الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
يشير مفهوم النمو الاقتصادي إلى التغيير الإيجابي في مستوى إنتاج السلع والخدمات باستخدام عناصر الإنتاج الرئيسة وهي الموارد الطبيعية، ورأس المال البشري، والقوانين والتشريعات المنظمة، مما يؤدي إلى زيادة دخل الدولة جراء هذه الزيادة في الإنتاج، ويقاس النمو الاقتصادي بحساب النسبة المئوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالسنوات السابقة.
ويسرّع النمو الاقتصادي عدة عوامل تساعد على زيادة وتيرة إنتاج السلع والخدمات، منها تسهيل ممارسة الأعمال، واستخدام التقنيات الحديثة، والتقدم التكنولوجي إضافة إلى تحسّن مستوى التعليم في تسريع إنتاج السلع والخدمات.
ورغم وجود خلط كبير بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، إلا أنهما ذات بعدين مختلفين؛ فالنمو الاقتصادي ذات طبيعة كمية، أما التنمية الاقتصادية ذات طبيعة كيفية التي تتطلب نموا اقتصاديا لحدوثها مع ضرورة إحداث نقلة نوعية نحو الأفضل في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
ولتحقيق نمو اقتصادي مستدام لابد من وجود توازن في السياسات المالية والاقتصادية المتخذة لتتناسب مع ظروف كل مرحلة زمنية؛ فالاعتدال في تطبيق السياستين أكسب الاقتصاد العُماني نشاطا كبيرا أدى إلى مواصلة النمو الاقتصادي وتحقيق الاستدامة المالية، مما ساعد على خفض نسبة الدين العام للدولة إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان يمثّل نحو 80% ليقترب من المستوى الآمن المقدّر بـ30% من الناتج المحلي الإجمالي بفضل السياسات المرنة والطارئة التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع ملف الدين العام للدولة قبل 4 أعوام من الآن. وكذلك تجويد الإنفاق الحكومي الذي أدى دورا محوريا في كبح الإنفاق على المصروفات الاستهلاكية غير الضرورية؛ ليوجه الإنفاق على المصروفات الاستثمارية والبرامج الإنمائية الداعمة للمشروعات التنموية المختلفة. ورغم الإجراءات المالية الطارئة المتخذة حينها؛ إلا أن حزم التحفيز الاقتصادي استمرت لتحفيز الاقتصاد ومواصلة نموّه ليحقق معدلات نمو تجاوزت توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي بفضل زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان، وتحسّن مؤشرات الاقتصاد الكلي عموما من حيث نسبة الباحثين عن عمل التي بلغت أدنى مستوياتها نتيجة مبادرات وزارة العمل لاستيعاب الباحثين عن عمل، وقدرة القطاع الخاص على توليد فرص عمل خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي استفادت من حزم التحفيز الاقتصادي في تحسّن أدائها المالي والإداري بعد سلسلة من الأزمات والصدمات الاقتصادية آخرها جائحة كوفيد 19.
حقيقة نبدي تفاؤلنا بتسجيل الاقتصاد العُماني نموا اقتصاديا سنويا بنسب متفاوتة وهو ما يشير إلى نجاح الخطط والسياسات الاقتصادية والمالية التي تتخذها الحكومة لتحقيق الاستدامة المالية. ورغم عدم اقتناع البعض بأهمية القرارات المالية المتخذة حينها للتعامل مع الوضع المالي الصعب للمالية العامة للدولة؛ إلا أن تلك القرارات والسياسات أثمرت عن تحسّن الوضع الاقتصادي لسلطنة عُمان ومؤشراته من حيث تحسّن التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية للاقتصاد، مرورا بمؤشرات الاقتصاد الكلي المتمثلة بمعدّل الباحثين عن عمل، ونسبة التضخم، وحجم الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة جملة الاستثمارات الأجنبية في سلطنة عُمان وصولا إلى إطلاق برامج الحماية الاجتماعية التي شملت جميع فئات المجتمع. وستنعكس إيجابا على مستوى الرفاه الاجتماعي والمعيشي لأفراد المجتمع العُماني، ورغم أن الإيرادات النفطية ما تزال تمثّل نسبة عالية من الإيرادات العامة للدولة، إلا أن الجهود الوطنية لتنويع مصادر الدخل والجهود الحكومية لتعزيز التنويع الاقتصادي قطعت شوطا كبيرا في زيادة نسبة مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي مثل قطاعات السياحة واللوجستيات والصناعات التحويلية إضافة إلى قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ لتكون رافدا اقتصاديا وماليا للميزانية العامة للدولة.
