تاريخ أفريقي لأفريقيا : من فجر الإنسانية إلى الاستقلال
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
تاريخ أفريقي لأفريقيا : من فجر الإنسانية إلى الاستقلال
أ. د. حمد ابراهيم ابوشوك
المؤلفة الإعلامية زينب محمد خير البدوي
(1) تمهيدفي أوائل الستينيات من القرن العشرين ، زعم هيو تريفور روبر (Hugh Trevor-Roper) ، المؤرخ الإنجليزي ، “أنَّ أفريقيا السوداء قبل الاستعمار لم يكن لها تاريخ”. استهجن بعض المؤرخين الأفارقة هذا الزعم ، وساندوا مشروع كتابة تاريخ أفريقيا العام ، الذي أطلقته اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) عام 1964م، بهدف تجاوز المزاعم القائلة بأن أفريقيا ليس لها تاريخ مكتوب قبل مجيء المستعمر الأوروبي ، وكذلك الخروج من دائرة الأحكام المسبقة التي فرضها إرث تجارة الرقيق والنظرة الاستعمارية الاستعلائية تجاه إنسان أفريقيا.
وانطلقت هذه المجلدات الثمانية من مفهوم مبتكر ، يوثق لتفاعل أفريقيا مع العالم المحيط بها ، تحت عنوان “الانتماء الأفريقي في العالم”، مؤكدةً بذلك علاقة أفريقيا العضوية بشتاتها وترابطها الداخلي المستمر ، الذي يشمل الحركة الديناميكية للأفراد والجماعات والثقافات والمعارف داخل القارة ، وتواصل ذلك الحراك الداخلي مع العالم الخارجي. وخلاصة ذلك إن أفريقيا لم تكن عبارة عن ترعة مقطوعة عن المجرى الرئيس لتاريخ العالم ، بل كانت رافداً من روافده وفرعاً من فروعه. وبذلك شكلت المجلدات الثمانية نقلة نوعية في كتابة تاريخ أفريقيا العام ؛ لأنها قد وضعت منهجية جيدة كتابة تاريخ القارة السمراء ، وعززت ذلك بسريات تأريخية موضوعية ، بدأت بعصر ما قبل التاريخ في أفريقيا، وانتهت بالأبعاد السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة في القارة منذ عام 1935م وحتى حقبة ما بعد الاستعمار. (2) زينب بدوي وتاريخ أفريقي لأفريقيا
صدر في الشهر الماضي (نيسان/أبريل 2024م) كتاب الإعلامية زينب محمد خير البدوي بعنوان “تاريخ أفريقي لأفريقيا: من فجر الإنسانية إلى الاستقلال” (An African History of Africa from Dawn of Humanity to Independence)، باللغة الإنجليزية عن دار النشر (WH Allen) البريطانية ، ويبلغ عدد صفحاته 544 صفحة. ويكمل هذا الكتاب النهج الذي أخطته مجلدات اليونسكو الثمانية عن تاريخ أفريقيا العام ؛ لأن المؤلفة انطلقت من فرضية مفادها: “الجميع أصلهم من أفريقيا ، وبالتالي فإن هذا الكتاب للجميع”. وبناءً على ذلك أسست البدوي سرديتها التأريخية ، التي شملت أنساب الأسر الحاكمة وصراعاتها التنافسية في شمال أفريقيا قبل قرون من ميلاد المسيح ؛ والتوسع المحفوف بالمخاطر والدمج التوفيقي للديانات الإبراهيمية في النسيج الاجتماعي للقرن الأفريقي ؛ وظهور ممالك غرب أفريقيا التي كانت تغذي الاقتصاد العالمي عندما كانت أوروبا تعيش في عصورها المظلمة. وألقت الضوء على المخلفات الأثرية ذات الطابع الديني والاقتصادي والاجتماعي التي تركها الإنسان الأفريقي ، وتناولت الآثار الموجبة والسالبة للحقبة الاستعمارية ، وحركات التحرر الأفريقية ونضالاتها ضد المستعمر الأوروبي ، والحكومات الوطنية التي أعقبت الفترة الكولونيالية. والكتاب كما وصفه أحد الذين قاموا بمراجعته بأنه لم يكن كتاباً أكاديمياً صرفاً ، بل كتاب يجمع بين الرواية التاريخية ، والسرد الأدبي الشفاف ، والتجارب الشخصية للمؤلفة ، التي رسمت بعض المشاهد التاريخية من واقع زياراتها الميدانية المتكررة للقارة السمراء خلال سبع سنوات ، زارت فيها أكثر من ثلاثين دولة أفريقية ، وقابلت رؤساء بعضها ، وحوارات قطاعات مجتمعية متنوعة فيها. ولذلك تأمل البدوي أن تكون “قد أثبت أن أفريقيا تتمتع بتاريخ ، وأنها جزء أساس من قصتنا العالمية ، وأنها تستحق قدراً أعظم من الاهتمام والاحترام ، مقارنة بما حظيت به حتى الآن”.
