تعد جامعة كولومبيا أحد أعرق الجامعات الأمريكية، خصوصا وأن لها تاريخ طويل مع النضال الطلابي لكافة قضايا العالم، كيف لا، وهي أول من اتخذت موقفاً مطالباً بمقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ولطلابها مواقف منددة بحرب فيتنام، إنها جامعة كولومبيا في نيويورك، ثم عادت الجامعة لتكشف عن تاريخها النضالي، مع بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث أشعلت الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية، وأبرزها جامعة كولومبيا، التي شهدت، يوم الخميس 18 أبريل، اقتحام شرطة نيويورك لحرم الجامعة واعتقال أكثر من 100 من طلابها، بدعوة من رئيسة الجامعة، نعمت مينوش شفيق، وهي أكاديمية من أصل مصري.

 

 

عمرها 270 عاما وكان اسمها جامعة الملك.. ورائدة بنوبل

 

 

اسمها الرسمي جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك ويرجع تاريخ تأسيسها إلى عام 1745 (قبل 270 عاماً)، وكان اسمها جامعة الملك، نسبة إلى الملك جورج الثاني، ملك بريطانيا العظمى، وظهرت تلك الجامعة الأهلية الخاصة للنور قبل ثورة الاستقلال الأمريكية، وظل اسمها جامعة الملك حتى عام 1854 (أي لمدة قرن من الزمان)، حين تغير الاسم إلى جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، وهي مشهورة بتخريج أعداد كبيرة من السياسيين وعلماء الاقتصاد الأمريكيين، كما تخرج فيها عدد كبير من الحائزين على جائزة نوبل، وهو عدد أكبر من خريجي أي جامعة أمريكية أخرى.

ومن أبرز من درسوا في جامعة كولومبيا، التي أصبحت في صدارة مشهد الاحتجاجات المنددة بإسرائيل وما ترتكبه بحق الفلسطينيين في غزة منذ أكثر من 200 يوم، هناك باراك أوباما وثيودور روزفلت وفرانكلين روزفلت (رؤساء أمريكيون سابقون)، ووارين بوفيت (ملياردير ورجل أعمال بارز)، وقائمة طويلة من السياسيين والاقتصاديين والفنانين وغيرهم.

 

احتجاجات حرب فيتنام

 

 

ربما يتبادر إلى الذهن أن دخول الشرطة إلى حرم جامعة كولومبيا للتصدي للمتظاهرين من طلاب وطالبات جامعة كولومبيا يمثل سابقة، لكن هذا ليس الواقع، فلجامعة كولومبيا تحديداً تاريخ طويل من المظاهرات والاحتجاجات والتعرض للاقتحام من جانب أفراد شرطة نيويورك، حيث يقع مقر الجامعة، ففي عام 1968، أي قبل نحو 56 عاماً، شهدت ساحات ومباني جامعة كولومبيا مشهداً قد يبدو متطابقاً مع ما تشهده اليوم، فبعد أسابيع من الاحتجاجات ضد حرب فيتنام والعنصرية المتفشية في المجتمع الأمريكي وقتها، قرر الطلاب تصعيد احتجاجاتهم، في ظل ما اعتبروه تجاهلاً من إدارة الجامعة والإدارة الأمريكية لمطالبهم، فسيطروا على 5 من مباني الجامعة وأقاموا فيها اعتصاماً مستمراً، واتخذ رئيس الجامعة وقتها، الدكتور غريسون كيرك، قراراً بالسماح لشرطة نيويورك باقتحام حرم الجامعة وفض الاعتصام والتظاهرات، وهو القرار الذي وصف الرجل لاحقاً بأنه أكثر قرار مؤلم اضطر لاتخاذه طوال حياته".

كان ذلك ليلة 30 أبريل 1968، ورصد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، مشاهد الاقتحام والاعتقالات في صفوف المحتجين، وهي مشاهد أقرب لساحة حرب وليست ساحة حرم جامعي أمريكي، حيث يحظر على أفراد الشرطة أو الأجهزة الأمنية أن يطأوا المكان من الأساس، أكثر من ألف من أفراد شرطة نيويورك، يساعدهم أفراد شرطة في رداء مدني ويخفون هوياتهم، بدأوا في اقتحام الجامعة وفض التجمعات الطلابية في المباني الخمسة، واحداً تلو الآخر، بطريقة عنيفة وصفت بأنها "وحشية شرطية غير مسبوقة"، وتعرض صحفيون ومصورون لعنف الشرطة وتحطيم الكاميرات ما نتج عنه إصابات عديدة، منها مراسل لنيويورك تايمز أصيب بجرح عميق في رأسه، إجمالاً، تعرض أكثر من 148 شخصاً للإصابة، منهم 132 طالباً و4 من أعضاء هيئة التدريس و12 من أفراد الشرطة، وتم اعتقال 720 شخصاً من المعتصمين والمحتجين، وجهت لهم تهم التعدي على ملكية خاصة وارتكاب سلوك مخالف للنظام العام.

