هل يتكرر حلم موتك أثناء النوم؟ إليك التفسير النفسي
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
حلم الموت قد يكون، بالنسبة للكثيرين، من الأحلام المزعجة التي قد تسبب الضيق وقد يشعر الشخص إثر رؤيتها بانقباض في صدره. إذا رأيت خلال نومك الليلة الماضية، حلما كنت تموت خلاله أو يموت شخص تعرفه، فمن المؤكد أن صباحك لم يكن في أفضل حال. فحينما يلوح شبح الموت مقتربا، حتى ولو كان هذا في الحلم فقط، فإنه يترك وراءه شعورًا بالثقل في القلب والعقل أيضًا نتيجة للانشغال الشديد بتفسير هذا الحلم وما يعنيه.
على الرغم من أن حلم الموت قد يكون مزعجا لأنه قد يشير إلى اقتراب انتهاء الحياة، بما يحمله هذا من مشاعر الفقد وترك الأحباء والقلق على الأسرة وغيرها من المشاعر، فإن تفسير حلم الموت قد لا يعبر عن الموت من الأساس.
وفقًا لموقع "هيلث لاين"، فإنه في مجال تفسير الأحلام، يمكن أن يعني حلم الموت التغيير أو الانتقال. صحيح أنه، في حالات معينة، يُشير حلمك بموتك أو ببعض أشخاص عائلتك الذين رحلوا عن الحياة إلى شعورك بقرب انتهاء حياتك. هذا ما أوضحته دراسة صغيرة أجريت عام 2016 في الهند، ونشرها المركز الوطني الأميركي لمعلومات التقنية الحيوية، حيث وجدت أنه من المألوف أن يحلم الأشخاص المصابون بأمراض ميؤوس من شفائها بأحبائهم الذين ماتوا.
ووفقًا لدراسة أخرى أجريت عام 2023 فإن الأشخاص الذين يشعرون بالحزن الشديد على وفاة شريك رومانسي قد يرغبون في استمرار الارتباط والقدرة على التواصل مع شركائهم الراحلين، فتترجم أحلامهم بالموتى رغبتهم هذه.
لكن، إذا لم يكن الشخص مصابا بمرض عضال أو في حالة حداد على أحد أفراد الأسرة، فربما لا يعبر حلم الموت، في هذه الحال، عن الموت من الأساس، وإنما قد يعبر عن حدوث بعض التغييرات الجذرية في الحياة أو المرور بفترة انتقالية.
توضح لوري لوينبيرج، محللة الأحلام المعتمدة، أنه نادرًا ما تكون أحلامنا حرفية، لكن اللغة الغالبة على الأحلام هي لغة الاستعارة والمجاز. ووفقًا لهذا، فإن حلم الموت قد لا يشير للموت الفعلي، بقدر ما يعبر عن التغيير، أو إغلاق فصل في الحياة، أو حتى نهاية الحياة التي تعرفها واعتدت عليها.
التفسير النفسي لحلم الموتبخلاف التعبير عن الموت الفعلي أو الإشارة إلى حدوث التغييرات والمرور بالفترات الانتقالية، فإن حلم الموت قد يكشف عن الحالة النفسية للفرد، ومدى معاناته من بعض المشاعر السلبية.
يُشير موقع "سيكولوجي توداي"، إلى أن تفسير الأحلام كان أمرًا مهمًا للغاية في العلاج النفسي، وتحديدًا منذ زمن سيغموند فرويد.
وفقًا لفرويد، كانت الأحلام هي الطريق "الملكي" إلى اللاوعي. حيث تسمح الأحلام لنا بإلقاء نظرة خاطفة على أعمق خبايا النفس وأسرارها والتي لم تكن لتظهر خلال ساعات اليقظة.
يوضح موقع "فيري ويل مايند" أن الحلم بالموت هو أمر شائع وليس بالضرورة أن يكون علامة على وجود اضطراب أو حالة صحية عقلية. لكن، إذا كانت الأحلام بالموت متكررة، فإنها يمكن، هنا، أن تكون مؤشرا على مواجهة بعض تحديات الصحة العقلية، والتي منها: القلق، الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، الاضطرابات المرتبطة بالنوم.
