تمثل التحديات الاقتصادية العقدة الأهم أمام الرئيس المستقبلي للسنغال، في دولة يتبوأ اقتصادها المرتبة الرابعة في غرب أفريقيا.

ورغم وجود هامش ضيق زمنيا للحملات الانتخابية، بسبب الاضطرابات التي رافقت قرار تأجيلها ثم العودة عن التأجيل بقرار قضائي، فإن كلا الطرفين، الائتلاف الحاكم والمعارضة، لعبا على وتر البطالة ومصادر الثروة والتضخم وانخفاض العملة، لاستقطاب أصوات الناخبين.

وضعت إدارة الرئيس مكي سال رؤية إنمائية "خطة السنغال الناشئة". تستند الخطة على مراحل متوسطة وطويلة الأمد تنتهي بحلول عام 2035، وترتكز على إحداث تحول هيكلي في الاقتصاد بتعزيز محركات النمو من استيراد وتصدير وتوسيع سوق العمل، إضافة لتعزيز رأس المال البشري بتحسين الظروف المعيشية وتحقيق المساواة الاجتماعية وترسيخ الحكم الرشيد وسيادة القانون وتمتين الأمن والاستقرار وحماية الحقوق والحريات.

معوقات تكبح الاقتصاد

ولعبت عوامل عدة في تأخير تطبيق إستراتيجية مكي سال، ابتداء من جائحة كورونا التي رفعت معدلات البطالة، وخفضت النمو لمستويات قياسية. سجل بعدها الاقتصاد تعافيا وصفه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي "بالمذهل"، لتأتي الحرب الروسية على أوكرانيا وتحبط الصعود. رغم ذلك، تلعب المؤشرات لصالح السنغال، حيث يقول صندوق النقد، إن اقتصادها يتمتع "بآفاق قوية مستندا على قطاعي النفط والغاز".

إعلان انتخابي للمرشح الرئاسي أمادو با في أحد شوارع دكار (الفرنسية) النفط والغاز

توشك السنغال على الانضمام لكبرى الدول المنتجة والمصدر للغاز الطبيعي، وأدرجت الحكومة ضمن توقعاتها للاقتصاد إنتاج قرابة 100 ألف برميل نفط يوميا من حقل سنغومار عبر شركة وودسايد الأسترالية، مدعوما بوحدة تخزين وتفريغ إنتاج عائمة تحمل اسم أول رئيس للبلاد ليوبولد سيدار سنغور، التي ترسو قبالة شواطئ دكار على بعد نحو 100 كيلومتر.

كما تتوقع الحكومة إنتاجا سنويا من الغاز يقدر بنحو 2.5 مليون طن، رغم اضطراب في العقود، حيث خرجت "بي بي" البريطانية من السوق بسبب خلاف مع الحكومة حول استخدامات الإنتاج من حقل ياكار ترانيغا. وأرجع وزير النفط والطاقة السنغالي الخلاف إلى سعي الشركة لتصدير الغاز على خلاف رغبة الحكومة باستخدامه محليا لتشغيل محطات الطاقة.

البطالة وسوق العمل

لكن المصاعب الأكثر دقة لا تنحصر بمؤشرات الاقتصاد الكلي، إذ تعد البطالة واحدة من أكثر القضايا إلحاحا، بمعدل وصل لنحو 19.5% في الربع الثالث من العام الماضي، بحسب أرقام رسمية، ويعيش قرابة 40% من السكان في المناطق الريفية حيث يبلغ معدل الفقر 57.3%، وهو ضعف العدد في المدن لاسيما العاصمة، بحسب إحصائيات عام 2019.

الهجرة غير الشرعية

أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين من السنغاليين عبر الأطلسي بنحو الضعف العام الماضي مقارنة بعام 2022. تأتي هذه الزيادة رغم وجود إستراتيجية وطنية للحد منها.

وأعلن المرشح الحالي أمادو با مبادرة ترتكز على إستراتيجيتها على توفير حوافز لبقاء الشباب، وضبط إدارة الحدود، وملاحقة مهربي البشر وتسهيل عودة المهاجرين غير النظاميين وإعادة إدماجهم.

أحد أسواق دكار الذي يعكس حالة متواضعة لحياة السكان (الجزيرة) تحسين الأجور

كانت أولى استجابات الحكومة للأزمة المعيشية، رفع أجور القطاع العام بنحو 20% والقطاع الخاص بـ10%. لكن التضخم وغلاء الأسعار ونقص إمدادات الغذاء، عوامل أسهمت في تآكل الزيادات على الأجور دون أن يحقق المواطن فائدة مباشرة، فارتفعت أسعار المواد الغذائية وانخفضت مستويات الاستيراد، بموازاة ركود عالمي شهدته حتى أقوى الاقتصادات الصناعية، في أوروبا وآسيا على حد سواء.

الاقتراض

رغم الواقع الصعب، يقدر صندوق النقد أن النمو الاقتصادي في السنغال سيستقر بحلول العام المقبل عند 7.4%، شرط تنفيذ ما سماها "إصلاحات هيكلية ثابتة" والتي ترتكز على ضبط المالية العامة بزيادة الإيرادات والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، وترشيد إنفاق القطاع العام. وقدم الصندوق قرضا بقيمة 1.5 مليار دولار للسنغال لإسناده في إعادة هيكلة الاقتصاد.

