“ورطة ولخبطة” بسبب قرارات متأخرة تخص دور الحضانة
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
أثير- جميلة العبرية
توفر دور الحضانات رعاية شاملة للأطفال ما دون سن 4 أعوم، إضافة إلى أنها تُعد بيئة تربوية وتعليمية يستثمر فيها وقت الطفل في تنمية قدراته وتوجيه سلوكه والكثير من الخدمات الأخرى المتعددة كالرعاية الصحية والاجتماعية والترفيهية في بيئة آمنة وتحت إشراف عالٍ من المسؤولية، حيث تلجأ الأمهات العاملات لخيار وضع أطفالهن في دور الحضانات كونها توفر ما ذكرنا من الرعاية المختلفة وتساعدهن على الاطمئنان عليهم.
وخلال فترة (منخفض المطير) الأسبوع الماضي صدرت قرارات بتعليق العمل في دور الحضانة لخمسة أيام، ومساء أمس صدر قرار بتعليق العمل فيها اليوم الثلاثاء، إلا أن هذا القرار شكّل صعوبات للأمهات العاملات.
لوزة الراشدية -أم لطفلين وتعمل في القطاع الخاص- قالت لـ “أثير”: القرار شكل صعوبة علينا، خصوصًا وأنه لا يراعي تعليق كل الجهات، فنضطر للبحث عن من يرعى أولادنا، وفي كل مرة يكون البحث عن أحد جديد كوننا نسكن بعيدًا عن أهلنا، وجهة عملنا لا تراعي ذلك؛ فيجبروننا على الحضور وإذا لم نحضر يتم خصم يوم من الراتب.
خالصة الذهلية -أم لثلاثة أطفال وتعمل في القطاع الخاص- أشارت في حديثها إلى “البهدلة” حسب وصفها، مؤكدة بأن تكرار أخذها للإجازة لرعاية أطفالها يؤثر على عملها وعلى تقييمها السنوي.
حوراء اللواتية -أم لطفلتين وتعمل في القطاع الحكومي- قالت لنا: نجد أنفسنا في “ورطة” ونضع أهلنا في “ورطة” فالأسبوع الماضي لم تعطني جهة عملي إجازة اضطرارية للجلوس مع طفلتيّ”
وضحى الحاتمية -أم لطفل وطفلة وتعمل في قطاع التدريس الحكومي أشارت إلى عدم وجود المراعاة في هذا الأمر قائلة: لا توجد مراعاة أبدًا، فنأخذ إجازة طارئة، ثم يُخصم من راتبنا، ونحن في حاجة لقرارات مركزية، إما أن يعلّق عمل الحضانة والأم معًا، أو تفتح الحضانة والأم تذهب لعملها، أو أن يوضَع حلٌ للأم العاملة أثناء هذه التعليقات عبر استثنائها وإعطائها إجازة.
أما ندى العامرية -أم لطفل وتعمل في القطاع الحكومي- فأكدت بأن جهة عملها تراعي وضعها أثناء تعليق العمل بالحضانة أو المدارس قائلة: أضطر إلى أخذ إجازة، وعندما يكون العذر هو الأجواء المناخية فإن جهة عملي تسهّل علي بالعمل عن بُعد إذا تناسبت ظروف العمل وتوفر الكادر البديل، وهو ما أكدته أيضًا علياء الهاشمية -أم لطفلين وتعمل في القطاع الحكومي- قائلة: نعم هناك مراعاة وتقدير للظروف من جهة عملي وأقوم بالعمل عن بعد.
أمل البطاشية -أم لثلاثة أولاد وصاحبة مشروع خاص- شاركتنا برأيها قائلة: أضع أولادي في البيت مع العاملات، وأجدني أراقب الوضع بالكاميرات كل ساعة عبر الهاتف.
إيمان الحارثية- أم لطفلين- أخبرتنا بأنها تقوم بأخذ إجازة من رصيد إجازاتها، وأكدت أن قبول العذر ليس دائمًا خصوصًا في حالة الإعلان المتأخر عن تعليق العمل.
