الأسبوع:
2024-06-12@14:45:43 GMT

المظاهر الاحتفالية لشهر رمضان في السودان

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

المظاهر الاحتفالية لشهر رمضان في السودان

السودان هذا البلد الكبير حيث تبلغ مساحته 2.5 مليون كيلو متر مربع، وقد بلغ سكانه الآن حوالي 46، 8 مليون نسمة بعد انفصال الجنوب وتصل نسبة المسلمين إلى 91% يتكلمون الكثير من اللغات وعلى رأسها اللغة العربية واللهجة السودانية وقد دخلها الإسلام على أنقاض الممالك المسيحية عندما أتى الفاتحين من شبه الجزيرة العربية مرورا بمصر ثم ببلاد النوبة والسودان في أوائل العهود الإسلامية مع دخول عبد الله بن السرج إلى مصر، كما ساعد في ذلك الهجرات العربية للقبائل الشهيرة نحو السودان قبل الإسلام ومنها ما يسمى بهجرة الحضارمة وهجرات القبائل من شمال أفريقيا للسودان، ويوجد بالسودان الكثير من المساجد التراثية الإسلامية التي تنتشر بكثرة ومن حولها الزوايا في الكثير من المدن والقرى السودانية حيث يكون للإسلام وطريقة عبادته على سلوك المسلم طبيعة ذات فطرة أصيلة ومن أشهر هذه المساجد مسجد النيلين الذي افتتح 1964 ويعتبر من معالم السودان المميزة، وقد تم بنائه على شكل صدفة كبيرة عند ملتقى النيل الأبيض والأزرق بشاطئ أم درمان، ثم مسجد الخرطوم الكبير الذي بناه الخديوي عباس حلمي وافتتح عام 1901 في عهد الخديوي عباس ويعتبر مركز المدينة ومحور حركتها ويظهر تخطيطها العمراني المتأثر بالعمارة والهندسة الإسلامية، ثم مسجد دنقلة الذي يعود لعهد الخليفة عثمان بن عفان 652م عندما بدأت الفتوحات والموجود بمدينة دنقلة وغيرها من المساجد، وتذخر السودان بالمظاهر التراثية وكثرة العادات والتقاليد الأصيلة بها لقربها وتداخلها تاريخيا مع مصر كما يكون للاحتفال بالعادات والمناسبات الدينية طبيعة مميزة لهذا الشعب الذي يتنافس مع غيره من الشعوب في كثرة المظاهر الاحتفالية في شهر رمضان الكريم دون غيره من الدول.

يستقبل السودانيون رمضان بالفرحة والسرور ويعتمدون على ما تبثه وسائل الإعلام الرسمية ويبدأ الاحتفال به منذ شهر شعبان حيث تنبعث الروائح العطرية من المنازل والمساجد السودانية " رائحة الأبري أو المديدة " ومع رؤيته تتم إقامة الزفة وهي عبارة عن مسيرة من رجال الشرطة الجوقة الموسيقية العسكرية، مع موكب الطرق الصوفية المختلفة مع الجمهور الكبير ويطوفون شوارع العاصمة والمدن الكبرى ابتهاجا بشهر الصوم، وخلاله تقوم الأسر بتغيير أدوات الطهي وتجديد المنازل وتضاء المساجد وتزين بالمصابيح، وتنتشر المدافع التي تنطلق بالمدن للإعلان عن موعد الإفطار وكذلك موعد الإمساك، وتزدحم المساجد بالمتعبدين لإقامة الصلوات وصلاة التراويح وتبدأ الدروس الدينية وحلقات القرآن بعد آذان العصر، وعند لحظة الإفطار يتم شرب الأبريه ويعرف بالحلو مر وهو يعد ليروي الظمآن ويصنع من الذرة المنقوع بالماء، وهناك شراب الأبري أبيض وشراب المانجو والبرتقال والكركديه والتمر الهندي، ويبدأ الإفطار أيضا بالتمر ثم البليلة بالتمر، ثم عصير الليمون أو طبق الشوربة حسب حرارة الجو ثم يبدأ الصائمون بعد الصلاة لتناول الوجبات الرئيسية ومنها السبكة وهي عصيدة الباميا، وملاح الروب أي اللبن الرايب مع خليط الفول السوداني، ولهذا فالعصيدة من الوجبات التقليدية عند أهل السودان مع الباميا المفرومة مع اللحم، ثم يتناولون الشاي والقهوة المميزة، وما يميز السودانيين في رمضان هو انتشار ظاهر الإفطار الجماعي بالشوارع حيث تفرش الأبسطة وتدعو إليها الناس من كل حدب وصوب، وفي القرى يخرج الناس للجوامع ومعهم الأطعمة بكثرة للإفطار حيث يدعون بعضهم وتكثر الهدايا بالتزاور بين الأسر في جو أخوي كبير يعبر عن التسامح وحب الآخر، ويحتفلون بليلية القدر، وفي أواخر رمضان يعدون طعام يعرف بالرحمات من أجل الفقراء والمحتاجين لأنهم يعتقدون بعودة أرواح موتاهم لتسلم على أهلها في هذا اليوم وهو الخميس الأخير من رمضان ويوجد المسحراتي بالمدن السودانية كما تزدحم الشوارع والأزقة بالموائد الرمضانية بالإفطار الجماعي وهي عادة موروثة من القرن السادس الميلادي وعهود الممالك السودانية.