وبخلاف اضطرابات الصحة العقلية، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى حلم الشخص بموته. تشمل هذه العوامل ما يلي: التعرض للضغوطات المستمرة، الشعور بالحزن، مواجهة بعض المخاوف، مواجهة المشكلات التي تبدو وكأنها بلا حل، التعرض لبعض التجارب المؤلمة، مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب والتعرض لأشكال المحتوى الأخرى التي تتحدث عن الموت، المعتقدات الاجتماعية أو الثقافية التي تجعل من الموت مركزًا لاهتمامها على نحو خاص.
وبناءً على العوامل السابقة، يسوق موقع "تشوزنغ ثيرابي" بعض التفسيرات النفسية المحتملة لحلم الموت والتي منها:
التعبير عن الخوف من الموت: الحلم بالموت يمكن أن يعبر عن الخوف والقلق من الموت. فقد يكون الأشخاص الذين يعانون من قلق الموت أكثر عرضة لهذه الأنواع من الأحلام.
الرغبة في الخلاص: إذا كان الشخص يتعرض لضغوطات متنوعة ودائمة في الحياة. فقد يتعامل العقل مع الموت هنا على أنه "راحة" من كل الألم العاطفي الذي يشعر به.
التخلي عن شيء ما: قد تشير أحلام الموت إلى أنه يجب عليك التخلي عن شيء ما، الموت هو الشكل النهائي للتخلي، لذا فإن الحلم به قد يعني أنك إما عالق في هذه العملية أو مستعد للقيام بها. أخيرًا، هل يمكنك منع أحلام الموت؟
يوضح الدكتور أليكس ديميتريو، الطبيب النفسي في كاليفورنيا، لهيلث لاين أن الهدف الأمثل ليس منع أحلام الموت أو تجنبها بشكل تام، لكن الأفضل هو محاولة فهم هذه الأحلام للتعرف على ما تشير إليه.
مثلًا، يمكن للأحلام المتكررة بالموت أن تكون، نتيجة للضغط المستمر في حياة الشخص والمشكلات التي لم يتم حلها. هنا يجب أن يحاول الشخص مواجهة المشكلة وحلها، هذا من شأنه أن يساعد في إيقاف أحلام الموت.
أيضًا، هناك بعض الإستراتيجيات التي ينصح موقع "فيري ويل مايند" باتباعها لإيقاف أحلام الموت، ومنها: محاولة النظر إلى حياتك بتمعن وتحديد الجوانب التي بحاجة إلى إجراء بعض التعديلات أو التغييرات فيها، وذلك لأن أحلام الموت قد تكون فقط رسالة من عقلك الباطن الذي يحاول تنبيهك، أو حتى إزعاجك، للتخلي عن شيء ما في حياتك لم يعد يناسبك.
أما الإستراتيجية الثانية، فهي محاولة التركيز على المستقبل، فيمكنك إيقاف حلم الموت أو منعه من خلال تحويل تركيزك إلى الأمام والعمل بنشاط لبناء مستقبلك. قبل النوم، حاول أن تفكر بإيجابية فيما عليك أن تفعله لخلق مستقبل أكثر إشراقًا لك ولأسرتك.
وأخيرًا، كل شخص لديه سبب أو مجموعة من الأسباب الفريدة الخاصة به، والتي تقوده لرؤية موته أثناء نومه. المؤكد هنا هو أنه إذا كان حلم الموت متكررًا ومزعجًا ويتعارض مع قدرة الشخص على عيش حياته بشكل جيد أو يعوق قدرته على القيام بمهامه ومسؤولياته، فيجب التحدث إلى مختص الصحة العقلية، والذي يمكنه المساعدة في تحديد العوامل التي تثير أحلام الموت وتزويد الشخص بالإستراتيجيات الفعّالة والمناسبة للتعامل مع هذه الأحلام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات عن الموت من الموت یعبر عن یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الوصمة.. عائق أمام العلاج النفسي ومساع للتوعية بأهمية الدعم
تظل الوصمة الاجتماعية عقبة رئيسية أمام تلقي العلاج النفسي، إذ تتجلى في التعليقات الجارحة ونظرات الريبة التي تدفع البعض لتحمل معاناتهم في صمت وخوف من وسمهم بالضعف أو الاضطراب العقلي. ومن خلال تجارب وآراء المختصين، نسلط الضوء على هذا الواقع المعقد، حيث تتقاطع مخاوف المجتمع مع آمال التعافي، ويتلاقى الوعي مع الممارسة الطبية.
