مال ورمضان.. كيف تبني ثروة وفق المبادئ الإسلامية؟
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
يختلف الإسلام في طريقة تعامله مع المال عن غيره، فالمال مال الله والإنسان مستخلَف فيه، وبذلك فالمسلم مسؤول عن هذا المال، كسبا وإنفاقا، أمام الله في الآخرة، وأمام الناس في الدنيا.
فلا يجوز أن يكتسب المال من معصية أو ينفقه في حرام، ولا فيما يضر الناس. والمال أداة للقياس ووسيلة للتبادل التجاري، وليس سلعة من السلع.
من هذا المفهوم للمال جاء الاقتصاد الإسلامي، وهو مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي تحكم النشاط الاقتصادي للدولة الإسلامية والتي وردت في نصوص القرآن والسنة النبوية، والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان.
ويعالج الاقتصاد الإسلامي مشاكل المجتمع الاقتصادية وفق المنظور الإسلامي للحياة.
الملكية في الإسلام محددة بضوابط معينة، وأهمها أن المالك الحقيقي هو الله والإنسان مستخلف في هذا الملك، قال الله تعالى: (وإِذْ قالَ ربُّك لِلملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفةً)، وقال أيضا: (آمِنوا باللَّهِ ورسولهِ وأَنفقوا ممّا جعلَكُم مسْتَخلَفينَ فيه).
وهي نصوص دالة على أن أصل الملك هو لله سبحانه وتعالى، وأن العباد لهم حق التصرف الذي يرضى الله منهم، فهم مجرد نواب ومستخلفين فيما يملكون.
وتوضح أستاذة الاقتصاد والمصارف الإسلامية الدكتورة هناء محمد الحنيطي هذه النقطة قائلة إن "الأموال التي في أيديكم (الناس) إنما هي أموال الله، وجعلكم خلفاء في التصرف فيها لعمارة الأرض وتنمية الأموال، وذلك من خلال الإيمان بأن الله سخّر ما في الكون لخدمة الإنسان ولمزاولة نشاطه الاقتصادي، أي أن المخلوقات البشرية مسخرة بعضها لبعض لتحقيق نظام اجتماعي متعاون ومنظم، يقول الله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات، ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، ورحمة ربك خير مما يجمعون).
والاستخلاف ليس مطلقا، بل محددا بقواعد وأصول بيّنتها الشريعة ووضعت لها القيود والضوابط في المدى والكيفية، وقد جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم عن الأمور الأربعة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة ومنها "عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه". وهذا يقودنا للحديث عن مفهوم الثروة في الإسلام.
تكمن فلسفة الإسلام للثروة في أن الثروة ليس غاية بل هي وسيلة، وفي أن الثروة ليست الهدف، بل هي طريق نحو شيء أسمى وهو رضا الله في الدنيا والآخرة، ومن هنا جاءت مبادئ أساسية في الإسلام مثل الزكاة والصدقات والوقف ومنع الاحتكار وغيرها لتوزيع الثروة، ومنع تغول الأغنياء على الفقراء.
ويسمح الإسلام للناس بالسعي لاكتساب الثروة ضمن ضوابط محددة، وهنا توضح الدكتورة الحنيطي أن "الإسلام أباح للمسلم أن يجمع من الثروة ما يستطيع ضمن أحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، وشرع من التشريعات والتوجيهات ما يشجع على اكتسابه وتحصيله بما يكفل له حياة كريمة قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)".
3- طرق تحقيق الثروة في الإسلام العملأهم طرق تحقيق الثروة هو العمل الذي ينمي المال ويزيده، وهذا يعني توجيه الجهد نحو التنمية عن طريق الاستثمار بجميع الوسائل والأساليب التي تخضع لقاعدة الحلال والحرام، ورفض ما يتعارض منها مع أحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، أو التي يكون هدفها تحقيق النفع الخاص فقط أو الربح على حساب الآخرين.
