تامر أفندي يكتب.. «بتسأل أزمة مصر والمُنتخب فين»؟.. تعال أقولك
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
لم تكن الأزمة في مصر أبدًا أزمة مواهب سواء اعتزل لاعب أو أصيب آخر أو رحل آخرون، إنما الأزمة الحقيقية كانت ولا زالت في "الفاترينات".
لا تتعجل سأشرح لك وجهة نظري، لكن اصبر قليلًا معي كما صبرت مع كل هؤلاء المدربين الذين لم يُحققوا نتائج رغم كل ما أنفق من أموال، وأنا لا أحتاج منك إلا بضع دقائق حتى لا تتعصب وتنفجر وتطول بك الأيام وأنت تُمني نفسك بما لن يحدث ما دمنا نبحث عن الحل في "الفاترينات"!
فيا أيها الخبير الكروي القابع أمام الشاشات هل صنعت الفاترينات نجمًا؟
أقولها نيابة عنك وعن كل هذا الجمهور في المقاهي والمدرجات، «لأ».
مصر يا هذا لم تكسب المباريات لا لسوء الخطة ولا لتقصير اللاعبين ولا لقلة الانتماء، ولكن لأن مواهبها الحقيقية خارج المستطيل الأخضر.. بل خارج الاستاد.. خارج الإطار البصري عمدًا، فمن يديرون "اللعبة" وكل الألعاب.. بل الحياة يأتون ببضاعتهم من "المولات" و"المناطق الحُرة"، ومصر يا سيدي طول التاريخ تفر من القصور.. من الرخام والحرير والمرجان.. تقفز الأسوار.. لتمشي بدلال على كورنيش النيل.. تشرب من "القلة" وتُعطي ابتسامتها لبائعي "الترمس والسميط" تأخذ كل ما معه وتوزعه حول مشهد "أم العواجز" وفي السيدة نفيسة والحسين، ثم تجلس على الرصيف مع عمالها تشرب الشاي وتستمع إلى سيمفونية أحبابها:
"قوم يا بني عشان تلحق شغلك.. اجري عشان القطر دخل المحطة.. روح هات طلب وحط عليه دمغة وما تنساش تصور البطاقة.. أيوا جاي.. اسكتو.. شيشي بيش.. واحد شاي على ميا بيضا.. قوم يا حاج الأتوبيس اللي رايح القلعة جيه.. عديني يا بني ينوبك ثواب.. خد ورد يا بيه ربنا يسعد قلبك.. يااااد يا بن ال.... أوعى تسيب إيدي.. بكام الطماطم يا خالة ببلاش يا ست الحُسن.. كده تبقى غالية أووي.. بكام الفرح يا عم.. زكا يا ولدي صدقانة من قلوب عمرانة بالرضا.. أي حاجة هنا بخمسة جنيه.. إكسر يمين يا بيه.. بس كده ارفع الإزاز.. الكوبانية غلي فيها الجاز.. غير غاز أوفر.. بيقولوا بيسلخ الماتور.. يا أسطى يا مين يعيش.. مدفع الإفطار ضرب.. الله أكبر بدأ الأذان.. كل سنة وإنتم طيبين.. عيد الغطاس يا عيد الغطاس يا معروف لكل الناس.. زحمة أووي عربية الفول.. عارف فرنة عمك إسحاق عيشها يتاكل حاف".
شامم ياد ريحة البيوت.. بحبها أووي والصبح قايم فيها يتمطع وهي بتمد إيديها تغسل وشها من الندى.. بحبها وهي متشعبطة ومتلخبطة وبتستلف العزم والقوة من بعضها.. بحبها وهي بتسرف كل اللي في جيبها على ورق اليانصيب وتخسر وتكتشف إن حظها في قلبها فتنفض هدومها وتجري.. تجري وتسبق وترغم الكل إنه يصقف لها".
مصر يا كابتن مش في استديوهات التحليل ولا في "أبناء العاملين".. مصر عٌمرها ما كانت في "البيزنس كلاس" طول عمرها بتركب مع الغلابة "القشاش" وبتوصل الأول.
