انعقد اجتماع الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا خلال الفترة من 2-4 أبريل 2024م، وهو أول اجتماع أرضي للهيئة منذ تكوينها حيث جاء في توقيت تفصلنا فيه أيام معدودات على إكمال حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة عامها الأول، وهي حرب لم ولن تجلب لبلادنا سوى الخراب و الانقسام و الدمار حيث قٌتل عشرات الآلاف من المدنيين و العسكريين، و شٌرد الملايين منهم بعد أن فقدوا كل ممتلكاتهم و مدخراتهم وسبل عيشهم.

دمّرت الحرب البنية التحتية و المقدرات العسكرية للدولة، و مزّقت النسيج الاجتماعي و طبّعت مع خطابات الكراهية والعنصرية، وجعلت البلاد بيئة خصبة للأنشطة الإرهابية و للتنازع بين قوى إقليمية ودولية، وخلقت أكبر كارثة نزوح في العالم و هاهو شبح المجاعة الآن يطل برأسه مهدداً ملايين السودانيين/ات بالموت جوعا إذا نجو من الموت بالرصاص أو بالقصف، لذا كان لزاماً علينا أن نضاعف جهودنا من أجل التصدي لهذه الكوارث والمخاطر فكل يوم يمر تقترب فيه بلادنا من نقطة اللاعودة، فتكاثر المليشيات وانتشار السلاح والانقسامات الاجتماعية الحادة والتدخلات الخارجية السالبة ستفتت كيان الدولة وتخلق حالة انهيار وتلاشي كلي للسودان.
استشعاراً منا لهذه الكارثة التي حلّت بالبلاد والمخاطر المتزايدة في بلادنا، انعقد اجتماع الهيئة القيادية بروح عمل جماعي جاد واضعا مصلحة بلادنا و شعبنا نصب عينيه و قضية الأزمة الانسانية وسبل وقف الحرب كأولوية قصوى. كما ناقش الاجتماع قضايا تطوير وتوسيع (تقدم) و مواصلة و تجويد التحضير لانعقاد المؤتمر التأسيسي خلال الأسابيع القادمة. و بشكل عميق و مكثف تركز النقاش حول محاور شملت القضايا الإنسانية والإغاثة، قضايا وقف الحرب و الرؤية السياسية و قضايا البناء التنظيمي ل (تقدم)، وقد خلص الاجتماع الى عشرات التوصيات وفيما يلي نستعرض بعض أهم القرارات والتوصيات التي لها تأثير مباشر على الغالبية العظمى من بنات وبني شعبنا الصابر الصامد المكلوم:
أولاً: المحور الإنساني:
1. دعم مخرجات اجتماع 23 مارس الذي دعا له د. عبد الله حمدوك مجموعة من الفاعلين المدنيين السودانيين، الذين توافقوا على تكوين فريق عمل لتنسيق العمل الإنساني
2. الضغط على الأطراف المتحاربة لتأمين وفتح المسارات لتوصيل المساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للعاملين في مجال العون الإنساني
3. حث المجتمع الدولي على الاستجابة الفعّالة لتوفير التزامات تخفف من آثار الازمة الانسانية في السودان بما فى ذلك تمويل الموسم الزراعي، وفي هذا السياق فإننا نرحب بمؤتمر باريس الذي سينعقد في 15 ابريل لمخاطبة الأزمة الإنسانية وتوفير الموارد اللازمة لذلك
4. مناشدة دول الجوار المباشر والجوار الإقليمي لتسهيل إجراءات الدخول والحصول على الاقامات للسودانيين وتوفيق أوضاعهم فيما يلي (العلاج، التعليم، العمل)
5. ايجاد آلية مناسبة بالتنسيق مع المنظمات الدولية العاملة فى مجال التعليم فى أزمنة الطوارئ لمعالجة مشكلة فقدان العام الدراسي في التعليم العام والجامعي بالصيغة التي تضمن الاستفادة القصوى فئوياً وجغرافياً بما في ذلك شحذ القدرات المحلية بقدر المستطاع.
6. تشكيل وفد من (تقدم) لزيارة معسكرات اللاجئين السودانيين فى دول الجوار للوقوف على أوضاعهم واحتياجاتهم والتواصل مع هذه الدول بغرض تسهيل أوضاع السودانيين.
ثانياً: محور وقف الحرب وإحلال السلام:
1. أدان الاجتماع تصاعد انتهاكات أطراف الحرب ضد المدنيين لا سيما الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع مؤخراً في عدد من الولايات التي تسيطر عليها، وجرائم القصف الجوي بواسطة القوات المسلحة خصوصاً في ولايات دارفور وجنوب كردفان و غرب دارفور، ودعا الطرفين للكف عن استهداف المدنيين و العمل على حمايتهم، و تؤكد “تقدم” بأنها ستتخذ كل الخطوات الضرورية من أجل حماية المدنيين و وقف الانتهاكات والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية للكشف عن مرتكبيها ومحاسبتهم بما يوفر العدالة والإنصاف وجبر الضرر.
