الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يفتتح الألعاب المغربية بحضور نجوم الرياضة والسياسة
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
قام المهندس ايمن عبد الوهاب الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي للشرق الاوسط وشمال افريقيا والشريفة سمية الوزاني رئيس الاولمبياد الخاص المغربي بافتتاح الألعاب الوطنية المغربية ال11 بحضور عدد من نجوم الرياضة والسياسة المغربية بالصالة المغطاة بمراكش، وتستمر الالعاب حتى يوم 26 أبريل الجاري، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب بمشاركة 1500 لاعب ولاعبه ومدرب ، وتشارك دولة الامارات العربية المتحدة في العاب القوى كممثل عن المنطقة
الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يفتتح الألعاب المغربية بحضور نجوم الرياضة والسياسةحضر حفل الافتتاح والي جهة مراكش – آسفي، فريد شوراق، وممثلي مختلف القطاعات الحكومية الشريكة، وممثلي الشركاء والداعمين، فضلا عن عدد من الوجوه الرياضية من أبرزهم اللاعب السابق للمنتخب المغربي لكرة القدم عبد العزيز بودربالة سفير الاولمبياد الخاص المغربي، والعدّاءة الأولمبية الدولية نزهة بدوان.
و أوضح الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي عقب الافتتاح لوكالة الأنباء المغربية بأن “المملكة تشهد تطورا مهما في جميع المجالات الرياضية”، معبرا عن إعجابه بالافتتاح “الرائع”، الذي عرف أداء النشيد الوطني، وتقديم استعراض من طرف الجمعيات المشاركة وفقرة غنائية لمجموعة “فناير”، فضلا عن لوحات فنية للمتطوعين من مختلف الدول الإفريقية.
وتشهد الالعاب المغربية مشاركة أزيد من 44 جمعية من مختلف جهات المملكة من أجل التباري في 12 لعبه فردية، إضافة إلى البرنامج الصحي الذي يتوخى فحص المشاركين بالمجان في 7 تخصصات طبية، وبرنامج المدارس الذي يهدف إلى خلق فرص التفاعل والتعارف بين أبطال الأولمبياد وتلاميذ المدارس.
من جانبه، أبرز عبد العزيز بودربالة أن هذه التظاهرة تشكل فرصة لتبادل الخبرات والتجارب في الميدان الاجتماعي والتربوي والفني، مشيرا إلى أنها مناسبة لترسيخ قيم الأولمبياد الخاص المغربي.
يشار إلى أن الألعاب المغربية تشمل تنظيم “البرنامج الصحي” بمستشفى شريفة المحلي بمراكش، الذي سيتم من خلاله إجراء فحوصات طبية لفائدة جميع المشاركين، في تخصصات طب العيون وجراحة الأسنان وطب الأذن والحنجرة والطب الرياضي والتغذية، تحت إشراف طاقم طبي متخصص تابع لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
كما سيتم بمناسبة انعقاد هذه الألعاب الوطنية، تنظيم مائدة مستديرة حول “القادة الرياضيين”، باعتبارها فرصة لتبادل الخبرات والتذكير بقيم وأهداف الأولمبياد الخاص المغربي، فضلا عن إقامة مؤتمر حول العائلات بهدف تسليط الضوء على الأدوار التكميلية بين الرياضة والأسر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الإقلیمی للأولمبیاد الخاص الدولی الخاص المغربی
إقرأ أيضاً:
فورين أفيرز: الخليج وإيران واحتواء الغليان الإقليمي
مقدمة الترجمة
في قلب شرقٍ لا يعرف الهدوء، يتشكّل واقع جديد، تكتبه النار حينًا، وتخطّه المصالح حينًا آخر. الشرق الأوسط، الذي طالما كان مسرحًا للتوترات والانهيارات المتكرّرة، يقف اليوم على عتبة تحوّل عميق، لا تُدوّي فيه المدافع وحدها، بل تتكلم فيه أيضًا السياسة والصفقات والرسائل الخفيّة بين السطور.
فمن غبار الحرب في غزة، إلى همسات التفاوض في الخليج، ومن ضجيج الطائرات المسيّرة فوق سوريا، إلى الأروقة الصامتة في واشنطن وطهران، تتداخل الخطوط وتختلط الأدوار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قاتل المصلّين مثله الأعلى.. من أين جاء بن غفير بكل هذا القبح؟list 2 of 2"المقامرة من أجل البقاء".. لم يستمر نتنياهو في حرب غزة رغم فشله؟end of listالقوى الكبرى تراقب، والدول الإقليمية تُناور، بينما الشعوب العالقة في المنتصف لا تعرف السكينة سبيلا إلى نفسها، تحاول البحث عن ظل استقرار لم يُولد بعد.