وأكدت حليمة الكلبانية -أم لطفلة- بأنها تشعر بالضيق عند تعليق العمل في الحضانات وتضطر إلى الغياب عن العمل لعدم وجود مكان يرعى لها طفلتها.
وفي ختام الاستطلاع يبقى السؤال:
كيف يُمكن أن تُراعى الأم العاملة في وضعها مع أطفالها مع كل تعليق لدور الحضانات أو حتى المدارس؟
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: تعلیق العمل
إقرأ أيضاً:
الرضيع “يحيى النجار”.. قتلته إسرائيل بالتجويع في “حرب العالم المتحضّر ضد الوحشية”
#سواليف
كان من المفترض أنّ يكون قدومه إلى هذا العالم عيدًا لوالديه وبهجة لعائلته التي انتظرت بلهفة احتضانه وتزيين حياتهم به، ومنّوا أنفسهم بتوفير احتياجاته كاملة لكي ينمو نموًا سليمًا تمامًا مثل أقرانه في أي مكان على هذه الأرض. جاء الرضيع_يحيى_النجار إلى هذه الدنيا ولكنّه ولد في #غزة_المنكوبة. كان قدومه سببًا يدعو للبهجة وسط المأساة، لكنّه شكّل أيضًا بدء سلسة من #المعاناة المتواصلة لتأمين أبسط احتياجاته وسط هذه الظروف القاتلة.
ولد “يحيى” في المدينة التي تحاصرها إسرائيل منذ أكثر من 19 عامًا، وشدّدت حصارها بالتزامن مع تنفيذها #إبادة_جماعية فيها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث استخدمت إسرائيل سياسة التجويع المنهجية ضد السكان المدنيين، ولم تسمح سوى مرات نادرة بإدخال كميات قليلة من الطعام لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تلبي الاحتياجات الهائلة للسكان المُجوّعين في قطاع #غزة.
اصطدمت والدة “يحيى” بهذا الواقع المميت، وأصاب رضيعها ما أصاب معظم سكان المدينة من الهزال بسبب #الجوع_الشديد، فهرعت -وهي التي أنهكها الجوع- به إلى مستشفى “ناصر” في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث كان يعاني من إعياء شديد بسبب الإسهال الملازم له منذ أيام، لكنّها ووالده اكتشفا أنّ “يحيى” يعاني من سوء التغذية الحاد، وأخبرهم الطبيب بضرورة أن يبقى تحت الملاحظة في وحدة العناية المركزة.
مقالات ذات صلة مصدر إسرائيلي يؤكد: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة 2025/07/28في حقيقة الأمر، وصل “يحيى” لهذه #الحالة_الخطرة لأنّه لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” الخالي من أي مادة مغذية لرضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر فقط. لم يجع “يحيى” صدفة أو إهمالًا، فوالداه طرقا كل أبواب المدينة بحثًا عن حليب أو أي مكملات أو مدعمات غذائية ولم يجدا شيئًا بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد، حيث تمنع إسرائيل إدخال حتى الحد الأدنى من أبسط الاحتياجات الغذائية سواء للأطفال أو البالغين وتتركهم ليموتوا جوعًا، على مرأى ومسمع من العالم الذي يشاهد هذه الفظاعات ولا يحرك ساكنًا.
لم يمهل الجوع “يحيى” كثيرًا، ولم يستطع جسده النحيل الصغير الصمود كثيرًا، وتوفيبعد أربعة أشهر فقط من حياة لم يعرف منها سوى المعاناة والألم، وما كان خيالًا مستبعدًا أصبح حقيقة واقعة: لقد توفي بسبب الجوع.
يصف والد الطفل الرضيع “يحيى النجار” جسد طفله ويقول: “ما ذنب طفلي أن يموت من الجوع ومن قلة المواد الخاصة بالأطفال في قطاع غزة؟ ما ذنبه؟! انظر كيف نحل جسده.انظر كيف التصق جلده بعظمه!”
