الفريق ياسر العطا يتكلم عن نظام سياسي كامل جديد كليا في السودان
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
بعد استماعي إلى التسجيل الكامل لخطابه،
الفريق ياسر العطا يتكلم عن نظام سياسي كامل جديد كليا.
نظام يبدأ من انتخاب لجان الأحياء وينتهي بتكوين حكومة وإعادة تشكيل مجلس السيادة. بشرعية جديدة قائمة على التمثيل عبر الإنتخاب القاعدي التصاعدي من الأحياء ثم المحافظات فالولايات وصولا إلى أعلى هرم السلطة.
ينطلق خطاب ياسر العطا من حقيقة الانهيار شبه الكامل للدولة وتعطل دولابها عن العمل، وهي حقيقة لها أسباب بعضها موضوعي من واقع الحرب والبعض الآخر متعلق بضعف، تقصير، أو تواطؤ وحتى عمالة أو خيانة قيادة الدولة الموجودة، ويشمل ذلك مجلس السيادة الذي ألمح بوضوح إلى وجود شكوك حول ارتباطات أجنبية بداخله، وأكد على ضرورة إعادة صياغته بموجب شرعية المقاومة الشعبية، النظام الجديد الذي يطرحه العطا.
مع كل التحفظات التي يثيرها هذا الطرح، إلا أنه من المؤكد جاء ليلبي ضرورة واقعية. لابد من فتح أفق وطني جديد وإقامة نظام سياسي جديد كليا وبأسس جديدة. هذا مطلوب فعلا مهما كانت المخاوف من الإقدام فيه بطبيعة البشر الذين يتوجسون دوما من الجديد.
هناك مخاوف ومحاذير من إقامة نظام سلطوي شمولي جديد على طريقة نظام نميري أو نظام القذافي. ولكن هناك أيضا فرصة جديدة في هذا لتطوير تجربة ثورة الإنقاذ وفكرة المؤتمر الوطني. تظل تجربة الإنقاذ إرث وطني يمكن ويجب الاستفادة منه بتطوير الجوانب الإيجابية وتجنب السلبيات وهو النموذج الأقرب.
في النهاية الطبيعة لا تقبل الفراغ، ولابد من نظام ما في مرحلة الحرب وما بعدها. الفريق ياسر العطا فتح المجال للنقاش حول هذا الموضوع، وطرحه بطبيعة الحال يظل مجرد اقتراحات قابلة للتعديل والإضافة والرفض كليا، ولكن في النهاية لابد من نظام جديد.
هل يتكون عبر الحوار السياسي الموسع المنفتح، أو يكون نظام مغلق نوعا ما أو متحكم في تكوينه هذا يتوقف على إرادة شعب كامل.
في رأيي يجب أن يؤخذ كلام ياسر العطا بانفتاح وبجدية وفي نفس الوقت بشكل نقدي. نتفق حول ضرورة النظام الجديد ولكن شكله يجب أن يخضع لنقاش موسع باقصى قدر ممكن حتى يصل الشعب إلى المطلوب والذي يلبي تطلعاته في نظام سياسي مستقر زدولة راسخة قوية متطورة ومزدهرة.
لا أحد يريد بعد كل التضحيات والدماء والخسائر والمعاناة أن نعود كما كنا قبل الحرب، ولا أحد يريد إعادة إنتاج تجربة فاشلة شمولية أو غير شمولية. نحتاج إلى مجهود فكري وأخلاقي يوازي التضحيات التي قدمت في هذه الحرب لتأسيس دولة جديرة بالدماء التي سالت في هذه الحرب.
الخلاصة؛ الطرح الذي تقدم به الفريق ياسر العطا مطلوب وجدير بأن يؤخذ بجدية على الأقل من ناحية كونه طرح ثوري يخرج من القالب النمطي القديم لفكرة فترة إنتقالية وحكومة تكنوقراط تشكلها الأحزاب المتصارعة على السلطة، فكرة إدخال الشعب بقوة واستيعاب طاقاته في المشاركة السياسية وفي غيرها من الأنشطة العامة إجتماعية وثقافية وغيرها وفي إطار وطني خالص وبإرادة وطنية صقلتها الحرب، الحرب التي عنوانها السيادة والاستقلال والكرامة عكس الإطار السالف إطار ثورة ديسمبر الذي كان جوهره الاستلاب وفقدان الهوية والسيادة و الذي اتسم كذلك بالسيولة والفوضى وعدم الجدية؛ ثورة أريد لها أن تكون ضد إرادة الشعب وهويته واستقلاله وانتهت إلى تحكم السفارات والمبعوثين في شأننا الداخلي باسم المدنية والديمقراطية وأرادت أن تفرض قوى عملية مرتهنة للخارج فوق رأس الشعب.