في هذا المقال المترجم عن فورين أفيرز، نحاول قراءة ما بين دخان المعارك وصمت الغرف المغلقة عن طريق بعض الأسئلة الجوهرية التي يطرحها المقال: من يمسك بخيوط اللعبة؟ وما الذي تغيّر في توازنات الإقليم؟ وإلى أين تمضي المنطقة التي لطالما عاشت على حافة الانفجار؟
نص الترجمةشهدت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في مايو/أيار الماضي منعطفًا دراميًا لم يكن في الحسبان، إذ حملت بين طياتها مفاجآت قلبت التوقعات رأسًا على عقب. ففي خطوة غير متوقعة، التقى ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع رغم ماضيه كقائد لإحدى الجماعات الإسلامية المتشددة.
إعلانوخلال الزيارة، أعلن ترامب عن رفع العقوبات الأميركية عن دمشق، في مشهد أربك الحسابات السياسية. وخلافًا لما جرت عليه العادة في مثل هذه الزيارات، استُبعدت إسرائيل من خارطة الزيارة، رغم أن الحرب في غزة لا تزال مشتعلة، وإدارة ترامب ما زالت منخرطة في مساعٍ لإنهائها.
أما المفاجأة الأخرى، فتمثلت في اتفاق ثنائي لوقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن دون استشارة إسرائيل. والذي أضاف بعدًا غير متوقع للأحداث، هو إعلان ترامب عن بدء محادثات مباشرة مع إيران، وهي خطوة عارضتها إسرائيل بشدة، في حين لاقت ترحيبًا غير متوقع من بعض دول الخليج، التي لم تكتفِ بالموافقة، بل ساهمت في تسهيلها. وبذلك بزغ في الأفق واقع مُغاير ينسج ملامحه في قلب الشرق الأوسط، ويؤكد أن موازين القوى لم تعد كما كانت منذ أن دوّى هجوم 7 أكتوبر.
أعادت الحرب في غزة تشكيل ملامح المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط من جذوره. فقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت بعض الدول الخليجية تنظر إلى إيران، ومعها شبكة وكلائها في الإقليم، باعتبارها الخطر الأوحد الذي يُهدد استقرار المنطقة.
وعلى هذا الأساس، دعمت هذه الدول حملة "الضغط الأقصى" التي أطلقها الرئيس ترامب ضد طهران، وشرعتْ في فتح أبواب التطبيع مع إسرائيل، في مشهد بدا حينها أنه يؤسس لتحالف جديد. غير أن رياح الحرب في غزة حملت معها ما لم يكن في الحسبان، فبعد 20 شهرًا على اندلاع الحرب، تبدّل هذا المشهد على نحو جليّ، فقد بهتت صورة إيران كعدو أول في الوعي العربي، بينما بدأت إسرائيل تبرز أكثر فأكثر بوصفها قوة مهيمنة تطمح إلى فرض سطوتها على الإقليم.
وفي خضمّ هذا المشهد المتغير، تصدّع الموقف بين حلفاء واشنطن العرب وإسرائيل على نحو لافت، فقد اتخذ كل طرف موقعًا نقيضًا للآخر فيما يتعلّق بالتعامل مع الملف النووي الإيراني، إذ ترى إسرائيل أن أي اتفاق نووي جديد مع طهران سيمنح النظام الإيراني شريان حياة جديدا، ولهذا فهي تدفع إدارة ترامب نحو الخيار العسكري، وتطالب بشنّ ضربات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية لتدميرها بالكامل.
في المقابل، تنظر دول الخليج إلى الأمر من زاوية مختلفة تمامًا، إذ ترى في شبح الحرب خطرًا داهمًا يقترب من أبوابها، قد يتسع ويغدو عصيًا على السيطرة. ولذلك، تعتبر هذه الدول أن التوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران هو السبيل الأنجع لضمان أمن المنطقة واستقرارها.
