شهد حقل ظهر، جوهرة الغاز الطبيعي في مصر، انخفاضا ملحوظا في احتياطياته خلال السنوات الماضية، مما أثار قلقا واسعا حول مستقبل أمن الطاقة في البلاد. دعونا نغوص في أعماق هذا الموضوع لفهم العوامل التي أدت إلى هذا التراجع ونستكشف تداعياته المحتملة.

في الآونة الأخيرة، انتشرت شائعات حول انهيار احتياطي حقل ظهر الغازي العملاق في مصر، مما أثار قلق العديد من المصريين.

بينما نفت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية هذه الشائعات، إلا أن هناك بعض الحقائق التي يجب مراعاتها لفهم الوضع بشكل أفضل.

عادت مصر إلى سياسة تخفيف أحمال الكهرباء مجددا لمدة ساعتين يوميا وأكثر على مستوى الجمهورية بدعوى توفير مليار دولار سنويا من الغاز الطبيعي يمكن استيراده من الخارج أو تصديره للخارج من خلال محطات الإسالة.

حقائق حول احتياطي حقل ظهر:

تقديرات الاحتياطي الأولية: تراوحت التقديرات الأولية لاحتياطي حقل ظهر بين 30 و 40 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.

التعديلات اللاحقة: تم تعديل هذه التقديرات لاحقًا إلى 21 تريليون قدم مكعبة.

الاحتياطي الحالي: تشير التقديرات الحالية إلى أن احتياطي حقل ظهر المتبقي يبلغ حوالي 5 تريليون قدم مكعبة.

في هذا الصدد، كشفت منصة الطاقة المتخصصة (ومقرّها واشنطن) تراجع احتياطيات حقل ظهر بشكل غير مسبوق، مع تراجع ملحوظ في الإنتاج خلال الآونة الأخيرة.

تم تخفيض الاحتياطيات المتبقية في حقل ظهر الذي تديره شركة إيني الإيطالية (Eni) إلى 5.02 تريليون قدم مكعّبة من الغاز في نهاية عام 2023، وفقًا لأحدث بيانات نشرة أميركية متخصصة.

هذا يعني أن الاحتياطيات المؤكدة أقل من 10 تريليونات قدم مكعّبة من الغاز، بحسب المنصة، وهو أقل بكثير من الرقم الأصلي البالغ 30 تريليون قدم مكعّبة، الذي كشف عنه في عام 2015 من جانب مصر عند اكتشاف الحقل.

تراجعت احتياطيات حقل ظهر إلى المرتبة الثالثة، بين أكبر 3 حقول في شرق المتوسط، ليحلّ خلف أكبر حقلين في إسرائيلي، ليفياثان، وتمار.


أسباب انخفاض الاحتياطي
انخفض إنتاج حقل ظهر من الغاز من ذروة بلغت 2.74 مليار قدم مكعّبة في الربع الثالث من عام 2021، إلى أقل من ملياري قدم مكعّبة حاليا، وفق مصادر حكومية لصحيفة المال المتخصصة.

ضغوط الإنتاج: تم استخراج كميات كبيرة من الغاز من حقل ظهر منذ بدء الإنتاج في عام 2015 أدى إلى مشاكل تقنية.

التراجع الطبيعي: من الطبيعي أن ينخفض احتياطي أي حقل غازي مع مرور الوقت واستخراجه.

مراجعة التقديرات: قد تكون هناك حاجة إلى مراجعة التقديرات الأولية لاحتياطي الحقل بناءً على بيانات جديدة و معلومات جيولوجية.

أدى انخفاض إنتاج الحقل بأكثر من 30% إلى تراجع الإنتاج الإجمالي لمصر من الغاز الطبيعي إلى أقل مستوى منذ شباط/ فبراير 2018. وانخفض الإنتاج الكلي إلى 4.287 مليار متر مكعب خلال شهر شباط/ فبراير الماضي.


الأزمة والحلول
أعرب خبير النفط العالمي، الدكتور ممدوح سلامة، عن اعتقاده أن "انخفاض إنتاج حقل ظهر العملاق في المياه المصرية يعود ربما إلى حجم الاستخراج الضخم للغاز من هذا الحقل إضافة إلى تسريب المياه إلى داخل الحقل، من هذه الزاوية يتحتم حل مشكلة هذا التسريب، إضافة إلى تخفيف الضغط عن الحقل من خلال خفض الإنتاج وإعطاء الحقل فترة راحة إن صح التعبير حتى لا تتعاظم المشكلة".

وبشأن تداعيات ذلك، أوضح في حديثه لـ"عربي21": أن "خلال ذلك تحتاج مصر إلى استيراد كميات أكبر من الغاز الطبيعي من إسرائيل أو من أي مصدر آخر حتى تعوض النقض، ومن هذه الزاوية الانخفاض في حجم إنتاج حقل ظهر يؤثر على حجم الإنتاج الكلي للغاز الطبيعي".

