جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-27@19:34:14 GMT

رسالة

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

رسالة

 

د. صالح الفهدي

توقَّفتُ عند رسالة صادرة من مكتبِ أحد الولاةِ أَبانَ فيها كثرة الشكاوي التي تصلُ بلدية الولاية فيما يشكِّلُ "ظاهرةً" حسبَ وصفه، موصيًا المشايخ والرُّشداء في الولاية بحل الإشكاليات الناجمة بين النَّاس دون الحاجة إلى رفع الشكوى إلى البلدية التي تشغلها مثل هذه الشَّكاوى التافهة؛ بل والكيدية في بعضها، وقد استوقفتُ عند الرسالةِ لأقول فيها مقالةً ترومُ تفنيدِ أسبابِ تلك "الظاهرة" التي تؤثِّرُ  كما جاءَ في الرسالة سلبًا على تلاحم أبناء المجتمع.

نذكرُ أولًا الدور الرائد الذي كانت تقومُ به "السَّبلة العُمانية" وهي أحد أهم مرتكزات الثقافة العمانية، وواحدة من أهم روافد التربية الاجتماعية. في هذه السبلة التي تعتبر مجلسًا محليًّا تُطرحُ جميع القضايا والإشكاليات، أكان ذلك فيما يتعلَّقُ بالبلدةِ أم الأفراد فيتمُّ حلَّها من قبل الرُّشداءِ في تلك البلدة، وقد شهدنا في صِغرنا هذه التجربة التي ترسَّخت بقيمها في وجداننا؛ بل إن السبلة قد تجاوزت نطاق ما يدورُ في البلدةِ من قضايا؛ حيث استدعى أهل بلدةٍ ذات مرة مدير إحدى المدارس ليناقشوا معه خلافًا مع بعض أبناءِ البلدة في المدرسة وليحلُّوا ذلك الخلاف بعد أن فهموا أساسه من المديرِ ومن أبنائهم.

ثم ظهرت أنظمةٌ مؤسسيةٌ تتعلَّق بالدولة العصرية، فلم يعد للسَّبلةِ ذلك الدور الرائد والنافذ الذي كانت تقوم به في المجتمع، في مقابل ظهور المؤسسات الأُخرى كالادعاء العام، ومراكز الشرطة، والبلدية وغيرها، وهنا غابَ الأفرادُ المؤثِّرون (الشيخ والرشيد وأهل الرأي) من المشهد الاجتماعي، وتلك طبيعة دولة المؤسسات، وسيرورة الحياة.

الأمر الآخر لم يكن من السَّهلِ سابقًا للفرد أن يدَّعي أمرًا قد يكون كيديًا أو تافهًا في حضرةِ أهل بلدتهِ ضدَّ قريبٍ له؛ سواءً في الرَّحم أو الجوار لأنه يعلمُ أثرُ الموقف الاجتماعي الذي سيتَّخذُ ضدَّهُ من أهل بلدتهِ في حالِ ادعائه الزائف، وحجَّتهِ الباطلة المكشوفة. أما اليوم فلم يعد يواجهُ ذلك المشهد الاجتماعي المُحرج، ولا يرى تلك الوجوه التي قد يشعر نحوها بالخزي والخجل، وإنما يجدُ وحدةً حكوميةً لا يشعرُ فيها بالحرج من تقديمِ شكوى ضدَّ أخيهِ، أو قريبهِ، أو جارهِ، وقد أتاحت بعض الجهات السبيل واسعًا لكلِّ من جاءها يشتكي؛ وهذا ما شجَّعَ كل صاحبِ ادَّعاءٍ تافهٍ أن يضيِّعَ أوقاتَ موظِّفيها!

الأمر الثالث أنَّ تلك "الظاهرة" إنَّما تعبِّرُ عن هشاشة القيم الاجتماعية وما يعتري المجتمع من ضعف قيمي، وهذا مردَّهُ إلى سطحيَّة فهم الدين الذي يحسبه البعض عباداتٍ مجرَّدةٍ، فينتهي من صلاتهِ ويستقلُّ سيارته ليشتكي من أخيه، أو جاره، دون أن يرفَّ له جفنٌ، أو يشعر ضميره بالاستحياء، أو يبينَ على وجهه الحرج!

وعلاجُ ذلك في وجهة نظري يجب أن يكون عبرَ ثلاثة مسارات:

أولًا: النصحُ من قِبَلِ أهل الرُّشدِ والرأي وهذا يستدعي وجود ما يشبه لجان التوفيق والمصالحة تُنشئها كلَّ بلدةٍ ومنطقة وتُمنح صلاحيات أشبه بتلك الممنوحة لهذه اللِّجان من قِبل المحاكم، لتعالج القضايا المحلية الناشئة بين أفراد مجتمع القرية، ويتم انتقاؤهم بالترشيح. فإذا كانت هناك إشادة بما تقوم به لجان التوفيق والمصالحة، فهذا يدلُّ على قيمة ما يُمكن أن تفعله اللجان المحليَّة لحلِّ القضايا الناشئة.

ثانيًا: تعزيز القيم الاجتماعية؛ فالمُجتمع العُماني مجتمعٌ مُحافظٌ متديِّن، على أنَّ البعضَ لا يفهم من الدين إلا القشور، أو يقتصرُ على العبادات في حين أنَّ "الدين المُعاملة"، وأن العبادات مقصدها استقامة العلاقات السوية بين أفراد المجتمع الواحد الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم كـ"الجسد الواحد"، والقيم التي أبانها الدين الحنيف لتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع كثيرة لا تعد على سبيل المثال ما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَا هُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ". (رواه مسلم). ولتفعيل هذا المسار يجب أن يمكَّن الوعَّاظ والخطباء من التركيز على تدعيم القيم الاجتماعية المؤيَّدةِ بالنصِّ والسنة المباركة.