إعلانكما أن دول الخليج تُبدي قلقًا من مستقبل قد تصبح فيه إسرائيل قادرة على التحرّك بحرية تامة في المنطقة والانفراد بالقرار، حتى وإن استمر مسار التطبيع معها. وفي هذا السياق، بدأت دول الخليج تلعب دورًا محوريًا في جهود ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي، في محاولة لإيجاد توازن جديد بين النفوذ الإسرائيلي والإيراني. ومن خلال هذه المشاركة، تسعى هذه الدول أن تكون مركز الثقل في نظام إقليمي جديد يُعاد تشكيله.
فشل سياسة الضغطلإدراك عمق التحوّل في نظرة دول الخليج إلى إيران، لا بد من العودة إلى لحظة فارقة قبل عقد من الزمن، حينما وقعّت واشنطن وطهران على الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في يوليو/تموز 2015. في ذلك الوقت، خشيت دول الخليج أن يكون الاتفاق النووي بمثابة رخصة لإيران كي تمدّ ظلال نفوذها أكثر، في حين قرأت إسرائيل في الاتفاق تهديدًا وجوديًا يمس توازنها الأمني.
حدث ذلك كله في وقت حرج كان يعاني فيه العالم العربي من آثار الاضطرابات التي فجرتها انتفاضات "الربيع العربي" عامي 2010 و2011، والتي أطاحتْ بعدد من الحكّام، وأشعلتْ حروبًا أهلية في ليبيا وسوريا واليمن. وقد استفادت إيران من هذه الفوضى، فمدّت نفوذها في المنطقة لتُشكّل ما يشبه حزامًا جغرافيًا يمتد من شبه الجزيرة العربية حتى بلاد الشام.
وفي خطابه أمام الكونغرس الأميركي في مارس/آذار 2015، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلق إسرائيل من تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة، قائلاً إن طهران أصبحت تهيمن على 4 عواصم عربية: بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء. وفي الوقت ذاته، أبدت بعض العواصم الخليجية مخاوفها الخاصة من التداعيات الإقليمية للاتفاق النووي، انطلاقًا من اعتبارات أمنية واستراتيجية تتصل باستقرار المنطقة وتوازناتها.
إعلانوفي الشهر نفسه الذي ألقى فيه نتنياهو خطابه، أعلنت السعودية قيادتها لتحالف عسكري وتدخُّلها في اليمن ضد جماعة الحوثيين التي كانت تمثل -في نظرها- ذراعًا إيرانيًا يُرسّخ نفوذ طهران داخل شبه الجزيرة العربية.
ربما بالغت إسرائيل، وكذلك بعض دول الخليج -كلٌّ بطريقته- في تقدير حجم التهديد الإيراني، بناءً على حساباتهم الاستراتيجية الخاصة، إلا أن الواقع لم يكن خاليًا من المؤشرات التي عززت هذا القلق. فقد أدى الاضطراب الواسع الذي اجتاح العالم العربي إلى اختلال في موازين القوى الإقليمية لصالح إيران، التي استغلت حالة الانقسام والفراغ السياسي في أكثر من بلد لتعزيز نفوذها.
لم يكن الاتفاق النووي في أعين خصوم إيران بالمنطقة مجرد صفقة تقنية لكبح جماح برنامجها النووي، بل بوّابة محتملة لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري. فالاتفاق، وفقًا لبنوده، قدّم لطهران هدية ثمينة وهي رفع العقوبات، مقابل التزام تقني لا يتجاوز حدود تخصيب اليورانيوم. أما أذرعها الممتدة في ساحات النزاع العربية، فلم تُمسّ، وظلّت بمنأى عن أي مساءلة.
ولذلك، رأت بعض الدول العربية في هذا الاتفاق ثغرة تُهدد استقرار الإقليم، بينما شنت إسرائيل حملة قوية ضده انطلقت من قبة الكونغرس الأميركي، حيث ألقى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو خطابًا أثار جدلًا واسعًا. وفي ظل هذه الأجواء، تكثّفت الضغوط السياسية والإعلامية على صانعي القرار الأميركي، في محاولة جماعية من أطراف مختلفة لإجهاض الاتفاق.
في فترة ولايته الأولى، انحاز الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى معارضي الاتفاق النووي، فقررتْ الولايات المتحدة الانسحاب منه عام 2018، وفرضتْ على إيران عقوبات اقتصادية مشددة ضمن ما عُرف بسياسة "الضغط الأقصى".
جاءت هذه الخطوة محمّلة برغبة واضحة في إضعاف الاقتصاد الإيراني وتقليص نفوذ طهران المتنامي في المنطقة، سعيا لإعادة تشكيل التوازن الإقليمي بطريقة تخدم مصالح حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.
