شكل منتدى الإعلام السوداني أبرز هذه المبادرات، وهو تحالف إعلامي سوداني مستقل، يضم 27 مؤسسة، أطلقت بالتزامن حملة تحت شعار (ساندوا السودان)

كمبالا: التغيير: سارة تاج السر

تواجه الصحافة السودانية أحد أصعب المراحل في تاريخها، بعد حرب منتصف أبريل، التي تسببت في تدمير البنية التحتية، وتشريد الصحفيين، وفرض قيود متزايدة على التغطية الإعلامية.

ومع ذلك فإن المؤسسات الصحفية، لم تقف مكتوفة الأيدي، في مواجهة هذه الأزمات، بل ردت بإطلاق مبادرات تسعى لإعادة توطيد أسس الصحافة المستقلة من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات وتعزيز المحتوى الإعلامي الذي يدعو إلى السلام ويقدم الدعم للضحايا والمتضررين.

ساندوا السودان

شكل منتدى الإعلام السوداني أبرز هذه المبادرات، وهو تحالف لمؤسسات ومنظمات صحفية وإعلامية سودانية مستقلة، تضم 27 مؤسسة، أطلقت بالتزامن

حملة تحت شعار: (ساندوا السودان) بهدف لفت انتباه الرأي العام والضمير العالمي وخلق تضامن واسع إقليميًا ودوليًا لمساندة الشعب السوداني وعونه في محنته خلال عام من الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والضغط على طرفي الحرب لوقف نزيف الدم وفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية.

فضلاً عن إيصال صوت الشعب السوداني إلى العالم وإبراز معاناته من الحرب والكارثة الإنسانية.

وتشمل الحملة نشر تقارير صحفية عن الوضع الإنساني والانتهاكات في البلاد، وتنظيم فعاليات في الداخل والخارج، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول الحملة ومطالبها.

ويضم المنتدي عددًا من المؤسسات والمنظمات والصحفية والإعلامية، من بينها:

راديو دبنقا، نقابة الصحفيين السودانيين، سودان تربيون، صحيفة التيار، صحيفة الجريدة، قناة سودان بكرة، صحيفة التغيير، شبكة عاين، الراكوبة، سودانايل، صحفيون لحقوق الإنسان (جهر)، شبكة إعلاميات سودانيات، صحيفة الديمقراطي، اذاعة هلا 96، إذاعة (PRO FM) 106.6، صحيفة مداميك، دارفور 24، مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية، مركز طيبة برس، مركز الألق للخدمات الصحفية، المركز السوداني لخدمات البحوث والتدريب والتنمية، مركز آرتكل للتدريب والإنتاج الإعلامي، مشاوير، سودانس ريبورترس، ومنصة تلفزيون.

وأكد السكرتير العام لنقابة الصحفيين السودانيين محمد عبدالعزير، أن الصحافة السودانية، تمر، بأسوا الظروف منذ تأسيسها في بداية القرن المنصرم، فقد تسببت الحرب في تدمير المؤسسات الإعلامية وخلق حالة من الإظلام الإعلامي تسمح بممارسة انتهاكات وفظائع غير محدودة. في ظل مناخ تسوده خطابات الحرب والكراهية والتضليل.

وقال في حديثه مع «التغيير»: إزاء هذا الوضع كان لابد من جهد مؤسسي منسق، فأتت مبادرة منتدى الإعلام السوداني التي تضم عشرات المؤسسات والمنظمات الإعلامية المستقلة.

وأوضح عبدالعزيز، أن المنتدى، أطلق في مارس الماضي حملة إعلامية واسعة لوقف خطر المجاعة ومجابهة الكارثة الإنسانية ووضع حد للانتهاكات والضغط على طرفي الحرب للسماح بتمرير الإغاثة والمساعدات وفتح ممرات آمنة لتوصيل الطعام والإمدادات الضرورية للمتضررين في كافة مدن وقرى وأرياف البلاد. علاوة على إيصال صوت الشعب السوداني إلى العالم وإبراز معاناته من الحرب والكارثة الإنسانية.

وجدد الدعوات لتوفير الحماية للصحفيين والصحفيات ليتمكنوا من أداء واجبهم عبر الضغط على طرفي الحرب للالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية والقانون الإنساني الدولي.

قضايا إنسانية

غطت الصحافية مشاعر دراج قضايا إنسانية وصحية ملحة بولايات دارفور وكردفان، بعد انطلاق حملة ساندوا السودان.