2. أجاز الاجتماع رؤية سياسية تحت عنوان:عام من الحرب: رؤية لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة السودانية، احتوت على تصورنا لأسس ومبادئ الحل السياسي الشامل، ووقف العدائيات والمساعدات الإنسانية، وتصميم العملية السياسية وأطرافها وقضاياها ودور الوساطة والتيسير الدولي والإقليمي، هذا وستنشر الرؤية كاملة للرأي العام رفقة بالبيان الختامي
3. تدعم “تقدم” كل الجهود الحثيثة الساعية للوصول إلى وقف العدائيات على أن يعقبه وقف شامل لإطلاق النار يقود إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام بالتزامن مع البدء فى عملية سياسية تفضي إلى حل سياسي شامل، و مع ذلك نرى أن تعدد المنابر و تعدد الوسطاء مهدر للطاقات و يعطي فرص للطرف المتعنت للتبضع والتسوق في سوق المبادرات بل وتوظيف هذه المبادرات كوسيلة للتنصل من أي التزامات تمت فى منابر أخرى و البدء من الصفر فى كل عملية تفاوضية جديدة. يجب أن تقوم العملية التفاوضية على ما تم الاتفاق عليه مسبقا فى جولات التفاوض السابقة بغض النظر عن المنبر الذي تمت من خلاله وأن لا يسمح بأن تبدأ عملية تفاوضية جديدة من الصفر في كل مبادرة أو منبر. و فى هذا الصدد يجب أن يكون للقوى المدنية حضور ومشاركة في العملية التفاوضية وسنعمل مع القوى الإقليمية والدولية على توحيد عملية التنسيق بين كل الوسطاء و المبادرات وضمان وجود المدنيين فى فيها.
4. مواصلة الاتصالات مع القوات المسلحة بغرض الوصول لاتفاق على إعلان سياسي على شاكلة اعلان اديس ابابا.
5. رفع مستوى الحساسية في التعامل مع قضايا الانتهاكات بشكل عام وخصوصا قضايا الانتهاكات الجنسية ضد النساء التي ترتكب بواسطة طرفي النزاع.
6. التواصل فورا مع مختلف المكونات السياسية التي تناهض الحرب و الشمولية بهدف عقد اجتماع تمهيدي لهذه القوي تعقبه مائدة مستديرة حول رؤية للعملية السياسية الشاملة التي لا تستثني سوي المؤتمر الوطني -الحركة الاسلامية وواجهاتها
7. تدعو “تقدم” أطراف الحرب و جماعات الحقوق و الحريات الصحفية لحماية حرية الصحافة و حق الحصول على المعلومات و تدين بشدّة قرارات سحب تراخيص قنوات العربية و الحدث سكاي نيوز وتعتبره انتهاكا خطيرا لحرية الصحافة و حرية التعبير. و فى ذات السياق تناشد (تقدم) طرفي الحرب بعدم استخدام الاتصالات كسلاح من أسلحة الحرب و المحافظة على الموارد و المنشآت النفطية.
ثالثاً: محور المؤتمر التأسيسي ل (تقدم) والقضايا التنظيمية:
1. تابع الاجتماع التحضيرات للمؤتمر التأسيسي وأجاز تقارير اللجان المختصة، وقرر تكثيف الجهود لعقد المؤتمر التأسيسي خلال شهر مايو القادم، كما أجاز مسودة جدول الأعمال ومشروع النظام الأساسي الذي سيطرح في المؤتمر التأسيسي
2. درست الهيئة القيادية كل المذكرات التي استلمتها وعلى رأسها مذكرة حزب الأمة القومي والجبهة الثورية ونقابة الصحفيين والحارسات وتجمع العاملين بقطاع النفط، وثمنت ما ورد فيها من رؤى إصلاحية، وتعاطت معها بصورة إيجابية وحملت قرارات الاجتماع معالجات شاملة للقضايا التي طرحتها
3. قرر الاجتماع تكثيف التواصل مع الفاعلين المدنيين الديمقراطيين المؤمنين بوقف الحرب و مناهضة الانقلابات العسكرية بغرض تجميع مجهودات وتوسيع قاعدة العمل المشترك بينهم، وضمان أن يكون المؤتمر التأسيسي معبراً عن أوسع قاعدة مدنية ممكنة، كما كون لجنة للبت في طلبات الانضمام ل (تقدم) تفرغ من أعمالها خلال فترة زمنية وجيزة
4. قررت الهيئة القيادية نشر إعلان في الوسائط الرسمية ل (تقدم) لحث الراغبين في المشاركة في أعمال (تقدم) للتواصل معها عبر القنوات الرسمية