جذور الوصمة
تعريف وصمة العار في العلاج النفسي لا يقتصر على النظرة السلبية فقط، بل هو إحساس عميق بالحرج، مما يمنع الفرد من طلب المساعدة.
في المجتمع العماني، اتخذت الوصمة أشكالًا متعددة، منها ربط طلب العلاج النفسي بالضعف والجنون، وبهذه الكلمات القاسية لخّصت الطالبة إخلاص الرواحية نظرة كثير من أفراد المجتمع، كما أوضحت الدكتورة نوال المحيجرية، طبيبة نفسية استشارية، أن هذه الوصمة "ليست مجرد كلمات، بل هي خوف متجذر من الحكم المجتمعي، مما يجعل المرضى يتحملون آلامهم لسنوات قبل طلب المساعدة".
وفي العديد من البيوت، تتحول هذه الوصمة إلى قيود غير مرئية، حيث قالت سامية الزدجالية، معلمة: "بعض الأسر تفضل أن يعاني أبناؤها في صمت على ألا يُقال عليهم مجانين".
ولكن هذا المفهوم خاطئ، فهو لا يعكس حقيقة العلاج النفسي، فالحقيقة تكمن في أن العلاج ليس علامة ضعف ولا جنون، بل هو دليل وعي وقوة. وهو نهج علمي متكامل يركز على مساعدة الأفراد في تجاوز وفهم التحديات النفسية والعاطفية التي قد تواجههم، ويتم تلقي العلاج من خلال جلسات يقودها أهل الاختصاص في المجال النفسي. وهذا العلاج لا يقتصر على معالجة الاضطرابات النفسية الحادة، بل هو أداة فعالة لتعزيز الصحة العقلية، وبناء المهارات الصحية للتكيف، والمساعدة في تحسين جودة الحياة.
بين الأرقام والواقع
سجلت عيادات الأمراض النفسية في مؤسسات وزارة الصحة بسلطنة عُمان في عام 2022 زيادة في أعداد الزيارات حيث بلغت 108 آلاف مريض، بارتفاع 8% عن عام 2021. وأشارت إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن 15 ألف مريض جديد زاروا العيادات النفسية لأول مرة في عام 2022 مقارنة بـ 13 ألف مريض في عام 2021. ولكن هذه الأرقام تخفي واقعًا أكثر تعقيدًا. يرى الأخصائيون النفسيون أن هذه الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي للمشكلة، إذ لا يزال الكثيرون يترددون في طلب المساعدة.
وأوضحت الأخصائية سعدية السعدية أن: "الكثير من هذه الزيارات تأتي متأخرة، حين تتفاقم الحالة لدرجة لا يمكن إخفاؤها". وكشفت عن معضلة أخرى: "نعاني من نقص حاد في الأخصائيين النفسيين".
ثمن الصمت
لقد تجاوزت وصمة العلاج النفسي كونها مجرد حكم اجتماعي، بل أصبحت عقبة تعوق الأفراد من حق الشفاء؛ فالكثيرون، مثل فاطمة العامرية، دفعوا ثمن هذه النظرة المجتمعية، حيث قالت بصراحة تلامس القلب: "العلاج ساعدني في استعادة توازني النفسي"، لكنها لم تخف حقيقة التردد التي سبقت هذه الخطوة، إذ كان الخوف من نظرة المجتمع أقوى من ألمها، وكانت الضحية روح تتألم بصمت، وضياع فرص العلاج.
