لجريدة عمان:
2025-12-12@10:02:57 GMT

قانون البصمات الحيوية .. نحو عدالة ناجزة

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

ساهمت الثروة العلمية التكنولوجية في مجالات الطب الحيوي في تأمين حياة أفضل للإنسان، وتعزيز أمن المجتمع، خاصة ما يتعلق بمجال الهندسة الوراثية واستخدام البصمة الحيوية، والتي ساعدت في كشف الكثير من الأمراض المستعصية وعلاجها من جهة، وتحديد الهوية من جهة أخرى كالمتعلقة بكشف وتحديد هوية الشخص المجرم أو المفقود.

وتغيرات العالم وتطوراته المتلاحقة، والطفرات العلمية الحديثة، والعولمة الرقمية، فضلاً عن الكثافة السكانية، انعكست في تحدٍ على مجالات عدة، لاسيما على مجال العدالة الجنائية. ولا يمكن استيعاب هذه التحديات إلا باستثمار التقدم العلمي والتقني، وإعداد التشريعات الوطنية بشكل يتواكب مع متطلبات العصر والتغيرات السريعة.

إن المتأمل للسياسة التشريعية في سلطنة عمان، ليلحظ بوضوح مضيها وفق منهجية تتابعية بنائية مدروسة، وخطط مدعومة بالحقائق العلمية، على النحو الذي يأخذ واقع الحال في الحسبان، وتراعي تدرج الثقافة المجتمعية وتطور البنية التحتية، والغايات الوطنية والتوجهات العالمية.

ولذلك كله، وتحقيقاً لمقتضيات النظام الأساسي للدولة ومساندة القوانين الجزائية والتكامل معها، وما قضت به رؤية 2040 من إيجاد منظومة قضائية متطورة ومرنة، توظف تقنيات المستقبل وتوطن أفضل الممارسات العالمية بما يتواكب مع تطور العصر وسرعته وفق أعلى المعايير تحقيقاً للعدالة الناجزة والتي تنعكس إيجاباً ومباشرة في تعزيز الأمان المجتمعي، جاء المرسوم السلطاني رقم (21 /2024) بإصدار قانون البصمات الحيوية، ممثلاً نقلة نوعية في المنظومة التشريعية العمانية، ومواكباً للمستجدات العلمية والتقنية، واضعاً الإطار القانوني لعملية جمع واستخدام وحماية البيانات المتعلقة بالبصمات الحيوية، والتي هي الخصائص المميزة القابلة للقياس، لتحديد هوية الشخص وتمييزه عن بقية الأشخاص، مثل: البصمة الوراثية، وبصمة الأصابع والكفوف، وبصمة الوجه، وبصمة العين.

صدر قانون البصمات الحيوية بتاريخ 26 مارس 2024م، ونُشر في الجريدة الرسمية العدد رقم (1539) الصادر يوم الأحد الموافق 31 مارس 2024م، وعليه دخل حيز النفاذ الإثنين الموافق 1 أبريل 2024م. ويتضمن القانون 18 مادة مقسمة على أربعة فصول، يتضمن الفصل الأول التعريفات، والفصل الثاني قاعدة بيانات البصمات الحيوية، والفصل الثالث عينات وبيانات البصمات الحيوية، بينما نص الفصل الرابع على العقوبات.

وتكمن أهمية هذا القانون في تعزيز أحد أبرز مقومات المحاكمة العادلة وهي افتراض قرينة البراءة، حتى تثبت إدانة المتهم بحكم قضائي بات مبني على الجزم واليقين، وهو حق دستوري وحق إنساني دولي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فأضحت التشريعات الجنائية الحديثة تميل إلى الاستعانة بالأدلة العلمية وعلى رأسها البصمات الحيوية، لحجيتها في الإثبات الجنائي ما لم يثبت عكس ذلك، بموجب المادة (6) من هذا القانون، باعتبارها من الوسائل شديدة الدقة في الكشف عن الهوية، كونها ثابتة ومتفردة بين كل شخص وآخر.