وفيه أيضا يتم ختم القرآن بالمساجد بصلاة التراويح وهي 8 ركعات، وتقام الدروس الدينية ويقوم المتصوفة بالأذكار والأوراد عقب كل ركعتين ويقومون بالدعاء، ويسهر السودانيون ليلا تآلفا حول هذا الشهر وتقام ما يسمى بالنوبات وهي حلقات الذكر مع إيقاع يقرع بالعصا على طبلة كبيرة لضبط الإيقاع، وأواخر الشهر تتحرك الأسر لشراء لوازم العيد كملابس الأطفال والسلع الهامة لصناعة الحلوى وكعك العيد، كما أنهم يحتفلون رسميا وشعبيا بليلة القدر التي يقدم فيها كبار المقرئين أحلى ما عندهم من الأداء كما يؤدون زكاة الفطر التي توزع برمضان ليظل له طابع فريد ومتميز ويدل على أصالة وجود وكرم هذا الشعب المحب لممارسة عاداته الأصيلة التي لم تلوث حتى تجد الحب والتسامح والتآخي وبخاصة في رمضان ليصبح الإفطار في هذا البلد عادة اجتماعية أصيلة يشترك في أدائها الجميع الذي لا يتردد في أن يجود بما عنده من أجل الأخر.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: شهر رمضان رمضان شهر رمضان الكريم تعلم شهر رمضان أسئلة عن شهر رمضان شهر رمضان للأطفال دعاء شهر رمضان أدعية شهر رمضان ادعية شهر رمضان نهار شهر رمضان شهر رمضان في السودان

إقرأ أيضاً:

لماذا تكون هنالك حروب في السودان؟

إبراهيم سليمان
هذا العنوان (بتصرف)، عبارة عن تساؤل عريض طرحته إحدى شخوص رواية (ذهب مع الريح) للكاتبة الأمريكية مارغريت متشيل على أحد أصدقائها خلال الحرب الأهلية الأمريكية قائلة:

"آه، يا بتلر، لماذا تكون هنالك حروب؟ كان الأفضل للشماليين أن يدفعوا لنا ثمن الزنوج بدلاً من أن يحدث هذا"

فأجابها: "ليس هذا سبباً يا سكارلت. إنه مجرد عذر، ستكون هناك دائماً حروب ما دام الرجال يحبون الحروب".

في بلادنا، الرجال هم النخبة المركزية وتجار الحرب من جنرالات العسكر، وقادة الكفاح المسلح، أما بالنسبة للأعذار، يمكننا القول، لماذا لم تعيد الحكومات المركزية المتعاقبة، تقسيم الثروة والسلطة بين مكونات البلاد بصورة عادلة، بدلاً من شن الحرب على حركات الكفاح المسلح المطلبية؟

هناك ناشط سوشل ميديا لخص أسباب انهيار الدولة السودانية في محتوى مدته أقل من ثلاث دقائق، مضمناً وسائل إمكانية نهوضها مرة أخرى، حصر أسباب الانهيار في أربعة محاور، هي الجهل والفساد، الحروب الأهلية، العنصرية وسوء الإدارة.