 

 

نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا

 

 

وبعد نحو عقدين من الزمان، عادت ساحات ومباني جامعة كولومبيا لتصدر المشهد في قضية أخرى هي الكفاح ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ففي 5 أبريل عام 1985، قام 7 طلاب أعضاء في "الائتلاف من أجل جنوب أفريقيا حرة" بإغلاق مدخل المبنى الإداري للجامعة "هاميلتون هول Hamilton Hall" – أحد المباني الخمسة التي شهدت أحداث احتجاجات حرب فيتنام، حيث قيدوا أنفسهم بأغلال وسلاسل في مدخل المبنى وعلى الدرج المؤدي إليه، ولم تكن تلك الخطوة المشهد الأول في الاحتجاجات ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فساحات الحرم الجامعي في كولومبيا شهدت على مدى أسابيع وأشهر بل وسنوات سابقة مظاهرات شارك فيها آلاف الطلاب بالفعل. لكن هذه الخطوة (في شهر أبريل، الذي يبدو مرتبطاً بالتصعيد الطلابي منذ حرب فيتنام وحتى الحرب على غزة) كانت على مسار التصعيد لتحقيق المطلب الأساسي وهو قطع جامعة كولومبيا أي تعاون أو استثمارات مع بريتوريا العنصرية.

استمر هذا التصعيد وازداد حجماً على مدى نحو 3 أسابيع، حتى جاء النصر للحركة والطلاب يوم 25 أبريل 1985، حين قررت إدارة جامعة كولومبيا أخيراً الاستماع لمطالب طلابها واتخاذ قرار وقف التعامل مع نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا بشكل كامل، على الصعيد الأكاديمي والأصعدة الأخرى، وكان "الائتلاف من أجل جنوب أفريقيا حرة" قد تأسس في عام 1982، ونجح في إقناع "مجلس شيوخ طلاب جامعة كولومبيا" بعدالة المطالب ليقوم المجلس بالتصويت لصالح تلك المطالب والمشاركة بقوة في المظاهرات الهادفة للضغط على إدارة الجامعة، حتى تحققت الأهداف في نهاية المطاف.

 

 

الحرب على غزة تشعل كولومبيا

 

 

وبحسب ما جاء بتقرير صحيفة "عربي بوست"، فقد كانت جامعة كولومبيا في طليعة الحركة الطلابية المنددة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وشهد الحرم الجامعي بها مظاهرات واحتجاجات شبه يومية، كما تعرض كثير من السياسيين الأمريكيين الكبار (مثل هيلاري كلينتون) إلى مواقف احتجاجية من جانب الطلاب في مناسبات عديدة، وتحركت إدارة الجامعة بشكل عدواني تجاه هذه الحركات الطلابية الداعمة للفلسطينيين والمنددة بإسرائيل، فعلقت أنشطة البعض منها، واتخذت قرارات بفصل بعض الطلاب، بحسب تقارير صادرة عن منظمات طلابية خلال أبريل الجاري، ولكن هذه التحركات من جانب إدارة الجامعة، لم تؤد إلا إلى مزيد من التصعيد من جانب الطلاب والجماعات الداعمة لفلسطين، ثم جاء استدعاء رئيسة الجامعة لشرطة نيويورك ليدخلوا الجامعة ويعتقلوا أكثر من 100 طالب ليصب الوقود على النيران المشتعلة بالفعل.

والإثنين 22 أبريل قررت إدارة جامعة كولومبيا في نيويورك إلغاء حضور الفصول الدراسية والتحول إلى التعليم عن بعد حتى نهاية الفصل الدراسي الجاري، بغرض تهدئة التوترات في الحرم الجامعي، وهو القرار الذي نددت به الجماعات الطلابية وعدد من الأساتذة، وأدى إلى ثورة شملت 12 جامعة أمريكية.

 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

إنترسبت: الكنيست يضفي طابعا رسميا على الفصل العنصري

قال موقع إنترسبت إن البرلمان الإسرائيلي صوت لصالح ضم الضفة الغربية، وهذا يضفي صبغة رسمية على نظام الفصل العنصري الذي تمارسه، فكان رد الفعل متباينا بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس.

وأوضح الموقع أن إسرائيل، رغم تفضيل أميركا -حليفها الأقوى ومزودها بالأسلحة- حل الدولتين، اختارت التصويت بأغلبية ساحقة لإجراء رمزي غير ملزم لضم الضفة الغربية المحتلة، يدعو إلى تطبيق "السيادة والقانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على جميع مناطق الاستيطان اليهودي بمختلف أنواعه في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغور الأردن".

وقد اتسم رد الفعل بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس بالتباين، إذ أدان بعض الديمقراطيين هذه الخطوة، في حين لم يعره بعض أشد المدافعين الأميركيين عن إسرائيل اهتماما، وقال السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، الذي جعل الدفاع عن إسرائيل جزءا أساسيا من مسيرته السياسية "لم أكن أتابعه عن كثب".

