فريق عمل مشترك مع النظام.. مساع إيرانية متواصلة لاختراق المنظومة التعليمية بسوريا
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
تواصل إيران مساعيها لترسيخ وجودها في سوريا من خلال التغلغل في المنظومة التعليمية، مستغلة لتحقيق ذلك حاجة النظام السوري المادية من جانب، وعدم اعتراضه من جانب آخر على تدخلها في مراحل التعليم حتى ما قبل الجامعية منها، رغم أن هذا القطاع يعد من الأمور السيادية لدى كل الدول.
وفي إطار ذلك، جرى تشكيل فريق عمل مشترك بين النظام السوري وإيران، بهدف تطوير العلاقات الثنائية في المجال التربوي، وتعزيز تبادل الخبرات.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده وزير التربية في حكومة النظام السوري محمد المارديني، مع السفير الإيراني حسين أكبري، في دمشق قبل أيام، بُحث فيه التعاون في مجال إعداد مذكرة لتنفيذ برنامج تنفيذي يخص العلاقات التربوية.
ولا يعد التدخل الإيراني في القطاع التعليمي السوري بالأمر الجديد، حيث سعت طهران منذ نهاية العام 2017، على حد تأكيد مدير مؤسسة الذاكرة السورية ومؤلف "كتاب البعث الشيعي في سوريا"، عبد الرحمن الحاج لـ"عربي21".
ويقول الحاج: "منذ ذلك الوقت ظهر اهتمام إيراني استثنائي بالمدارس والتعليم ما دون الجامعي في منطقة الجزيرة السورية وريف دمشق، على الطريق الاستراتيجي الواصل بين العراق وبيروت مرورا بدمشق أو حمص".
ويتابع الحاج أن "الحرس الثوري" الإيراني أسس وموّل عشرات المدارس، وقدم الإغراءات للأهالي بهدف إحداث تغيير مذهبي لتحقيق مصالح طويلة الأمد في سوريا حيث يتلقى آلاف الطلاب الصغار واليافعين تلقينا بالعقائد الشيعية يوميا.
وفي العام 2020، وقعت إيران مع النظام السوري على مذكرة بخصوص التعليم ما دون الجامعي، حيث تتيح هذه الاتفاقية أن تشرف إيران على تعديل المناهج الدراسية السورية وطباعتها في إيران، بالإضافة إلى نقل إيران تجاربها في مجالات التخطيط التربوي والمعدات التعليمية والكتب المدرسية والمحتوى التعليمي، إضافة الى بناء المدارس وإعادة تأهيلها، وإدخال اللغة الفارسية في التعليم، وإجراء دورات تدريبية للمعلمين.
وضغطت إيران على النظام للتوقيع على اتفاق حول التعليم العالي، كما يؤكد الحاج، مشيراً إلى المذكرة التنفيذية التي جرى توقيعها في عام 2022، حول تبادل المنح والمقاعد الدراسية للمرحلتين الجامعية الأولى والدراسات العليا "ماجستير ودكتوراه" وتنظيم زيارات مشتركة للطلاب الجامعيين للمشاركة في النشاطات العلمية والثقافية والرياضية والفنية.
ووفق المذكرة يتبادل الباحثين والأساتذة في مجال التعليم الطبي لإجراء البحوث العلمية والطبية لمؤسسات التعليم العالي بما فيها المستشفيات التعليمية وكذلك تبادل الكتب والدوريات العلمية المحكمة والمعلومات والخبرات والتدريب في مختلف التخصصات.
لكن بحسب الحاج، لم يحصل تقدم ملموس على ما يبدو في السنوات التالية، لذلك كان أحد بنود الاتفاقية التي وقعها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته لدمشق في العام 2023، مع رئيس النظام بشار الأسد "الخطة التنفيذية في مجال التعليم" قبل الجامعي.
وبذلك يضع الكاتب تشكيل "فريق العمل المشترك" مؤخراً، في إطار سعي طهران إلى تنفيذ الاتفاق الموقع عام 2020 والمؤيد باتفاق الرئيس رئيسي في 2023، وقال: "بالتالي هذا يعد من المؤشرات على تباطؤ النظام في تنفيذ الاتفاقيات والتقدم فيه، ومن الواضح أن إيران تتابع ذلك لمواجهة تردد النظام".
ويستدل على ذلك، بإشارة أكثر من مسؤول إيراني إلى عدم التزام النظام بالاتفاقيات التي جرى توقيعها، وآخرهم نائب رئيس الغرفة المشتركة الإيرانية- السورية علي أصغر زبردست، الذي أكد قبل أيام أن النظام السوري لم يتخذ حتى الآن، أي خطوة لتنفيذ التزاماته ضمن الاتفاقيات التي توصل إليها مع طهران، خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إلى سوريا، العام الماضي، والتي تنص على توسيع صادرات إيران إلى سوريا.
ما أهداف إيران؟
الكاتب والباحث المختص بالشأن الإيراني عمار جلو، يقول إن أساس المشروع الإيراني في سوريا والمنطقة عموماً هو الموضوع التعليمي، فهذا الجانب هو حامل المشروع بشقيه الديني المذهبي، والثقافي المتعلق باللغة الفارسية.
وأضاف لـ"عربي21"، أنه من دون الاختراق الثقافي في سوريا لا يمكن لإيران البقاء طويلاً، مشيرا إلى تجربة إيران في لبنان في هذا الجانب، وما يجري حاليا في اليمن، حيث تقوم إيران هناك بتعديل المناهج التربوية أيضا.