خاتمة
نحن اذ نشارك جموع السودانيات و السودانيين مخرجات اجتماعانا المفصلي و رؤيتنا لوقف الحرب والحل السياسي بعد مرور عام على حرب الخامس عشر من أبريل نستحضر الآثار الكارثية التى خلفتها الحرب من دمار و أحزان و ضغائن و من انتهاكات جسيمة فى حق المدنيين العٌزل، و نعي بكل ألم وحسرة أن الاسوأ هو حالة الانقسام المجتمعي العميقة التي حلّت بالبلاد والتي تفاقمها حملات التضليل التي يقوم بها حزب المؤتمر الوطني و أذرعه بهدف إفراغ الفضاء المدني من القوى الديمقراطية والثورية حتي يتسني لهم هندسة مستقبل البلاد لاستمرار الحكم الشمولي للاستئثار بالموارد لقلة من المنتفعين ظلت تعبث بمقدرات البلاد لأكثر من ثلاثة عقود خلت بما فيها تقويض الانتقال المدني الديمقراطي و إشعال حرب 15 أبريل.

اننا فى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” نشارك هذه الرؤية مع كل بنات و أبناء شعبنا و قواه المدنية و الديمقراطية، و ندعوهم للتسامي فوق صغائر النفوس و الانخراط في حوار وتنسيق حول كيفية إنهاء الحرب وبناء دولة الحرية و السلام و المساواة و الرفاه، و لا يفوتنا أن نهنئ أهلنا في مراكز النزوح و فى دول اللجوء بمناسبة شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك ونتمني من الله أن يعود علينا و بلادنا تنعم بالسلام و الإخاء و الاستقرار و قد عادت البسمة الى وجوه أطفالنا و قد بدأت قلوبنا بالتصافي و عقولنا فى الانفتاح نحو مستقبل أرحب لنا ولبلادنا.

ولا يفوتنا أن نتوجه بالشكر لجمهورية اثيوبيا الفيدرالية الشقيقة حكومة و شعبا على اسضافتهم لهذا الاجتماع و على توفير فرص نجاحه و خروجه بهذا الشكل المشرّف، كما لا يفوتنا الا نشكر دول الجوار التي سهلت حركة ممثلينا لحضور هذا الاجتماع و من العودة.

أديس أبابا 4 أبريل 2024م

#انقذوا_السودان  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى الدیمقراطیة المؤتمر التأسیسی الهیئة القیادیة وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

السودان.. الأمم المتحدة تدعو لوقف فوري للقتال و«التحالف التأسيسي» يطمئن شركات النفط

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جميع الدول ذات النفوذ على أطراف النزاع في السودان، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف القتال فورًا ومنع تدفق الأسلحة والمرتزقة إلى البلاد.

وقال غوتيريش في بيان رسمي، إن الوضع في السودان “يتدهور بشكل خطير نتيجة تصاعد الأعمال العدائية”، محذرًا من أن استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين يزيد من معاناة المدنيين ويفاقم العنف.

وطالب المسؤول الأممي جميع الأطراف بالتقيد بالقانون الإنساني الدولي وفتح ممرات إنسانية لتقديم المساعدات الضرورية حصريًا للمدنيين المتضررين، مؤكدًا ضرورة الجلوس إلى طاولة التفاوض فورًا للتوصل إلى هدنة دائمة ومساءلة انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي وقت سابق، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن 114 شخصًا، من بينهم 63 طفلًا، قُتلوا في هجوم عنيف استهدف روضة أطفال بولاية جنوب كردفان، واستمر القصف حتى أثناء محاولة إسعاف المصابين ونقلهم إلى المستشفى.

