كتب علي زين الدين في" الشرق الاوسط": تشهد مراكز القرار المالي والنقدي حراكاً لافتاً على المستويين الحكومي والإداري، يؤمل أن يفضي إلى وضع خريطة طريق محدثة للخروج من دوامة الأزمات وتداعياتها، بما يتماهى مع مقتضيات الاستجابة لشروط الإصلاحات الهيكلية التي يشترطها صندوق النقد لإبرام اتفاق ناجز ومعزز ببرنامج تمويلي لا يقل عن 3 مليارات دولار.


ووفق معلومات لـ«الشرق الأوسط»، فإن التحول النوعي المتمثل بوجوب إدخال تعديلات أساسية وغير ثانوية، تكفل إنعاش الخطة الحكومية الأخيرة، التي تضمنت حزمة من الاقتراحات التشريعية والتنفيذية تحت عنوان إعادة هيكلة المصارف، اكتسب دفعاً قوياً بفعل التقييم الإيجابي لفاعلية السياسات النقدية الجديدة، وإمكانية استخدامها في تصويب مسار المالية العامة، ومن ثم وضع إطار مناسب لمعالجة حقوق المودعين، توطئة لإعادة تنشيط الوظائف الأساسية للبنوك في مجالي إدارة الأموال والتمويل.
بعتبر رئيس «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» الدكتور جوزف طربيه أن حزم القضاء في إقرار مسؤولية الدولة عن خسائر مصرفها المركزي والأموال التي أودعتها المصارف لديه، يشكّل إشارة حاسمة للمستقبل على استمرار أهلية لبنان كبلد حامٍ للاستثمارات بحكم نظامه القانوني المرعي الإجراء، الذي يحفظ حق المستثمرين في أموالهم، وهذا ما يرسي الأساس الصالح لإعداد خطة نهوض حقيقية تحمي الودائع وتحفظ القطاع المصرفي، ويحول دون سيطرة الاقتصاد النقدي في البلد، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض تصنيف لبنان على صعيد مكافحة تبييض الأموال، وتعريضه للعقوبات الدولية، وعزله عن النظام المصرفي العالمي.

وبالفعل، تعكف حاكمية البنك المركزي، وفق مصادر معنية ومتابعة، على صياغة تصنيف جديد للودائع العالقة في الجهاز المصرفي، ارتكازاً إلى الإقرار بالحقوق المتوجبة لكل المودعين، وإجراء ما يلزم من عمليات تحقّق للفصل بين شرائح الأموال المشروعة وتلك الواقعة تحت الشبهات، بما يسهم بتسريع وضع برنامج واضح وقابل للتطوير المستدام لضمان السداد المتدرج، بوسائل نقدية أو استثمارية، بموافقة طرفي العلاقة، أي المودع والبنك.
في المقابل، من المتوقع وضع منهجية متدرجة أيضاً لاستعادة وظيفة الائتمان والتمويل التي تشكل ركيزة النشاط المصرفي وشرطاً لازماً لإصلاح الميزانيات وإعادة هيكلة بنودها في جانبي الأصول والخصوم، وذلك عبر تشريع واضح يقضي بإيفاء أي قروض جديدة بذات العملة التي يطلبها العميل، خصوصاً الدولار النقدي.
وتصر المصارف على أولوية استعادة حركة التسليف، انطلاقاً من معادلة أن النهوض يبدأ بالنمو الاقتصادي الذي لا يمكن تحقيقه إلا بتعزيز التسليف للقطاع الخاص تحديداً، كونه المحرّك الرئيس للعجلة الاقتصادية، والتسليف ينطلق عبر ضخّ المال في المصارف، ومن ثم تنظيم آلية الإقراض على أساس «التسديد بعملة القَرض».
وفي تأكيد جديد لالتزام روزنامة العمل الخاصة بتحضيرات الموازنة السنوية، طلب وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الخليل، من الوزارات والإدارات المعنية، المباشرة في إعداد مشروع موازنة عام 2025، متمنياً «أن يتضمن توجهاً إصلاحياً»، بعد موازنتين تصحيحيتين، وملمحاً إلى تضمينه توجهات واضحة لتعزيز الإنفاق الاستثماري الذي من شأنه إعادة العجلة الاقتصادية.
كما تضمن التعميم الإطار العام المطلوب في إعداد الموازنة، ومن أبرز بنوده وضع سقوف للإنفاق، بحدود اعتمادات موازنة العام الحالي، في ظل توقع أن تتأثر الإيرادات بالأوضاع الأمنية غير المستقرة، وأهمية عدم ترتيب أي عجز يهدد الاستقرارين المالي والنقدي، علماً بأن الوزارة تبحث مع مجموعة ممثلين عن الجهات المانحة التفاصيل التقنية للتصور المقترح للموازنة.
ويبقى ملحاً البتّ في موضوع السحوبات المصرفية، وتحديد السعر العادل بالليرة، لتفادي التضليل والاستنسابية والإطاحة بحقّ المودعين، حسب تأكيد وزير المال، الذي يشير إلى وجوب إجراء دراسة دقيقة للمعطيات في ما يخصّ الإمكانات المتوفّرة لدى المصرف المركزي، وذلك حرصاً على عدم المسّ بالاستقرار المالي والنقدي من جهة، وحرصاً، في المقابل، على ضمان حقوق المودعين.
كما يرى وزير المالية أنّ تكبيل الودائع إلى حين إقرار القوانين المؤاتية، يرتّب كلفة على الاقتصاد وعلى المودع. وهو لن يترددّ في تحملّ مسؤولية القرار المناسب في ظلّ توفّر المعطيات اللازمة، وفور استلامها من المصرف المركزي سوف يعرضها ويناقشها مع الحكومة، لاتخاذ الإجراءات التي تخدم المصلحة العامة، مؤكداً في هذا الإطار دعمه للسلطات النقدية في عملية توحيد سعر الصرف.


المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

شركس: البنك المركزي أدرك مبكراً أهمية الحفاظ على البيئة وتشجيع الطاقة المتجددة

شركس : التمويل الأخضر ضرورة استراتيجية للمستقبل المصرفي

قال محافظ البنك المركزي الدكتورعادل شركس خلال منتدى التمويل الأخضر "جريفن 2024" إن البنك المركزي قام في 13 نوفمبر 2023 بإطلاق استراتيجية التمويل الأخضر (2023-2028) التي تم

اقرأ أيضاً : "الضمان" يوضح حول إعادة المؤمن عليه المبالغ المدينة في تأمين التعطل عن العمل

إعدادها بالتعاون مع البنك الدولي وبالتنسيق والشراكة مع جمعية البنوك والقطاع المصرفي والمالي والأطراف ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص. وتعتبر هذه الاستراتيجية بمثابة خارطة طريق لتمكين البنك المركزي والقطاع المالي من تعزيز التمويل الأخضر والحد من مخاطر تغير المناخ، وتغطي قطاع البنوك وشركات التأمين وشركات التمويل الأصغر، كما تمتاز هذه الاستراتيجية بأنها الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف إن هذا المنتدى الهام يهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون داخل القطاع المصرفي ومع الجهات الأخرى ذات العلاقة لتطوير وتفعيل مبادرات التمويل الأخضر في المملكة.

وأشار شركس إلى أن إدارة مخاطر تغير المناخ تتطلب من السلطات الرقابية اتخاذ إجراءات استثنائية تشتمل على دمج تلك المخاطر في سياساتها الرقابية والاحترازية، بما يسهم في توجيه البنوك والمؤسسات المالية نحو تضمينها في نماذج أعمالها وسياساتها الائتمانية والاستثمارية وسياسات إدارة المخاطر لديها، والتزامها بالإفصاح عن تلك المخاطر، وتمكينها في نفس الوقت من تعزيز التمويل الأخضر.

وأوضح أن البنك المركزي الأردني أدرك مبكراً أهمية الحفاظ على البيئة وتشجيع الطاقة المتجددة، حيث شمل قطاع الطاقة المتجددة ومشاريع كفاءة الطاقة ضمن برنامجه التمويلي لدعم وتمويل القطاعات الاقتصادية في عام 2013، إيمانا منه بأهمية هذا القطاع في المحافظة على البيئة وتوسيع نطاق استخدام الطاقة النظيفة في الأردن والتخفيف من أثر تغير المناخ.

