العيسائي لـ«عمان الاقتصادي»: مشاريع المدن المستقبلية تدفع السوق نحو مرحلة جديدة
تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT
«عمان» - يمثل سوق العقار اليوم مؤشرًا مهمًّا لاقتصاد أي بلد، ومن خلال متابعة النقلة التي حدثت في سلطنة عمان من سوق ساكن في حالة الترقّب التي فرضتها جائحة كوفيد-19 إلى مرحلة ازدهار غير مسبوقة، ليُسجّل في عام 2024 تداولات تجاوزت 3.3 مليار ريال عُماني، وهي الأعلى خلال عقدٍ من الزمن نستطيع أن نقول إن القطاع قد نجح بالفعل للتحوّل إلى قاطرة حقيقية للتنويع الاقتصادي ورمزٍ لثقة المستثمرين داخل البلاد وخارجها.
ويمتد أثر النشاط العقاري إلى الاقتصاد الكلي بوضوح، إذ ارتفعت مساهمة الأنشطة العقارية في الناتج المحلي الإجمالي لتتجاوز 1.08 مليار ريال عُماني في عام 2024، كما بلغ إجمالي مساهمة القطاع خلال الفترة 2022–2025 نحو 3.5 مليار ريال.
وفي هذا العدد يحاور ملحق «عمان» الاقتصادي علي بن سالم العيسائي، أمين السجل العقاري والمكلّف بالمديرية العامة للتطوير العقاري في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، للوقوف على أسرار الطفرة القياسية التي شهدها القطاع في عام 2024، وكيف أعادت المشروعات الوطنية والتشريعات الحديثة صياغة ملامح السوق، لتجعل من العقار في سلطنة عُمان محركًا مهمًّا في تنمية الاقتصاد العماني.
ما دلالة وصول مساهمة القطاع إلى أكثر من 3.5 مليار ريال عماني خلال الأعوام 2022-2025؟
تجاوز مساهمة القطاع حاجز 3.5 مليار ريال عماني يحمل دلالات استراتيجية عميقة، فهو يؤكد أن العقار أصبح ركيزة محورية في هيكل الاقتصاد الوطني، عبر تنشيط قطاعات موازية مثل المقاولات، ومواد البناء، والتمويل العقاري، والوساطة العقارية. كما يعكس هذا النمو ثقة متزايدة من قبل المستثمرين المحليين والأجانب، ويشير إلى أن سلطنة عمان استطاعت أن تضع سوقها العقاري على خريطة الاستثمارات الإقليمية والدولية. والأهم من ذلك تؤسس هذه الأرقام مكانة العقار كأحد الأعمدة الرئيسية للتنويع الاقتصادي في إطار «رؤية عُمان 2040».
********************************************************
ما العوامل التي أسهمت في الطفرة القياسية التي شهدها القطاع في عام 2024؟
أتى ذلك نتيجة لتلاقي عوامل متعددة، فمن جهة شكّلت المشاريع الوطنية الكبرى مثل مدينة السلطان هيثم والمدن المستقبلية الأخرى ومشاريع المجمعات السكنية المتكاملة رافعة مباشرة للنشاط العمراني، حيث ولّدت طلبًا واسعًا على السكن والخدمات والتطوير التجاري. ومن جهة أخرى، أسهمت التحولات الرقمية عبر منصات مثل «أملاك» و«تطوير» في تسريع إجراءات المعاملات وزيادة كفاءة السوق. أما على المستوى التشريعي، فقد كان لتحديث المنظومة القانونية ومنح مرونة أكبر لتملك الأجانب أثر بالغ في توسيع قاعدة المستثمرين، وهذا التداخل بين المشروعات، والتقنية، والتشريع أنتج بيئة عقارية ديناميكية عززت النمو، وأكدت أن القطاع لم يعد مجرد نشاط تقليدي، بل قاطرة اقتصادية تمتد تأثيراتها إلى سلاسل الإمداد والتمويل والخدمات المرتبطة.
