بات شبه محسوم أنّ قرار "التمديد" للمجالس البلدية والاختيارية، وبالتالي تأجيل الاستحقاق الانتخابي للمرّة الثالثة على التوالي، قد اتُخِذ على أعلى المستويات، وإنّ العمل قائم لرسم "السيناريو الأنسب" ليأخذ طريقه نحو التنفيذ، علمًا أنّ الإعداد لاقتراح قانون وربما أكثر قد بدأ عمليًا، تمامًا كالطعن بهذه الاقتراحات، الذي يضعه كثيرون في خانة "رفع العتب"، ويربطونه ببازار "المزايدات" الذي سيتصدّر المشهد في الأسابيع القليلة المقبلة.


 
لكن، إذا كانت مواقف بعض القوى السياسية "محسومة" إزاء التعامل مع الاستحقاق، على غرار "الثنائي الشيعي" الذي يدفع نحو التمديد، من باب رفض "استثناء" الجنوب وربما البقاع معه من "الأجندة الانتخابية"، وكذلك حزبا "القوات" و"الكتائب" ومعهما نواب "التغيير" الذين يصرّون في العلن على وجوب إجراء الانتخابات في مواعيدها المؤجَّلة أصلاً، يبقى موقف "التيار الوطني الحر" برأي كثيرين، الأكثر "ضبابية"، وسط تساؤلات متصاعدة عن حقيقته.
 
في هذا السياق، ثمّة من يجزم بأنّ "التيار" سيتولى مهمّة تأمين نصاب الجلسة التشريعية التي ستبحث اقتراح قانون التمديد، كما فعل العام الماضي، ولا سيما أنّه قد يكون "أحوَج" إليه حتى من الثنائي الشيعي، فيما يتحدّث آخرون عن "تردّد" في صفوفه، بسبب "المزايدات" على الساحة المسيحية، فضلاً عن العلاقة المتوترة مع "حزب الله"، فأين يتموضع "التيار" في واقع الأمر؟ وهل حسم "وجهته" في الجلسة التشريعية المرتقبة؟!
 
"التيار" لم يحسم موقفه؟!
 
على المستوى الرسمي، يقول المحسوبون على "التيار الوطني الحر" إنّه لم يحسم موقفه بعد، لجهة كيفية التعامل مع أيّ جلسة تشريعية، يكون مشروع التمديد على جدول أعمالها، علمًا أنّ هؤلاء يحاولون رمي الكرة في ملعب الحكومة، عبر الإيحاء بأنّ المسؤولية مسؤوليتها، وإنّ عليها أن "تصارح" الناس في المقام الأول بمدى قدرتها على إجراء الانتخابات، رغم أنّ الأخيرة ماضية في التحضيرات اللوجستية لها وكأنّها حاصلة غدًا.
 
بالنسبة إلى أوساط "التيار"، فإنّ الأمر لا يزال يخضع للنقاش في داخل "التيار"، لكنّ الأكيد أنّ الموقف النهائي يرتبط بالمصلحة العامة، وليس بالعلاقة بين "التيار" والقوى السياسية، كما يحاول البعض الإيحاء، إذ من غير المنطقي أن يقف "التيار" مع التمديد مثلاً نكاية بخصومه على الساحة المسيحية، ولا أن يعارضه فقط من باب تسجيل النقاط على "حزب الله"، أو ربما "استفزازه" كما ذهب البعض إلى حدّ القول.
 
وتشدّد أوساط "التيار" على أنّ الموقف النهائي يرتبط أيضًا بجدول أعمال الجلسة التشريعية التي سيدعو إليها رئيس المجلس، فـ"التيار" ملتزم بعدم المشاركة في أيّ جلسة تشريعية ما لم ينطبق على كلّ بنودها شرط "تشريع الضرورة" في ظلّ الفراغ الرئاسي، علمًا أنّ هذه الأوساط تلمّح إلى أنّ أيّ تمديد للانتخابات، إذا اقرّ، لن يكون "مفتوحًا"، بل سيكون "مشروطًا" بإنجاز الاستحقاق متى زالت الأسباب الموجبة للتأجيل.
 
مع التمديد.. ولكن!
 
لكنّ ما يقوله "التيار" عن عدم حسم موقفه لا يبدو مقنًعا لكثيرين، ممّن يعتقدون أنّ رئيسه الوزير السابق جبران باسيل يتعمّد تأجيل إعلان قراره حتى اللحظة الأخيرة، من باب "المناورة"، وذلك من أجل ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، في حين أنّ القاصي والداني يدرك أنّه ليس جاهزًا للاستحقاق الانتخابي، وأنه يفضّل تأجيل الانتخابات، ولا سيما أنّه يخشى من تراجع حجمه الشعبي في المرحلة الأخيرة.
 
من هنا، يقول العارفون إن "التيار" مع التمديد في المبدأ، لكنه يفضّل "التريّث" في إعلان موقفه، حتى لا يخسر على المستويين الشعبي والسياسي، خصوصًا في ظلّ "المزايدات المفتوحة" على الساحة المسيحية، ما يعني أنّ أيّ موقف مؤيد للتأجيل قبل ربع الساعة الأخير سيترك انطباعًا سيئًا في الشارع المسيحي الذي يجد نفسه أقرب إلى منطق "لا للتمديد"، بمعزل عن كلّ الأسباب والظروف، بما فيها الوضع المتوتر جنوبًا وبقاعًا.
 
وإلى هذه الخشية، ثمّة من يتحدّث عن سعي باسيل لتحقيق "المكاسب السياسية"، فهو يعرف أنّ "الثنائي الشيعي" يريد انتزاع التمديد، ويرفض منطق "استثناء" بعض المناطق، الذي يعتبره "تمييزًا"، ولذلك فهو "يتدلّل" إن جاز التعبير، ليقبض "ثمن" تأمين نصاب جلسة التمديد، وهو الذي اعتاد على ألا يقدّم شيئًا من دون مقابل، فكيف بالحريّ اليوم، في ضوء التوتر الذي ضرب علاقته مع "حزب الله" بشكل أو بآخر.
 
صحيح أنّ تأجيل الانتخابات البلدية "شبه محسوم" في المبدأ، ولو أنّه لا يزال يصطدم ببعض التعقيدات التي يصفها العارفون بـ"الشكلية"، في ظلّ توافق ضمني بين المؤيدين والمعارضين على "تمرير" التمديد. إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ موقف "التيار الوطني الحر" غير المُعلَن، يثير الاهتمام بدرجة مضاعفة، لأن الكثير سيُبنى عليه وفق ما يقول البعض، على مستوى ما بعد جلسة التمديد، ولا سيما فيما يتعلق بالعلاقة مع "حزب الله". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

الانتخابات البلدية في لبنان.. انتصار القوى التقليدية وتراجع للقوى المدنية

انتهت الجولة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، التي جرت الأحد، بتسجيل انتصار جديد للقوى السياسية التقليدية في محافظات بيروت، البقاع، وبعلبك-الهرمل شرقي البلاد، في مقابل تراجع واضح في أداء المجموعات المدنية والتغييرية، ولا سيما في العاصمة، ما يضع هذه القوى أمام اختبار حقيقي لاستمراريتها وقدرتها على المنافسة في الانتخابات النيابية المقررة في أيار/مايو الجاري.

وتأتي هذه الانتخابات بعد سنوات من التأجيل، حيث تُنظم على مراحل بدأت من محافظة جبل لبنان، وذلك عقب تعذّر إجرائها منذ الاستحقاق الأخير عام 2016، وتمديد عمل المجالس المحلية منذ ذلك الحين.

وشهد يوم الاقتراع ثلاث معارك أساسية في بيروت وزحلة وبعلبك، وبلغت نسبة المشاركة في العاصمة 21%، وانتهت بفوز لائحة موحدة جمعت أحزاب السلطة على اختلاف توجهاتها، في مواجهة لوائح ضمت شخصيات سياسية وعائلات بيروتية ومجموعات مدنية ومستقلة، رفعت شعار الدفاع عن المناصفة الإسلامية-المسيحية، مستثمرة الخطاب الطائفي والتحذير من إقصاء المكونات، على غرار ما جرى في طرابلس، واستفادت من شدّ العصب الطائفي والدعم المالي الميداني الكبير.

وفي المقابل، عانت القوى التغييرية من تشتت وتضارب في المواقف، ما انعكس سلباً على نتائجها، رغم توقعات سابقة بإمكانية إحداث خروقات في مجلس بيروت البلدي، خصوصاً عبر آلية "التشطيب" وعدم الالتزام الحزبي الكامل. 


إلا أن الأرقام أظهرت التزاماً واسعاً من قبل القواعد الناخبة لأحزابها، وبرز ذلك في ثقل أصوات مناصري "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل)، الذين اعتبروا أنهم ساهموا في "حماية المناصفة" التي أرسى قواعدها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، ومن بعده نجله سعد، وسط غياب تيار "المستقبل" عن هذا الاستحقاق. وسُجل أيضاً حضور قوي للائحة النائب فؤاد مخزومي، الذي يسعى إلى تعزيز موقعه في الزعامة السنية.