وهذه المعاناة لا تقف عند حدود الفرد، بل تتجذر وتمتد إلى كيان الأسرة ككل، فتجعلهم يواجهون المعاناة بصمت وخوف. وهذا الصمت لا يساعد الأسر إلا في تفاقم معاناة المريض بدلًا من احتوائه وطلب العلاج له.
هنا تكمن المفارقة، ففي حين يسعى المجتمع لحماية صورته، يفقد أفراده صحتهم، وبينما تحاول الأسر الحفاظ على سمعتها، تضحي بسلامة أبنائها. فكل يوم يمر بدون طلب المساعدة هو حلقة جديدة ترسخ سلسلة المعاناة وتهدر فرصة أخرى للعلاج في سبيل الخوف من أحكام المجتمع.
خطوات على طريق الأمل
ولمواجهة هذه التحديات، تبرز المبادرات التي تحيي في طياتها بذور الأمل لمواجهة هذه الوصمة؛ فبين قاعات الجامعات والفصول الدراسية، تنطلق حملات توعوية يروج لها الشباب مثل حمد الحضرمي، طالب بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، الذي قال: "حان الوقت لكسر الحاجز والتحدث عن صحتنا النفسية بصراحة وبدون خوف من المجتمع".
وعلى الجانب المؤسسي، ثمة جهود تسعى لتعزيز خدمات الصحة النفسية في بيئات العمل.
وقد وضح محمد العجمي بقوله: "نحتاج إلى عيادات نفسية آمنة تقدم الدعم النفسي بسرية وبدون أحكام مسبقة". وذكرت الدكتورة نوال: أن وسائل الإعلام، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، لها دور في تشكيل صورة الصحة النفسية في المجتمع العماني، وقد أثرت بشكل مزدوج إيجابي وسلبي على وعي الأفراد وسلوكهم. من أبرز هذه الجوانب الإيجابية: نشر الوعي والتثقيف، وكسر العزلة، وتعزيز الدعم".
ولكن رغم وجود خطوات الأمل، لا تزال هناك عقبات قائمة، حيث أوضحت سعدية السعدية أحد هذه التحديات قائلة: "نعاني من نقص حاد في الأخصائيين النفسيين المؤهلين، مما يعوق قدرتنا على تلبية الاحتياجات المتزايدة". وذكرت المحيجرية: "توجد فئات عمرية واجتماعية معينة تواجه صعوبة أكبر في تقبّل العلاج النفسي، وذلك لأسباب تتعلق بالثقافة، والوصمة الاجتماعية، والمعتقدات الشخصية".
إن تجسير هذه الوصمة يتطلب لما هو أكثر من إقامة محاضرات تثقيفية فحسب، بل يحتاج إلى ثورة في طريقة تفكيرنا، فلا فائدة من التحدث عن الصحة النفسية في المنابر العامة، والهمس بخوف وخجل عندما يتعلق الأمر بحالاتنا النفسية. ولا فائدة في معرفة لا تترجم إلى فعل، ولا قيمة لوعي لا يحقق تغييرًا ملموسًا في حياة الناس والمجتمع. فالصحة النفسية لم تعد خيارًا، ولم تعد ترفًا يمكن تأجيله، بل هي الأساس الذي تُبنى عليه كل مظاهر الحياة. فكما لا يمكن لبناية أن تقوم بدون أساس متين، لا يمكن لمجتمع أن ينمو ويزدهر دون صحة نفسية سليمة؛ فهي الحجر الأساسي الذي يبني الإنسان القادر على العطاء، والفرد المنتج، والمواطن الواعي المسؤول.
التغيير يبدأ من قرار شخصي، من لحظة نقرر فيها أن نكسر حاجز الصمت. عندما نعي أن طلب المساعدة المهنية ليس علامة ضعف، بل دليل قوة وشجاعة. عندما ندرك أن العلاج النفسي ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لحياة أكثر توازنًا وإشراقًا.