وبقلب يعتصره القهر والحسرة والألم، يحمل والد “يحيى” جثمان طفله ويصرخ: “نطالب كل العالم وأي إنسان لديه ضمير حيّ ورحمة وإنسانية أن ينظروا لما آل إليه مصير أطفالنا بسبب عدم وجود الحليب والطعام”.
أما والدته فتبكي بحرقة وتقول: “لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” والمياه لعدم توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي. كان طوال الوقت يضع يده في فمه من شدة الجوع”.
تجتمع العائلة المكلومة حول جثمان “يحيى” المسجى على السرير بلا لون وبعظام بارزة وجلد مجعد، ويبكون انقلاب فرحتهم إلى فاجعة بسبب ظروف قاهرة كانت أقوى من أن يستطيعوا تغييرها أو تحسينها.
لم يكن “يحيى” الطفل الأول أو الوحيد الذي يفقد حياته في غزة بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية المنهجية، فسبقه أكثر من 110 مُجوَّعين معظمهم من الأطفال، توفوا بسبب المجاعة وسوء التغذية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
منذ شهر مارس/آذار الماضي، بعد إعادة فرض إسرائيل حصارها المطبق على القطاع،توفي نحو 90 طفلًا بسبب المجاعة التي تتفاقم مع مرور الوقت، وتزايدت أعداد الأشخاص -من مختلف الفئات العمرية- الذين يصلون المستشفيات بحالة إعياء وتعب شديد، وقد وصل الحال ببعضهم إلى الانهيار من شدة الجوع وسوء التغذية الحاد.
خلال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في أكثر من مناسبة أنّ هذه ليست حرب إسرائيل فقط، بل هي حرب الحضارة والعالم المتحضر ضد الوحشية، وتمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب، على حد وصفه. فهل من صفات “العالم المتحضر” أن يقتل الأطفال والبالغين جوعًا؟ أو حتى أن يكون سببًا في ذلك من خلال غض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة، بل ومدّها بجميع أسباب الاستمرار في تلك الأفعال؟ وهل هؤلاء الضعفاء الذين يقضون جوعًا متوحشون وينبغي محوهم من الوجود؟
في قطاع غزة المُحاصر، يواجه نحو 650 ألف طفل خطر الموت جوعًا إن لم يتحرك العالم لوقف جريمة الإبادة الجماعية والحصار الخانق المفروض على المدنيين، ويفعّل كل أدواته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أكثر من 21 شهرًا من الاستهداف الشامل والمنهجي لجميع سبل الحياة في القطاع، وتقصّد إهلاك وإفناء المجتمع برمّته.
لا يمكن أن يصبح الموت جوعًا شيئًا عاديًا بين أروقة المستشفيات وثلاجات الموتى وطرقات المقابر، لكنّ شبحه أصبح ملازمًا للجميع في غزة مع اشتداد المجاعة واستمرار الحصار الذي أحكمت إسرائيل إطباقه على القطاع منذ 2 مارس/ آذار الماضي. ومنذ أواخر مايو/ أيار المنصرم، فرضت إسرائيل بدعم أمريكي آلية مساعدات وهمية، تبيّن فور تشغيلها أنّها مساحة جديدة للقتل ومصيدة للموت، تضع فيها مؤسسة أمريكية صناديق طعام قليلة لآلاف المجوعين في مناطق عسكرية خطيرة، ويتولى الجيش الإسرائيلي مهمة قتلهم بدم بارد خلال توجههم لتلك المناطق، حيث قتل منذ ذلك الوقت أكثر من ألف مُجوّع دون أي ضرورة أو سبب، ودون أي يكلّف نفسه حتى بتبرير هذه الوحشية.
لم يعد يملك الفلسطينيون في قطاع غزة وسيلة للنجاة من كل هذه الظروف التي اجتمعت لإهلاكهم ومحوهم من الوجود، فهم يقفون وحدهم بأمعاء فارغة وأجساد متهالكة في مواجهة ترسانة عسكرية ضخمة مصممة لمقارعة جيوش جرارة لا مدنيين عزل، ولا أحد في هذا العالم يتدخل لوقف هذه المهلكة.