لقد أثمرت الجهود استدامة الوضع المالي والاقتصادي لسلطنة عُمان مدعومة بالسياسات الاقتصادية والمالية الفاعلة التي صحّحت بعض الممارسات في الإنفاق وأسهمت في تعظيم الإيرادات المالية؛ فالاستدامة المالية أحد العوامل الرئيسة والمهمة في تحقيق النمو الاقتصادي للدول، واستمرار معالجة التحديات المالية التي تواجه الاقتصادات هي أحد الحلول الناجحة للوصول إلى ازدهار اقتصادي، وبتحقيق نمو اقتصادي مستمر يساعد على تنفيذ «رؤية عُمان 2040» والخطط الاستراتيجية الأخرى.
إن التوازن المالي المنشود أن تحافظ الميزانية العامة للدولة على تحقيق ارتفاعات في الإيرادات المالية، وألا ترتفع فاتورة المصروفات مقارنة بالإيرادات حتى لا تتعرض لعجز مالي، وأن تواصل سياسة ضبط الإنفاق الحكومي واستمرار تفعيل بعض المبادرات المالية؛ تفاديا لأي انخفاض في أسعار النفط عالميا، مع ضرورة زيادة مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي بنسب أعلى من النسب الحالية؛ لتعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية، فالتوازن المالي عامل مهم لدعم احتياطات الدولة من العملة الأجنبية، وداعم قوي للنمو الاقتصادي، ومحفّز للاستثمارات الأجنبية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی النمو الاقتصادی العامة للدولة إلا أن
إقرأ أيضاً:
عاجل| 665 مليون دولار.. أوكرانيا تعلن عدم السداد
في خطوة متوقعة، أعلنت وزارة المالية الأوكرانية يوم الجمعة أنها لن تسدّد دفعة مستحقة بقيمة 665 مليون دولار من ديونها الحكومية.
هذا القرار يأتي ضمن التجميد المؤقت للسداد الذي تم اعتماده سابقًا، ويستمر حتى استكمال عملية إعادة هيكلة الديون.
أوربان: قناعة راسخة لدى الأوروبيين بكارثية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أوكرانيا تقصف مستشفى في خيرسون مفاوضات معقدة: ماذا يحدث مع ديون "ضمانات الناتج المحلي"؟تعود هذه الأزمة إلى المفاوضات التي أجرتها الحكومة الأوكرانية مع مستثمرين يمتلكون نحو 30% من سندات "ضمانات الناتج المحلي الإجمالي"، والبالغة قيمتها 2.6 مليار دولار.
ورغم المحادثات المكثفة التي بدأت في أبريل/نيسان، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن، بينما كان من المفترض دفع 600 مليون دولار في مايو.
تُعد هذه الضمانات أداة دين مبتكرة، ترتبط أرباحها بأداء الاقتصاد المحلي. يحصل حاملو هذه الضمانات على دفعات إضافية في حال تجاوز نمو الاقتصاد نسبة 3%.
وفي حالة أوكرانيا، تجاوز النمو هذه النسبة في عام 2023، مما جعل الحكومة مطالبة بدفع تلك المبالغ، لكنها قررت تجميد السداد في ظل الظروف الحالية.
عاجل| 665 مليون دولار.. أوكرانيا تعلن عدم السدادتجميد السداد لا يعني التخلف عن الدفع بالكاملأكدت وزارة المالية أن قرار التجميد لا يعني تخلفًا عامًا عن السداد، بل هو إجراء قانوني مؤقت لا يهدد الاستقرار المالي للدولة.
وكانت الحكومة قد ألغت في أغسطس 2024 "شرط التخلف المتقاطع"، ما يعني أن تأجيل هذه المدفوعات لا يؤدي إلى التخلف عن التزامات أخرى تجاه الدائنين.
أشارت وزارة المالية إلى أن النمو الاقتصادي في 2023 لم يكن كافيًا لتعزيز الوضع المالي بشكل مستدام، واصفة إياه بأنه "انتعاش هش بعد تراجع اقترب من 30%".
وأكدت الوزارة أنها تواصل الحوار مع المستثمرين، وستنظر في جميع الخيارات المتاحة لإنجاح عملية إعادة الهيكلة وتخفيف الأعباء عن الاقتصاد الأوكراني.