ثالثًا: المسار الإجرائي لأيَّة قضية شكوى؛ حيث لا يجب التجاوب مع أيَّة قضيَّة تافهة تُرفع، ولا يجب إيلاء الاهتمام بأيَّة قضية كيدية تصل الجهات المعنية، فبعض الأفراد قد استسهلوا الأمر فأصبحوا رسلُ فتنةٍ وباطل لا يعنيهم جارٌ ولا قريب، وهؤلاءِ يُفترض أن يردعوا بقوةِ القانون إن هم استمرأوا الادعاء الزائف، والشكاوي الكيدية.

إنَّ كلَّ "ظاهرةٍ" يجب أن تعالج جذريًا في المجتمع حتى لا تتشعب في المجتمع فيكون علاجها بعد استفحالها وعمقها مستحيلًا لأنها تنكثُ النسيج الاجتماعي الذي يصعبُ إعادتهُ إلى الحالة المترابطة التي كانَ عليها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

موعد صرف معاشات نوفمبر 2025.. رابط الاستعلام عبر موقع التأمينات الاجتماعية

موعد صرف معاشات نوفمبر 2025.. بدأت وزارة التضامن الاجتماعي استعداداتها لصرف معاشات شهر نوفمبر 2025 لنحو 11 مليون مواطن من أصحاب المعاشات والمستحقين، وسط تأكيدات على انتظام عملية الصرف من جميع المنافذ المخصصة، سواء من ماكينات ATM أو مكاتب البريد والبنوك، وتأتي استعدادات الصرف ضمن خطة الوزارة لتسهيل حصول المواطنين على مستحقاتهم المالية دون تكدس، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سير العملية بسلاسة في مختلف المحافظات.

وتقدم «الأسبوع» لمتابعيها في السطور التالية، كل التفاصيل المتعلقة بصرف معاشات شهر نوفمبر 2025، ضمن خدمة تقدمها في مختلف المجالات، من خلال الضغط هنــــــــــــا.

معاشات نوفمبر 2025 موعد صرف معاشات شهر نوفمبر

تُصرف معاشات شهر نوفمبر 2025، يوم السبت 1 نوفمبر 2025، كما هو مقرر لصرف المعاشات مع بداية كل شهر، على أن يستمر صرف المعاشات حتى نهاية الشهر، لأكثر من 13 مليون مستفيد، وفقًا لهيئة التأمينات الاجتماعية.

خطوات الاستعلام عن معاشات نوفمبر

- تسجيل الدخول على موقع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.

- الضغط على أيقونة «صاحب معاش».

- اختيار أيقونة «الخدمات التأمينية».

- الضغط على أيقونة الاستعلام عن البيانات الأساسية لملف المعاش.

- إدخال الرقم القومي في الخانة المخصصة لذلك.

- الضغط على أيقونة «استعلام» لتظهر لك البيانات الأساسية لملف المعاش الخاص بك.

قيمة معاشات شهر نوفمبر 2025

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الأولى: 1719 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الثانية: 1938 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الثالثة: 2116 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الرابعة: 2645 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الخامسة: 3040 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة السادسة: 3438 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة السابعة: 3835 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الثامنة: 4232 جنيهًا

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة التاسعة: 4628 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة العاشرة: 5025 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الحادية عشرة: 5422 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الثانية عشرة: 5819 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الثالثة عشرة: 6215 جنيهًا.

- معاشات شهر نوفمبر للشريحة الرابعة عشرة: 13.330 جنيهًا.

أماكن صرف المعاشات

وتُصرف المعاشات لمستحقيها من خلال الأماكن التالية:

- ماكينات الصراف الآلي «ATM» التابعة للبنوك.

- فروع البنوك.

- مكاتب البريد المصري المنتشرة في مختلف المحافظات.

- المحافظ الإلكترونية عبر الهواتف المحمولة.

- منافذ فوري وكارت ميزة.

اقرأ أيضاًهتقبض كام بعد الزيادة؟.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025

موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 بعد آخر زيادة

آخر موعد لصرف معاشات تكافل وكرامة شهر نوفمبر 2025

مقالات مشابهة

  • "مرافق" تبرم شراكة استراتيجية مع "جيوتك" لبناء وتشغيل المجمع الاجتماعي في الدقم
  • عاجل: تمويل الزواج من بنك التنمية الاجتماعية.. تفاصيل وشروط التقديم
  • كيف تقدم اعتراضك على نتيجة الأهلية في الضمان الاجتماعي؟
  • افتتاح مركز BNB HUB للتنمية الاجتماعية والشبابية
  • وسائل تقديم طلب اعتراض على نتيجة الأهلية في الضمان الاجتماعي
  • موعد صرف الضمان الاجتماعي لشهر نوفمبر 2025 والاستعلام عن الأهلية
  • موعد صرف معاشات نوفمبر 2025.. رابط الاستعلام عبر موقع التأمينات الاجتماعية
  • وزيرة  الدولة بالرعاية الاجتماعية: المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ما يحدث في الفاشر
  • وزيرة التضامن الاجتماعي تُكرم الإدارة العامة لرعاية المسنين
  • القبض على دجال عصري يروج للشعوذة عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيديو)