عربي21:
2025-05-20@09:40:15 GMT

التعامل مع مرتكب المجزرة.. قبل وبعد

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

قبل غزة، قبل سبعة شهور، كان يمكن أن تُخلط الألوان وتجرّد من الأشياء، أو تجرّد الأشياء من ألوانها، وكان يمكن أن تخلط الأوراق، وتعيد رسم الأضداد، وتعيش وحيدا، أو تعلن أنا وحدي، أنا الغياب والضباب، وأنا الضياع وأنا لست أنا، وأنت لست أنت. كنا نستطيع أن نجتهد كما شئنا، أو نعيد رسم العالم كما شئنا، ونعلن حريّة كل فرد كما شاء، علما أننا جميعا أبناء نكبة فلسطين.

فقد سلمنا بأن النكبة ستطول، ولا بصيص أمل، وإن القهر الصهيوني يمكن أن ينتهي، فقرر بعضنا أن نعيش حياة اغتراب، وحياة وحدة، ويصبح المحور أناي، ليكون البوصلة.

كان بإمكاننا، وهذا ما فعلنا، أن نقبل باقتسام فلسطين، ولو كنا بعضا من كل، وكما قال الشاعر "إِنَّ الكِرامَ قليل" فنتقبل بأن نصفح عما حدث في العام 1948، وقد أسماه آباؤنا وأجدادنا بالنكبة، ونبدأ من جديد، ونجعل من شعارنا أن نحب الحياة، وأن نرى في فلسطين ما يستحق الحياة، ولو تحت الاحتلال، وبشروط اتفاق أوسلو، بعد أن نكون وافقنا على قرار التقسيم، وقرار 242. وكفى عنادا بأن فلسطين كلها لنا، والكيان الصهيوني غير شرعي.

كان بإمكان شاعر كبير، مثلا، أن يدعو قاتل أطفال بأن يفكر كيف لو لم يقتل من قتل من أطفالنا، وتركهم يكبرون ويذهبون إلى الجامعة مع أبنائه، وبحكم وجودهم في الجامعة، قد يحب، ابني الذي لم يقتله ابنته ويتزوجان، وينجبان طفلة (حفيدتي) التي تصبح يهودية بالولادة، لأن أمها يهودية. يعني أن ثمة عرضا على القاتل أن نتصاهر بعد جيل، ولكن لا حياة لمن تنادي: العرض مرفوض.

وكان بالإمكان عرض صورة أخرى، وقوع فلسطيني و"إسرائيلي" في حفرة، ويدخلان في العراك أو الخصام، وفجأة يظهر ثعبان أسود مرقط (ربما يقصد حماس) ويهمّ بالتهامهما معا. فالحل أن يتفقا عليه، لكي يتخلصا منه أولا. وتترك القصة مفتوحة، بلا نهاية، للتأمل، أو عرض حالة تشارك، وتصالح، وتسامح، من جانبنا، وبهذا تعرض عليه صفقة. ولكن، أيضا، لا حياة لمن تنادي.

وقبل سبعة الأشهر أيضا، كان من الممكن أن تجد من يتهم المُطالِب بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، مغامرا متهورا، أو لا واقعيا، أو خشبيا أو حالِما، أو عازفا على قيثار المِحال..

وكان من الممكن أن يعتبر المقاومة المسلحة ضربا من خراب البيت، والعبث، فكأنك تلاطم المخرز بعينك، أو تحمل الجمر بيديك، وإن يسقط، تسقطه على رجليك.

وكان من الممكن أن يعلن رئيس م.ت.ف أن المقاومة إرهاب متجاهلا أنه صاحب الطلقة الأولى، ثم يعود بعد رحلة عذاب في المفاوضات إلى الانتفاضة المسلحة من 2000 إلى 2005، وينتهي باغتياله، وتجرع السم شهيدا. وكان من الممكن أن يأتي رئيس آخر من بعده، يعتبر التفاوض ثم التفاوض طريقا وحيدا امام الفلسطينيين، لا ثاني له، حتى لو انتهى بنا إلى دمار.

بكلمة، قبل طوفان الأقصى شيء وعالم وممكنات، وبعد طوفان الأقصى وسبعة الأشهر شيء، وعالم آخر وممكنات أخرى. هذا المتغير له أبعاد:

أولا: مجزرة وإبادة إنسانية وتدمير بيوت سكنية ومستشفيات، وفرض حصار جوع حتى الموت، وحصار عطش حتى الموت، ومنع دواء، وغطاء وسقف، وبناء، وبمشهد أطفال مكسرة عظامهم، أو ينزفون حتى الاستشهاد.

وثانيا: قتال في حرب ضروس بين مقاومة مسلحة ظلت فيها يدها العليا، والجيش الصهيوني يحارب بقضِّه وقضيضه، دون جدوى، ومعه إمداد عسكري أمريكي، يعوّضه بالقذائف والسلاح ويغطيه سياسيا. هذا، ولا يستطيع أن يوقف إطلاق النار لئلا يعلن الهزيمة، فيستمر معاندا في حرب عبثية، وعوامل عدة فلسطينية وإقليمية وعالمية، وبتناقضات داخلية، صدّعت الغرب والداخل الصهيوني حتى بلغت الأنفاس التراقي.

بكلمة، وبعد، سبعة الأشهر، لم يعد مسموحا، أن يخرج أي من الأصوات المهادنة، أو المصالحة، أو المسامحة، أو المساومة، أو المتراجعة، كتلك التي وجدت لها مكانا طوال 75 سنة منذ نكبة 1948، أو قبلها أو بعدها.

العنوان الآن، من غير المسموح التخلي عن ثابت تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، كما من غير المسموح التخلي عن استراتيجية المقاومة المسلحة. ولم يعد مقبولا من فلسطيني عايش المجزرة والمقاومة في غزة والضفة أن يتخلى عنهما أو ينوء عن حملهما أو يتنكر لهما، أو يستعطف غاصب فلسطين، أو أن يطلب التعايش معه، وهو المسؤول عن إفشال كل ما أشير إليه في المرحلة السابقة، من مساومة وحتى استعطاف.

أما اليوم فبعد طوفان الأقصى وسبعة الأشهر من مجزرة ومقاومة وصمود لم يعد مسموحا، لا عقلا ولا ضميرا، ولا تجربة تاريخية، أن يخل أحد بأحد الاثنين، تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، واستراتيجية المقاومة وما يسندها من تكتيك وسياسات.

هذه سبعة الأشهر أشركت غالبية الشعب الفلسطيني بأن يصبح جزءا من عملية طوفان الأقصى، وجزءا من المجزرة والإبادة التي عشناها بقلوبنا وعقولنا ودموعنا وبالغضب الإنساني الأصعب، وجزءا من مقاومة مسلحة، أنزلت الهزائم بالجيش الذي لا يقهر. يجب ألا يخطئ مثقف أو شاعر أو عالم، أو فلسطيني أو فلسطينية باستعادة ولو صوت واحد من الأصوات التي علت بجرأة في المرحلة السابقة، وكانت نتيجتها فشلا، وإدارة ظهر واقترافا لمجزرة إبادة تعلم عصافير الدوري أن تصبح صقورا ونسورا، وخراف المراعي أن تصبح نمورا وأسودا. عندئذ تُستحق الحياة، بل وتحلو في مرج بن عامر، والناقورة وبئر السبع وأم الرشراش.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين الاحتلال المقاومة فلسطين غزة الاحتلال المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کان من الممکن أن طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

حسام هيبة: أجندة تعاون استثماري مزدحمة بين مصر والصين خلال الأشهر المُقبلة

التقى حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وانج وي تشونج، حاكم مقاطعة قوانجدونج الصينية، على رأس وفد ضم ممثلي الجهات الحكومية المختلفة بالمقاطعة والشركات الصينية الراغبة في الاستثمار في السوق المصري، والشركات الصينية العاملة في السوق المصري وعلى رأسها ميديا، وأوبو، وZTE للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وGAC لصناعة السيارات.

وبحث الجانبان أجندة التعاون الاستثماري خلال النصف الثاني من عام 2025، والتي تتضمن مشاركة وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية في المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة تيانجين الصينية من 24 إلى 26 يونيو المقبل، بعدها سيتم تنظيم اجتماعات بمجتمع الأعمال الصيني في بكين وشنجهاي، ومن المخطط عقد منتدى الاستثمار المصري الصيني في القاهرة يوليو المقبل بحضور نائب وزير التجارة الصيني، وانغ شو ون، كما يجري التحضير حالياً للمشاركة في معرض الصين للاستيراد والتصدير، الذي ستستضيفه مقاطعة قواندونج، أكتوبر المُقبل، بحضور 60 ألف مؤسسة اقتصادية، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات الأخرى.

وقال حسام هيبة إن أجندة التعاون الاستثماري المُزدحمة بين البلدين ترجع إلى عدة عوامل أهمها التقارب السياسي بين قيادات البلدين، والبيئة الاستثمارية الجذابة في مصر، والتغيرات المستمرة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، ما أدى إلى تغيير استراتيجيات الاستثمار حول العالم والحاجة إلى تشكيل سلاسل قيمة مضافة جديدة، ونتيجة ذلك تستقبل الهيئة وفود استثمارية صينية بمعدلات متزايدة للاستثمار واستكشاف فرص الاستثمار في مصر.

ووفق بيانات الهيئة العامة للاستثمار بلغ عدد الشركات الصينية العاملة في مصر حوالي 2800 شركة، بإجمالي تكاليف استثمارية تجاوزت 8 مليارات دولار، منها علامات تجارية معروفة في السوق المصري، مثل أوبو وهاير وجوشي وميديا وتيدا وهواوي وبريليانس.

وقال الرئيس التنفيذي للهيئة إن الحكومة المصرية تولي اهتماماً خاصاً بالاستثمارات الصينية كونها تستهدف نقل التكنولوجيا الصينية إلى مصر، والتشغيل الكثيف للعمالة، بالإضافة إلى ضخامة الاستثمارات الصينية في العديد من الأحيان، فعلى سبيل المثال تخطط الهيئة لإنشاء مدينة نسيجية صينية كاملة في محافظة المنيا بالتعاون مع اتحاد الصناعات النسيجية الصينية، وفق منظومة المناطق الحرة الداعمة للتصدير، كما تم منح 3 شركات صينية الرخصة الذهبية الجامعة لكل التصاريح المطلوبة لتأسيس وتشغيل الشركات، وهي شركات هاير وميديا وشن فنج.

وذكر حسام هيبة أن الحكومة المصرية تستهدف استقطاب الاستثمارات الصينية في قطاعات صناعة السيارات ومواد البناء والمنسوجات والإلكترونيات والطاقة المتجددة ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.

من جانبه، أكد وانج وي تشونج على عمق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الجانب المصري، حيث ترتبط البلدين بشراكة استراتيجية شاملة منذ عام 2014، وهي أعلى درجات العلاقات الخارجية، مشيراً إلى توجيهات الرئيس الصيني، شي جين بينج، بتعزيز التعاون مع الجانب المصري.

وأضاف وانج وي تشونج أن مقاطعة قوانجدونج بالذات تتحكم وحدها في خُمس حركة التجارة الصينية مع مصر، كما أن سكان المقاطعة هم الأكثر طلباً على السياحة المصرية، مقترحاً استضافة المقاطعة معرض ثقافي مصري دائم لدعم حركة السياحة بين البلدين.

وأعلن فينج شينج يا، رئيس شركة GAC لصناعة السيارات، نية الشركة ضخ 300 مليون دولار لإنشاء مصنع سيارات للشركة في مصر بغرض تغطية احتياجات السوق المحلي والتصدير للخارج، نتيجة الدعم الذي تقدمه الحكومة المصرية، بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي، لصناعة السيارات في مصر.

وقال تشو بنغ، الرئيس التنفيذي لشركة ZTE للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن الشركة تستهدف التوسع في السوق المصري وتوطين التكنولوجيا الصينية في مصر استغلالاً للطلب الكبير من شركات خدمات الاتصالات المصرية على تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات.

وقال ما جيشيونغ، مدير عام شركة أوبو- مصر، إن الشركة منذ بدء استثماراتها في السوق المصري في عام 2014 تم إنشاء مصنعين على مساحة أكثر من 20 ألف متر مربع، توفر 1000 فرصة عمل، وتنتج من 4 إلى 5 ملايين هاتف سنوياً، معلناً أن الشركة الأم تستهدف تحويل مصانعها في مصر إلى المركز الرئيسي الثاني للتصنيع بعد الصين، بغرض تغطية طلبات السوق المحلي والتصدير إلى دول المنطقة.

مقالات مشابهة

  • رفع البصمات وتحديد مرتكب الواقعة.. 5 قرارات في سرقة فيلا نوال الدجوي
  • "مهمة أخيرة"... توم كروز يودّع سلسلة الأكشن الأشهر في مهرجان كان
  • بجاية.. حجز قرابة 10 قناطير من اللحوم البيضاء الفاسدة
  • النجوم توبا بويوكستون وكان أورغانجي أوغلو وبورجو بيريجيك ينضمون إلى MAD Solutions
  • رباب ممتاز: سنين زواجي من وليد التابعي راحت هدر وكان نفسي أخلف .. فيديو
  • حسام هيبة: أجندة تعاون استثماري مزدحمة بين مصر والصين خلال الأشهر المُقبلة
  • مدبولي: الصادرات غير البترولية شهدت نموًا بـ33% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام
  • "مشِّ حالك".. مجرد كلام!
  • نائب إطاري يدعو السوداني إلى التعامل بالمثل مع الدول العربية التي حضرت للقمة بمستويات أدنى
  • رئيس الوزراء الإسباني يدعو من بغداد إلى “مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف المجزرة في غزة”