ويعتبر العمل أحد عناصر الإنتاج الأساسية، وهو يتطلب جهدا جسديا مثل العمل في الزراعة والصناعة والتجارة، وآخر فكريا مثل العمل في التأليف والقضاء والابتكار والإبداع وغيرها.
الربححث الإسلام على العمل والكسب وتحقيق الربح، حيث يعدّ الربح في الإسلام تنمية للمال نتيجة تقليبه في عمليات التبادل المختلفة بالطرق المشروعة المعرضة للمخاطر، لذلك قد يحصل الربح أو الخسارة في عمليات التجارة المختلفة.
وتوضح الحنيطي أن الإسلام وضع ضوابط للربح من أهمها:
عدم أكل أموال الناس بالباطل عدم الغش والتدليس والغرر منع الاحتكار منع التجارة في السلع المضرة للمجتمعوتوضح الحنيطي أن الربح يُستحق بثلاثة أشياء وهي:
الربح بالمال: حيث يعد الربح نماء للمال الأصلي الذي تم استثماره في الأوجه المشروعة. الربح بالعمل: أما استحقاقه بالعمل فلأنه يشبه الأجرة فهو بذلك جزاء العمل ونتاجه. الربح بالضمان: لقوله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان" أي مستحق بسببه، فإذا صار المال مضمونا على أي شخص بسبب شرائه وامتلاكه مثلا، أو بسبب من الأسباب التي توجب ضمانه، فإن الربح في هذه الحالة يصير إلى ذلك الشخص لضمانه إياه، ولأنه خراج المال والعائد منه، فهو تحمل المخاطر التي يمكن أن تقع، والخراج هو الدخل والمنفعة أي أن المشتري مثلاً يملك الخراج الحاصل من المبيع بضمانه الأصل الذي هو سبب ذلك الخراج. 4- لا يوجد حد للربح في الإسلاملا يوجد حد معين للربح في الإسلام، ومرده يعود إلى تراضي البائع والمشتري لقوله الله تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تَكونَ تجارةً عن تراضٍ منكم).
ولم يأت في الشريعة، قرآنًا ولا سنة، شيء يقيّد الربح بنسبة معينة، بل ترك هذا الأمر لضمير التاجر المسلم وسماحته، ومراعاته للعدل والإحسان ورحمته بالخلق، وهي مبادئ ثابتة في الاقتصاد الإسلامي.
5- الاستثماريعد الاستثمار من أهم طرق تحقيق الثروة في الإسلام، وهو يدخل ضمن مبدأ عمارة الأرض التي حث عليها الإسلام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له".
والمقصود بالاستثمار في المنهج الإسلامي هو تشغيل المال لزيادته عن طريق زيادة الإنتاج، وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية.
وقد حض الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستثمار وفقاً لهذا المفهوم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل".
وتقول الدكتورة الحنيطي "يستطيع المسلم تحقيق الثروة من خلال الاستثمار بالأدوات الاستثمارية المشروعة في الاقتصاد الإسلامي، وتحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح مصاحبة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تنعكس على المجتمع ككل".
6- التمويليشير مصطلح التمويل في الإسلام إلى تقديم الخدمات المالية طبقا للشريعة الإسلامية ومبادئها وقواعدها.
وتحرم الشريعة:
تقاضي الربا (الفائدة) بيع الغرر الميسر عمليات البيع على المكشوف أنشطة التمويل التي تعتبر ضارة بالمجتمع.وبدلا من ذلك ينبغي على الأطراف المعنية تقاسم المخاطر والمنافع المترتبة على المعاملات التجارية.
ويشمل التمويل الإسلامي:
أنشطة الصيرفة التأجير الصكوك (السندات) الأسهم وصناديق الاستثمار وغيرها.وفي عام 2021، بلغ إجمالي قيمة أصول أسواق التمويل الإسلامي العالمية نحو 3.95 تريليونات دولار. ومن المتوقع أن تصل قيمة الأصول الإجمالية لأسواق التمويل الإسلامي العالمية إلى 5.9 تريليونات دولار بحلول عام 2026.
