“كسارة بندق” بريطانية و”معمل أظافر” لـ إخضاع اليمنيين !
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
يمانيون – متابعات
نفذت القوات البريطانية في مثل هذا الوقت قبل 60 عاما عمليات عسكرية وحشية في الفترة من يناير إلى مايو عام 1964 لقمع ثورة 14 أكتوبر بجنوب اليمن والتي انطلقت من جبال ردفان.
موقع “declassifieduk” يصف تلك العملية العسكرية البريطانية بجنوب اليمن الذي كان حينها تحت الاحتلال قائلا إن “حملة ردفان كانت سلسلة من العمليات العسكرية البريطانية خلال حالة الطوارئ في عدن في يناير ومايو 1964.
العملية العسكرية البريطانية الأولى للقضاء على تلك الثورة اليمنية العارمة في مناطق اليمن الجنوبية أطلق عليها اسم “كسارة البندق”، وقد بدأت في يناير عام 1964 بمشاركة ثلاثة كتائب بريطانية متمركزة هناك معززة بسلاح الجو الملكي.
في “عملية كسارة البندق”، نفذت طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني 600 طلعة قتالية جوية فوق جبال ردفان، أطلقت خلالها 2500 صاروخ و200000 قذيفة مدفعية.
الموقع البريطاني الإلكتروني ذاته لفت إلى أن الغارات الجوية البريطانية الأولى التي نفذت مطلع العام الجاري على مواقع الحوثيين في اليمن ” الذين تجرأوا على تحدي الدعم الغربي لـ “إسرائيل” على غزة”، بذريعة تعرض المدمرة، “إتش إم إس دايموند”، للهجوم من قبل طائرات يمنية مسيرة، يتزامن مع الذكرة الستين “لحملة بريطانية منسية في البلاد تنطوي على القوة الغاشمة والهجمات المتعمدة على المدنيين، كما تظهر الملفات التي رفعت عنها السرية”.
مناطق اليمن الجنوبية كانت تحت السيطرة البريطانية منذ عام 1839، وكان ميناء عدن يعتبر رصيدا استراتيجيا حيويا للإمبراطورية البريطانية.
ردت السلطات البريطانية على الثورة في مناطق اليمن الجنوبية في عام 1964 “بإطلاق العنان للقمع الوحشي في شوارع عدن، بما في ذلك إقامة مركز استجواب كان يعرف بشكل ساحر باسم (معمل الأظافر). كان التعذيب والضرب والإعدام بإجراءات سريعة أمرا روتينيا”.
منطقة ردفان التي انطلقت منها شرارة الثورة بجنوب اليمن حينها كانت ضمن الكيان الاستعماري البريطاني الذي خلقته بريطانيا وأطلقت عليه اسم اتحاد جنوب الجزيرة العربية وكان عبارة عن مجموعة من المشيخات والسلطنات التي كونتها لندن.
المملكة المتحدة لم تكن تمانع في منح الاستقلال لـ”جنوب الجزيرة العربية”، ولكن بشرط كشف عنه السير كينيدي تريفاسكيس، مفوضها السامي في عدن في الوثائق السرية التي رفعت عنها السرية بقوله إن هذا الاستقلال يجب أن “يضمن انتقال السلطة الكاملة بشكل حاسم إلى أيد صديقة”، وأن يترك هذا الإقليم ” معتمدا علينا وخاضعا لنفوذنا”.
اليمنيون قالوا كلمتهم في ذلك الوقت من خلال ثورة عارمة ضد الاحتلال البريطاني جنوب اليمن، و”كان رد السلطات البريطانية في ظل حكومة أليك دوغلاس المحافظة شرسا.
دعا وزير المستعمرات دنكان سانديز في أبريل 1964 إلى (القمع الشديد) للثورة، وأن يسمح للجيش البريطاني (باستخدام أي أساليب ضرورية)”.
ما كان يزعج البريطانيين في ذلك الوقت هو الاحتجاجات الدولية” ولذلك شددوا على ضرورة التقليل منها بدعاية مناسبة، مع المحافظة في نفس الوقت على الهدف المتمثل في “جعل الحياة غير سارة للقبائل إلى درجة تحطيم معنوياتهم والحصول على خضوعهم”.
توجيه سياسي صدر للقوات البريطانية في أبريل 1964 طالب القوات البريطانية بضرورة اتخاذ “إجراءات عقابية تؤذي المتمردين، وبالتالي تترك وراءها ذكريات لن تتلاشى بسرعة”.
وهذا ما حصل بالضبط، حيث كتب بريان دروهان، الباحث في أكاديمية “ويست بوينت” العسكرية الأمريكية بعد تحليله للملفات البريطانية التي رفعت عنها السرية يقول إن “سكان ردفان شعروا بالقوة الكاملة للإكراه الاستعماري حيث قصفت القوات البريطانية القرى وذبحت الماشية ودمرت المحاصيل”.