ودان 4 ديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب القرار، وقال آخرون إنهم لم يكونوا يتابعون القضية، رغم تعارض ضم الضفة الغربية مع الهدف السياسي الرسمي للولايات المتحدة المتمثل في دولتين، واحدة للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وواحدة لإسرائيل على حدودها ما قبل عام 1967.

وذكّر الموقع بأن حل الدولتين حظي بدعم رسمي من الرؤساء المتعاقبين منذ أواخر التسعينيات، باستثناء الرئيس الحالي دونالد ترامب، ومع ذلك قوضت الإدارات الديمقراطية والجمهورية المتعاقبة إمكانية حل الدولتين بتسليح إسرائيل في ظل استمرارها في مهاجمة الشعب الفلسطيني والاستيلاء على أراضيه.

فقد واصلت إدارة الرئيس جو بايدن سياسات مناقضة مع ادعائه الاهتمام بحل الدولتين، مثل إبقاء السفارة الأميركية في القدس المحتلة، أما ترامب فصعد جهوده لإحباط إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، ودعا إلى نقل الفلسطينيين من غزة وتحويل المنطقة إلى منتجع فاخر.

إعلان انتقادات

ومع تحول الرأي العام ضد إسرائيل، وتزايد معارضة الناخبين الأميركيين للإبادة الجماعية التي ترتكبها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في غزة، أصبح بعض أعضاء الكونغرس أكثر استعدادا لانتقاد النظام الإسرائيلي.

وكان رد فعل الديمقراطي فيترمان متناقضا تماما مع رد فعل أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الأربعة الآخرين -حسب الموقع- فقد قال النائب الديمقراطي مارك تاكانو "إن تصويت الكنيست على ضم الضفة الغربية رمزيا ليس مجرد تهور، بل هو خيانة للقيم التي لطالما عززت دعم أميركا لإسرائيل"، وأضاف: "حل الدولتين المتفاوض عليه هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم وأمن حقيقي لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين. هذا التصويت يرفض هذا المسار".

حان الوقت لترد الولايات المتحدة على سياسات حكومة نتنياهو العنصرية والرجعية، فإسرائيل الآن تحت إدارة متطرفين يمينيين في غزة يجوعون الأطفال ويطلقون النار على الناس الذين يصطفون للحصول على الطعام

بواسطة برني ساندرز

وصرح السيناتور بيرني ساندرز بأن الوقت قد حان لترد الولايات المتحدة على سياسات حكومة نتنياهو "العنصرية والرجعية"، وقال "إسرائيل الآن تحت إدارة متطرفين يمينيين في غزة يجوعون الأطفال ويطلقون النار على الناس الذين يصطفون للحصول على الطعام، والآن في الضفة الغربية، شهدنا أعمالا انتقامية".

وقال كاين إن "هذا سيضر بإسرائيل على المدى البعيد"، لأن الدول العربية التي تريد أن تكون شركاء سلام مع إسرائيل، بحاجة إلى مستقبل لفلسطين، كما وُعد الفلسطينيون في قرار الأمم المتحدة عام 1947، وهم ليسوا مستعدين لتحقيق السلام الإقليمي ما لم توافق إسرائيل على ذلك".

وختم الموقع بقول النائبة الديمقراطية ديليا راميريز إن "الهدف النهائي بالنسبة لنتنياهو وإدارته، كان دائما الضم والسيطرة"، مضيفة "يجب أن نضع حدا لتواطؤ الولايات المتحدة مع نظام إدارة نتنياهو الإرهابي. يجب على الكونغرس القيام بدوره الرقابي، والمطالبة بإنهاء الحصار، وإقرار قانون "احظروا القنابل".

مقالات مشابهة

  • شقق «سكن لكل المصريين 7».. كل ما تريد معرفته عن الحجز والشروط والمميزات
  • حادثة مانهاتن الأعنف في نيويورك منذ 25 عاما.. وهذا تاريخ الهجمات المشابهة بالمدينة
  • آيفون 17 برو 2025.. كل ما تريد معرفته عن التصميم والمواصفات والأسعار
  • عبر بوابة "تم".. كل ما تريد معرفته عن خدمة طباعة تقرير حادث إلكترونيًا
  • لافروف: أمريكا تريد توسيع سيطرتها بآسيا.. وإخضاع أوروبا
  • جريمة تقود للسجن.. كل ما تريد معرفته عن الشهادة الزور وأركانها
  • الموعد والفرق المشاركة.. كل ما تريد معرفته عن بطولة السوبر المصري
  • إنترسبت: الكنيست يضفي طابعا رسميا على الفصل العنصري
  • كل ما تريد معرفته عن شهادة العقار: متى تطرح؟ وبكم؟ وأين سيتم تداولها؟
  • كل ما تريد معرفته عن تحويل رواتب العمالة المنزلية بسهولة عبر القنوات الرسمية المعتمدة بمساند