دراسة جديدة تكشف تأثيرات الاحترار المناخي على حساب التوقيت العالمي
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
كشفت دراسة نُشرت هذا الأسبوع أن ذوبان الجليد بسبب ظاهرة الاحترار المناخي يؤدي إلى تعديل أسرع مما كان متوقعاً في سرعة دوران الأرض، تصل تبعاته إلى حدّ التأثير على حساب التوقيت العالمي الذي يرتبط به حُسن سير الشبكات المعلوماتية. ويُحتسب التوقيت العالمي المنسق (UTC) منذ عام 1967، من خلال استخدام قياسات من ساعات ذرية فائقة الاستقرار، توفر الوقت في العالم وتتيح للبنية التحتية الرقمية والمعنية بالاتصالات كالملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، العمل بدقة كبيرة.
ولأسباب تاريخية، يبقى التوقيت العالمي المنسق مرتبطاً بالتوقيت الفلكي، محتسباً مع سرعة دوران الأرض غير الثابتة. لذا تقرر عام 1972، إضافة ثانية كبيسة إلى التوقيت الذري ليتوافق مع التوقيت الفلكي.
وتُضاف هذه الثانية بشكل غير منتظم، في كل مرة يقترب فيها الفارق بين التوقيتين من 0,9 ثانية. وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول معدّ الدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر" دنكان أغنيو إن آخر إضافة تعود إلى عام 2016.
لكن تسارع دوران الأرض يعني أن الزمن الفلكي سيتجاوز الزمن الذري تدريجياً، ما يجبر البشرية على أن تعتمد خلال سنوات قليلة، ثانيةً... سلبية.
وتشكل هذه الخطوة قفزة إلى المجهول يخشاها علماء المقاييس الذين يتولون قياس الوقت، بسبب المشاكل "غير المسبوقة" التي قد تحدث "في عالم متصل بشكل متزايد"، على ما تؤكد باتريسيا تافيلا، من المكتب الدولي للأوزان والقياسات (BIPM)، في مقالة مرفقة بالدراسة.
ويقول ديمتريوس ماتساكيس، عالم سابق في المرصد البحري الأميركي ولم يشارك في إعداد الدراسة: "على المرء أن تفادى أن يكون موجوداً في طائرة خلال تلك اللحظات".
فالبرامج المعلوماتية التي تدمج الثواني الكبيسة "تفترض أنها كلها إيجابية"، على ما يوضح دنكان أغنيو من معهد الجيوفيزياء بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو.
سرعة دوران الأرض
ويشكل هذا الواقع أحد الأسباب الكامنة وراء إجماع علماء المقاييس في مختلف أنحاء العالم على إلغاء الثانية الكبيسة بحلول العام 2035.
وبدءاً من تلك السنة، يُعتزَم السماح للفرق بين الوقت الذري ودوران الأرض بالوصول إلى دقيقة واحدة. لكن ما العمل أثناء انتظار ذلك؟
وتشير الدراسة إلى أنّ الاحترار المناخي قد يعطّل البرنامج، ويعود سبب ذلك إلى تسارع ذوبان الجليد في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، وهو ما تمكن الباحث من قياسه بفضل ملاحظات وفّرتها الأقمار الاصطناعية.
ومنذ تسعينيات القرن العشرين، يؤدي ذوبان الجليد إلى إبطاء دوران الأرض، على غرار التأثيرات التي أحدثها المد والجزر للقمر والشمس، مما أبطأ التسارع الطبيعي. ويقول العالِم: "عندما يذوب الجليد، ينتشر الماء في المكان بأكمله، ما يغيّر توزيع السوائل على السطح وداخل الأرض".
ما مِن جديد حتى الآن، فقد تم التطرق إلى التأثير البطيء لذوبان الجليد في نهاية القرن التاسع عشر، وتم احتسابه منذ خمسينيات القرن الماضي، على قول أغنيو. ويضيف: "لكنّ الجديد في دراستي هو إظهار مدى تأثير ذوبان الجليد على دوران الأرض. وهو تغيير لم نره من قبل".
ومن شأن التباطؤ أن يؤجل حتى العام 2029 التحول المحتمل إلى الثانية السلبية، بحسب توقعات العالم. ولولا التأثيرات الناجمة عن الاحترار المناخي، لكان من المؤكد أنّها ستُضاف سنة 2026.
ويرحّب علماء المقاييس بهذا التأخير، إذ سيكون أمامهم "مزيد من الوقت ليقرروا ما إذا كانت سنة 2035 هي التاريخ الأنسب للتخلي عن الثانية الكبيسة، أو ما إذا كان ينبغي التخلي عنها قبل تلك السنة"، بحسب باتريسيا تافيلا من المكتب الدولي للأوزان والقياسات.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الاحترار المناخی ذوبان الجلید دوران الأرض
إقرأ أيضاً:
قبل اختراع السيارات الحديثة..دراسة تكشف أولى مؤشرات الاحتباس الحراري الناجم عن الأنشطة البشرية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة عن تأثير البصمة البشرية على ظاهرة الاحتباس الحراري بالغلاف الجوي للأرض في وقت أبكر مما كان يُعتقد سابقًا، حتى قبل اختراع السيارات الحديثة.
باستخدام مزيج من النظريات العلمية، والملاحظات الحديثة، ونماذج حاسوبية متعددة ومتطورة، وجد الباحثون أن هناك إشارة واضحة لتغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية يُحتمل أن تكون قابلة للكشف منذ عام 1885، أي قبل ظهور السيارات التي تعمل بالبنزين، ولكن بعد بداية الثورة الصناعية.
نُشرت هذه النتائج بورقة بحثية، الإثنين، في الدورية العلمية "Proceedings of the National Academy of Sciences"، ما يزيد من احتمالية أن البشرية كانت تغير مناخ الكوكب بطريقة يمكن اكتشافها منذ وقت أطول مما كان يُعتقد سابقًا، ويبرز أهمية تتبّع التغيرات في الطبقات العليا من الغلاف الجوي.
بدأ العلماء في تسجيل ملاحظات درجات الحرارة السطحية بحلول منتصف القرن التاسع عشر. وكان يُعتقد بشكل عام أن الإشارة البشرية القابلة للكشف في درجات الحرارة السطحية بدأت في أوائل إلى منتصف القرن العشرين، رغم أن أجزاءً أخرى من نظام المناخ أظهرت علامات تغير في أوقات مختلفة.
في هذه الدراسة، طرح الباحثون في علم المناخ السؤال التالي: باستخدام أدوات الرصد المتوفرة اليوم، ما هو أقدم وقت يمكن فيه اكتشاف علامات تغير المناخ الناتج عن النشاط البشري في الغلاف الجوي؟
ركّزت الدراسة بشكل خاص على الإشارات الموجودة في "الستراتوسفير"، وهي الطبقة الثانية من الغلاف الجوي. وتحدث غالبية الظواهر الجوية في أدنى طبقة من الغلاف الجوي، وهي "التروبوسفير".
بينما تؤدي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى تسخين الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، فإنها تُحدث تأثيرًا معاكسًا في "الستراتوسفير"، لا سيما في مناطقها العليا.