كما تلقى الجنود البريطانيون أوامر “بمصادرة الممتلكات وحرق الأعلاف وتدمير مخازن الحبوب والماشية. وسمحت قواعد الاشتباك للقادة باستخدام القصف الجوي والمدفعي إلى أقصى حد ضروري، إذا رفضت القرى الاستسلام”، مع الإشارة أيضا في هذا التوجيه الرسمي البريطاني، بضرورة القبول في مثل هذه الظروف بسقوط “ضحايا من النساء والأطفال”!
الوثائق البريطانية السرية كشفت أن طائرة قاذفة بريطانية استهلكت في هجوم واحد 600 طلقة مدفع عيار 20 ملليمتر وأسقطت 20 قنبلة، واعترف الطيار بأنه أطلق نيران مدفعه الرشاش على قطيع من الماعز، وأنه ألقى ست قنابل على قطيع ماعز آخر، واستهدف 11 رأس من الماشية، وعلى “الناس” من دون تحديد، إضافة على استهداف 14 شخصا كانوا يختبئون تحت الأشجار.
وزارة الدفاع البريطانية تحدثت في ذلك الوقت عن عدم وجود قيود على استخدام “القنابل المضادة للأفراد” التي يبلغ وزنها 20 رطلا، على غرار ما يسمى الآن بالقنابل العنقودية. ما كان يهم وزير الدفاع البريطاني في ذلك الوقت، بيتر ثورنيكروفت، أوصى به رئيس اركان القوات الجوية ويتمثل في “ضمان سرية العملية” أثناء استخدام هذه القنابل.
باستخدام القوة الغاشمة وأساليب القمع الوحشية واستهداف المدنيين تمكنت القوات البريطانية في أواخر يوليو عام 1964 من استعادة السيطرة إلى حين على المناطق التي خرجت عن سيطرتها، وواصلت فرض حظر بري على التنقل من خلال تسيير دوريات برية وجوية.
بنهاية المطاف، وبعد حرب تحرير طويلة ودامية، رحل البريطانيون عما يعرف بـ”اتحاد جنوب الجزيرة العربية” وأصبحت هذه المنطقة جزءا من جنوب اليمن المستقل في عام 1967، وبقيت في الذاكرة اليمنية وحشية الجيش البريطاني. وحشية تجددت مطلع هذا العام بعد مرور ستة عقود من تلك الحقبة الرهيبة.
* المصدر: موقع روسيا اليوم
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات البریطانیة البریطانیة فی فی ذلک الوقت جنوب الیمن عام 1964
إقرأ أيضاً:
اليمن يفرض شروط السيادة في البحر الأحمر: “ترومان” تغادر و”كوين إليزابيث” تعبر بإذن صنعاء
يمانيون – تحليل خاص
تشهد الساحة البحرية في البحر الأحمر تحولات استراتيجية عميقة تُعيد رسم معادلات النفوذ، في ظل انكفاء القوى الغربية وارتباكها أمام معادلة الردع التي أرستها القوات المسلحة اليمنية.
في الأيام الأخيرة، أُجبرت الولايات المتحدة على سحب حاملة طائراتها “ترومان” دون تحقيق أي مكاسب ميدانية، فيما اضطرت بريطانيا إلى التنسيق المسبق مع صنعاء قبل السماح بعبور حاملة طائراتها “HMS كوين إليزابيث”، لتؤكد بذلك حقيقة التحول الذي بات يحكم مسرح البحر الأحمر: لا قوة عظمى تمر إلا بشروط اليمن.
ترومان “الرمز” تسحب ظلّها
غادرت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس ترومان” مياه البحر الأحمر دون أن تحقق أي تأثير يُذكر على مسار الأحداث. ورغم الضخ الإعلامي الذي صاحب وصولها إلى المنطقة قبل أشهر، فإن الواقع أثبت أن وجودها كان استعراضيًّا أكثر منه عمليًّا.
وبحسب قناة “13 نيوز ناو” الأمريكية، فإن “ترومان” من المقرر أن تصل إلى الولايات المتحدة في الأول من يونيو، لتختتم بذلك فصلاً باهتًا من الحضور الأمريكي في البحر الأحمر. لم تنخرط الحاملة في أي عمليات، ولم تُشارك في أي ردّ فعليّ مباشر ضد العمليات اليمنية المستمرة دعمًا لغزة، وهو ما يُفسَّر على نطاق واسع بأنه فشل مزدوج: فشل في تقدير قدرة صنعاء، وفشل في إدارة المغامرة دون دفع ثمن استراتيجي.
عبور بريطاني بشروط يمنية
وفي موازاة الانكفاء الأمريكي، سجلت لندن سابقة لافتة في التعامل مع الوضع اليمني، عبر تنسيق مسبق مع صنعاء للسماح بمرور حاملة الطائرات “HMS كوين إليزابيث” في البحر الأحمر.
وكشف عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، في تغريدة نشرها على منصة “X”، أن الجانب البريطاني تواصل مع الجمهورية اليمنية وأبلغ أن مرور الحاملة يهدف إلى المناورة فقط دون تنفيذ أي عمليات قتالية.