وأشارت دراج إلى تزايد حالات سوء التغذية بين الأطفال وانعدام الرعاية الصحية ونقص الغذاء والأدوية نتيجة للحرب المستمرة، وقالت لـ«التغيير»: ركزت جهودي على أهمية تسليط الضوء على هذه القضايا للفت انتباه المجتمع الدولي لمعاناة الشعب السوداني.

كما تطرقت دراج إلى قضية اللاجئين السودانيين في معسكر كريندنقو في شمال أوغندا، من خلال كشف المعاناة الحقيقية والأوضاع المأساوية داخل المعسكر، بما في ذلك انعدام الخدمات الأساسية من المياه وعدم وجود مستشفى أو مركز صحي.

وأضافت دراج: تم الاتفاق على نشر هذه القضايا في المنتدي الإعلامي السوداني المؤلف من حوالي 30 مؤسسة إعلامية، للتنبيه للأزمة الإنسانية الناجمة عن حرب السودان التي أصبحت مهملة.

حملة لا للحرب

مبادرة مماثلة لجهود إنهاء الحرب وهزيمة دعوات التسليح وخطاب الكراهية، أطلقها في يناير الماضي، مركز الخاتم عدلان للاستنارة، عبر ورشة عمل حول الاستراتيجية الإعلامية لحملة “لا للحرب”، بالعاصمة اليوغندية كمبالا، خلال الفترة من 13 إلى 16 يناير، شارك فيها 30 من (الصحفيين، الإعلاميين، صناع المحتوى، الناشطين.(

وناقشت الورشة، وفقا للباحث ومدير المشروعات بالمركز أبوهريرة عبدالرحمن، سجالاً على مدى ثلاثة أيام، حول التفكير الاستراتيجي وأهميته في تحديد الغايات، واتخاذ القرارات الموحدة والمتكاملة.

وكيف تساهم حملة “لا للحرب” في وضع رؤى وتصورات للشكل والمكانة التي ترغب أن تكون فيها، فضلاً عن وضع مناهج وتصميم برامج في إطار خطة تتسم بالوضوح، من أجل تحقيق هذه الرؤى.

وهدفت الحملة لتحقيق عدد من الأهداف من ضمنها، نزع المشروعية الأخلاقية عن الحرب عبر مسارات ثلاثة: إعلامي، وحراك شعبي في دول العالم المختلفة، والتواصل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين، فضلا عن التركيز على الوضع الإنساني، ووقف النزاعات وتعزيز السلام من خلال تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات.

تشكيك

فاعلية مثل هذه المبادرات في تحقيق ودعم ضحايا الحرب، محل شك لدي الكاتب الصحفي الجميل الفاضل، حيث يعتبر أن الواقع السائد لا يزال يميل نحو القوة والعنف، وأن صوت البندقية يظل الأعلى، حتي الآن، وأن من لا يملك بندقية هو أخرس لا صوت له.

واكد إن إنهاء الحرب لن يتحقق فقط بتعبير الأفراد عن رفضهم لها، بل يتطلب جهداً مستمراً وشاقاً. يتضمن ذلك دحض السرديات المضللة التي تروج لشرعنة الحرب من قبل (البلابسة) وتضفي عليها درجة من القداسة.

ورأى الفاضل، أن الحرب لن يكسبها من يتمدد في مسارح عملياتها على الأرض فحسب، إنما من يحسن ادارة المعركة حول عقول الناس وبداخلها، وأن مقاومتها لا تتم سوى بمحاصرة وكفكفت السرديات الزائفة والمضللة.

واعتبر أن ما تقوم به ‘لى الآن مختلف الجهات الرافضة للحرب داخليا وخارجيا، لا يعدو أن يكون مجرد إعلان نوايا ومواقف، لا يتبعها فعل قوي ومؤثر من شأنه أن يجبر طرفي القتال علي وضع السلاح.