نكاد نجزم، أن الأخيرة، هي الشاملة لكافة الشرور الأخرى، وتحديداً سوء إدارة التنوع في البلاد، فالإدارة الجيدة للتنوع الإثني والديني والتباين الثقافي الأيدلوجي، كفيلة بتبديد كافة مظاهر العنصرية، وإخماد نيران الحروب، والإدارة العامة الجيدة بالبلاد، قمينة بمحاصرة الجهل، تربوياً وتعليمياً وثقافيا.

الفشل في إدارة التنوع، بدافع الغطرسة، ووهم الانتماء، وتعمد تزيف هوية البلاد، من النخب المركزية، هو إرث تاريخي أثقل كاهل الدولة السودانية، وساهم في انهيارها وبدخولها في حرب شاملة، لا تبقى ولا تذر.

يرى أستاذ العلوم السياسية عوض أحمد سليمان "أن تلازم سمتي السيطرة والعجز التي تمثلت في سيطرة الوسط النيلي ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وعجزها عن استيعاب حاجات الأطراف الأخرى في الاقتصاد والسلطة والتنمية.

وأضاف، إن الحكومات السودانية عززت -بدون وعي- نموذج المركز القابض بدكتاتورية سياسية واقتصادية غير مبررة، مشيرا إلى أن العدالة ظلت النقطة المحورية في فشل إدارة التنوع، وإلى تخلي الدولة عن وظيفتها الأساسية في حماية التنوع ورعايته لتتحول إلى دولة تسعى للتربح وتحقيق الذات."

سوء الإدارة العامة لشؤون الدولة السودانية، أفرزت المحسوبية، والتمكين الجهوي والأيدلوجي، وغياب سيادة القانون، والتهرب الضريبي، والأموال المجنبة، وتهريب الصادر، وغيال ولاية وزارة المالية على المال العام.

ومما لا شك فيه أن حب الرجال "النخبة المركزية" للحروب، بدافع الكراهية، وحب الذات، مستفيدين من قلة الوعي بين المكونات، بحقائق التاريخ السياسي للبلاد، والسيطرة على الأجهزة الإعلامية، واحتكار منابر الاستنارة والتوعية.

يمكننا الخلاصة، أن فشل النخب المركزية، في إدارة التنوع في البلاد، عن عجز أو عن قصد، عزز خطاب الكراهية، وساهم في تفشي العنصرية البغيضة، وهو السبب المباشر في إشعال الحروب في كافة ربوع البلاد. ولإخمادها إلى الأبد، لابد من بناء دولة جديدة على أسس جديدة، تنطلق من إعادة النظر في الهوية العرقية والثقافية للبلاد، وتقسيم الثروة والسلطة بصورة فدرالية عادلة، ووضع أسس واضحة لإدارة التنوع بشكل تفصيلي.

قال الشاعر الجاهلي أوس بن حجر

إِذا الحَربُ حَلَّت ساحَةَ القَومِ أَخرَجَت

عُيوبَ رِجالٍ يُعجِبونَكَ في الأَمنِ

ebraheemsu@gamailc.om

//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 153//  

مقالات مشابهة

  • أبو الغيط: استمرار الحرب السودانية يعني تآكل قدرات الدولة على أداء مسؤولياتها
  • أبو الغيط في إفتتاح الاجتماع التشاوري لتنسيق مبادرات السلام في السودان: انهاء الحرب مسئولية ابناء السودان في المقام الاول
  • الجامعة العربية تحذر من استمرار الحرب بالسودان وتأثيرها على الأجيال الحالية والقادمة
  • اجتماع بين روسيا ومصر يؤكد على إنهاء الحرب في السودان
  • الموقف من المائدة المستديرة في مصر اول امتحان امام تقدم!
  • لماذا تكون هنالك حروب في السودان؟
  • الحياد الروسي في حرب السودان
  • الحروب في السودان تؤكد هشاشة التكوين القومي وعجز الحكومات عن الحسم
  • الموقف من المائدة المستديرة في مصر أول امتحان أمام تقدم!
  • بعد معارك عنيفة.. خروج المستشفى الرئيسي في الفاشر السودانية عن الخدمة