وأضاف الحوثي أن القوات المسلحة اليمنية وافقت على هذا المرور بشرط عدم اتخاذ أي موقف عدائي يمسّ مهام الإسناد اليمني لغزة.
تم التواصل بالجمهورية اليمنية
بخصوص مرورحاملة الطائرات البريطانية HMS بأنهاستعبرللمناورة ولن تنفذ اي عمليات قتاليةفي البحر الاحمر
وتم ابلاغهم من قبل القوات المسلحةاليمنية بالسماح بالمرور مادامت في مهمةغير قتاليةاو توجه عدواني
لاعتراض القوات المسلحةعن اسناد غزة التي تباد من الكيان
— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) May 31, 2025
هذه التغريدة، رغم إيجازها، تختزل تحولًا جذريًّا في المشهد البحري والسياسي للمنطقة. فلأول مرة، تُضطر دولة غربية كبرى إلى التنسيق العلني وغير القسري مع طرف إقليمي من موقع الندية، بل من موقع التبعية المشروطة. لم يعد البحر الأحمر منطقة رخوة للغطرسة الغربية، بل بات ساحة سيادة مشروطة بإرادة صنعاء.
التحول من الردع بالقوة إلى الردع بالشروط
تعكس التحركات البريطانية والأمريكية ارتباكًا واضحًا أمام الخطوط الحمراء التي رسمتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر. فلم يعد الحديث عن ضربات موضعية أو مواجهات تكتيكية، بل عن تغيير جذري في قواعد اللعبة.
ما يجري اليوم يُكرّس تحول الردع اليمني من العمل العسكري إلى التأثير السياسي والرمزي. فمجرد أن تُجبر بريطانيا على طلب الإذن، أو تُجبر أمريكا على الانسحاب بهدوء، دون أن تطلق صنعاء صاروخًا واحدًا، فهذا يعني أن كفة القوة قد تحوّلت من المنظومات المتطورة إلى القرار السيادي المعلن والصامد.
وفي هذا الإطار، فإن عبور “كوين إليزابيث” دون مهام قتالية لا يُعدّ مجرد حدث بحري، بل اعترافًا ضمنيًا بمركزية صنعاء في معادلة الملاحة الإقليمية. إنه شكل من أشكال الانحناء السياسي أمام قوة لم تستورد الهيبة من واشنطن أو لندن، بل صنعتها من موقع المعاناة والانتصار معًا.
القوات اليمنية تُعيد تعريف الملاحة العسكرية
الرسائل المتتالية من صنعاء لا تكتفي بالاستعراض الرمزي، بل تعيد ترسيخ مفاهيم جديدة للسيادة. لم تعد القوة تقاس بعدد الحاملات ولا بنوع المقاتلات، بل بقدرة الطرف الأضعف – شكليًّا – على فرض معايير الاشتباك، وتحديد من يمرّ ومن يُمنع، ومن يُعامل كخصم ومن يُعتبر محايدًا بشروط.
هذه السيادة لم تأتِ من فراغ. فطيلة الأشهر الماضية، أثبتت القوات المسلحة اليمنية قدرتها على استهداف السفن الصهيونية ومن يرتبط بها، وفرضت حالة من القلق الدائم على كل قطع البحرية الغربية. ومع إعلان صنعاء أن دعمها لغزة مستمر ولن يتوقف، فإن كل قطعة بحرية تمر من مضيق باب المندب أو البحر الأحمر باتت تحمل في حساباتها سؤالًا استراتيجيًّا: هل يُسمح لها بالعبور أم تُجبر على التراجع؟
استراتيجية جديدة للهروب الغربي
في ظل كل ما سبق، تبدو مغادرة “ترومان” وعبور “كوين إليزابيث” كأنهما حركتان في مسرح واحد. الأولى تمثل الهروب من المواجهة، والثانية تُجسّد العبور تحت السيطرة. وبين الانسحاب والمرور المشروط، تظهر معادلة جديدة: الغرب يتراجع دون أن يخسر علنًا، وصنعاء تربح دون أن تطلق النار.
هذه المعادلة تنذر بتحولات قادمة في سلوك القوى الدولية تجاه المنطقة. فالمشهد لم يعد قابلًا للتكرار على النحو القديم. كل سفينة تمر الآن تُحسب خطواتها ألف مرة، وكل مهمة يُخطط لها بدقة خشية الاصطدام بقرار سيادي يمني يعيد رسم خريطة النفوذ في الممر البحري الأهم عالميًّا.
من باب المندب تبدأ معركة الإرادة
بين عبور مشروط وغياب مشرف، تؤكد صنعاء مجددًا أن من يسيطر على القرار في البحر الأحمر ليس من يملك الغواصات والطائرات، بل من يملك الإرادة والتوقيت والسيادة. وقد أثبتت الأيام أن الإرادة اليمنية ليست موسمية، بل متجذرة في معركة أوسع من البحر الأحمر، معركة اسمها: غزة أولًا، والهيمنة الغربية إلى زوال.