نحن الآن نتكلم عن طرح في إطار مختلف هو إطار السيادة وامتلاك الإرادة الوطنية والقرار الوطني، إطار الانتصار وهزيمة الأعداء والخونة. ويجب أن يكون بمستوى التضحيات التي قدمها الشعب السوداني، ويليق بأن بالدماء والأرواح التي قدمت من أجله. هذه هي اللحظة المناسبة لإعادة تحديد مستقبل السودان ويجب استقلالها بشكل صحيح ولأقصى حد.
حليم عباس
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الفریق یاسر العطا نظام سیاسی
إقرأ أيضاً:
ما الذي يضمره أبو إيفانكا لسوريا وقيادتها؟
من الإجحاف أن نستكثر على الشعب السوري فرحته بقرار رفع العقوبات الاقتصادية عن البلد المنهك الجريح؛ وهو أكثر من اكتوى بنيران تلك الخطوة الظالمة وحولت حياته إلى جحيم لا يطاق، وهو المحكوم حينها بعصابة أتت على الأخضر واليابس من مقدرات الوطن وحولته إلى مزرعة خاصة لها ولأتباعها من المتملقين والمنافقين.
شخصيا ومنذ صرخة درعا الأولى ظل وما زال وسيبقى همي الوحيد هو الشعب السوري، وتحملت الكثير جراء اصطفافي في خندقه على الصعيد المهني ولا يسمح المجال بسرد التفاصيل والمزيد؛ لكن ما أرمي إليه أن لي كل الحق في ما سأذكره في الأسطر التالية، وزادي الكم الهائل من الحوارات والمواد الصحفية التي يمكن البحث عنها بمنتهى السهولة عبر محركات البحث والتي وثقت من خلالها للثورة السورية وأبطالها.
وَرَاءَ الأَكَمَةِ مَا وَرَاءَهَا:
هذه خطوة ستعزز حضور القيادة السورية وتفتح أمامها أبواب ظلت موصدة بحكم "الشك والريبة" من الاتهامات المعلبة المعروفة سلفا. لكن السؤال العريض: ما هو الثمن الحقيقي الذي طلبه أو سيطلبه الرئيس الأمريكي من سوريا وقيادتها؟ وهل كل من نشر خلال الساعات القليلة الماضية تسريبات لجس النبض أم مجرد مبالغات؟
إذن دعونا نتعمق في صلب الخطوة دون مقدمات؛ ونتساءل: منذ متى جاءنا الخير على يد أمريكا؟ والمثير للسخرية أن ما نعاينه اليوم تحديدا يقوده تاجر العقارات الذي لا يكل ولا يمل في نهب كل ما يلهب حواسه في أي بقعة كانت على وجه الكرة الأرضية؛ فهل علينا أن نثق في "أبو إيفانكا" الذي يغير كلامه كما يغير بدلاته، وهو المخبول بصفقاته الحالية في الخليج العربي ومن المنطقي أن يتحلى ببعض المرونة أمام قادته قبل أن ينقلب كعادته ويكشر على أنيابه حين تطأ قدماه البيت الأبيض؟
قطعا "مغانم" القيادة السورية كبيرة وراء هذا اللقاء الذي دام لثلاثة وثلاثين دقيقة ويعد الأول لرئيس سوري منذ 25 عاما؛ وهنا لا بد من استحضار حالة الارتباك الشديدة التي عمت على سبيل المثال لقاء أحمد الشرع مع الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث يمكن الملاحظة بمنتهى السهولة "تجاهل" الإليزيه وساكنيه نشر الصور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مع ضيفهم أسوة بالتقاليد المتبعة مع باقي الرؤساء الذين يتم استقبالهم؛ في خطوة مشبوهة تكشف التردد الذي استبد بماكرون قبل اتخاذ خطوة استقبال الرئيس السوري.
المؤكد اليوم أن المعايير ستختلف أمام باقي المترددين بعد صور ترامب في السعودية؛ وهذه خطوة ستعزز حضور القيادة السورية وتفتح أمامها أبواب ظلت موصدة بحكم "الشك والريبة" من الاتهامات المعلبة المعروفة سلفا.