وفي البقاع، شكّلت مدينة زحلة ساحة المعركة الأبرز، حيث حقق حزب "القوات اللبنانية" فوزاً كبيراً، رغم خوضه المعركة منفرداً، متغلباً على لائحة منافسة جمعت أطرافاً سياسية عدّة وفعاليات محلية بدعم من حزب الله، حركة أمل، والكتلة الشعبية برئاسة ميريام سكاف. 

وقد خاضت "القوات" المعركة تحت شعار "على زحلة ما بتفوتو"، في رسالة موجهة إلى حزب الله، الذي تحالف معه في بيروت بدعوى "حماية المناصفة".

أما في محافظة بعلبك-الهرمل، فجاءت النتائج مطابقة للتوقعات، مع فوز لوائح مدعومة من حزب الله وحركة أمل، إلى جانب أخرى مؤيدة من التيار الوطني الحر في عدد من البلدات. وفي مدينة بعلبك، جرت منافسة محتدمة بين لائحة "الثنائي الشيعي" ولائحة المعارضة "بعلبك مدينتي"، التي تحدثت عن ضغوط تعرّض لها الناخبون، لكن الثنائي تمكّن في النهاية من حسم النتيجة لصالحه.


التسلسل الزمني للانتخابات
وفقاً للجدول الزمني المعتمد، تُجرى الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان على ثلاث مراحل متتالية. بدأت في 11 أيار/مايو الجاري، وصوّت الناخبون في محافظتي الشمال وعكار، تلتها انتخابات المرحلة الثانية في 18 من الشهر نفسه في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل. ومن المقرر أن تُستكمل الجولة الأخيرة في 24 أيار/مايو الجاري، لتشمل محافظتي الجنوب والنبطية.

أما عن أبرز الجوانب المرتبطة بالانتخابات البلدية في لبنان، من حيث حجم البلديات وآلية تشكيل المجالس، والعلاقة بين الاستحقاق المحلي والنيابي، إضافة إلى العوامل السياسية والطائفية التي تؤثر في مسار الانتخابات ونتائجها فهي كتالي.

وبحسب بيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يضم لبنان 1059 بلدية، يتوزع فيها 12 ألف و741 عضواً بلدياً. 

ومنذ الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت في عام 2016، تم حلّ 108 بلديات بسبب فقدان النصاب القانوني بعد وفاة أو استقالة نصف أعضائها، الأمر الذي أدى إلى تولي قائم مقام أو المحافظ إدارتها مؤقتاً، ما يمثل نحو 10% من إجمالي البلديات في البلاد.


مراحل الانتخابات 
تُجرى الانتخابات البلدية في لبنان كل ست سنوات، وتتبع سلسلة من المراحل: تبدأ بعملية تسجيل الناخبين في اللوائح الانتخابية، يليها فتح باب الترشح سواء بشكل فردي أو ضمن لوائح حزبية، ثم مرحلة الاقتراع التي تُنفذ في مراكز اقتراع مخصصة، لتُختتم بفرز الأصوات يدوياً، وإعلان النتائج الرسمية التي تفضي إلى انتخاب أعضاء المجالس البلدية ورؤسائها. 

ورغم أن بعض المعارك الانتخابية تُخاض خارج الأطر الحزبية، إلا أنّ الاعتبارات الطائفية تبقى حاضرة بقوة في تشكيل اللوائح والتحالفات.

أما في ما يخص عدد أعضاء المجالس البلدية، فتحدده المادة التاسعة من قانون البلديات، حيث يتراوح بين 9 و24 عضواً بحسب عدد سكان كل بلدة.

وفي ما يتعلق بالفوز بالتزكية، فقد بات هذا المفهوم شائعاً في العديد من المناطق، لا سيما في الجنوب، حيث يُعلن فوز المرشحين تلقائياً من دون الحاجة إلى انتخابات، في حال تساوى عددهم مع عدد المقاعد المتاحة بعد انتهاء فترة الترشح.

مقالات مشابهة

  • صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في قضاء زحلة
  • صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت
  • الانتخابات البلدية...أين أخطأ التيار وأين أصابت القوات؟
  • إليكم نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في قضاء البقاع الغربي
  • عبود سلّم نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة بيروت للمديرية العامة للشؤون السياسية
  • الانتخابات البلدية في لبنان.. انتصار القوى التقليدية وتراجع للقوى المدنية
  • الداخلية تسلمت نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في زحلة والبقاع الغربي وراشيا
  • النتائج الأولية للانتخابات البلدية والاختيارية بدأت بالصدور.. هذه آخر المعطيات
  • المدير العام لأمن الدولة تابع المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية
  • المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية تنطلق في بيروت والبقاع