********************************************************
ماذا تكشف بيانات إباحات البناء عن ديناميكية النشاط العمراني في سلطنة عمان؟ وما دلالة إصدار أكثر من 190 ألف إباحة بناء خلال أربع سنوات؟
إن هذا المؤشر الضخم يكشف عن توسّع حضري ممنهج يعكس قوة الطلب على المساكن والخدمات، ويُظهر قدرة السياسات العمرانية على الاستجابة للنمو السكاني والتحولات الديموغرافية، وفي الوقت ذاته يعكس نشاط الإباحات تنوع المشاريع بين السكني والتجاري والصناعي، بما يعزز التكامل الاقتصادي ويوفر فرص عمل على نطاق واسع، وتُترجم هذه الوتيرة المرتفعة الثقة المجتمعية والاستثمارية بالقطاع، وهو ما يعكس نجاح الدولة في مواءمة العرض والطلب وفق خطط عمرانية مدروسة.
********************************************************
كيف تقرأون تصدّر مواطني الإمارات والكويت لقائمة التملّك؟ وماذا يعكس ذلك عن جاذبية السوق العُماني؟
ذلك بلا شك يعكس جاذبية واضحة للسوق العُماني ضمن الإطار الخليجي، وهذا الإقبال يعبّر عن ثقة المستثمر الخليجي بالاستقرار الاقتصادي والتشريعات المرنة في سلطنة عمان، فضلًا عن تنافسية الأسعار وجودة المشاريع العمرانية. كما يعكس التكامل الإقليمي في سوق العقار الخليجي، ويعزز مكانة عُمان كوجهة استثمارية موازية ومكملة للأسواق الكبيرة في المنطقة، كما تؤكد هذه المؤشرات قدرة سلطنة عمان على استقطاب التدفقات الاستثمارية الخليجية، بما يعزز من عوائد القطاع ويزيد من عمقه الاقتصادي.
********************************************************
كيف أثرت التشريعات الحديثة (مثل السماح بالتملك في المجمعات السياحية والإقامة طويلة الأمد) على ثقة المستثمرين الأجانب؟
تسهم التشريعات الحديثة في إعادة صياغة جاذبية السوق العُماني على الصعيد الدولي، وقد أتاح السماح بتملك الأجانب في المجمعات السياحية المتكاملة إطارًا قانونيًّا واضحًا وآمنًا للاستثمار طويل الأجل، فيما عززت برامج الإقامة طويلة الأمد الثقة باستقرار المناخ الاستثماري. هذه الإجراءات لم تقتصر على رفع معدلات التملك الأجنبي فحسب، بل فتحت الباب أمام تدفقات استثمارية نوعية، خصوصًا في القطاعات السياحية والفندقية والتجارية، وأسهمت في ترسيخ سلطنة عمان باعتبارها وجهة عقارية عالمية تستند إلى الشفافية والحوكمة.
********************************************************
ما أثر إدراج صناديق الاستثمار العقاري في بورصة مسقط على السيولة والشفافية في السوق؟
إدراج صناديق الاستثمار العقاري (REITs) في بورصة مسقط يعد خطوة استراتيجية عمّقت شفافية السوق ورفعت من مستويات السيولة، فمن خلال هذه الأداة المؤسسية، أصبح بإمكان المستثمرين الأفراد والمؤسسات الدخول إلى السوق العقاري عبر أدوات مالية منظمة ومرنة وأكثر شفافية، مما يتيح تنويع المحافظ الاستثمارية ويخلق فرصًا استثمارية آمنة بعوائد مستقرة. كما أن هذا الإدراج عزز من ثقة المستثمرين الأجانب، وأسهم في تحويل العقار من أصل ثابت إلى أصل مالي قابل للتداول، الأمر الذي يرفع من جاذبية السوق على المستويين المحلي والدولي.
********************************************************
كيف تتوقعون مسار السوق العقاري في عُمان خلال السنوات الخمس المقبلة؟
تشير المعطيات الحالية إلى أن السوق العقاري في سلطنة عُمان يتجه نحو مسار نمو مستدام خلال السنوات الخمس المقبلة، وبطبيعة الحال هذا المسار مدفوع بمشاريع المدن المستقبلية، والإصلاحات التشريعية، إلى جانب استقرار الاقتصاد الكلي، والنمو السكاني، وسيشهد الطلب تزايدًا على الوحدات السكنية المتنوعة، والعقارات التجارية المرتبطة بالنشاط الاقتصادي المتنامي، فضلًا عن العقارات السياحية التي تستفيد من نمو قطاع السياحة. ومع استمرار التحول الرقمي، من المتوقع أن يتسم السوق بقدر أكبر من الكفاءة والشفافية، مما يعزز موقعه كأحد الأسواق العقارية استقرارًا وجاذبية في المنطقة.