فيا كابتن أيًا ما كان موقعك أو ملعبك لو عايز تكسب دور على مصر في "حتتها" بين ناسها.. دور على مواهبها.. دور عليها مكان ما بتحب تعيش.. وما تنساش إن "صلاح" اللي العالم كله بيغني ليه مكنش في الفاترينات..
هي كده.. عدلتها كده.. تغني وتفرح وتحلم وتنجح وتكسب وسط الحرافيش.. بينهم بتعيش..
تاخدها لقصور وبُهرج وزيف.. تحزن وتكتئب وتمرض وتخسر "ماتشاتك" مهما إن كنت "حريف".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصر المنتخب الوطني لكرة الحسين
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: غزة بين أنقاض الجوع والكرامة
رغم هذا التجويع المُدبر، ورغم هذه المجاعة المصطنعة، لا تزال غزة تحمل في طياتها شيئًا يستحق العيش من أجله، يتمسك أهلها بكرامتهم وهم يبحثون عن فتات قوت يومهم.
لا تزال المقاومة في عيونهم، ونبضًا لا ينقطع في قلوبهم.. قد تكون موائدهم خاوية، لكن أرواحهم لا تنكسر.
هذا الجوع.. مهما طال لن يكون إلا فصلًا جديدًا في صمودهم.. لقد تعلم أهل غزة كيف يحولون الألم إلى قصة وحكاية تروى، والحصار إلى أمل، والركام إلى منازل جديدة.
سترتفع أصواتهم فوق جوعهم، كاشفةً عن سرقة المساعدات، وكاسرةً لحصار الصمت.
ما يحدث في غزة اليوم جريمة بكل معنى الكلمة - جريمة تشترك فيها آلة الاحتلال الوحشية، وصمت المجتمع الدولي، والأيادي التي تستغل المساعدات على حساب الجوعى.
ولن يُسجل التاريخ إلا الحقيقة: (أن شعبًا مُحاصرًا جاع، ومرض، ونام على الأرض بلا مأوى، بينما نُهبت شاحنات المساعدات أمام أعين العالم).
وغدًا، عندما تهدأ الحرب، ستبقى المجاعة جرحًا غائرًا في ذاكرة غزة.. سيتحدث العالم عن غزة كجيبٍ لم يذعن للجوع، ولم تُهزمه المساعدات المسروقة، منطقة صمدت، تُقاتل حتى آخر رغيف خبز، حتى آخر نفس.
بين صور المعاناة.. واقعًا قاسيًا - واقعًا لا يُمكن تجاهله بكلمات عابرة.. لا تُظهر الصور أطفالًا جوعي فحسب؛ بل تكشف عن استراتيجية مكشوفة تهدف إلى تحطيم روح شعب ينزف منذ أكثر من نصف قرن من الزمان.
تُشير صور سوء التغذية الحادة والأطفال الضحايا إلى انحدارٍ مُفاجئ نحو مجاعة مُطلقة، حيث يعيش نصف مليون فلسطيني تقريبا في مناطق كارثية.
وصلت مناطق مثل شمال غزة إلى مستويات "انهارت فيها المناعة الطبيعية" لدى ملايين الأشخاص، كما أظهرت صور لأشخاص يبحثون عن النباتات البرية ويشربون مياه مُنكّهة بالأعشاب لدرء الجوع.
تتأخر قوافل المساعدات لساعات، بل لأيام، عند معابر مثل كرم أبو سالم ورفح، حيث تمنع نقاط التفتيش الإسرائيلية الدخول باستمرار.
شهدت حادثة وقعت مؤخرًا في جنوب غزة لتدافع حشود للحصول على ما وُصف بسخرية بأنه "طعام إسرائيلي مؤقت" - وهو توزيع قامت به منظمةٌ جديدة مدعومةٌ من إسرائيل والولايات المتحدة (مؤسسة غزة الإنسانية).
تحول المشهد إلى عنف: أُطلقت طلقات تحذيرية وذخيرة حية على مئاتٍ من الناس الجائعين في العراء، ما أسفر عن سقوط ضحايا.
هذا ليس مجرد جوع.. إنه سلاح جديد والصور خير دليل.