موقع بريطاني: هكذا تجاهل إعلام الغرب خبر المقابر الجماعية في غزة
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
انتقد الصحفي جوناثان كوك، في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، لامبالاة الإعلام الغربي بخبر الكشف عن مقابر جماعية في قطاع غزة، وبعضها داخل مستشفيات.
وقال إن اكتشاف مقابر جماعية، في باحة مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، كان هو الحدث الأبرز الذي تميز عن سائر الفظائع التي دأبت إسرائيل على ارتكابها بلا هوادة ضد الفلسطينيين وأسفرت عن استشهاد نحو 34 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأضاف كوك أن 400 شخص آخرين ما يزالون بعداد المفقودين في خان يونس، ومن المرجح اكتشاف مزيد من المقابر الجماعية.
وكان الدفاع المدني في غزة أكد، الخميس الماضي، أن المقابر الجماعية التي اكتشفت بمحيط مجمع ناصر الطبي في خان يونس (جنوبي القطاع) أظهرت بالأدلة الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية، مشيرا إلى اكتشاف جثامين تظهر عليها آثار التعذيب والدفن على قيد الحياة، بعضها كان لأطفال.
كما أعلن -في مؤتمر صحفي- أنه انتشل حتى الآن نحو 392 جثة من 3 مقابر جماعية في ساحة مجمع ناصر بعد انسحاب الاحتلال منه، وذلك منذ بدء عمليات انتشال الجثامين قبل أسبوع.
تجاهل مخيبوفي تعليقه على تلك الأنباء، قال كوك إن المرء كان يتوقع، في ظل هذه الظروف، أن يتصدر خبر اكتشاف المقابر الجماعية لمئات الفلسطينيين نشرات الأخبار، خاصة بعد أن قضت محكمة العدل الدولية قبل 3 أشهر بأن هناك دليلا "منطقيا" على ارتكاب إسرائيل أعمال إبادة جماعية في غزة.
ولكن، لم تحرك تلك الفظائع الإسرائيلية في الإعلام ساكنا، كما يقول كوك، إذ "لم تعد وسائل الإعلام البريطانية مهتمة كثيرا" بتغطية المذابح المستمرة في القطاع الفلسطيني المحاصر.
واعتبر الكاتب أن هذا التجاهل يتناقض بشكل صارخ مع التغطية الإعلامية للحرب في أوكرانيا، حيث أثار اكتشاف مقبرة جماعية تحتوي على نحو مئة جثة في ضاحية بوتشا بالعاصمة كييف غضبا دوليا، وأُلقي اللوم فيها على القوات الروسية.
وسرعان ما أصبحت بوتشا في الإعلام الغربي صفة ملازمة لما وصفه بالوحشية الروسية، لتنطلق الدعوات على مدى أشهر من الزمن مطالبة بمحاكمة القادة الروس بتهمة الإبادة الجماعية.
لا ضغوطوقال الصحفي البريطاني إن اللامبالاة التي أظهرتها وسائل الإعلام الغربية، تجاه المقابر الجماعية التي عُثر عليها في غزة، أراحت حزبي العمال والمحافظين في البلاد كثيرا.
ونتيجة لذلك، فقد تجنبت بريطانيا -برأي كوك- الضغط على إسرائيل من أجل وضع حد لإراقة الدماء في غزة، بل رفضت التوقف عن بيع الأسلحة التي ساعدت دولة الاحتلال على قتل الفلسطينيين، وربما عمال الإغاثة أيضا.
بل امتثلت بريطانيا لطلب إسرائيل، فقطعت التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تعد الأنسب لمنع حدوث مجاعة تتسبب فيها إسرائيل عمدا في غزة، وذلك من خلال رفض دخول مواد الإغاثة إلى القطاع.
ووفقا للمقال، فقد ساهم امتناع بريطانيا عن التصويت في إحباط قرار في مجلس الأمن الدولي هذا الشهر يقضي بالاعتراف بدولة فلسطين.