إعلانوتماشيًا مع هذا المسار، شجعت الإدارة الأميركية آنذاك على تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين بعض دول المنطقة، وهو ما تُوّج لاحقًا بسلسلة اتفاقيات خلال عام 2020، أبرزها اتفاقية أبراهام التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية وشمال أفريقيا. كما تبنّت إدارة ترامب نهجًا أكثر تشددًا تجاه دعم إيران للجماعات التابعة لها والمنتشرة في بؤر النزاع، وبلغ هذا التشدّد ذروته عندما اتخذت قرارًا نادرًا وغير مسبوق تَمثّل في اغتيال القائد العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني، في غارة جوية على العاصمة العراقية بغداد عام 2020.
وخلافًا للتوقعات التي كانت تشير إلى احتمالية إحياء الولايات المتحدة للاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، مضت إدارة جو بايدن في اعتماد نهج صارم تجاه إيران. فقد تجنبت واشنطن الانخراط المباشر في مفاوضات مع طهران، ولم تُبدِ مرونة تُذكر إلا بعدما رفعت إيران وتيرة تخصيب اليورانيوم على نحوٍ مثير للقلق.
وبدلاً من التركيز على الملف النووي وحده، أولت إدارة بايدن اهتمامًا أكبر لبناء تحالف إقليمي جديد، يربط بين بعض الدول العربية وإسرائيل، على نحو يشبه توجه إدارة ترامب.
ومن هنا أصبحت مسألة توسيع اتفاقية أبراهام لتشمل دولا أخرى؛ بمثابة حجر الزاوية في سياسة بايدن في الشرق الأوسط، معتقدًا أن اتفاقية كهذه قد تُمهّد الطريق أمام مرحلة جديدة من الهدوء النسبي. وقبل هجوم 7 أكتوبر بأيام قليلة، اعتقدت واشنطن أنها باتت على أعتاب تحول تاريخي في توسيع المنضمين لاتفاقات أبراهام، متوهمة أن ذلك سيفتح آفاقًا لتسوية الصراعات الممتدة في المنطقة.
حين تتصرف إسرائيل بلا قيودما لبثت الأحداث أن كشفت عن وهمٍ كبير في رهان الإدارة الأميركية، إذ اتّضح أن الاستراتيجية التي تبنّاها ترامب في عهدته الأولى -ومن بعده بايدن- لم تُطفئ نيران التوتر في الشرق الأوسط، بل زادتها اشتعالًا.
إعلانفإيران، التي وُضعت تحت ضغط شديد لم تنكفئ، بل مضت في توسيع برنامجها النووي، وكثّفت دعمها للحوثيين في حربهم ضد الخليج، قبل أن تنتقل إلى استهداف مباشر للمصالح الأميركية والخليجية، وكان الهجوم على منشآت النفط السعودية عام 2019 أبرز تجليّاته.
ومع مرور الوقت، وتحديدًا قبل هجوم 7 أكتوبر، بدأت دول الخليج تفقد الثقة في فعالية النهج الأميركي. وفي مارس/آذار 2023، بادرت السعودية بالخروج عن الصف الأميركي وفتحت باب المصالحة مع طهران عبر اتفاق رعته الصين. وما إن أُبرم الاتفاق حتى هدأت الجبهة اليمنية، وتوقفت الهجمات على السعودية والإمارات. ورغم استمرار المساعي الخليجية لبناء علاقات أوسع في الإقليم، بدا أن مهمة التوازن بين طهران وتل أبيب شديدة التعقيد.
ومع اشتداد نيران المواجهة، عاد ما يُعرف بمحور المقاومة -الذي يضم قوى إقليمية مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وحماس في غزة- إلى الواجهة، فتحوّل إلى صراع مفتوح مع إسرائيل.
من جهتها، رأت الإدارة الأميركية في هذا التصعيد فرصة لتعزيز فكرة تحالف أمني يجمع إسرائيل بدول الخليج، لكن الحسابات الإقليمية كانت أكثر تعقيدًا. فدول الخليج، لم تُبدِ حماسًا للانخراط في صراع لا تريده، بل حرصت على النأي بنفسها عن المواجهة رغم عدائها السابق للحوثيين.