وتربط المؤسسات النقدية الدولية ارتفاع معدلات النمو بزيادة حجم الاستثمار في القطاع الخاص، لكن مؤشرات توسعة الأعمال لا تتجه نحو الاقتراض، خشية تأخر السداد، بالدرجة الأولى بحسب دراسة لمنظمة "سي غاب". وتقدر المنظمة أن 17% من الشركات في القطاع الرسمي تتلقى تمويلا من البنوك التجارية، مقارنة بنسبة لا تتجاوز 6% للمؤسسات الخاصة.

العزوف عن الدخول في هيكلية النظام المصرفي لا يقتصر على الشركات الخاصة، حيث تقدر منظمة "سي غاب" وفق استطلاع ميداني أن 36% من السنغاليين يدخرون بشكل غير منتظم وحوالي 16% يدخرون كل شهرين، لكن الفئتين تدخر خارج المصارف. وتعزو المنظمة ذلك للنظام المصرفي المعقد إضافة لكون غالبية السكان من المسلمين الذين يرفضون نظام الفوائد المصرفية.

صندوق النقد يقدر أن النمو في السنغال سيستقر بحلول العام المقبل عند 7.4% (الفرنسية) برامج المعارضة والائتلاف الحاكم

ومن نقطة السياسة النقدية، يطلق زعيم الائتلاف المعارض عثمان سونوكو وعده بالسعي لإصلاح عملة الاتحاد النقدي لدول غرب أفريقيا، أو البحث عن بدائل.

حاول سونوكو في وعده التخفيف من كلام المرشح باسيرو ديوماي فاي، الذي يرى أن استعادة السيادة النقدية هي المدخل للسيادة السياسية، ويقصد بذلك الفرنك الأفريقي الذي يعد انعكاسا للنفوذ الفرنسي.

أما مرشح الائتلاف الحاكم الأبرز، أمادو با، فاقترب في حملته الانتخابية من اقتصاد الأفراد. فمع تسجيل التضخم مستويات تذبذب ما بين حاجزي 5% و9%، يعد أمادو با بالعمل على تحقيق "الرخاء المشترك"، مستمدا بذلك بعض ملامح إستراتيجية سال الإنمائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات

إقرأ أيضاً:

مايقارب (2) مليار دولار ستضيع على الخزينه هذا العام

صراحة نيوز ـ د.أيمن العدينات .

في التقرير الاقتصادي لمؤسسة إيرنست اند يونغ قدرت المؤسسة ان يشكل اقتصاد الظل (Shadow Economy) ما يقارب (18.3%) من قيمة الناتج المحلي الاجمالي للأردن لعام 2025 .

وبما ان حجم الناتج المحلي الاجمالي المقدر للأردن يتوقع ان يبلغ حوالي(56) مليار دولار في عام 2025 فهذا معناه ان حجم اقتصاد الظل في الاردن سيبلغ حوالي (10) مليار دولار .

وكون ان اقتصاد الظل يعرف بانه مجموع الانشطه الاقتصاديه التي لا تدخل ضمن الحسابات الرسميه للدوله او مجموع الايرادات الضريبيه التي لا تدخل رسميا لخزينة الدوله .

وباحتساب حجم الايرادات الضريبيه التي ستحرم منها الخزينه وبما ان نسبة الايرادات الضريبيه تشكل حوالي (20%) من الناتج المحلي الاجمالي فهذا معناه ان حوالي (2) مليار دولار ستضيع على الاقتصاد الوطني في عام 2025 .ولت تدخل خزينة الدوله .

اما عن ابرز الاسباب لظهور اقتصاد الظل فيمكن ان تعزى إلى ضعف الرقابه الحكوميه على الانشطه الاقتصاديه واحيانا الفساد وارتفاع نسبة الضريبه وصعوبة الاجراءات والقوانين التي تحكم الضريبه وجمعها وتوريدها .

واما ابرز الحلول فتكمن في زيادة الرقابه الحكوميه ومنع التهرب الضريبي وتغليظ العقوبات عليه وتبسيط نسب الضريبه بما يناسب هذا القطاع وتشجيع الأعمال للانضمام للاقتصاد الرسمي .

في الختام فان هناك فرصه مواتيه لتحويل الاقتصاد غير الرسمي ليكون رسميا مما سينعكس ايجابا على ايرادات الخزينه وتقليل عجز الموازنه وايضاً حماية لحقوق العاملين في اقتصاد الضل من خلال ضمان استدامة أعمالهم وشمولهم بالضمان الاجتماعي وتحسين نوعية حياتهم وتفاديا للمشكلات الاجتماعيه والاقتصاديه الخطيره التي ترافق اقتصاديات الظل وأبرزها نشاطات المخدرات وغيرها . ‏ ‏

مقالات مشابهة

  • في غياب الحويج المستقيل.. وزارة اقتصاد الدبيبة تستأنف عملها 
  • الأمم المتحدة تتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بسبب التوترات التجارية
  • الحكومة تعد استراتيجيات مستدامة للتكامل الاستثماري والتجاري مع الدول الأفريقية
  • مايقارب (2) مليار دولار ستضيع على الخزينه هذا العام
  • قيادي بـ«مستقبل وطن»: تراجع البطالة لـ6.3% إنجاز يعكس جدية الدولة في بناء اقتصاد وطني
  • وزير الاقتصاد السوري للجزيرة نت: انفراجة تدريجية في اقتصاد البلاد بعد رفع العقوبات
  • التعبئة والاحصاء: معدل البطالة 6.3٪ خلال الربع الأول لعام 2025
  • البنك الأوروبي يتوقع نمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% بنهاية يونيو المقبل و4.4% في العام المالي 2025/2026
  • الحكومة تستهدف خفض معدل النمو السكاني إلى 1.4% بحلول 2028
  • الاقتصاد البريطاني ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع