ابتدرت الصحفية (ح.ر.أ) حديثها قائلة “منذ الطلقة الأولى للحرب العبثية توقف كل شيء في الحياة بالنسبة لنا، أصبحت عبارة عن ترقب وقلق ليل نهار تحت وابل الرصاص بالمنطقة التي اسكن فيها انا واسرتى، وهي تعتبر أحد محاور الاشتباكات والوجود الكثيف لقوات الدعم السريع فى اغلب الشوارع، حيث ظلت هذه الاحياء الشعبية تعيش حالة من الرعب نسبة لاطلاق النار المتكرر وسقوط القذائف وهدم المنازل وموت بعض السكان، والبعض يصاب بالجروح وفقدان الاطراف، جراء القصف المتواصل ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

حملة ساندوا السودان: اعداد وتحرير شبكة اعلاميات سودانيات

تقرير: عائشة السماني

بورتسودان :16 ابريل 2024

تواصل (ح) حديثها لـ (مدنية نيوز) “اعيش انا واسرتي أوضاعا مأساوية بسبب القصف المستمر على الحي الذي نسكنه بسبب دخول قوات الدعم السريع في الحى بكثافة، واتخاذنا دروعا لها حتى اصبحنا لا نستطيع الخروج من المنازل وجلب الطعام، والان لا نملك شيء غير الخوف والرعب والانتظار المستمر املا في توقف الحرب”.

وقالت “توقف جميع افراد الاسرة عن العمل وتوقفت كل مصادر الرزق بالنسبة لنا، وتوقفت البطاقات العلاجية التي كان يستخدمها والدي ووالدتي المصابان بالأمراض المزمنة (السكري والضغط)، انقطعت انا عن مواصلو العلاج حيث كنت اتلقى علاجا مستمرا بعد إجراء عملية جراحية في العام الماضي، كما انفذ العلاج في الصيدليات، ولم نستطيع ان نغادر منزلنا حتى الان لان عدد افراد الاسرة اكثر من عشرة اشخاص فيهم من ذوي الاحتياجات الخاصة”.

مخاطر أمنية

وتضيف الصحفية، ان الخروج من العاصمة أمر مكلف جدا وسط هذه التحديات التي تحيط بالأسرة، لذا فضلوا البقاء تحت الرصاص املا في مخرج عاجل وتوقف الحرب، ولكن مؤاخرا زادت مخاوفها وقلقها المستمر على الأسرة بعد سقوط مقذوف مدفعي على الحي الذي يقطنون به ووفاة ابنة الجيران ذات الخمسة عشر عاما، وجرح جارتهم الستينة وعدد من الشباب.

وتابعت “عملي كصحفية لم يعد متاحا نسبة للمخاطر الأمنية التي تحيط بي، الخوف من سرقة الهاتف أو التفتيش في لحظة او مداهمة وسرقة المنزل كما حدث مع معظم السودانيين، خاصة وان الحي الذي نقطنه أصبح فيه عدد المسلحين اكبر، اضافة للمساجين الفارين من السجون، ويوميا بعد صلاة المغرب يبدأ ضرب الرصاص والترويع، وقد اخترقت احدى طلقات الرصاص الذي يسقط من جراء الضرب العشوائي سقف منزلنا.. الوضع لا يمكن احتماله ابدا وليس هناك مجال للتنفس الآمن، وترقب الموت أصبح أكثر من الحياة هكذا يعيش الجميع الناس.”

وتشير (ح) إلى ان الناس سألوها بحكم عملها ماذا سيحل بهم، فلا تجد اجابة، ولأول مرة تشعر بالعجز لعدم حصولها على معلومات حقيقية تهديء بها روع الناس من حولها او حتى نفسها. وتضيف (نحن نعيش في سجن كبير محاصر بالموت والمخاطر الحقيقة، نحن تحت النار التي لا يريد لها المتقاتلون ان تخمد ليشعر الناس بالأمان.