وأثار دعم حزبي العمال والمحافظين للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة موجة من الغضب الشعبي العارم، تجلى أحد أشكاله -كما يقول كوك- في الاحتجاجات المتواصلة في لندن التي تجتذب مئات الآلاف من المتظاهرين.
ومرة أخرى، يعود كوك لانتقاد وسائل الإعلام البريطانية، التي بدت -من وجهة نظره- أقل اكتراثا بتغطية الفظائع الإسرائيلية وأكثر اهتماما بإلقاء المسؤولية، زورا وبهتانا، على "الدوافع الخبيثة" لقطاعات واسعة من الجمهور البريطاني الغاضب مما يحدث في غزة.
خدعة واضحةومن الغريب -كما يقول الكاتب- أن تطغى تماما خدعة واضحة وضوح الشمس، من تدبير إحدى جماعات الضغط (اللوبي) الإسرائيلية، على اكتشاف المقابر الجماعية في قطاع غزة.
فقد حاول جدعون فالتر، الرئيس التنفيذي لما تسمى "الحملة ضد معاداة السامية" إيقاف مسيرات لندن السلمية التي تدعو إلى وضع حد لذبح الرجال والنساء والأطفال في غزة منذ أن بدأت إسرائيل هجومها العسكري قبل أكثر من 6 أشهر.
ونسب مقال "ميدل إيست آي" إلى فالتر وصفه مئات الآلاف من الأشخاص الذين يخرجون بانتظام للدعوة إلى وقف إطلاق النار -بما في ذلك كتلة كبيرة من اليهود- بأنهم "غوغاء خارجون عن القانون" ويشكلون تهديدا مباشرا لليهود من أمثاله.
ويظهر مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل فالتر يواجه الشرطة في حادثة سابقة حاول فيها قيادة شاحنة كبيرة تحمل رسائل مؤيدة لإسرائيل على طريق المسيرة.
وقال كوك إن المناقشات الحقيقية -حول الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة وبريطانيا ما تزالان تدعمان بهمة قصف وتجويع سكان غزة بعد 6 أشهر من الإبادة الجماعية- قد خفت صوتها بفعل الأخبار الكاذبة التي يبثها اللوبي الإسرائيلي.
واتهم الكاتب كلاً من الحكومة وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالعمل معاً لمساعدة إسرائيل والمدافعين عن الإبادة الجماعية على الفوز بمعركة العلاقات العامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات المقابر الجماعیة جماعیة فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
خبراء: إسرائيل باتت عبئا أخلاقيا على الغرب ونتنياهو يتخذها رهينة
اتفق خبراء ومحللون سياسيون على أن هناك تحالفا واسعا يتشكل في الغرب ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، وليس ضد إسرائيل أو جيشها، مما يعكس تحولاً جذرياً في المواقف الغربية تجاه السياسات الإسرائيلية في حربها على قطاع غزة.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة كينغز كوليدج أندرياس كريغ، أن نتنياهو فقد الدعم حتى في الأوساط التقليدية المؤيدة لإسرائيل، ليس فقط اليهودية، بل أيضاً في الدوائر المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية أخرى.
وكتطور طبيعي لهذا التآكل في الدعم، أشار كريغ إلى أن الرأي العام تغير بشكل كبير ضد إسرائيل في أوروبا والولايات المتحدة، حتى في صفوف الشباب اليهود الذين بات ينظرون إلى نتنياهو كشخص "مارق" حتى داخل مجتمعهم.
وفي السياق ذاته، رأى الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي، أن إسرائيل "أصبحت عبئاً أخلاقياً على الغرب الذي أوجدها"، مؤكداً أن الدول الأوروبية لم تعد قادرة على دعم إسرائيل، حتى ألمانيا التي تحافظ على صمتها لأسباب تاريخية معروفة.