وحسب الدكتورة الحنيطي، فإن "صيغ التمويل المباح تختلف باختلاف درجة السلطة التي يتمتع بها الطرف المتصرف بالمال والحقوق والالتزامات المترتبة عليها".
وتوضح الحنطي:
بعض صيغ التمويل المباح تتضمن إلقاء عبء اتخاذ القرار الاستثماري على الطرف العامل وحده، وحصر دور المالك بأن يضع ما يملكه من نقود تحت تصرف الطرف الآخر دون أن يكون له الحق بالتدخل في قرارات الإدارة والاستثمار كالمضاربة. بعض الصيغ الأخرى يقوم فيها المالك بتحديد نوع السلعة وامتلاكها وتحضيرها طبقا للمواصفات المطلوبة من قبل الطرف، ويتحمل ما ينشأ عن ذلك من التزامات ومسؤوليات مرتبطة بتملكه لها كالإجارة والبيع بالتقسيط مثلاً. وممكن من خلال عقود المشاركات التي تعتبر من أهم صيغ استثمار الأموال في الفقه الإسلامي، استخدامها في تمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات صلى الله علیه وسلم الاقتصاد الإسلامی تحقیق الثروة
إقرأ أيضاً:
الهوية اليمنية .. عودة إلى الجذور وثبات على الأصالة
يمانيون / تقرير
التأكيدُ على ضرورةِ تمسك اليمنيينُ بالهوّية الإيمانيةِ هي مسألة حيوية مبنية على مكانة اليمنيين في الإسلام وما اتصفوا به على مدى التاريخ من صفات شكلت قواما أصيلا لهذه الهوية، وإنما يأتي التحفيز لإحياء مظاهرها تذكيرا لهم بأنهم لا يزالون المؤهلين لحمل راية الإسلام كما كانوا منذ بزغ نوره وشع على الأرض.
اليمنيون يتعرضون اليوم لأ بشع هجمة بسبب ثباتهم على أصالتهم وقيمهم، وثباتهم على هويتهم المتصلة بالله تعالى وكتبه ورسله.
هوّية إيمانية شاملةُ تتجاوز الهويّات الضيّقة الصّغيرة القبليّة والمناطقّية والعرقية والعصبوية، لا تعبر عن حقيقة اليمنيين وانتمائهم، باتت اليوم مطلباً حتمياً لمواجهة هذه المخاطر التي يحاول الواقفون على تأجيجها سلب إرادة الأمم والشعوب وإبقائها في حالة (المستضعفين).
هي مسألة ليست ببعيدة عن تعاليمنا الإسلامية ولا بغريبة على معتقداتنا، إنها تحفيز للعودة إلى الأصول والثوابت الدينية والثقافة القرآنية، لنكون جميعاً في خندق واحد بالقول وبمعية العمل، وبملازمة الفعل الذي يعكس القناعة والإيمان بهذه الثوابت وهذا الإيمان.
الهوية الإيمانية هي معرّف موضوعي لطبيعتنا كمسلمين، والتعاطي معها ينبغي أن يحتكم إلى عقلانية النقاش بروحية عالية مهيأة للتفهم والقبول بالطرح.
كثير من الأفكار نجحت للأسف الشديد في تسميم ثقافة شريحة لا يمكن الاستهانة بها من المثقفين، أدخلتهم في دائرة الشك التي طالت حتى الشك في المعتقدات يدخلون في جدال يضعفهم أكثر مما يوصلهم إلى الحقيقة، زعزعت ثقتهم بهويتهم فباتوا في حالة استلاب عن تحديد الحقائق بل حتى عن تمكين الذات فرصة للتأملّ في خلفيات المفهوم.