ورأى أن "هناك حلول أخرى لا تٌرضي الرأي العام المصري هو خفض استهلاك الغاز من قبل شركات الكهرباء المصرية، على أي حال، يتحتم علاج هذه المشكلة قبل أن تؤدي إلى تراجع كبير في الإنتاج، والخبراء في مصر قادرون على حل هذه الأزمة، لأنه مصدر دخل بالعملة الصعبة، ويلبي حاجة المجتمع المصري من الغاز".

تطور يهدد طموحات مصر
وصف خبير اقتصاديات النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، "هذا التطور بأنه يهدد طموحات مصر لكي  تصبح  مركز عالمي لتصدير الغاز الطبيعي المسال. انقطاعات الكهرباء تدل على أن هناك أزمة طاقة، أي أن الصادرات تتقلص وكذلك مصادر العملة الصعبة خاصة بعد انخفاض نشاط قناة السويس بحوالي 50% بسبب حرب غزة وعزوف السفن التجارية من المرور عبر القناة بعد تدخلات الحوثيين في نوفمبر  2023 لعرقلة الملاحة في البحر  الأحمر".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "نظريا حقل ظهر يمثل 40% من إجمالي إنتاج مصر  ومع ظهور أزمة الطاقة في أوروبا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية صدرت مصر حوالي 9 مليارات متر مكعب من الغاز عام 2022  وجنت إيرادات تزيد عن 8.4 مليار دولار مقارنة مع 3.5 مليار دولار عام 2021".

وبشأن تداعيات الأزمة ذكر إسماعيل: "لا شك أن تراجع الإنتاج وتقلص أرقام الاحتياطيات يعني ارتفاع وتيرة الاستيراد  من اسرائيل و لتفادي انقطاعات في الكهرباء الصيف المقبل ستضطر مصر الى تخفيض التصدير لإعطاء أولوية للاستهلاك المحلي"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد حلول سريعة سوى المزيد من الاستيراد من إسرائيل ودول أخرى".

وراى أن مصر "تحاول تقليل أثر الأزمة من خلال ضخ استثمارات بقيمة 535 مليون دولار لتنمية نشاط حقل ظهر مع عمليات حفر ومشاريع لاكمال حقل ظهر 19 وخطط حفر 5 آبار جديدة لرفع الإنتاج. ولكن هذه المشاريع تأخذ سنوات لكي تعطي نتائج ملموسة للاقتصاد المصري".

وعلق الخبير الاقتصادي وعضو مجلس النواب السابق، محمد فؤاد، على هذا التدهور، بالإشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء المصري مطلع عام 2021، التي أعلن خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي من البترول بحلول 2023 وقال إنه يمكن توصيفها حاليا "بالنكتة" بعد أن تحولت مصر إلى مستورد وأصبح عندها عجز 50%.


في ١٨ يناير ٢٠٢١، أطلق رئيس الوزراء هذا التصريح او ما يمكن توصيفه حاليا بالنكتة.

كونه يصدر تصريح بخصوص الاكتفاء الذاتي من البترول بحلول ٢٣ و بعد سنتين نبقى عندنا ٥٠٪ عجز غاز ده اسمه هزل

مافيش بجنيه تخطيط و لا تنفيذ و لا تحمل مسئولية. فيه اعذار و طجرمة و مساومات بائسة… https://t.co/pDEUU4cxMD pic.twitter.com/CqXLAjOfWn

— Mohamed A. Fouad (@MAFouad) April 20, 2024

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي الغاز مصر الطاقة مصر الغاز الطاقة المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الغاز الطبیعی فی مصر

إقرأ أيضاً:

مرحلة جديدة.. ماذا وراء زيارة وزير الخارجية السوري إلى روسيا؟

حظيت زيارة وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني التي أجراها إلى موسكو الخميس، باهتمام واضح ، لما لها من دلالة استراتيجية تُعيد رسم خطوط العلاقة مع روسيا عقب مرور أكثر من 8 أشهر على إسقاط النظام البائد المدعوم من موسكو , وهو ما عد خطوة دبلوماسية تسعى للتوازن ما بين المصالح السياسية السورية والواقع الجيوسياسي الإقليمي والدولي.

وبعد اجتماعه بالشيباني ، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة لمراجعة الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين، قائلاً: "فيما يتعلق بالعقود الاقتصادية اتفقنا على تعيين رئيس من الجانب الروسي للجنة المشتركة التي ستنظر في المسارات متبادلة المنفعة، كما وستشارك روسيا بشكل فعال في تعافي الاقتصاد السوري".

الوزير السوري اعتبر أن "العلاقات بين روسيا وسوريا تمر بمنعطف تاريخي حاسم"، وقال: "وجدنا انفتاحاً كبيراً من الجانب الروسي، ونعتقد أن هذه العلاقة ستتطور إلى شراكة استراتيجية متميزة في القريب العاجل".
كلمة وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع نظيره الروسي في العاصمة موسكو pic.twitter.com/yB2epj8RkA — وزارة الخارجية والمغتربين السورية (@syrianmofaex) July 31, 2025
وبعد ذلك اجتمع الشيباني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين، وفق ما أكدت وكالة الأنباء السورية (سانا)، ما يدلل بحسب مصادر على أهمية الزيارة.



