حمد بن سالم العلوي
ليس عجبًا أن تجد بعض المسؤولين العرب من المتصهينة أفكارهم، يستبدلون الكرامة بالنَّذالة، ولا يشفع لهم إن كانوا قد ولدوا من أبوين مُسلمين؛ فالكفر بالله وشرائعه قد سبقهم إليه أبناء الأنبياء والرسل، وذلك في زمن الوحي والعقاب الرباني العاجل، فعندما نرى من يتخلَّى عن الكرامة الموروثة، وينتقل إلى أفعال الدَّياثة المشؤومة مع العدو الصهيوني، فأي قهر وذل أكبر من هذا الهوان.
معركة 7 أكتوبر، أتت كمعجزة ربانية لتنذر الخائنين وتردهم عن خيانتهم وغفلتهم، ولكن الظالمين أبوا إلّا أن يكونوا في جانب الضلالة والخيانة، غرهم في ذلك قارونيتهم- نسبة إلى "قارون"- وما جمعوا من مال حرام، فلا غرو أن يأخذهم المال الحرام إلى الحرام، فسهل عليهم خيانة الله ورسوله، وخيانة الأمانة التي أؤتمنوا عليها، وأصرُّوا على إنفاقها في سبيل الشيطان الرجيم، وكان الواجب أن توعظهم غزوة السابع من أكتوبر، وأن تنبههم أن الفئة القليلة والمحاصرة لسنوات كثيرة، قد نصرها الله على عدو ظالم يمتلك القوة الكبيرة الغاشمة، والدعم الغربي الكبير، وأن الذي قامت به المقاومة فيه عبرة وموعظة لمن كان له لب، وتكفيه تلك النتيجة الكبيرة ليراجع نفسه، ويعود عن خطئه، ويستلهم رشده فيعود بنفسه إلى جادة الحق والصواب.
أن إسرائيل قد هُزمت في 7 أكتوبر، ولا أقول هذا بدافع عاطفي، وإن كنت لا أخفي هذه العاطفة، ولكن واقع الحال يؤكد على ذلك، وأن الدمار الذي تقوم به إسرائيل في غزة، هو نتيجة لخوفهم الوجودي على بقائهم، وقد بشّر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بالقول؛ إن إسرائيل لا تستحمل هزيمة واحدة، وأن هزيمتها تكون واقعة بمجرد أن تهزم مرة واحدة، فيظل هناك من يكابر ويماطل ليؤجل ساعة الصفر.
ولكن العد التنازلي يبدأ مع أول هزيمة، ودليل على هذه الحقيقة خشية الغرب على إسرائيل، وقد عبّروا عن ذلك بتقاطر هذا الغرب المنافق إلى إسرائيل، وذلك على إثر غزوة 7 أكتوبر الناجحة والقاصمة للظلمة، فأتت الحكومة الأمريكية كلها يتقدمهم رئيسها، ورئيس وزراء بريطانيا، ومستشار ألمانيا، والرئيس الفرنسي، ولم يكن المجيئ بدافع معنوي، وإنما دعم كامل وبالأساطيل الحربية والمال والسلاح، وقد خصصت بريطانيا طائراتها الطنانة التي تتعرف على الناس من أصواتهم، فظلت تحوم فوق سماء غزة بلا حسيب ولا رقيب، ولم تفلح في كشف رجال المقاومة أو الأسرى، وأدخلوا إسرائيل في العناية المركزة كي لا تنهار، ولكنها حتمًا ستنهار، وأن مجرد صمود المقاومة الفلسطينينة لمدة 6 أشهر، يُعد دليلًا قاطعًا على هزيمة إسرائيل.
ترى إلى متى سيظل المسؤولون من الصهاينة العرب في غفلتهم، ولا أطلق عليهم صفة الزعماء لأنَّ الزعيم ذلك الشخص التقي النقي الورع، والوطني الشجاع الذي يجعل الوطن والمواطن أولوية دون الغرباء، فهؤلاء المسؤولون أصبحوا صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم، فلا عجب في ذلك، وقد قال عنهم القرآن الكريم: "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائد:52) فهؤلاء كانوا يسرُّون ما بأنفسهم، أما اليوم فإنهم يجاهرون بالطاعة للعدو والمعصية للخالق عز وجل، وبذلك يعلنون قبول الدَّياثة على العزة والكرامة.