مضايقات أمنية 

من جانبه قال الصحفي ياسر عركي الذي نزح مع عدد من الصحفيين إلى ولاية الجزيرة، بسبب وقوع سكنه في الخرطوم في منطقة الاشتباكات ل(مدنية نيوز): “نعاني كصحفيين أوضاعا صعبة ونجد مضايقات أمنية شديدة بسبب محاولات المجلس العسكري خداع العالم ان الحرب التي تدخل شهرها السادس بين الجيش والدعم السريع تجري احداثها في مدن عاصمة البلاد الثلاث الخرطوم وامدرمان وبحري بجانب دارفور”.

واوضح عركي انهم كصحفيين واعلاميين يتعرضون لمضايقات ومنع من السلطات الأمنية حال دخولهم للدور الايوائية لعكس الاوضاع الانسانية التي وصفها بانها بالغة التعقيد، مبينا انه يعيش مئات الالاف في ولايات السودان في مدارس ودور إيواء تفتقد للغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية، وفي ظل تردي بيئي يهدد بكوارث صحية من بينهم صحفيين وصحفيات وأسرهم.

تراخيص العمل

وابان ان الجهات تشترط على الصحفيين /ات تقديم طلب من أجل السماح بالعمل للجهات الامنية، وعند تقديم الطلب فإن الاخيرة تقوم بالمماطلة، ولا يبت في الطلب ويستمر ذلك لشهور، ووصف اوضاع الصحفيين /ات بالمأساوية والاغلبية نزحوا وبقي البعض الاخر تحت نيران الحرب، مع منعهم من ممارسة عملهم، او وضع العراقيل في طريقهم حتى لايقوموا بممارسة عملهم وعكس الاوضاع الانسانية.

واوضح عركي انهم توقفوا عن العمل لاكثر من خمسة اشهر بعد قرارا منعهم عن العمل، وادى ذلك إلى توقف مصدر دخلهم، وقال ان قرار منع اي فرد عن ممارسة مهنته تجرمه عديد من القوانين الدولية الموقع عليها السودان.

البحث عن عمل

 وخلال الاشهر الماضية منذ اندلاع الحرب، تعرض صحفيون وصحفيات للحصار داخل منازلهم مع بقية المواطنين، ونهبت اموالهم ومقتنياتهم من قبل العصابات وقوات الدعم السريع، فيما تمكن كثيرون من الفرار إلى مدن وولايات اخرى، لكنهم صاروا مشردين بلا عمل او اموال، وانقطعت ارزاق عدد كبير منهم بعد توقف المؤسسات التي يعملون بها، وايقاف اخرين عن العمل بسبب توقف التمويل.

ويعيش حاليا عدد من الصحفيين والصحفيات مع اسرهم واقاربهم في مدن وقرى الولايات، فيما غادر عدد قليل البلاد لدول الجوار، في وقت يسكن عدد منهم في دار ايواء عبارة عن مدرسة صغيرة في مدينة ود مدني، ويبحث بعضهم عن اي عمل لاعالة اسرته، بينما قرر البعض الاخر العمل في مهن هامشية داخل الاسواق في عدد من الولايات.

وعلمت (مدنية نيوز) أن هناك تضاربا داخل الاجهزة الامنية والعسكرية حول السماح للصحفيين بحرية للعمل، حيث ترفض بعض السلطات في الولايات الاعتراف بتراخيص العمل المركزية التي يحملها الصحفيون منذ كانوا في العاصمة الخرطوم، وبينما توافق بعض الجهات الامنية والعسكرية، ترفض جهات اخرى الترخيص للصحفيين بالعمل الميداني، وتسبب ذلك في توقف عمل أغلب الصحفيين وتخوفهم من الاعتداء عليهم او تحطيم معداتهم.

تشريد ونهب

من جهته قال نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم ابو ادريس في حديث ل(مدنية نيوز) ان الصحفيين والصحفيات مثل بقية المدنيين، تعرضوا للتشريد ونهب منازلهم، كما انهم تعرضوا لعدة انتهاكات اولها الانتهاكات الجسدية بالضرب والتوقيف من اطراف الحرب، اضافة لقصف منازلهم ونتج عن ذلك فقدان ثلاثة صحفيين ارواحهم، اضافة إلى الاصابات.

انتهاك الحرية

واوضح ابو ادريس ان اطراف الحرب انتهكت حريتهم في التنقل وهذا تسبب في اغراق الفضاء بالاشاعات والاخبار الزائفة. وبين النقيب ان عشرة مؤسسات صحفية تعرضت للقصف هذا غير الاذاعة والتلفزيون الرسميين اللذين ظلا منطقة اشتباك منذ بداية الحرب، مما يهدد معداتهم وما فيهما من ارشيف. اضافة إلى ان الانتهاك للحقوق الاقتصادية، فقد توقفت المؤسسات الخاصة والحكومية عن سداد المرتبات بحجة ان بعضها تَوقف عن العمل، ووفقا لاحصاءات النقابة فان 90% من الصحفيين والصحفيات صاروا بلا عمل في ظل نزوحهم عن منازلهم، ولجوء بعضهم إلى دول الجوار.

(إنتاج هذا المحتوى ضمن حملة #ساندوا_السودان التي أطلقها (منتدى الإعلام السوداني) والتي تهدف إلى لفت الانتباه إلى الكارثة الإنسانية وتدارك المجاعة ووقف الانتهاكات في السودان، وتنشر بالتزامن في منصات 27 مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في الحملة.

منتدى الإعلام السوداني

 

#ساندوا_السودان

#Standwithsudan

الوسومالصحافة السودانية انتهاكات حرية الصحافة عام على حرب السودان منتدى الإعلام السوداني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الصحافة السودانية انتهاكات حرية الصحافة عام على حرب السودان منتدى الإعلام السوداني الدعم السریع مدنیة نیوز عن العمل عدد من

إقرأ أيضاً:

وهم اسمه السودان !

* هل كنا نخدع أنفسنا طيلة السنين التي عشناها بشيء اسمه "السودان"؟


* هل كان كل ما نردده من شعارات عن الوطن الواحد والهوية المشتركة مجرد وهم كبير، وزيف مستمر، نردده كأننا نغني في مأتم؟!


* جاءت الحرب، فمزقت القناع، وأظهرت الوجوه على حقيقتها، وفضحت المستور وكشفت أنانية البعض، وعرّت طمعهم، وجعلت من النازحين سلعةً في سوق الجشع، يُتاجر بهم الأقربون قبل الغرباء. ألم يكن الأولى أن نحتضن من فروا من الموت بدلا من ان نراهم فرصة للابتزاز والربح، لتأجير غرفة صغيرة باربعة أضعاف ثمنها، وبيع جردل الماء وكأنه من ذهب!


* أين الوطن.. أفي حدودٍ رسمها الإنجليز، أم في قبيلة لا ترى في غيرها إلا عدواً متنكراً؟!


* كيف نكون شعباً واحداً، وكلما اشتدت الأزمة، شدّ كل شخص رحاله إلى قبيلته أو عشيرته أو لونه أو لغته؟!


* أيُّ وطن هذا الذي تنهار فيه الأخلاق بمجرد انقطاع الكهرباء، وأيُّ انتماء هذا الذي يذوب تحت أول صفارة إنذار؟!


* لقد أثبتت الحرب أن السودان مجرد كيان جغرافي تسكنه قبائل وجماعات متنافرة، لا يربطها رابط حقيقي، لا وطني ولا إنساني ولا حتى ديني. كل شخص يبحث عن خلاصه الفردي، ولو على جماجم الآخرين. هناك من يبيع الإغاثة، ومن يسرق الدواء، ومن ينهب البيوت، ليس بسبب الجوع، بل من الجشع والسقوط الأخلاقي!


* القبح صار هو القاعدة، والرشوة اصبحت "عرفاً" في المعاملات، وتحولت السرقة إلى "شطارة"، وصار النهب "غنيمة حرب" تُبرَّر باسم الظلم والتهميش .. من أي طينةٍ نحن؟ وأي مستقبل نرجوه لدولة بُنيت على هذا الانهيار الأخلاقي؟!


