط المؤسسات النقدية الدولية ارتفاع معدلات النمو بزيادة حجم الاستثمار في القطاع الخاص، لكن مؤشرات توسعة الأعمال لا تتجه نحو الاقتراض، خشية تأخر السداد، بالدرجة الأولى بحسب دراسة لمنظمة "سي غاب". وتقدر المنظمة أن 17% من الشركات في القطاع الرسمي تتلقى تمويلا من البنوك التجارية، مقارنة بنسبة لا تتجاوز 6% للمؤسسات الخاصة.
العزوف عن الدخول في هيكلية النظام المصرفي لا يقتصر على الشركات الخاصة، حيث تقدر منظمة "سي غاب" وفق استطلاع ميداني أن 36% من السنغاليين يدخرون بشكل غير منتظم وحوالي 16% يدخرون كل شهرين، لكن الفئتين تدخر خارج المصارف. وتعزو المنظمة ذلك للنظام المصرفي المعقد إضافة لكون غالبية السكان من المسلمين الذين يرفضون نظام الفوائد المصرفية.
ومن نقطة السياسة النقدية، يطلق زعيم الائتلاف المعارض عثمان سونوكو وعده بالسعي لإصلاح عملة الاتحاد النقدي لدول غرب أفريقيا، أو البحث عن بدائل.
حاول سونوكو في وعده التخفيف من كلام المرشح باسيرو ديوماي فاي، الذي يرى أن استعادة السيادة النقدية هي المدخل للسيادة السياسية، ويقصد بذلك الفرنك الأفريقي الذي يعد انعكاسا للنفوذ الفرنسي.
أما مرشح الائتلاف الحاكم الأبرز، أمادو با، فاقترب في حملته الانتخابية من اقتصاد الأفراد. فمع تسجيل التضخم مستويات تذبذب ما بين حاجزي 5% و9%، يعد أمادو با بالعمل على تحقيق "الرخاء المشترك"، مستمدا بذلك بعض ملامح إستراتيجية سال الإنمائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات
إقرأ أيضاً:
ارتفاع الأعمال المعادية للمسلمين في فرنسا بـ 75%
أعلنت السلطات الفرنسية اليوم الخميس أن الأعمال المعادية للمسلمين المسجلة حتى منتصف 2025 زادت بنسبة 75% مقارنة بالعام السابق، مع تضاعف الهجمات على الأفراد 3 مرات.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزارة الداخلية قولها إن 145 عملا معاديا للمسلمين تم تسجيلها في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، مقارنة بـ83 خلال الفترة نفسها من عام 2024.
وارتفع عدد الاعتداءات على الأفراد بنسبة 209% ليصل إلى 99 إجمالا، مقارنة بـ32 اعتداء خلال الفترة نفسها من العام 2024، وهي "تمثل أكثر من ثلثي الأعمال المعادية للمسلمين"، بحسب المصدر نفسه.
وفي نهاية أبريل/نيسان الماضي قُتل شاب مالي يدعى أبو بكر في مسجد بجنوب فرنسا، وهذا أثار غضبا شديدا في البلاد.
ويشكل المسلمون ما يقرب من 9% من سكان فرنسا التي تضم أيضا أكبر جالية يهودية في أوروبا، حيث يبلغ عدد اليهود حوالي 500 ألف نسمة.
وفي الفترة نفسها، تم تسجيل ما مجموعه 504 أعمال "معادية للسامية"، مقارنة بـ662 خلال الفترة نفسها من العام 2024، بانخفاض بنسبة 24%، في حين تم تسجيل 322 عملا معاديا للمسيحيين في عام 2025، مقارنة بـ284 عملا خلال الفترة نفسها من العام 2024، بزيادة قدرها 13%، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
ومطلع الشهر الماضي، سلّط تقرير لمجلة "جاكوبين" الأميركية الضوء على تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا، وما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة تطال الجالية المسلمة في البلاد.
واستند التقرير إلى نتائج وردت في كتاب بعنوان "فرنسا تحبها ولكنك تغادرها"، من تأليف 3 كُتّاب هم: أوليفييه إستيف، وأليس بيكار، وجوليان تالبان، ويسلط الضوء على أجواء العداء المتزايدة ضد المسلمين، والتي دفعت آلاف المسلمين الفرنسيين إلى الهجرة.
ويقدر المؤلفون أن نحو 200 ألف مسلم فرنسي معظمهم من ذوي المؤهلات التعليمية العالية، قد غادروا البلاد إلى ما سماها دولا متعددة الثقافات مثل بريطانيا وكندا.
إعلانواتهم التقرير قادة سياسيين فرنسيين بلعب دور في تفاقم الإسلاموفوبيا، إذ أقدمت السلطات في ظل رئاسة إيمانويل ماكرون على حل منظمات مناهضة للإسلاموفوبيا، وسنت سياسات تستهدف المسلمين بذريعة محاربة "الانعزالية المجتمعية".
وفي مايو/أيار الماضي شدد آلاف المتظاهرين في باريس على وجوب أن تكون محاربة الإسلاموفوبيا في قلب أي سياسة مناهضة للعنصرية تنتهجها الدولة، مستنكرين حل الجماعات المناهضة للإسلاموفوبيا في البلاد، كما نددوا باستمرار بعض وسائل الإعلام في تشويه الإسلام والمسلمين لغايات سياسية وأيديولوجية.