علماء الأمة، من حملوا على عاتقهم مسؤولية كبيرة في تصحيح الثقافات المغلوطة والوقوف بالناس على البينات بالاستناد على قاعدة متينة ثابتة قوامها المنهج الرباني ومضامينه آيات الله وأحاديث رسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، والاجتهادات الخالصة عن من ساروا على هديه.
في ذات مناسبة التقى عدد من هؤلاء العلماء وجعلوا من (الهوية الإيمانية) محورا للنقاش وخلصوا إلى أن الاحتفال بذكرى دخول اليمنيين في الإسلام هو بذاته تعبير صادق عن أصالة الهوية لليمنيين وارتباطهم المباشر بالمصادر الأصيلة في الإسلام من صحابة المصطفى وأهل بيته من الإمام علي ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما.
واعتبروا، جمعة رجب يوماً فارقاً في تاريخ الشعب اليمني الذي أسلم طواعيةَ واستجابةً لرسول الله عليه الصلاة والسلام .. مبينة أن الهوية الإيمانية هي الهوية الأصيلة للشعب اليمني التي تعبر عن ارتباط اليمنيين الوثيق بالإيمان وانتمائه العملي للإسلام.
وأشاروا إلى أن صمود وثبات اليمنيين خلال سنوات العدوان هو دليل ارتباطهم بالهوية الإيمانية، إذ أثبتوا بذلك أنهم عند عند شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال عنه “الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان”.
وشددوا على أهمية العناية بالمساجد التي بنيت بأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام في اليمن ومن ذلك الجامع الكبير بصنعاء وجامع الجند بتعز وإحياء دورها التنويري .. لافتة إلى ضرورة تعزيز التكافل الاجتماعي وقيم الإيثار والإحسان.
أصالة الهوية
الباحث حمود الأهنومي في ورقة عمل يشير إلى أن الاحتفال بذكرى دخول أهل اليمن الإسلام تعبير عن أصالة الهوية لليمنيين وارتباطهم المباشر بالمصادر الأصيلة في الإسلام من صحابة المصطفى عليه الصلاة والسلام وأهل بيته، من الإمام علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضوان الله عليهما.
وتطرق العلامة الأهنومي إلى فضائل أهل اليمن في القرآن الكريم قال تعالى “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.
كما لفت إلى فضائل أهل اليمن أيضا في السنة المطهرة قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه بن عباس رضي الله عنه “يأتيكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وألين أفئدة يريد القوم أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم”، وقوله “الإيمان يمانٍ وهم منّي وإليّ وإن بعُد منهم المربع ويوشك أن يأتوكم أنصاراً وأعواناً فآمركم بهم خيراً”.
وبشأن أولئك الذين باعوا أنفسهم لأعداء الأمة جاء للباحث “إن ما يعيشونه اليوم هو حالةٌ من التنكُّر للهُوِيَّة اليمانية الإيمانية، وهو نتيجة من نتائج بُعْدِهم عن الهُوِيَّة الإيمانية اليمانية.. إن المسألة غاية في الأهمية، وهنا أقتبس بعض العبارات من كلام السيد القائد حفظه الله وهي أنه قال: “يجب أن ننظر لهذه المسألة مسألة الهُوِيَّة على أنها غاية في الأهمية”، وقال عن الهُوِيَّة الإيمانية بأنها تنتمي للإيمان، وأن “الإيمان مبادئ، وقيم، وأخلاق، والتزامات، ومفاهيم تَنزِل إلى واقع الحياة، وتُبْنَى عليها الحياة، وهو مواقف، وسلوكيات، وأعمال، ومسار حياة، ومشروع حياة”، وذكر أن: “القيمة الإنسانية قيمة عظيمة في الهُوِيَّة الإيمانية”، وذكر أن “أسوأ عملية مسخ للإنسان اليمني أن يخرج من الحالة الإيجابية الراقية التي عُرِفَ بها الإنسانُ اليمني الإسلامي وهويته، والتي توارثها منذ فجر الإسلام، ومنذ الصدر الأول للإسلام على يد رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى يد تلامذته العظماء، وفي طليعتهم الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، ومعاذ بن جبل، وغيرهما”.