لكن السؤال العريض: ما هو الثمن الحقيقي الذي طلبه أو سيطلبه الرئيس الأمريكي من سوريا وقيادتها؟ وهل كل من نشر خلال الساعات القليلة الماضية تسريبات لجس النبض أم مجرد مبالغات؟
المتغطي بالأمريكان عريان:
لعل العبارة اليتيمة التي خلّفها المخلوع حسني مبارك وتختصر علاقته بـ"الماما أمريكا"؛ تكشف بجلاء خيبة أمله الشديدة بعد أن اتُخذ قرار التضحية به وأن صلاحيته قد انتهت بعد سلسلة من العنتريات؛ أشهرها صراخه في وجه ياسر عرفات مرددا: "وقع يا ابن الكلب" حين كان يعتبر نفسه خادما مخلصا لرابين وبيريز ليحصد لاحقا مكافاة نهاية الخدمة التي تليق بأمثاله.
فرحة الشعب السوري امتدت لتشمل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وهذه نقطة فاصلة ليست محل نقاش، لكن الحذر كل الحذر مما يطبخ في الكواليس والثمن الحقيقي المراد دفعه، ورهاننا كبير على وعي وانتماء السوريين وأنهم قادرون على تجاوز المطبات
هذه الجملة ينبغي عدم تجاهلها كلما تعلق الأمر بـ"حنان أمريكي" مباغت على غرار انجراف البعض وراء الخطوة الحالية وصياغة قصائد تبجل خصال وأخلاق سيد البيت الأبيض الحالي، دون أدنى تفكير في الخلفيات والثمار التي جناها أو سيجنيها، وكلنا نعي جيدا أن الرجل حذف من قاموسه كلمة "بالمجان " وهو الذي يحكم بعقلية السمسار والتاجر، ومن شب على شيء شاب عليه.
ما يهمنا هو التعامل بحذر شديد مع التطورات الأخيرة لأن الفصول الحاسمة لم تكتب بعد، والأيام القادمة كفيلة بالتوضيح وأيضا إماطة اللثام عن الأسرار التي تحتفظ بها الغرف المغلقة في الرياض السعودية.
ماذا عن الكيان الصهيوني؟
من السذاجة بمكان إعطاء أهمية قصوى للتسريبات الإعلامية المتناسلة عن "الفجوة العميقة" بين الإدارة الأمريكية ورئيس الوزراء الكيان الصهيوني؛ لأن التجارب علمتنا أنها مجرد مسرحيات فاشلة لصرف الأنظار عما يحدث على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق لا بد وأن يكون الكيان اللقيط كلمة السر التي يحتفظ بها ترامب وسيسعى جاهدا لوضعها في أبهى حلة خلال الاتفاق الجديد؛ سواء بإشهار التطبيع كما ظل يردد ليل نهار وأيضا الأراضي التي يحتلها ومسلسل عربدته الذي لا يتوقف. وهنا كل الأنظار ستتجه نحو أحمد الشرع وحكومته المطالبَين أكثر من أي وقت مضى بموقف حاسم وحازم؛ ولو أن المؤشرات لا تبشر بخير استنادا لكثرة التسريبات الأخيرة وأيضا للمرونة الأمريكية فيما يخص إلغاء العقوبات.
وهنا نهمس في إذن من يبدو متحمسا للخطوة أو من يعتبرها انتقاما للماضي وسرديات النظام البائد: أولا العصابة الأسدية كانت تتاجر بالقضية الفلسطينية وكل الدلائل أثبتت تورطها وفضحت زيف ادعاءاتها، لذلك لا ينبغي خلط الحابل بالنابل على الإطلاق، ثانيا: ماذا استفادت الدول العربية المطبعة مع الكيان حتى ينال سوريا من "الحب نصيب"؟
ختاما؛ فرحة الشعب السوري امتدت لتشمل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وهذه نقطة فاصلة ليست محل نقاش، لكن الحذر كل الحذر مما يطبخ في الكواليس والثمن الحقيقي المراد دفعه، ورهاننا كبير على وعي وانتماء السوريين وأنهم قادرون على تجاوز المطبات لبناء وطنهم وإعادته لمكانته التي يستحقها..
رجاء لا تخذلونا..