وقد ظهر هذا الموقف جليًا في يناير/كانون الثاني 2024 حينما قرر بايدن الرد عسكريًا على استهداف الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر. حينذاك، امتنعت السعودية والإمارات عن المشاركة في الرد، رغم سنوات من المواجهة المباشرة مع الجماعة ذاتها.
جاء هذا الموقف الخليجي أيضًا استجابةً للغضب الشعبي العربي المتصاعد إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة، وهو غضب جعل من الصعب على الحكومات المضيّ قدمًا في أي تعاون أمني أو سياسي أعمق مع إسرائيل.
إعلانوفي خريف 2024، شهدت الحرب تحوّلًا حاسمًا لصالح إسرائيل، بعد سلسلة من الضربات النوعية التي غيّرت مسار الصراع. ففي أواخر سبتمبر/أيلول، نفّذت إسرائيل ضربة دقيقة استهدفت قادة الصف الأول في حزب الله، وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، الذي قُتل في عملية قصف استهدفته بعد نجاح مهمة استخباراتية أجهزت على البنية القيادية للحزب عبر أجهزة اتصالات مفخخة.
وفي الشهر التالي، استهدفت إسرائيل قائد حركة حماس يحيى السنوار، الذي يُنسب إليه تخطيط هجوم 7 أكتوبر. وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول، انهار نظام بشار الأسد في سوريا، حليف طهران الأبرز في المنطقة. وفي خضم هذه التحوّلات، تصاعدت المناوشات بين إيران وإسرائيل إلى مستوى بالغ الخطورة، عبر موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة. ومع أن الخطر كان محدقًا، فإن هذه المواجهات كشفت جانبًا من ضعف طهران، إذ ادّعت إسرائيل أنها عطلَّتْ جزءًا كبيرًا من الدفاعات الجوية الإيرانية.
ومع نهاية عام 2024، وجدت إيران نفسها معزولة إلى حدّ كبير عن بلاد الشام. أما الداخل الإيراني، الذي طالما بدا عصياً على الاختراق، فأخذ يُظهِر هشاشته في مواجهة التصعيد المتزايد.
وفي ظل هذا المنعطف الحرج، كانت واشنطن على أعتاب عودة دونالد ترامب إلى السلطة، الرجل الذي لم يُخفِ يوماً انحيازه المطلق إلى إسرائيل. وهنا، اعتبرت الحكومة الإسرائيلية هذه التطورات فرصة نادرة لشنّ ضربة قاصمة ضد إيران لتدمير منشآتها النووية، وشلّ بنيتها التحتية الاقتصادية، في هجوم يمكن أن يدفع طهران إلى حافة الانهيار.
إيران على شفا الهاويةرغم توقعات معظم الأطراف بأن ترامب سيتماشى مع الرؤية الإسرائيلية المحرِّضة على توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، فإنه لم يسلك هذا المسار. فالرجل الذي نقض الاتفاق النووي في ولايته الأولى، عاد اليوم ليبحث عن نسخة جديدة منه، وقد بات أكثر تحفظًا إزاء خيار المواجهة العسكرية، مدفوعًا بهاجس أن تُزَجّ الولايات المتحدة في حرب تستنزفها دون طائل، وفضّل بدلًا من ذلك العودة إلى الطاولة الدبلوماسية.
إعلانوفي مفارقة لافتة، تقف خلف ترامب في هذا المسعى عواصم خليجية لطالما ناهضت الاتفاق السابق أيضا، لكنها الآن ترى في التفاوض السبيلَ الأنسب لتفادي التصعيد. ويكمن الدافع الأبرز وراء هذا التغير؛ في المخاوف الاقتصادية التي ستنجم عن تداعيات حرب محتملة على الخليج. ومع ذلك، ثمة سبب أعمق لهذا التغير وهو اقتناع السعودية وغيرها من دول المنطقة أن الوصول إلى اتفاق نووي جديد سيشكّل مدخلًا ضروريًا لإعادة ضبط موازين القوى في الشرق الأوسط.
يرتبط تأييد دول الخليج لعودة الاتفاق النووي مع إيران -جزئيًا- بتحوّل موقع إسرائيل في المشهد الإقليمي. فإسرائيل، التي لم تُنهِ بعدُ نيران حربها في غزة، بدأت تُنصّب نفسها قوة مُنتصرة تتباهى بتفوقها العسكري، ومستعدة لاستخدام هذا التفوق لترسيخ هيمنتها في الشرق الأوسط. فبجانب توسيع قبضتها في غزة، مع تلميحات بعض قادتها إلى محاولة إخضاع القطاع لحكم عسكري طويل الأمد، تمارس إسرائيل سيطرة متزايدة في جنوب لبنان، وتتوغل عسكريًا في مساحات واسعة من الأراضي السورية.