علاوة على أن البصمة الوراثية كأحد أنواع البصمات الحيوية، وهي السمات الحيوية أو النمط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التباين في الحمض النووي الكروموسومي الناتجة عن تحليل الحمض النووي، ولا تتكرر إلا في حالات التوأم المتطابق، تتفرد بعدة خصائص عن غيرها من الأدلة العلمية، كإمكان استخلاصها من الحامض النووي من أي خلية في جسم الإنسان - عدا خلايا الدم الحمراء - إضافة إلى تعدد مصادر الجين البشري، حيث يمكن الحصول عليه من اللعاب أو الشعر أو الأنسجة البشرية مما يجعله كافياً للاعتماد عليه في حالة خلو مسرح الجريمة من بصمات الأصابع والكفوف مثلاً .

كما تبرز أهمية هذا القانون في وجود قاعدة بيانات البصمات الحيوية وهي نظام تقني تخزن فيه بيانات البصمات الحيوية، والتي يمكن للجهات المختصة بجمع الاستدلالات والتحقيق والمحاكمة الاستعانة بها بسرعة وسهولة في تحديد هوية الشخص وعلاقته بالجريمة المرتكبة، أو في أي حالات تقتضيها المصلحة العامة. بالإضافة إلى تمكين الجهات المختصة من إجراء فحص البصمة الوراثية في حالات اغتصاب القصر وفاقدي الأهلية، أو لتحديد هوية الجثث المجهولة، أو حالات الاشتباه في المواليد أو ضياعهم أو اختلاطهم بسبب الحوادث والكوارث، وتعذر معرفتهم.

علاوة على الموثوقية العلمية والتقنية لنظام البصمات الحيوية، الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى تسريع وتيرة العمل القضائي بدءاً من إجراءات جمع الاستدلال والتحقيق الجنائي إلى المحاكمة، بالتكامل مع أحكام قانون الإجراءات الجزائية والقوانين ذات الصلة، وانسجاماً مع اختصاصات ومهام الجهات ذات العلاقة وتعزيز كفاءتها في التوصل للمتهمين والمتورطين في الجرائم واتخاذ ما يلزم من إجراءات، وذلك في ظل الانفتاح الاقتصادي والتطور التقني، وزيادة الكثافة السكانية ما انعكس على تطور وتنوع أساليب الجريمة.

ومن جانب آخر، تعد البصمة الحيوية من الوسائل العلمية الحديثة والمتطورة، وحتى تعطي أساسها القانوني الصحيح والسليم، يستوجب استخدامها على قدر كبير من الحيطة والحذر، تفادياً للأخطار المحتملة والناجمة عن تطبيق تقنيات الهندسة الوراثية، وحتى لا تخرج عن أغراضها القانونية والمرجوة من استعمال البصمات الحيوية، إلى جانب الموازنة بين ما توصلت إليه التقنيات والعلوم الحديثة وبين حماية حقوق الإنسان؛ فأكد المشرع في المادة (2) من هذا القانون على وجوب احترام كرامة الأشخاص وحرمة حياتهم الخاصة وحماية بياناتهم الشخصية في أثناء مراحل جمع العينات والبصمات الحيوية.

كما حصر المشرع مصادر بيانات البصمات الحيوية في خمسة مصادر وفق المادة (3) من القانون ذاته، كالأثر الحيوي المرفوع من موقع الجريمة أو من الجثث والأشلاء المجهولة، أو العينة الحيوية المأخوذة من المتهمين والمحكوم عليهم جنائيا.

إضافة إلى الضوابط الفنية لعملية جميع العينات والآثار الحيوية والبصمات وإجراء الفحوصات، بأن تُجرى من قِبل المختصين في مختبر جنائي مهيأ ومجهز بأكثر الأجهزة حداثة ودقة لإجراء هذا الفحص.

كما أولى المشرع الاهتمام والحماية بالطفل بأن حظر جمع العينة الحيوية المرجعية منه إلا بحضور ولي أمره أو من ينوب عنه قانوناً. كما حظر على المؤسسات الصحية الخاصة إجراء فحص البصمة الوراثية إلا بعد الحصول على ترخيص من الإدارة المختصة.

