مقال في هآرتس: لماذا تخشى إسرائيل قناة الجزيرة؟
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
أثار القانون الذي منح بموجبه الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) الحكومة صلاحيات مؤقتة بحظر القنوات الإخبارية الأجنبية التي تضر بأمن البلاد القومي من العمل في إسرائيل، أو ما سمي "قانون الجزيرة"، ردود فعل تراوحت بين خيبة الأمل والغضب والإصرار على الصمود، وفق مقال بصحيفة هآرتس.
وجاء في المقال الذي كتبته الصحفية نغم زبيدات -تحت عنوان "لماذا تخشى إسرائيل قناة الجزيرة؟"- أن الفلسطينيين يعتبرون مشاهدة تغطية قناة الجزيرة للاحتلال والحرب في قطاع غزة أمرا لا غنى عنه.
وقالت الكاتبة إن القانون الجديد الذي أجازه الكنيست الاثنين الماضي، والذي قد يوقف عمل الجزيرة، قوبل بغضب وارتياب.
وأضافت أن أي شخص يمر في شوارع وأزقة الأحياء الفلسطينية في أثناء احتدام الصراع يلاحظ أن كل البيوت تقريبا تتوهج بضوء منبعث من شاشات التلفزة، حيث تتحلق العائلات حولها لمشاهدة قناة الجزيرة.
قانون الجزيرة
وكان الكنيست صوت الاثنين لصالح ما سُمي "قانون الجزيرة" الذي يسمح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بحظر وسائل إعلام أجنبية تضر بالأمن في إسرائيل، وعلى رأسها قناة الجزيرة.
وقالت زبيدات إن فلسطينيين من مختلف الأعمار في إسرائيل لطالما ظلوا يشاهدون مراسلي الجزيرة من أمثال الراحلة شيرين أبو عاقلة، ووائل الدحدوح، وإلياس كرام وجيفارا البديري، وهم يغطون الأحداث في الأراضي المحتلة. فقد كان المشاهدون يرون أن أصوات هؤلاء المراسلين مصدر ثقة في تغطيتهم لتصرفات الاحتلال.
وأشارت إلى أن قناة الجزيرة هي من بين قلة من القنوات الإخبارية التي لديها مراسلون على الأرض في غزة لا يخضعون لإشراف الجيش الإسرائيلي، وقدموا تغطية مستمرة للحرب التي أعقبت هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعقب مصادقة الكنيست على القانون، قال نتنياهو إن قناة الجزيرة لن تبث من إسرائيل بعد اليوم وحان الوقت لطردها. وصرح بأنه ينوي التحرك فورا -وفقا للقانون الجديد- لوقف نشاطها، متهما إياها بإلحاق الضرر بأمن إسرائيل وبكونها شاركت فعليا في هجوم حماس في ذلك اليوم "وحرضت على جنودنا"، وفق تعبيره.
واستنكرت شبكة الجزيرة الإعلامية تصريحات نتنياهو، ووصفتها بأنها كذبة خطيرة ومثيرة للسخرية، واعتبرتها ضمن سلسلة من التعديات الإسرائيلية الممنهجة لإسكات الجزيرة.
رد فعل متسرع
ونقلت زبيدات، في مقالها بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة، تعليقا نشره على منصة إكس قال فيه: "لماذا تخشى إسرائيل الجزيرة؟"، وأجاب هو بنفسه، واصفا رد الفعل الإسرائيلي بأنه "متسرع ومن النوع الذي يصدر من أي مخطئ يخشى كشف جرائمه".
وأضاف أن المعضلة الفعلية في إسرائيل تنبع من خوفها من الحقيقة، لافتا إلى أن الحقائق لن تتغير، وأن إسكات الجزيرة أو أي صوت معارض ليس هو الحل، فالحل يكمن في إنهاء الحرب وفظائعها.
وفي منشور منفصل باللغة الإنجليزية، كتب أبو شحادة إن "إسرائيل بحاجة إلى التكتم حتى يتسنى لها مواصلة الإبادة الجماعية في غزة بهدوء"، مضيفا أن على قناة الجزيرة "أن تكون فخورة، فكلما قل رضا إسرائيل عن عملها دلّ ذلك على أنها الأفضل".
معلق سياسي آخر، هو إيهاب جبارين من مدينة أم الفحم بشمال إسرائيل، نسب الفضل إلى قناة الجزيرة في "قيادة العالم الحر الجديد"، في حين أن "وسائل الإعلام الإسرائيلية تحت الحصار".