وبشأن محاولات نتنياهو مواجهة هذا التحالف المتنامي ضده، أوضح كريغ أن نتنياهو يحاول استخدام ورقة معاداة السامية سلاحا، قائلاً إن "انتقاد إسرائيل يعني انتقاد اليهود، وهذا من قبيل معاداة السامية".
إعلانغير أن هذه الإستراتيجية تواجه -حسب كريغ- تحدياً متزايداً، إذ أشار إلى أن هذا الاستخدام السيئ لهذه الورقة من قبل نتنياهو بدأ يضعفه.
وبالمثل، رأى مكي أن نتنياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر أرادا الاستفادة من مقتل دبلوماسيين إسرائيليين في واشنطن لتغيير الاتجاه وحرف البوصلة عما جرى خلال الأيام الماضية من مواقف أوروبية.
وأضاف أن نتنياهو وساعر عادا إلى "نغمة المظلومية" المعتادة في محاولة للضغط على القادة الأوروبيين لجعلهم يكفون عن انتقاد إسرائيل.
المواقف الغربية
وفيما يتعلق بمواقف الدول الغربية أكد الخبير بالشأن الإسرائيلي ساري عرابي، أن الدول الغربية تريد أن تقوم إسرائيل بحماية نفسها، فهي لا تريد أن تُستهدف إسرائيل أو جيشها.
وأوضح عرابي أن التضحية بنتنياهو "لا تمثل خطراً على الكيان الإسرائيلي، بل يرى الأوروبيون أن التضحية به من مصلحة إسرائيل"، لافتاً إلى أن هذا "ثمن مقدور" في وقت يبقى فيه الجيش والأجهزة الأمنية مؤسسات راسخة.
وحول تطور المواقف الأوروبية، قال كريغ إن معظم السياسيين في بريطانيا والاتحاد الأوروبي كانوا خائفين من التعبير عن آرائهم وانتقاد نتنياهو خلال السنة الماضية، ولكن الآن تجاوزوا حاجز الخوف هذا.
وكنتيجة مباشرة لهذا التحول، أكد أن هذا التطور يعكس إدراكاً أوروبياً متزايداً لضرورة اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه السياسات الإسرائيلية.
وفي السياق نفسه، أشار مكي إلى أن "أوروبا كلها" لم تعد قادرة على دعم إسرائيل"، مستشهداً بمواقف هولندا وغيرها من الدول، واعتبر أن "إيقاف أوروبا الآن أصبح صعباً" بعد أن بدأت في التحرك.
ورغم هذه الضغوط المتزايدة، اتفق الخبراء على أن نتنياهو سيستمر في سياساته الحالية لأسباب متعددة، إذ أوضح مكي أن "الأمر صار شخصياً تماماً" بالنسبة لنتنياهو، مشيراً إلى أنه تورط، كما أنه تمكن من تصفية جميع معارضيه داخل حكومته.
إعلانوأضاف مكي أن نتنياهو يعرف أن الغرب والولايات المتحدة "حتى لو كرهوه شخصياً أو أرادوا استبداله، فهم لن يستطيعوا التفريط بإسرائيل"، مضيفا "هو يحتمي بإسرائيل أو ربما يتخذها رهينة للبقاء في السلطة".
ولفت إلى أن الحرب "مفيدة له" لأنها تعطيه السيطرة على المجال العام والمعارضين وتؤجل التحقيقات القضائية ضده.
أزمة دستورية
وفي تطور داخلي مهم يعكس تعمق الصراع، أشار عرابي إلى أن تعيين نتنياهو لرئيس جديد لجهاز الشاباك دون التشاور مع رئيس الأركان إيال زامير خلق "أزمة دستورية حقيقية" بين رئاسة الحكومة والمؤسسة القانونية الإسرائيلية.
وأوضح عرابي أن هذا التعيين يأتي في إطار محاولة اليمين الديني القومي السيطرة على مفاصل القيادة الإسرائيلية بعد أن سيطروا على الجيش، مشيرا إلى أن هذا الجناح مهتم بالسيطرة على جهاز الشاباك.