 

الوسومأزمة السودان حرب السودان مبادرات إعلامية لوقف الحرب مركز الخاتم عدلان منتدى الإعلام السوداني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أزمة السودان حرب السودان منتدى الإعلام السوداني

إقرأ أيضاً:

الحل السوداني-سوداني: خوض المنايا، خوض الوحول

عبد الله علي إبراهيم
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول
قال المتخصص في التاريخ الأوروبي بجامعة ميسوري جوناثان سبيربر، خلال أيام ثورة 2019، إنه بدا له السودان حالة استثنائية. فبينما يرتكب العالم طريق الحكم الأوتوقراطي على أيامنا نجدهم يسيرون عكس التيار يرفعون للديمقراطية راية. وهذا ما قد يزكي بقوة ما تعقده دوائر عالمية وإقليمية على صفوة السودانيين أن ينهضوا لإنهاء الحرب بحل سوداني- سوداني.
تعلق قلب السودان بالديمقراطية عبر نضال مدني وللمرة الثالثة بثورة 2019 في وقت تغشاها الدواهي حتى في بلاد نذرت نفسها لنشرها على العالمين، فأميركا نفسها ممحونة في ديمقراطيتها التي تبدو في مهب الريح. وليست هذه المحنة بسبب مخاطرة دونالد ترمب فيها كما قد يتبادر إلى الذهن. وهذا ما لفت الانتباه إليه المؤرخ والمحرر في صحيفة "واشنطن بوست" روبرت كاغان في كتاب عنوانه "الانتفاضة: كيف يمزق عداء الليبرالية أميركا إرباً". ففي رأي كاغان أنه على زعم أميركا الليبرالية إلا أنه خالط هذه الليبرالية، التي تكثر الكتابات عنها، أبداً تيار غير ليبرالي لا تتناوله الأقلام بكثرة ما تتناول التيار الليبرالي. وقال إن من وراء هذا التيار تقاليد ونظرات وعقائد على خصومة مستقيمة مع النظام الليبرالي العلماني الذي اتفق عليه لأميركا في دستورها في 1787. ويقف هذا التيار غير الليبرالي من فوق أرضية مسيحية وبيضاء. فالأميركيون الحقيقيون عندهم هم الـ75 مليون الذين صوتوا لترمب في الانتخابات الأخيرة وما عداهم باطل وقبض ريح. وقال كاغان إن كثيرين من حملة هذه الفكرة ينسون أن من جاؤوا من جدودهم لأميركا مثل الكاثوليك والإيرلنديون كانوا في عداد غير الأميركيين في يوم غير هذا. وفي قول منظرين لهذا التيار إن أميركا ليست تجربة ثورية بسبب الثورة الأميركية وإعلان الاستقلال (1776) بل لأنهم ورثة ثورة الإنجيل التي بدأت بتكوين إسرائيل في الأزل. ففصل الدين عن الدولة عندهم هراء.
وشغل الناس عن مكمن هذا التقليد غير الليبرالي تلاحق التطورات السياسة والاجتماعية منذ الحرب العالمية الثانية التي مكنت الليبرالية مثل حق الإجهاض (1973) وإنهاء التفرقة العنصرية في المدارس (1954) وغيرها. ولم يستسلم التقليد غير الليبرالي وقاتل بالظفر والناب ضد تلك المكاسب الليبرالية فيما عرف بالحروب الثقافية الأميركية. ففي حين ألغت المحكمة العليا التفرقة العنصرية في المدارس في 1965 تمرد حتى الكونغرس عليها، ودعا الولايات ألا تمتثل لقرار المحكمة، وأن تبقي التفرقة على حالها. بل نشر الكونغرس ما عرف بـ"البيان الجنوبي" الذي استنكر تغول المحكمة العليا على سلطات الكونغرس والولايات بالتشريع في ما لا اختصاص لها فيه.
والمشاهد أن هذا التيار يكسب في ظرفنا الحالي أرضاً بعد أرض. فصابر طويلاً حتى جاء بقضاة للمحكمة العليا في رئاسة ترمب غلبوا وألغوا الحكم به المعروف بـ"رو ضد ويد" الذي أذن للنساء بالإجهاض. ومنعاً للمبالغة في دور ترمب في هذه الانعطافة غير الليبرالية القائمة صح أن نعرف أنه لم يكن في ماضيه من خصوم حق الإجهاض، ولكن واتته الريح فاعتلاها.