ومع هذه النزعة التوسعية، يبدو أن إسرائيل باتت تطمح إلى توسيع معركتها لتشمل منطقة الخليج، عبر ضربة عسكرية مباشرة ضد إيران. لكن هذا المسعى قد يؤدي إلى ردّ فعل عنيف من إيران، وقد يشمل هذا الرد ضرب أهداف داخل شبه الجزيرة العربية، أي في دول الخليج. وقد يسبب مثل هذا التصعيد العسكري اضطرابات كبيرة في إمدادات الطاقة العالمية، نظرًا لأهمية الخليج في إنتاج وتصدير النفط. كما يمكن أن يُلقي بظلال من الشك على استقرار الاقتصاد الخليجي المزدهر.
إعلانعلى مدى عقود، ظلّ الشرق الأوسط ساحة مفتوحة لصراع الإرادات بين قواه الكبرى، لكن لم تُتَح الفرصة لأي طرف كي يستأثر بالمشهد أو يفرض رايته على الجميع. فمثلًا، في خمسينيات وستينيات القرن 20، حينما كان العالم العربي يسعى إلى الصدارة تحت راية "القومية العربية"، شعرت قوى إقليمية أخرى، مثل إيران وتركيا وإسرائيل، بالخطر الداهم فتحالفت فيما بينها لكبح جماح هذا التمدد.
حتى بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، لم تكن العلاقة بين إسرائيل وطهران عدائية دائمًا، ففي بداية الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات، حين بدا أن بغداد على وشك أن تفرض نفسها زعيمة جديدة للعرب، وجدت إسرائيل نفسها تميل إلى دعم إيران، لأنها كانت ترى في العراق تهديدًا أكبر. وبالفعل، قدمت لإيران مساعدات استخباراتية وعسكرية، لكن مع صعود إيران لاحقًا كقوة إقليمية مؤثرة، تغيّرت موازين القوى، وبدأت بعض الأطراف في المنطقة تبحث عن سبل لاحتواء هذا النفوذ المتزايد، كلٌ وفق أولوياته واستراتيجياته الخاصة.
ومع إعلان إسرائيل نفسها قوةً لا يضاهيها شيء في المنطقة، باتت الحاجة إلى توازن إقليمي أكثر إلحاحًا، وهو ما دفع الدول العربية وإيران، وحتى تركيا، إلى البحث عن نقاط تقاطع يمكن أن تعزز هذا التوازن. فمع أن بعضَ الدول، مثل البحرين ومصر والأردن، لا تربط بينها علاقات دبلوماسية مباشرة مع طهران، فإن مستويات التواصل والانخراط مع إيران ارتفعت كثيرا. وعلى رأس هذه التحركات، تلعب دول الخليج دورًا محوريًا، إذ باتت بمثابة الجسر الذي تمرّ عبره المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي.
وتعي هذه الدول تمامًا أنها باتت محور الصراع الإقليمي، والورقة الأثمن في لعبة النفوذ المتصاعدة. فإسرائيل تسعى لتشكيل محور يضم العالم العربي بهدف احتواء إيران، بينما تسعى طهران لقطع الطريق أمام أي نفوذ إسرائيلي في شبه الجزيرة العربية.
إعلانلكن بالنسبة لدول الخليج، الهدف لديها أوسع من مجرد الانحياز إلى طرف ضد آخر، فهي تطمح إلى نظام إقليمي يحدّ من تغوّل القوتين معًا، ويعزز مكانتها السياسية والاقتصادية. ومن هنا، تحوّل موقفها من معارضة سابقة للاتفاق النووي إلى دعم فعلي له، انطلاقًا من قناعة بأن تجديد الاتفاق قد يُقصي شبح الحرب، ويمنع إسرائيل من ترسيخ تفوقها الإقليمي دون رادع.
في المقابل، تسعى إيران جاهدة لإتمام اتفاق نووي، مدفوعة برغبتها في تفادي اندلاع حرب جديدة وإنعاش اقتصادها المتدهور، ما جعلها تعتمد اعتمادًا متزايدًا على دول الخليج في لعب دور الوسيط مع إدارة ترامب، وضمان استمرار المفاوضات.