وفي استعراضه لشواهد تاريخية تدل على الهوية الإيمانية لليمنيين.. أشار الباحث إلى أن “إسلام أهل اليمن إسلام قوي وقويم، ودائما، وبشكل سريع، ومن دون معارك كبيرة، بل بالحوار والإقناع”.. وقال “واليمنيون اليوم يقدمون نموذجا رائدا للإيمان النقي والمواجه والمحمدي الأصيل على مستوى العالم الإسلامي؛ ولهذا ليس بعيدا أن تكون اليمن هي رائدة العمل الإيماني والجهاد الإيماني في زمن الارتداد”.. ويضيف الباحث “وأظهرت الأحداث المعاصرة والمواقف اليوم في آخر الزمان، أن إيمان المؤمنين في اليمن علماء ومجاهدين وقادة ومواطنين “على نحو راق، ومتميز، وهم في طليعة الأمة بكل ما يمثله إيمانها من مبادئ وقيم وأخلاق وروحية” على حد وصف السيد القائد سلام الله عليه”.
الباحث أوصى في نهاية حديثه بأن تكون استجابتُنا مُعبِّرة عن هذه الهُوِيَّة، علما وجهادا وأخلاقا وفكرا وثقافة وتحركا وانطلاقة، وتُضَمَّين هذه الهُوِيَّة في الدستور والقوانين، وأن تُشتق منها فلسفة الدولة اليمنية العادلة، ومناهجها التعليمية والإرشادية والتثقيفية، وأولوياتها، وغاياتها.
الكتاب المهيمن
يبين العلامة عبدالرحمن شمس الدين “أن الهوية الإيمانية هي العلاقة والانتماء للإيمان بكل ما يعنيه ويشمله الإيمان من جوانب عبادية وفق ما أمر به الله ووجه إليه ونهى عنه وهي البطاقة التعريفية التي يعرف بها الإنسان المؤمن”
ويلفت العلامة شمس الدين في تناوله لهذا الموضوع: “أن الهوية الإيمانية قد عرفها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رحمة الله وسلامه عليه في ملزمة الهوية الإيمانية وهو يتحدث حول قول الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أو أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وارحمنا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} صدق الله العظيم.. وأردف الشهيد القائد قائلاً:- إن هذه الآية الكريمة، هي الهوية الإيمانية لأنبياء الله ورسله وللمؤمنين جميعاً، هي البطاقة الكاملة العناوين لأنبياء الله ورسله, والسائرين على طريقه من المؤمنين بهم، هي تقرير للمؤمنين أنه هكذا يجب أن يكون إيمانهم، هي تعريف بالمسيرة الإلهية لأنبياء الله ورسله والصالحين من عباده جيلاً بعد جيل.”
وقال العلامة شمس الدين: لهذا نلاحظ أن الهوية الإيمانية أسمى وأشرف هوية يمكن أن ينالها ويتحلى بها الإنسان كيف لا وهي ترتبط بالعلاقة بالله سبحانه وتعالى والعلاقة بكتبه وفي مقدمتهم الكتاب المهيمن وهو القرآن الكريم والرسل والأنبياء جميعاً من عند نبي الله آدم إلى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
وأشار إلى أن الهوية الإيمانية ليست مجرد اسم أو مصطلح أو شعار فقط بل هي عبارة عن مضامين عملية تتجسد في بناء النفوس إيمانيا وهذا الإيمان يتجسد في واقع الحياة قولاً وعملاً استجابة لله سبحانه وتعالى على شكل أعمال ومواقف تنبع من قيم ومبادئ الإيمان، وقيم الدين كفيلة بأن ترتقي بالإنسان المؤمن وأن تجعله يحقق أعمالا قوية وناجحة سواء في مجال العبادة والطاعة لله أو في مجال الصراع بين الحق والباطل، ولا يمكن للأمة أن تنتصر على الطاغوت والاستكبار إلا إذا جسدت معنى الهوية الإيمانية في واقعها بالشكل الذي يرتضيه الله ويتوافق مع قيم ومبادئ الإيمان.