وبدا من فكر صفوة السودانيين وأدائها أنها ربما دون مهمة استنقاذ وطنها بنفسها. فما اندلعت الحرب حتى اختلت أطرافها بعضها بعضاً بعيداً من ميدانها تصفي ثأراتها التاريخية. فأخرج الإسلاميون في أول أسبوع للحرب قوائم لخصومهم في قوى "الحرية والتغيير" ممن تتهمهم بتخريب الوطن وخيانته. ولم تتأخر "قحت" فأذاعت أن الإسلاميين، الفلول، هم من أشعلوا الحرب وجروا الجيش إليها وأنفه راغم. ولم يكترثوا لحقيقة أنهم بمثل ذلك الحكم جعلوا قوات "الدعم السريع" في طرف الحرب العادلة أرادوا أو لم يريدوا. فتقاطعت هذه الصفوة وتدابرت حتى صارت الحرب، التي يريد المشفقون على السودان أن تتناصر صفوتها لحل سوداني- سوداني، سانحة لكل طرف ليقضي على خصمه قضاء مبرماً.
وعلى رغم مطلب "قحت" بوقف الحرب فإنها تتمسك بإزالة الفلول من وجه البسيطة. فيخلص كاتب في خبرة فتحي الضو إلى أن حربنا عبثية خلافاً لحروب سماها "نظيفة" صدقت فيها كلمة كارل فون كلاوزفتير الشهيرة من أن الحرب هي السياسة بوسائل أخرى. فحربنا، خلافاً لذلك، لا منطق لها "لا أسباب لها، ولا دوافع، ولا ذرائع". ولكنه سرعان ما وجد فتحي لها سبباً بغير "جهد خارق" كما قال. وهي أنها حرب الفلول الإسلاميين لاستعادة "فردوس الدولة المفقود". وعليه فهو هو لا يرى حلاً سودانياً- سودانياً مما تزكيه دوائر كثيرة. فحله في الاستمرار في الحرب حتى نرى جثة الفلول طافية عند مصب النهر. فلن يهدأ السودان، في رأيه، إلا بـ"التعامل المناسب مع هذه الفئة الباغية". وهو الحرب ضدهم حتى يفيقوا صاغرين من وهم استعادة دولتهم.
أما أوهن ما تكون الصفوة فهي حين تواقع سياستها وحربها ودولتها على أوضاع بلاد أخرى طلباً للحكمة من المقارنة. فالصفوة في حالة تشرد في طلب المقارنة الذي ينتظر منه المرء كشفاً ينتفع منه فطانة في الإحاطة بأحواله لإحسان إدارتها وتدبير المخارج منه. فيتوقع المرء، وقد تدامجت الجريمة مع السياسة في حربنا، أن تطلب الصفوة العلم بما ألم بنا من أميركا اللاتينية. فتغلبت فيها العصابات الإجرامية، التي ترعرعت في محاضن الأحزاب فيها، على السياسة ونازعت في الدولة حتى قضت عليها في مثل هايتي وصارت إلى سدتها.
وحفلت أخبار أميركا اللاتينية في الأسابيع الماضية بوقائع عن شوكة العصابات فيها وانعكاساتها على نظمها الديمقراطية مما صح الاطلاع عليه لصفوة تمتحن الحرب دولتها أن تكون أو لا تكون متى غلبت "الدعم السريع" فيها.
* أعلنت عصابة "عصبة الخليج"، التي تسيطر على 11 بلدية من بلديات كولومبيا الـ32 في شمال غربي البلاد، الإضراب في مناطق نفوذها منذ صباح الخامس إلى التاسع من مايو (أيار) الجاري؛ احتجاجاً على ترحيل الحكومة لدايرو أنطونيو يوساقا، زعيمها، إلى الولايات المتحدة لمحاكمته. وهو إضراب "تحت السلاح" بمعنى أن العصبة هي التي حملت الناس عليه حملاً. فأمرت الناس بالبقاء في بيوتهم وإلا قتلوا، وأغلقت المحلات التجارية، وقفلت الطرق، وقطعت المواصلات.
وترتب على ذلك نقص في الثمرات: في الطعام والغاز. وعانت المستشفيات نقصاً في العاملين بها. ووقعت خلال الإضراب 309 حوادث عنف، وإغلاق 26 شارعاً، وإتلاف 118 عربة. وقال أحدهم إن "عصبة الخليج" تريهم أنها من يملك الشوكة للإرعاب، وأنها السلطة لا الحكومة. وبالفعل وقفت الدولة مكتوفة الأيدي لم تسعف المواطنين في أيام رعبهم.
* ووقفنا بالتقارير الواردة عن انتخابات المكسيك الوشيكة على مدى سلطان كارتيلات المخدرات، وثيقة الصلة بالدوائر السياسة أبداً، على زمامها. فتريد العصابات من الانتخابات وضع الساسة من أصدقائها في الوظيفة السياسة المحلية والقومية. فحولت الانتخابات إلى ميدان حربي بمعنى الكلمة. فأخذت في ترويع حملات غير أصدقائها الانتخابية، واغتيال بعضهم. فقتلت 24 مرشحاً، واضطر 200 منهم للانسحاب من الانتخابات هلعاً، وطلب 400 منهم الحماية من الدولة.