وأضاف أن التغير المناخي حظي باهتمام مبكر وبالغ على الصعيد العالمي، وتعددت الجهود المبذولة لمواجهة تداعياته والتكيف مع تأثيراته المحتملة على النظم البيئية والقطاعات الاقتصادية، ومن أهم الأمور التي يتم بحثها الآن هو تأثير التغير المناخي على القطاع المالي والمخاطر المرتبطة بذلك وكيفية تحديد وتقييم وإدارة هذه المخاطر.

وأشار إلى أن البنك المركزي انضم في 26 أكتوبر 2021 إلى شبكة تخضير النظام المالي العالمية، التي تهدف إلى تعزيز الاستجابة العالمية المطلوبة لتحقيق أهداف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمناخ وتعزيز دور النظام المالي في إدارة مخاطر تغير المناخ وتوجيه رأس المال للاستثمارات الخضراء ومنخفضة الكربون.


ومن جانب اخر قال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، الدكتور وسام حسن فتوح،أن الجامع المشترك بين الحضور هو تعزيز التنمية المستدامة التي تلبي احتياجات الحاضر دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.

وأوضح الدكتور فتوح أن هذا المؤتمر يناقش قضية بالغة الأهمية، تتمثل في تقاطع بين التمويل والاستدامة، والتنمية في عصر أصبحت فيه عواقب تغير المناخ والتدهور البيئي واضحة بشكل متزايد.

وأشار إلى أن دور المؤسسات المالية في تعزيز مستقبل مستدام أصبح بالغ الأهمية، موضحًا أن التمويل الأخضر يمثل وسيلة حاسمة لتحقيق النمو المستدام ومعالجة التحديات الملحة التي يفرضها تغير المناخ.

وأضاف أن التمويل الأخضر وتوجيه الموارد المالية يشكلان حجر الزاوية في هذه الاستجابة، حيث يوفران رأس المال الأساسي اللازم للمشاريع التي تعزز الاستدامة البيئية والمرونة الاقتصادية، مثل الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، والزراعة المستدامة، والبنية التحتية الخضراء.

من جهته، قال نائب رئيس جمعية البنوك في الأردن، عمار الصفدي ان التوجه نحو الاستدامة والتمويل الأخضر أصبح إحدى الضرورات الملحة لبناء مستقبل القطاع المصرفي، والذي يتوافق أيضا مع رؤية التحديث الاقتصادي، كما أوضح الصفدي مواصلة المؤشرات المصرفية الرئيسية تحقيق معدلات نموٍ مستدامة وحفاظ القطاع المصرفي على عناصر قوته ومتانته المالية من خلال الإشارة إلى مؤشرات المتانة المالية.

وأشاد الصفدي بإعلان وكالة موديز (Moody's) للتصنيفِ الائتماني ولرفعها تصنيف الحكومةِ الأردنية طويلةَ الأجلِ من B1 إلى Ba3، وهي المرة الأولى التي تَرفعُ فيها وكالةُ موديز تصنيف الأردنِ بعدَ ثباتهِ لمدةِ 21 عاماً. وهو ما يعكس حصافة السياسات المالية، والسياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزي، وتوقع الصفدي ان يساهم التوجه نحو الاستدامة والتمويل الأخضر في تعزيز هذا الإنجاز والحفاظ عليه مستقبلاً. 

مقالات مشابهة

  • شركس: البنك المركزي أدرك مبكراً أهمية الحفاظ على البيئة وتشجيع الطاقة المتجددة
  • المركزي: القطاع المالي غير المصرفي حقق معدلات نمو 16.2% نهاية يونيو 2023
  • البنك المركزي: أصول القطاع المصرفي تمثل 135.9% من الناتج المحلي الإجمالي
  • البنك المركزي المصري اليوم: انخفاض عدد البنوك ذات الأهمية النظامية
  • البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي
  • نائب يتقدم باقتراح قانون يتعلّق بحقوق المودعين في المصارف
  • رئيس الوزراء يتعهد بدعم قرارات البنك المركزي الأخيرة
  • الحكومة تؤكد دعمها للبنك المركزي ومضيها في تطوير إيراداتها
  • رئيس الوزراء يزور البنك المركزي ويجدد دعم الحكومة لحماية القطاع المصرفي
  • أبو سنينة: يجب على المصارف حماية أموال المودعين وسلامتها والمحافظة على حقوق المساهمين