ومما لا شك فيه، بأن للبصمات الحيوية وبياناتها الخصوصية والسرية، فقد منع المشرع الاطلاع عليها إلا بإذن من المفتش العام أو من يفوضه، فضلاً عن حظر استخدامها في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون بموجب المادة (4). مؤكداً على ذلك بإيراد عقوبات صارمة على من أفشى أياً من البيانات، أو خالف أحكام هذا القانون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البصمة الوراثیة هذا القانون

إقرأ أيضاً:

النواب الأمريكي يقر مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية بـ 900 مليار دولار

صوت مجلس النواب الأمريكي، على إقرار مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية، يُجيز تخصيص 900 مليار دولار لبرامج عسكرية، تشمل زيادة رواتب الجنود وإصلاحا شاملا لآلية شراء وزارة الدفاع للأسلحة، كما تشمل 400 مليون دولار لمساعدة أوكرانيا.


وأوضحت وكالة أنباء أسوشيتد برس الأمريكية، اليوم الخميس، أن إقرار مشروع القانون، بأغلبية 312 صوتًا مقابل 112، يأتي في ظل تصاعد التوتر بين الكونجرس ذي الأغلبية الجمهورية وإدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن إدارة الجيش.


ويحظى قانون تفويض الدفاع الوطني السنوي عادة بدعم الحزبين، وقد أشار البيت الأبيض إلى "دعمه القوي" لهذا التشريع الضروري، مؤكدا أنه يتماشى مع أجندة ترامب للأمن القومي. إلا أن مشروع القانون، الذي يزيد عن 3000 صفحة، يتضمن عدة بنود تُعارض وزارة الدفاع، منها المطالبة بمزيد من المعلومات حول هجمات الزوارق في منطقة البحر الكاريبي، ودعم الحلفاء في أوروبا، مثل أوكرانيا.


وبشكل عام، يدعو مشروع القانون الشامل إلى زيادة رواتب العديد من العسكريين بنسبة 3.8%، بالإضافة إلى تحسينات في المساكن والمرافق في القواعد العسكرية.


كما أنه يمثل حلا وسطا بين الحزبين السياسيين، حيث يخفض جهود مكافحة تغير المناخ والتنوع بما يتماشى مع أجندة ترامب، مع تعزيز الرقابة البرلمانية على البنتاجون وإلغاء العديد من تفويضات الحرب القديمة. ومع ذلك، أعرب المحافظون المتشددون عن استيائهم من عدم اتخاذ مشروع القانون إجراءات أكثر فعالية لخفض التزامات الولايات المتحدة في الخارج.


وقال النائب مايك روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب عن الحزب الجمهوري: "نحن بحاجة إلى قوة قتالية جاهزة وقادرة وفعالة، لأن التهديدات التي تواجه أمتنا، أصبحت أكثر تعقيدا وتحديا من أي وقت مضى خلال الأربعين عاماً الماضية".


وأشار المشرعون المشرفون على الجيش إلى أن مشروع القانون سيغير آلية شراء البنتاجون للأسلحة، مع التركيز على السرعة بعد سنوات من التأخير من جانب صناعة الدفاع. كما أنه يمثل أولوية رئيسية لوزير الدفاع بيت هيجسيث. 


ووصف النائب آدم سميث، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة، مشروع القانون بأنه "أكثر خطوة طموحة لإصلاح نظام التسلح التي اتخذناها".


ومع ذلك، أعرب سميث عن أسفه لأن مشروع القانون لا يحقق ما يطمح إليه الديمقراطيون لكبح جماح إدارة ترامب، لكنه وصفه بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة تأكيد سلطة الكونجرس".


وقال: "أكبر مخاوفي هو أن البنتاجون، الذي يديره الوزير هيجسيث والرئيس ترامب، لا يخضع للمساءلة أمام الكونجرس أو القانون".


ويُحال التشريع الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يعمل القادة على إقراره قبل مغادرة المشرعين واشنطن لقضاء عطلة الأعياد.


وانتقد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين مشروع القانون لعدم كفايته في تقييد الرحلات الجوية العسكرية فوق واشنطن. وكانوا قد ضغطوا من أجل إجراء إصلاحات بعد حادث تصادم جوي وقع هذا العام بين مروحية تابعة للجيش وطائرة ركاب، وأسفر عن مقتل جميع الركاب الـ 67 الذين كانوا على متن الطائرتين بالقرب من مطار رونالد ريجان الوطني في واشنطن.