وقال جلو، إن طهران تحاول استقطاب طلبة سوريا للدراسة في جامعاتها ليكونوا سفراء لها، وكذلك تسعى لوضع بصمتها في المدارس والجامعات السورية، من خلال مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي توقعها تباعاً مع النظام السوري.
وخلال السنوات الماضية، وقعت إيران أكثر من اتفاقية تعاون مع الجامعات السورية الحكومية، ومنها دمشق وحلب وحمص.
وفي هذا الجانب، يؤكد المحلل السياسي فواز المفلح، أن إيران بدأت تولي الجانب الثقافي والتعليمي في سوريا أهمية كبيرة، بعد أن كانت تركز سابقاً على الشق العسكري.
وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بأن إيران تسعى إلى خلق قاعدة شعبية موالية لها من خلال التدخل بالتعليم، وتعميم أفكارها المذهبية وحتى المتعلقة بالثورة الإيرانية، وكل ذلك في خدمة البقاء الطويل الأمد في سوريا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إيران سوريا إيران سوريا نظام الأسد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟
اعتبرت مراكز الدراسات الإستراتيجية الإسرائيلية الهجوم على إيران فرصة لتفكيك المشروع النووي الإيراني وتقويض محوره الإقليمي، مع إجماع على أهمية استمرار الضغط العسكري وعدم التسرع في التسوية. ويُظهر تحليل الجبهة الداخلية الإسرائيلية ومواقف الرأي العام دعما ملموسا للعملية العسكرية.
ويتفق باحثو هذه المراكز على أن الحل المثالي للمعضلة الإيرانية هو إسقاط النظام، وأن هذا يمكن أن يحدث من خلال ضربات عسكرية واستخباراتية لمقدرات النظام ومؤسساته، وتشجيع الجمهور الإيراني على إطلاق انتفاضات لإسقاط النظام الإيراني.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقياlist 2 of 2أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالميend of listواستقصت ورقة تحليلية عنوانها: "مراكز الأبحاث الإسرائيلية والهجوم على إيران توصيات بمواصلة الضربات ومنع تطوير الصواريخ الإيرانية" نشرها مركز الجزيرة للدراسات للباحث نهاد محمد الشيخ خليل، ما تناولته مراكز الأبحاث الإسرائيلية عن الحرب الإسرائيلية الإيرانية، التي اندلعت بين 13 و23 يونيو/حزيران 2025، بالبحث والتحليل.
وناقشت الورقة ما صدر عن مركزين يحظيان بأهمية في إسرائيل، هما: معهد دراسات الأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية (مسجاف)، ومعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "آي إن إس إس" (INSS).
وقد اعتمدت هذه الورقة على تحليل نصوص الأوراق المنشورة على موقعي المعهدين خلال الحرب، بوصفها مؤشرا على المزاج الإستراتيجي الإسرائيلي.
وتم تقسيم الدراسة إلى 6 محاور أساسية هي:
إنجازات الضربة العسكرية. تشخيص واقع إيران ومحورها. أهداف الحرب كما طرحتها مراكز البحث. صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية. المواقف الإقليمية والدولية. الموقف الأميركي. خلاصة واستنتاجاتتُظهر الورقة تفاعلا واسعا ومعمقا ومواكبا للوقائع من معهدي الأبحاث اللذين تناولت الدراسة أوراقهما (معهد دراسات الأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية، ومعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي).
ويمكن إجمال أبرز الاستنتاجات التي خلصت لها الدراسة في النقاط التالية:
أولا: تمجيد الإنجازات العسكرية في مجالي الدفاع والهجوم، إضافة إلى القدرات الاستخبارية، والنجاح في استعادة الردع بعد هزة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهذه نقطة اتفاق بين المعهدين. ثانيا: برزت تباينات بين توقع إمكانية إسقاط النظام الإيراني، كما رأى باحثو مسجاف، وتحذيرات مركز "آي إن إس إس" من المبالغة في تقدير الضعف الداخلي الإيراني. كما يظهر تباين في تقييم صمود إيران؛ إذ رأى بعض المحللين أنها ضعيفة وقابلة للانهيار، بينما شدد آخرون على تماسك النظام ورغبته في جرّ إسرائيل لحرب استنزاف. ثالثا: تشابه الخطاب في كلا المعهدين في تصوير الحرب فرصة إستراتيجية لتفكيك المشروع النووي الإيراني وتقويض محوره الإقليمي، مع إجماع على أهمية استمرار الضغط العسكري وعدم التسرع في التسوية. رابعا: يُظهر تحليل الجبهة الداخلية الإسرائيلية ومواقف الرأي العام دعما ملموسا للعملية العسكرية؛ وهذا يعطي غطاء سياسيا للقدرة على استمرارها في حدود 3 أشهر على أقصى تقدير، لكن الأغلبية كانت تبدي استعدادا للصمود لمدة شهر واحد. خامسا: تتقاطع التحليلات في قراءة حذرة لمواقف دول الخليج والأردن، التي تمزج بين إدانة الهجوم وتفادي التصعيد مع إيران، وفي نفس الوقت المشاركة في اعتراض الصواريخ والطائرات المُسيّرة المنطلقة من إيران باتجاه إسرائيل. سادسا: يتفق باحثو المعهدين على أن الحل المثالي للمشكلة الإيرانية هو إسقاط النظام، وأن هذا يمكن أن يحدث من خلال ضربات عسكرية واستخباراتية لمقدّرات النظام ومؤسساته، وتشجيع الجمهور الإيراني على إطلاق انتفاضات لإسقاط النظام الإيراني. إعلان