لقد أصدر مجلس الأمن قرارًا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وقد تعمدت أمريكا- التي امتنعت عن استخدام النقض عليه أمام وطأة الراي العام الداخلي- إفساد هذا القرار اليتيم بقولها إنه قرار غير ملزم، وإسرائيل كعادتها سخرت من قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، فلن تلتزم ما لم تكن هناك قوة تخشاها وتجبرها على ذلك، ولكن صمود المقاومة هو الذي سيجبر الصهاينة على وقف الحرب، أما المقاومة الفلسطينية، فلا تحتاج إلى دعم المتخاذلين، وأن الشعوب العربية قلبها مع فلسطين، رغم التدجين والذل والفقر والمنع والحرمان، وكما انفجر طوفانها في مرات سابقة، فهي اليوم على شفير الانفجار الكبير، وستمسح العار الذي ألصق بها قسرًا، فلن تقبل بالأعذار الواهية ولا يُمكن للدم العربي أن يتحول إلى ماء.
فلا نقول.. إلا صبرًا أهل غزة العزة أن النصر آتٍ، وأن طوفان الأقصى هو بداية النهاية للصهاينة، وأنَّ لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية، ومن يجرؤ ويصبر ينتصر.. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ أسيوط: استبدال خط طرد الصرف الصحي المتكرر الأعطال بمحطة البركة بتكلفة 400 مليون جنيه
أجرى اللواء هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، جولة ميدانية لتفقد سير العمل في مشروع استبدال خط الطرد الرئيسي لمحطة رفع الصرف الصحي بمنطقة البركة، وهو المشروع الذي يعد نقلة نوعية في قطاع الصرف الصحي بالمحافظة.
وجاء ذلك بحضور، المهندسة رانيا مجدي حليم مدير مركز معلومات شبكات المرافق والبنية التحتية بالمحافظة، وممدوح جبر رئيس حي غرب مدينة أسيوط، وأحمد جمال ومحمد سمير أعضاء مركز معلومات شبكة المرافق والبنية التحتية بالمحافظة.
وأوضح محافظ أسيوط أن الخط الجديد يمتد لمسافة 7500 متر، حيث يتم استبدال الخط القديم بقطر 800 مم بخط حديث قطره 1200 مم، يمتد حتى محطة المعالجة بعرب المدابغ في حي غرب أسيوط بتكلفة تصل إلى 400 مليون جنيه، بما يعزز كفاءة المنظومة ويقلل من الأعطال المتكررة التي عانى منها المواطنين على مدار سنوات.
وأشار المحافظ إلى أن هذا المشروع يمثل نهاية لمعاناة طال أمدها، مشيرًا إلى أن المشكلة لم تكن تقتصر على أعطال فنية، بل كانت تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين، لافتًا إلى أن العمل يجري على قدم وساق بالتنسيق الكامل مع مختلف الجهات المعنية لضمان تنفيذ المشروع وفق أعلى معايير الجودة، منوهًا بأن هناك متابعة دورية مكثفة حتى الانتهاء الكامل من المشروع.
وأشاد اللواء هشام أبوالنصر بالدور الحيوي الذي يقوم به مركز معلومات شبكات المرافق في كشف وتحديد البنية التحتية والمرافق، وتحديد المسارات الآمنة لأعمال الحفر باستخدام تقنيات متقدمة، أبرزها رادار الاختراق الأرضي (GPR) الذي يتيح الكشف الدقيق عن المرافق حتى عمق 6 أمتار موضحًا أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ أعمال كشف شامل للمرافق في المحافظة، يوثق عبر خرائط مساحية تفصيلية تزود بها الجهات الاستشارية المنفذة للمشروعات وقد أسهم ذلك في تنفيذ الحفر بشكل آمن دون التسبب في أي تلفيات، من خلال استخدام أجهزة كشف متطورة ومحطات مساحية دقيقة، إلى جانب فرق متخصصة من مهندسي الاكتشاف وفرق العمل الميداني التابعة للمركز، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالحفر العشوائي ويحافظ على سلامة البنية التحتية القائمة.
وفي ختام جولته، أكد محافظ أسيوط أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة شاملة لتطوير البنية التحتية للمحافظة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية الرامية إلى تحسين جودة الحياة، وتحقيق التنمية المستدامة.