(3) المؤلفة في سطورلم تكن الإعلامية البارزة زينب محمد خير البدوي مؤرخة بحكم تخصصها ، بل درست الاقتصاد والفلسفة والعلوم السياسية في جامعة أكسفورد ، وحصلت على ماجستير الدراسات الشرق أوسطية في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. ارتبطت حياتها العملية بالإعلام ، حيث عملت باحثة وصحفية ومذيعة بتلفزيون يوركشير (1982م – 1986م)، وانضمت إلى القناة الرابعة البريطانية عام 1988م، وفي العام 1998م انتقلت إلى الخدمة العالمية بهيئة الإذاعية البريطانية (البي. بي. سي.)، وقدمت العديد من البرامج التلفزيونه الحية ، والبرامج الحوارية الهادفة. وتقلدت العديد من المناصب التشريفية والوظيفية ، ونذكر منها: رئيسة مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن ؛ ورئيسة الجمعية الأفريقية الملكية ؛ كما أنها منحت جائزة الشخصية الإعلامية الأولى في المملكة المحتدة للعام 2009م.
الوسومأحمد إبراهيم أبو شوك أفريقيا الاستعمار الاستقلال السودان زينب محمد خير البدويالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أفريقيا الاستعمار الاستقلال السودان
إقرأ أيضاً:
عزة القبيسي وسقاف الهاشمي.. من الإمارات إلى العالم
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
ضمن تعاون ثقافي فني فريد، شارك الفنانان الإماراتيان عزة القبيسي وسقاف الهاشمي في فعاليات بطولة «مبادلة سيتي دي سي» المفتوحة للتنس لهذا العام، والتي أقيمت مؤخراً في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث صمّمت القبيسي كأسي البطولة لفئتي الرجال والنساء، بينما نفّذ الهاشمي جدارية فنية بالتعاون مع فنان الجداريات «شون بيركنز»، المقيم في واشنطن، في إطار تعزيز التبادل الثقافي عبر الفن، وقد تم الكشف عن الجدارية في مبنى WTEF بواشنطن.
حِرف إماراتية
عزة القبيسي التي أبدعت العام الماضي في بطولة «مبادلة سيتي دي سي» بتصميمها كأس السيدات، أكدت حضورها الفاعل في هذا المحفل الرياضي العالمي بتصميمها كأسي البطولة لفئتي الرجال والنساء لهذا العام، حيث عكس تصميمها الحِرف الإماراتية التقليدية، مع إعادة تصورها لتناسب الساحة الرياضية العالمية، موضحة أن الفن لغة تبني الجسور بين مختلف الثقافات وتعكس قيم المجتمعات.