وزاد قائلا "هذا ما يحرج بيبي (نتنياهو)، والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، حسبما يُطلق على إسرائيل في الإعلام الغربي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ترجمات قناة الجزیرة فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟
أعلنت إسرائيل استهداف قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، في خطوة أثارت تساؤلات حول توقيتها ودلالاتها السياسية والأمنية، لا سيما أنها جاءت في ظل سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
ورغم أن البيان الرسمي للجيش الإسرائيلي خلا من ذكر اسم القيادي المستهدف، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت على نطاق واسع اسم رائد سعد، وقدمته بوصفه "الرجل الثاني" في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ونائب قائدها العام.
وفي هذا السياق، أوضح مراسل الجزيرة إلياس كرام أن عدم ذكر الجيش الإسرائيلي للاسم يعكس على الأرجح، عدم التيقن الكامل من نتائج محاولة الاغتيال، لافتا إلى أن البيانات الرسمية غالبا ما تتأخر إلى حين التأكد الاستخباراتي من نجاح العملية.
وبحسب كرام، فإن البيان الإسرائيلي اكتفى بالإشارة إلى استهداف "شخصية قيادية بارزة" في حماس، قال إنها كانت تعمل على إعادة تأهيل بنى عسكرية موجهة ضد الجيش الإسرائيلي، وهو الوصف ذاته الذي تبنته التسريبات المنسوبة لمصادر أمنية.
وتزامنا مع ذلك، حرصت وسائل الإعلام الإسرائيلية على إبراز دور رائد سعد، مقدمة إياه باعتباره اليد اليمنى لقائد القسام الراحل محمد الضيف، وأحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في محاولة لتبرير عملية الاغتيال.
وفي السياق، أفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة بارتقاء 4 شهداء وإصابة 10 آخرين حالة بعضهم خطرة جراء قصف الاحتلال سيارة مدنية جنوب غربي مدينة غزة.
انتهاك للاتفاقويشير مراسل الجزيرة إلى أن هذا الخطاب الإعلامي يأتي في وقت يفترض أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريا، لكنه يتعرض، وفق توصيفه، لانتهاكات متكررة من جانب إسرائيل عبر عمليات قصف واغتيال وهدم منازل داخل القطاع.
وتبرز أهمية هذه العملية، إن ثبت نجاحها، من كونها قد تكون أرفع عملية اغتيال تطال قياديا في غزة منذ بدء العمل باتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خاصة إذا صح توصيف سعد كمسؤول مركزي عن إعادة التصنيع والتسليح داخل الحركة.
إعلانوفي هذا السياق، أشار كرام إلى أن إسرائيل تعتبر جميع قيادات حماس، السياسية والعسكرية، أهدافا مشروعة، ولا ترى في اتفاق وقف إطلاق النار أي حصانة لهم، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، وهو ما يفسر استمرار دائرة الاستهداف.
لكن توقيت العملية يكتسب بعدا سياسيا إضافيا، مع تزايد الحديث عن ضغوط أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وهو ما قد تسعى إسرائيل إلى عرقلته أو إعادة صياغته بشروطها الخاصة.
ويؤكد كرام أن إسرائيل، عبر هذا التصعيد، تحاول فرض نموذج أمني مشابه لما تطبقه في لبنان، حيث نفذت مئات عمليات الاغتيال ضد كوادر حزب الله منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هناك في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
تضارب الروايات
وبشأن تضارب الروايات حول نجاح الاغتيال، أوضح كرام أن التسريبات الصادرة عن "مصادر أمنية" إسرائيلية تعود في جوهرها إلى الجيش نفسه، الذي يفضل التريث قبل إعلان رسمي، تفاديا لإحراج محتمل في حال عدم تأكيد النتائج.
وتستند هذه التسريبات إلى سرد موسع عن شخصية رائد سعد، ودوره المفترض في إعداد وثيقة "جدار أريحا"، التي تتهمه إسرائيل بوضعها كخطة لهجوم "السابع من أكتوبر"، رغم أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد اطلعت عليها سابقا دون التعامل معها بجدية.
كما تشير الروايات الإسرائيلية إلى أن سعد كان يتولى في المرحلة الأخيرة مهمة إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس، وهو ما تستخدمه تل أبيب كمبرر مباشر لتنفيذ عملية الاغتيال، بزعم إحباط تهديدات مستقبلية.
وتحدث كرام عن محاولات سابقة لاغتيال سعد خلال الأسابيع الماضية، ألغيت في اللحظات الأخيرة لأسباب عملياتية أو استخباراتية، إلى أن اعتبرت إسرائيل أن "الفرصة الميدانية" باتت مؤاتية لتنفيذ العملية.
وفي خلفية المشهد، يربط كرام بين هذا التصعيد واستعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة واشنطن، حيث يتوقع أن يواجه ضغوطا أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مع سعيه لفرض شروط أمنية مشددة.