وأدرج المشرعون بندًا يقضي بخفض ميزانية سفر هيجسيث بمقدار الربع إلى حين تزويد البنتاجون الكونجرس بمقاطع فيديو غير محررة للغارات التي استهدفت قوارب يُزعم أنها تحمل تهريب مخدرات قرب فنزويلا. ويؤكد المشرعون دورهم الرقابي بعد غارة جوية في الثاني من سبتمبرالماضي عندما أطلق الجيش الأمريكي النار على ناجيين اثنين كانا يتمسكان بقارب مدمر جزئيًا.


كما يطالب مشروع القانون هيجسيث بالسماح للكونجرس بمراجعة أوامر تنفيذ هذه الغارات.
وكان دعم ترامب المستمر لأوكرانيا وحلفائها الآخرين في أوروبا الشرقية موضع شك خلال العام الماضي، إلا أن المشرعين أدرجوا عدة مواقف تهدف إلى الحفاظ على الدعم الأمريكي لمواجهة العدوان الروسي في المنطقة.


ويلزم مشروع قانون الدفاع البنتاجون بالإبقاء على ما لا يقل عن 76 ألف جندي ومعدات رئيسية متمركزة في أوروبا، ما لم يتم التشاور مع حلفاء الناتو والتأكد من أن هذا الانسحاب يصب في مصلحة الولايات المتحدة. 


ويتواجد عادة ما بين 80,000 و100,000 جندي أمريكي على الأراضي الأوروبية كما يُجيز القانون تخصيص 400 مليون دولار لكل عام من العامين المقبلين لتصنيع أسلحة تُرسل إلى أوكرانيا.


بالإضافة إلى ذلك، يتضمن القانون بندًا يُبقي القوات الأمريكية متمركزة في كوريا الجنوبية، ويحدد الحد الأدنى المطلوب بـ 28,500 جندي.


وأفادت لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب أن مشروع القانون يُخفض الإنفاق المتعلق بتغير المناخ بمقدار 1.6 مليار دولار. وقد خلصت تقييمات الجيش الأمريكي منذ فترة طويلة إلى أن تغير المناخ يُشكل تهديدًا للأمن القومي، حيث تتعرض القواعد العسكرية لأعاصير مدمرة أو فيضانات متكررة.


وأضافت اللجنة أن مشروع القانون سيوفر أيضًا 40 مليون دولار من خلال إلغاء مكاتب وبرامج وتدريبات التنوع والإنصاف والشمول. فعلى سبيل المثال، سيتم إلغاء منصب كبير مسؤولي التنوع.


ويُنهي الكونجرس رسميًا الحرب في العراق بإلغاء قرار تفويض غزو عام 2003. ويؤكد المؤيدون في مجلسي النواب والشيوخ أن الإلغاء ضروري لمنع انتهاكات مستقبلية وتأكيدا على أن العراق شريك استراتيجي للولايات المتحدة.


كما قرر الكونجرس رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا نهائيًا، بعد أن رفعت إدارة ترامب مؤقتًا العديد منها.


وكان المشرعون قد فرضوا عقوبات اقتصادية مُرهقة على سوريا عام 2019 لمعاقبة الرئيس السابق بشار الأسد على انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب الأهلية التي استمرت قرابة 14 عامًا.

طباعة شارك مجلس النواب الأمريكي إقرار مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية برامج عسكرية زيادة رواتب الجنود إصلاحا شاملا لآلية شراء وزارة الدفاع للأسلحة وكالة أنباء أسوشيتد برس الأمريكية

مقالات مشابهة

  • هتلحق البصمة.. انسياب مروري تام بمحاور القاهرة والجيزة
  • قانون حماية الآثار في مصر يفرض عقوبات صارمة على المتعديين
  • السجال الانتخابي مستمر... بري: الانتخابات على القانون النافذ وجنبلاط لا يستبعد تأجيلها
  • إلغاء قانون قيصر يعيد الأمل للسوريين بمستقبل أفضل
  • السوريون يحتفلون برفع قانون قيصر
  • أسعد الشيباني: إلغاء قانون قيصر يمثل "انتصارا"
  • النواب الأمريكي يقر مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية بـ 900 مليار دولار
  • سوريون: لا قيصر بعد قيصر
  • مجلس النواب الأميركي يقر مشروع قانون لإلغاء "عقوبات قيصر"
  • مرتينوس: الإصلاح يبدأ من دولة القانون والمؤسسات