ويؤكد العلامة شمس الدين- على أنه إذا حصل التزام بما تحويه القيم الإيمانية من أوامر ونواهي فأن ذلك سوف ينعكس بشكل إيجابي كبير في واقع الأمة الإسلامية ويحصنها من الاختراقات الهجمات المتعددة التي تستهدفها وكذلك الحال بالنسبة لتأثير الهوية الإيمانية في الآخرة إذا كان الإنسان المؤمن يجسد مبادئ وقيم الهوية الإيمانية في واقع حياته هنا في الدنيا بالشكل الذي يريده الله تعإلى فبالتأكيد أنها سوف تجعل له مكانة رفيعة عند الله في الآخرة وتجعله من المفلحين والفائزين ويحظى برضوان الله وجنته.
واعتبر أن الهوية الإيمانية هي وقاية من الجراثيم الفكرية المسمومة والثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة.. لافتا إلى أن أهم وأقوى الطرق للوقاية من أي اختراق أو استهداف لهويتنا الإيمانية هي معرفة من نحن ومعرفة من هم أعداؤنا والتمسك بقوة بما جاء من عند الله، والتذكير بالقرآن الكريم وبالأحاديث النبوية الشريفة وفي مقدمتها ( الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية).
هم المدد
رئيس ملتقى التصوف الإسلامي عدنان الجنيد في ورقة عمل بعنوان “الهوية اليمنية في مرمى الاستهداف الصهيو – وهابي”.. أشار فيها إلى التعايش المذهبي بين أبناء الشعب اليمني وأبرزهما هما المذهبا الزيدي والشافعي على مر التاريخ.
وأرجع استهداف الهوية اليمنية، إلى أن اليمنيين هم أوائل الذين أسلموا ولحقوا بركب المصطفى عليه الصلاة والسلام أفرادا وجماعات إلى جانب أن الإسلام انتشر عبر أبناء اليمن في أنحاء المعمورة وهم المدد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولفت الجنيد إلى خطوات استهداف الهوية اليمنية عبر الفكر الوهابي الذي عمل على إنشاء المعاهد الدينية والجمعيات الخيرية بغرض طمس الهوية الإيمانية والمعالم الدينية.. لافتا إلى أن هذه المعاهد والجمعيات ساهمت في تفريخ المراكز الوهابية وتوسع انتشارها خلال الفترة الماضية، في محاولة لضرب الهوية اليمنية بكافة شرائحها ومكوناتها.
برامج تفعيل
المعلم في الجامع الكبير محيي الدين علي محمد الحكمي قال “نركز في الجامع الكبير ومن خلال حلقات التعليم كيف تعمق الهوية الإيمانية في نفسية الطالب وكيف ننقلها إلى الآخر من خلال الطالب الذي يخرج خطيباً أو قاضياً الخ، وعندما يعايش المجتمع ينقل صورة عن تحديد الهوية”.. وأضاف “الجامع يرسل أيضا الخطباء والمرشدين والوعاظ إلى المساجد وإلى القرى والمناطق المختلفة لتوعية الناس بمعنى الهوية الإيمانية الحقيقية التي كادت أن تُطمس منطلقين من صنعاء القديمة التي هي الحاضنة الأساسية للجامع، طبعا منذ فترة مع دخول بعض الأفكار انطمست بعض المعالم والمظاهر ونحاول إحياءها ولكن سوف يكون ذلك إن شاء الله من خلال العديد من البرامج”.
المصدر / الثقافة القرآنية