وعرضت التقارير لضروب الحماية لمرشح مناهض للكارتيلات فركب خلال حملاته الانتخابية سيارة واقية من الرصاص، وحوله حراس مفتولو العضلات، وتتبعه ناقلة عليها جند من الحرس الوطني. حتى إنه قال غير مصدق إن كانت تلك هيئة من يريد أن يترشح ليمثل المواطنين في مجلس الشيوخ. فحياة مثله في خطر في كل دقيقة. واضطر هذا المرشح للابتعاد عن عائلته غير الحديث إليهم بالتليفون:
- بابا، لقد صليت من أجلك (طفله البالغ سبع سنوات)
- 30 يوماً وتعود لنا (طفله ذو التسع سنوات مبتسماً أمام كاميرا الهاتف) أتمنى أن تفوز في الانتخابات. وقال المرشح: ما دل أولادي. وتهدج صوته وأخذ شربة كبيرة من الماء.
* وصح من قال إن عصابات الجريمة المنظمة تضع الديمقراطية في أميركا اللاتينية على جرف هار. وبدا من الناس الاستعداد بالتضحية بقدر منها من أجل الأمان. فحصل دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور، في استفتاء في الـ22 من أبريل (نيسان) الماضي على تفويض باستخدام أدوات ربما ليست ديمقراطية في حرفها لملاحقة العصابات التي ضرجت البلد بالعنف في السنوات الأخيرة.
ومن ذلك أن الاستفتاء فوضه لاستخدام الجيش في ضبط الأمن الداخلي. وتجري المقارنة هنا بينه وبين نايب بوكيلي، رئيس السلفادور، الذي أسرف في تدابير الأمن في مواجهة هذه العصابات ليخرج كثيراً من أعراف الديمقراطية. وكانت حملته إلى الرئاسة ثمرة غضبة مضرية شعبية على تفشي الجريمة المروعة، وفساد الأحزاب التقليدية، وركاكتها.
ونجح بوكيلي في خفض الجريمة بصورة ملموسة بإجراءات غليظة لم يعتبر فيها حد الديمقراطية. بل واستعان بعصابات بشعة في حلف سري ليصل للغاية. وسمى نفسه المستبد الرائق. ولذا قيل عن نوبوا، الذي لم يسلم من نقد من منظمات مدنية لما رأوا منه خرقاً لحقوق الإنسان، إنه لا يزال يترسم الديمقراطية. وزكوا نموذجه الذي يقدمه للمنطقة بضبط العصابات بغير التضحية بقيم الديمقراطية في حربه لها.
يقال تبتلي الأشياء الرديئة الناس الجيدين. والحرب في السودان هي رداءة وقعت على شعب استثناء طلب الديمقراطية وهي على شفا حفرة حتى في مظانها الأولى. وخاض المنايا لها ولكن صفوته لم تقم بالهين من الأمر وهو خوض الوحول للغاية. ومع أنه لا يأس من أن تفيق صفوته للحل السوداني-سوداني الذي يعلقه على عاتقهم حسنو الظن فيهم إلا أننا نحتاج إلى العالم لا نزال لوقف الحرب بسبل لم تقع له بعد. وتلك قصة أخرى.

IbrahimA@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • الحل السوداني-سوداني: خوض المنايا..خوض الوحول
  • المبعوث الأمريكي الخاص: "لا يمكن لأي من الطرفين الفوز في حرب السودان"
  • إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق القيادي محمد قحطان
  • «معًا نحو بيئة عمل آمنة وصحية مستدامة».. حملة إعلامية بهدف تحقيق بيئة آمنة للعاملين بالمصانع
  • إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة
  • الحل السوداني-سوداني: خوض المنايا، خوض الوحول
  • السودان بين الفوضى والحرب والجوع: تحديات الأمن الغذائي، أزمة إنسانية، واحتمالات تفكك الدولة
  • "الاتصالات": نوفر مبادرات ومنح للأطفال لتعليم علوم البرمجة
  • المبعوث الأميركي إلى السودان: «الإسلاميون مشكلة لنا وللسودانيين» ويحذر من عواقب وخيمة لتدخل «الدعم السريع» عسكرياً في الفاشر
  • «بشرية عجمان» تستعرض مبادرات «نافس»