********************************************************
كيف يؤثر النمو السكاني المتوقع وصوله إلى 8 ملايين نسمة بحلول 2040 على الطلب في السوق العقاري؟ وما الاستعدادات التخطيطية لمواكبة هذه الزيادة؟
النمو السكاني المتوقع وصوله إلى 8 ملايين نسمة بحلول 2040 يمثل تحديًا وفرصة في الوقت ذاته، فهو يعني زيادة مطردة في الطلب على المساكن والبنية الأساسية والخدمات العامة. وللاستعداد لهذه التحولات، تعمل سلطنة عُمان على تطوير مدن جديدة مثل مدينة السلطان هيثم، ومشاريع الأحياء السكنية المتكاملة «صروح» في مختلف المحافظات، بما يضمن توفير مساكن عصرية وخدمات تعليمية وصحية وتجارية ضمن بيئات حضرية مستدامة. هذه الاستعدادات التخطيطية تعكس نهجًا استباقيًا يهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو السكاني والاستدامة العمرانية، وبما يرسخ جودة الحياة للمجتمع العُماني.
********************************************************
كم يبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع العقاري حتى نهاية 2024؟ وكيف تسهم هذه الاستثمارات في دعم القطاعات المرتبطة وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة؟
سجّل القطاع العقاري تدفقات قوية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى نهاية 2024 بلغت أكثر من مليار ريال عُماني، وتمثل هذه الاستثمارات أكثر من مجرد رأسمال خارجي، إذ إنها تخلق تأثيرًا مضاعفًا على الاقتصاد المحلي عبر تحفيز قطاع المقاولات، ومواد البناء، والتمويل، والخدمات اللوجستية. كما تفتح المجال أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة لتكون جزءًا من سلاسل التوريد كموردين أو مقاولين فرعيين، مما يعزز القيمة المحلية المضافة ويرسخ مبدأ الشراكة بين الاستثمار الأجنبي والاقتصاد الوطني. ومن هذا المنطلق، فإن العقار يمثل منصة جذب لرؤوس الأموال الخارجية، ومحركًا رئيسيًا لدفع عجلة التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السوق العقاری النمو السکانی فی سلطنة عمان ملیار ریال ع العقاری فی فی سلطنة ع السوق الع فی عام 2024 الع مانی أکثر من ع مانی
إقرأ أيضاً:
عُمان والكويت.. علاقات أخوية متينة
ترجمت الزيارة الأخوية الخاصة التي قام بها صاحب السُّمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، إلى بلده الثاني، سلطنة عُمان، عُمق العلاقات التي تجمع البلدين الشقيقين، ووشائج القربى التي تُعزز من متانة هذه العلاقات.
ولقد كان للقاء الأخوي الذي عقده حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- مع سمو الشيخ أمير الكويت، الأثر الكبير في دعم تطور هذه العلاقات؛ إذ جرى خلال اللقاء استعراض فرص تعزيز مجالات الشّراكة والاستثمار بين البلدين الشقيقيْن في مختلف القطاعات، بما يلبّي تطلّعات الشّعبين العُماني والكُويتي. اللقاء أكد كذلك على أهمية فتح مجالات جديدة من التّعاون الاقتصادي والتّجاري والاستثماري.
والحقيقة أن العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين عُمان والكويت، شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورات نوعية، لا سيما مع افتتاح مشروع مصفاة الدقم، والذي يعد أكبر مشروع خليجي مشترك في قطاع البتروكيماويات، والذي يسهم في تعظيم القيمة المضافة من إنتاج النفط والغاز، من خلال تحويل هذا الإنتاج إلى منتجات بتروكيماوية متعددة؛ الأمر الذي ساعد على زيادة الصادرات العُمانية من هذا القطاع، وتعزيز ميزان المدفوعات. هذا إلى جانب العديد من الاستثمارات في قطاعات مختلفة، مثل القطاع اللوجستي، والإنشاءات والعقارات.
ويُسهم القطاع الخاص في سلطنة عُمان والكويت بأدوار فاعلة من حيث توسيع حجم الشراكات في مختلف القطاعات، وهو ما يتجلى في زيادة المشروعات الثنائية.
إنَّ العلاقات بين سلطنة عُمان ودولة الكويت الشقيقة، ستظل أنموذجًا للعلاقات الأخوية كما ينبغي أن تكون، في ظل الرعاية السامية الكريمة من قيادتي البلدين، والمحبة المتواصلة بين الشعبين الشقيقين.