وأكد المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن الهجمات شملت استهداف المسعفين والمدنيين الذين كانوا ينقلون الجرحى إلى المنشآت الطبية.

ودانت جامعة الدول العربية الانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين في إقليم كردفان، مطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة، وحمّلت المسؤولين عن مجزرة مدينة كلوقي كامل المسؤولية القانونية والجنائية.

وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، ضرورة إعادة صياغة الدولة السودانية على أسس حقيقية، مشددًا على أن أي حل لا يفكك قوات الدعم السريع ويجردها من سلاحها غير مقبول، مشيرًا إلى أن الحرب أثّرت على كل السودانيين وأدت إلى معاناة كبيرة في مناطق مثل الفاشر.

تحالف السودان التأسيسي يطمئن الشركات وتأمين حقل هجليج بعد سيطرة الدعم السريع

أصدر تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” بيانا مساء الاثني، بشأن الأوضاع في منشآت النفط بمنطقة هجليج بولاية جنوب كردفان، عقب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على الحقل.

وقال علاء الدين عوض نقد، الناطق الرسمي لتحالف السودان التأسيسي، إن التحالف يطمئن جميع السودانيين وشعب جنوب السودان والعالم، وخاصة الشركات الأجنبية والمحلية العاملة في مجال البترول، بالتزام قوات “تأسيس” التام بتأمين منشآت النفط في منطقة هجليج، بما يشمل خطوط النقل والمرافق الأخرى، وتشكيل قوة خاصة لحماية البترول والمنشآت النفطية.

وأكد النقد أن قوات التحالف ستسمح لجميع المهندسين والعاملين في حقل هجليج بمباشرة أعمال الصيانة اللازمة دون أي عوائق، بما يسهم في استمرار عمليات الإنتاج بشكل كامل.

وأشار إلى أن التحالف بذل جهودًا لحماية المدنيين وتأمين مسارات الرعي للبادية والقبائل الرعوية، وتسهيل حركة التجارة والنقل، بما يعزز الاستقرار الأمني والاجتماعي في المنطقة التي تشهد تداخلا سكانيا مع دولة جنوب السودان.

وكانت قوات الدعم السريع أعلنت صباح الاثنين سيطرتها على حقل هجليج النفطي الاستراتيجي بعد انسحاب القوات الحكومية والعاملين من المنطقة يوم الأحد.

ويقع حقل هجليج بالقرب من الحدود الجنوبية للسودان، ويضم المنشأة الرئيسية لمعالجة نفط دولة جنوب السودان، التي تعتمد بشكل شبه كامل على خطوط الأنابيب العابرة للسودان للتصدير.

ويعد النفط في هذه المنطقة مصدراً حيوياً للإيرادات الحكومية في جنوب السودان، كما يشكل عائدات مهمة بالعملة الصعبة للسودان نفسه، حيث يتم نقل الخام عبر خط أنابيب شركة النيل الكبرى للبترول إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

وأدت الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى تعطيل متكرر لتدفقات نفط جنوب السودان، والتي كانت تبلغ قبل الصراع بين 100 إلى 150 ألف برميل يوميًا في المتوسط للتصدير عبر السودان.

مقالات مشابهة

  • السودان.. الأمم المتحدة تدعو لوقف فوري للقتال و«التحالف التأسيسي» يطمئن شركات النفط
  • مرصد الأزهر يشارك في المؤتمر الختامي لمبادرة التعليم لمنع ومكافحة التطرف العنيف بالمغرب
  • الصليب الأحمر: الانتهاكات بحق المدنيين تعكس تآكلا خطيرا في القانون الدولي
  • مرصد الأزهر يشارك في المؤتمر الختامي لمبادرة مكافحة التطرف بالمغرب
  • مدبولي: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي
  • مونيكا وليم تكتب: انعكاسات التقدم الروسي في أوكرانيا على فرص التسوية
  • الأمين العام لمركز دراسات وابحاث القرن الإفريقي: الحرب أثرت على مجتمع السودان ودول الجوار
  • وحدات الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في 33 موقعًا حول المملكة
  • زيلينسكي: أوكرانيا وأمريكا ناقشتا القضايا الرئيسية التي قد تضمن إنهاء الحرب
  • رئيس جامعة طنطا يستقبل وفد من جمعية خريجي الهيئة اليابانية لتطوير التعليم