* اما أسوأ ما اثبتت الحرب اننا لا نساوي حفنة تراب في نظر العالم الذي أدار ظهره لنا بلا تردد، حتى الذين كنا وما زلنا نسميهم بالاصدقاء والاشقاء، بل ان بعضهم هم سبب البلاء الذي نعاني منه. لم يتحرك احد لإنقاذنا إلا ببضع مبادرات متقطعة خجولة، اصطدمت بجشع المتأسلمين والجنجويد ومليشيات الارهاب وطموحات العسكر وأوهام الحركات المسلحة!


* هل سمع أحدكم عن "قمة طارئة" لأجل السودان، هل تحرك مجلس الأمن ما عدا مرة واحدة فاشلة كأنه لا يعنيه أمر 45 مليون إنسان يتهددهم الموت والجوع والشتات؟ ولا شيء يلوح في الافق غير الصمت المطبق.


* حتى الذين حلموا منا بأن السودان سيكون له صفحة في زيارة "ترامب" للخليج العربي تلقّوا صفعةً مؤلمة.


• لم يذكرنا الرجل ولو بكلمة واحدة، وعندما تحدث عن الاتفاق الإبراهيمي، الذي يتلوه البرهان كما يتلو المؤمن سور القرآن، نسى السودان تماماً. ولا غرابة، فماذا يهم أمريكا في انقلابي موهوم بالسلطة يركع لإسرائيل ويركض خلف اذنابها في الاقليم، وهو لا يملك من أمره شيئاً؟ مجرد دمية في أيدي أنظمة تقلبه كما تشاء، ثم ترميه كما تُرمى أوراق التواليت بعد الاستعمال!


* هل كنا حقاً نعيش في وطن؟ أم أننا نقيم في وهم جماعي اسمه السودان؟ هل كنا شعباً، أم مجرد سكان يتقاسمون رقعة جغرافية، بلا عقد اجتماعي، بلا مشروع وطني، بلا أي رابط سوى جواز السفر الذي لا يحترمه احد !


* لم تخلق الحرب هذه الفوضى، لكنها فضحتها. لم تصنع هذا الانقسام، لكنها أظهرته عارياً بلا رتوش. والنتيجة ... أمة في مهب الريح، وشعب لا يساوي شيئاً في بورصة الاهتمام العالمي، لأن العالم يرى الحقيقة التي رفضنا نحن رؤيتها: لا دولة بلا شعب موحّد، ولا شعب بلا قِيَّم، ولا قِيَّم في وطن قائم على الغنيمة والانتماء الضيق.


* لقد وضح جليا اننا نعيش في وهم كبير... اسمه السودان!


مناظير
زهير السراج


manazzeer@yahoo.com

 

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر بقمة الإعلام العربي: استهداف الصحفيين في غزة محاولة لإسكات الحقيقة
  • الإعيسر: أمريكا سارعت باتهام السودان في الوقت الذي تم فيه ضبط أسلحة أمريكية بيد المليشيا المتمردة
  • هل تعرف ما الذي يخبئه لك برجك؟.. حظك اليوم الثلاثاء 27 مايو
  • الخارجية الإسبانية تخبر العالم كيف توقف إسرائيل الحرب
  • بحث نماذج الأعمال في منصات الإعلام الرقمي بهيئة الصحفيين بمكة
  • بالتعاون مع نقابة الصحفيين.. هيئة النزاهة تعقد ندوة حوارية حول دور الإعلام في مكافحة الفساد
  • وسط تدهور الأوضاع الإنسانية.. ارتفاع عدد القتلى الصحفيين في غزة بسبب القصف الإسرائيلي
  • سوال : هل نظام الجباية الذي اسسه المستعمر صالح ليكون نظاما للتنمية الوطنية ؟!
  • وهم اسمه السودان !
  • “الصحفيين” تهنئ وتعاهد أن يبقى الإعلام الأردني صوتاً حراً مسؤولاً