فمثلًا، كان لوزير الخارجية العماني دور محوري في هذه الجهود، من خلال طرح مبادرات وصيغ تفاوضية تساعد على تجاوز الخلافات بين طهران وواشنطن. أما السعودية، فقد أبدت انفتاحًا على فكرة تشكيل تحالف نووي إقليمي يضم إيران بهدف إدارة تخصيب اليورانيوم بصورة جماعية وتحت مظلة تعاون مشتركة. كما ألمح وزير الخارجية السعودي إلى استعداد بلاده لتوظيف نفوذها الاقتصادي للمساعدة في التوصل إلى اتفاق نهائي.
محور الاستقرارأدركت إيران ودول الخليج أن مصلحتهما تقتضي التعاون لا الخصام، فهذا التقارب يساعد على بناء جسور من الثقة ويفتح الأبواب للتعاون في الأمن والتجارة والاقتصاد. وفي الوقت ذاته، ترغب دول الخليج في المحافظة على علاقات جيدة مع جميع الأطراف، فهي تطمح إلى خلق توازن في المنطقة يضمن لها الاستقرار والنمو ويخدم مصالح شعوبها. ويعتبر التوصل إلى اتفاق نووي جزءاً من هذه الرؤية التي تتناغم مع التوجهات الأميركية في الشرق الأوسط، وربما يصل لاحقاً إلى شراكات رسمية بين الولايات المتحدة والسعودية.
عكست زيارة ترامب الأخيرة إلى الخليج مؤشرات واضحة على توجهاته الجديدة في المنطقة. فحتى قبل وصوله، كانت إدارته قد تجاوزت اعتراضات إسرائيل وأبرمت اتفاق تهدئة مع الحوثيين. وعلى الضفة المقابلة، استقبله القادة العرب بصفقات اقتصادية سخية أعادت ترتيب أولويات واشنطن في ملفات حسّاسة كإيران وسوريا وغزة، بما يتماشى مع المزاج الخليجي، حتى وإن خالف التوجهات الإسرائيلية.
إعلانوفي كل محطة من جولته، أكد ترامب تمسكه بالخيار الدبلوماسي لحل المسألة النووية الإيرانية، وفي بعض اللحظات أبدى تعاطفًا مع القلق العربي إزاء ما يجري في غزة، كما حدث في أبوظبي عندما علّق على الوضع الإنساني بقوله إن "الكثير من الناس يتضورون جوعًا في غزة"، في انتقادٍ بدا مبطنًا للحصار الطويل الذي فرضته إسرائيل على القطاع منذ 10 أسابيع.
وفي النهاية، لكي تُثمر التحركات الإقليمية الحالية استقرارا حقيقيا، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة صياغة الاتفاق النووي مع إيران ضمن إطار استراتيجي أوسع. ولا بد لهذا الاتفاق أن يترافق مع مساعٍ لتعزيز التفاهمات السياسية في المنطقة وإنهاء الصراعات القائمة، وبالأخص فيما يتعلق بغزة، مع الدفع نحو حلول سياسية تضمن مستقبلًا عادلًا لشعوب المنطقة. كما أن تحقيق توازن إقليمي فعّال يتطلب تنسيقًا بين واشنطن وحلفائها الخليجيين من جهة، وبناء أرضية مشتركة مع طهران من جهة أخرى، بما يؤدي إلى تشكيل منظومة تعاون إقليمي تُسهم في تخفيف التوترات وتعزيز الاستقرار.
بطبيعة الحال، قد تتعثر المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، مما قد يدفع واشنطن للعودة إلى نهج أكثر تصعيدًا في التعامل مع طهران، وهو ما قد يُطيل أمد التوتر والصراعات في المنطقة، ويُضعف فرص التفاهمات السياسية في المستقبل القريب. لكن إذا تم التوصل إلى اتفاق، ستحظى دول الخليج بفرصة لتصبح محور التوازن الإقليمي الجديد، تتقاطع فيه خيوط المصالح والرؤى بين الشرق والغرب. وفي ظل سنوات مثقلة بالحروب والانكسارات، قد يحمل هذا المسار بذور توازن طالما بدا بعيد المنال، لكنه اليوم يلوح في الأفق كفرصة نادرة لاستعادة إيقاع المنطقة نحو الهدوء والاستقرار.
_______________________
هذه المادة مترجمة عن فورين أفيرز ولا تعبّر بالضرورة عن الموقف التحريري لشبكة الجزيرة
إعلان