ارتباط عميق
عن هذا الإنجاز، قالت القبيسي: إن الكأس تمثل أكثر من مجرد رمز للفوز، بل تجسد ارتباطاً عميقاً بين الحركة والتوازن والحوار الدولي، ضمن بطولة «مبادلة سي دي سي» المفتوحة للتنس، وإن التصميم يعكس طاقة اللعبة والمنصة العالمية التي تمثلها، كما أن النحت يعكس أناقة وإيقاع رياضة التنس، مع احترام جوهر الإنجاز.
وأضافت: لقد صممّت هذا العام نسختين مميزتين، واحدة باللونين الأسود والفضي لبطولة الرجال، والأخرى باللونين الذهبي والفضي لبطولة السيدات، وكل منهما تحمل طابعها الخاص مع الحفاظ على هوية بصرية موحدة، واستخدمت التباين في الخامات والشكل للتعبير عن التميّز والوحدة، حيث يتميز كأس الرجال بالقوة من خلال اللونين الأسود والفضي، أما كأس السيدات فتعكس الرقي من خلال الذهبي والفضي، ويشترك التصميمان في الهيكل ذاته.
منظور جديد
وأشارت القبيسي إلى أنها حرصت على أن تصل رسالة التصميم إلى جمهور عالمي من خلال كل انحناءة وتباين في الكأس، والتي صممّت بهدف بناء جسر بين الثقافة الإماراتية والعالمية، وقالت: تصميم كأس جديدة لبطولة الرجال هذا العام منحني منظوراً جديداً، حيث ركّزت على الخفة والتناسق والتفاصيل الدقيقة لتوفير عمل يبدو قوياً في الحركة وأنيقاً في السكون، وشكل يتدفق كحركة تبادل الكرات، مع تواتر بصري وتوازن يعكس طبيعة اللعبة من دون استخدام رموز مباشرة، بحيث يعبر التصميم عن قوة وأناقة التنس.
لغة مشتركة
عن تجربته الإبداعية المتمثلة في رسم جدارية البطولة في واشنطن، بالتعاون مع الفنان الأميركي شون بيركنز، قال سقاف الهاشمي: محطة مهمة تضيف إلى تجربتي الفنية، ورغم اختلاف جنسياتنا، سرعان ما وجدنا في الفن وعوالمه لغة مشتركة، فقد عملنا جنباً إلى جنب على مدار 3 أيام، من أجل إخراج هذا العمل الفني المبتكر، الذي مزجنا فيه أساليبنا وقصصنا في جدارية واحدة، ويشكّل هذا التعاون انعكاساً قوياً لدور الفن في بناء جسور التواصل بين الشعوب والثقافات.
هوية بصرية
عن الأسلوب الفني والتقنيات التي استخدمها الهاشمي في رسم الجدارية، قال: استخدمنا مزيجاً من السرد البصري، يجمع بين الرسوم التوضيحية التصويرية والخط العربي، إلى جانب الألوان الزاهية والحيوية لجذب انتباه الشباب واليافعين على حد سواء، وتم تزيين وتصميم الكلمات العربية بأسلوب فني يتناغم مع السرد البصري، ويتسم بالسلاسة والديناميكية.
قصة طفل
أوضح سقاف الهاشمي أن الجدارية تبلغ أبعادها حوالي 26 قدماً عرضاً، و20 قدماً ارتفاعاً، وتروي قصة طفل صغير يحلم بأن يصبح يوماً ما بطلاً في رياضة التنس، وترمز إلى أن النجاح يبدأ بالتعليم والإلهام والدعم المجتمعي. وقال: تتضمن الجدارية نماذج للخط العربي، وتُبرز معالم أبوظبي الرئيسة، وتربط بصورة بصرية وفنية بين الإمارات وواشنطن، كما تمثّل القيم التي تجسّدها هذه اللوحة، مثل التميز والشراكة وتمكين الشباب، وقد ساهم أكثر من 60 طفلاً من مؤسسة واشنطن للتنس والتعليم، في وضع اللمسات الفنية الأخيرة للجدارية.