ما دلالات الزيارة؟

تأتي زيارة الشيباني، في وقت تحاول فيه دمشق إعادة الاستقرار إلى البلاد والانتهاء من الملفات العالقة مثل السويداء وشمالي شرق سوريا.

بجانب ذلك، فإن من المنتظر أن تبحث الزيارة مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا، وتحديداً قاعدة حميميم في الساحل ومطار القامشلي.

وسبق وأن تحدثت مصادر عن احتمالية إعطاء الحكومة السورية الموافقة على منح روسيا قاعدة في مطار القامشلي في ريف الحسكة، الأمر الذي يحقق لدمشق أكثر من هدف , الأول موازنة علاقتها بين الغرب وروسيا، والثاني في ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي ترى في روسيا حليفاً محتملاً حال انسحاب الولايات المتحدة من سوريا.

لكن الخبير بالشأن الروسي طه عبد الواحد، لا يتوقع أن يتم التوصل إلى أي اتفاق نهائي بين دمشق وموسكو خلال زيارة الشيباني.

ويوضح لـ"عربي21" أن هذه الزيارة بمثابة تدشين للمرحلة الجديدة من العلاقات بين موسكو ودمشق، ولذلك استبعد أن يتم الاتفاق النهائي في أي من ملفات العلاقات الثنائية، كما وبشأن الدور الروسي في القضايا الإقليمية.

وقال عبد الواحد، لن يتم بحث مسألة إقامة قاعدة في القامشلي وكذلك لن يتم اتخاذ أي قرار محدد ونهائي بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا بشكل عام.

وكان الوزير السوري الشيباني قد اعتبر أن بلاده "تتطلع إلى إقامة علاقات صحيحة وسليمة مع روسيا وتكون قائمة على التعاون والاحترام المتبادلين"، مضيفاً: "هناك بعض الحكومات التي تفسد العلاقة بين سوريا الجديدة وروسيا ونحن هنا لنمثل سوريا الجديدة.

سوريا تقبل بدور روسي

في السياق، يقرأ الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، في التصريحات السورية بعض القبول بدور روسي محدود في البلاد، يتمثل في الإبقاء على القواعد المطلة على البحر المتوسط، ما يتيح لموسكو حضوراً طويل الأمد في المنطقة، إذ تُعدّ سوريا آخر قلاع بوتين على المياه الدفيئة.

وقال لـ"عربي21" أعتقد أن زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني في هذا التوقيت ترتبط بالجانب الأمني الذي يمكن أن تلعبه روسيا في سبيل الحفاظ على وحدة سوريا، سواء من خلال نفوذها في الساحل السوري أو في القامشلي، التي تتخذ منها موسكو قاعدة عسكرية شرق البلاد، ضمن منطقة تسيطر عليها ميليشيا "قسد".

 واعتبر خليفة أنه في حال سارت الأمور كما تشتهي السفن السورية، قد يُعاد فتح العقود السابقة مع موسكو لتعديل بنودها أو زيادة العائدات الاستثمارية.

وأضاف أن السلطات السورية تغاضت عن الوجود الروسي عقب سقوط نظام الأسد، ولم توجه أي رسالة سلبية، حتى في لحظة أزمة الساحل ولجوء العديد من أهالي المنطقة إلى قاعدة حميميم، وقال: "ربما من أجل خلق توازن بالعلاقة مع الغرب، لكن بشكل واضح موسكو ماتزال غاضبة جراء تغير المشهد السياسي في البلاد وتعتبر أن هناك دولا إقليمية خدعتها، مما قد يدفع الروس لتحريك فلول النظام الذين ذهبوا باتجاه مناطق" قسد" أثناء معركة تحرير سوريا.

ورغم أن روسيا كانت إحدى أسباب معاناة السوريين إثر تدخلها العسكري الداعم للنظام منذ عام  2015 ، إلا أن الواقع الدولي اليوم يفرض بحسب مراقبين نوعاً من العلاقة بين سوريا الجديدة وروسيا ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة ، أو ما يمكن تشبيهه وفق مراقبين بـ"اضطرارية العلاقة" ومصلحة سوريا في الوضع الراهن.

مقالات مشابهة

  • مرحلة جديدة.. ماذا وراء زيارة وزير الخارجية السوري إلى روسيا؟
  • بدعم من دولة قطر.. بدء تدفق الغاز الطبيعي من أذربيجان إلى سوريا عبر تركيا
  • بدء أول تدفق للغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا
  • أذربيجان تبدأ ضخ الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر تركيا
  • افتتاح خط النقل الإقليمي للغاز بين سوريا وتركيا
  • المونيتور الأمريكي يبرز اتفاقات مصر الجديدة للتنقيب عن النفط والغاز
  • محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال إصلاح خط الغاز الطبيعي .. صور
  • افتتاح خط أنابيب الغاز الطبيعي بين تركيا وسوريا
  • لأعمال الصيانة .. توقف مؤقت للغاز الطبيعي في كفر الشيخ
  • العمانية للغاز الطبيعي تدعم الرياضات البحريةواللجنة العمانية