ماذا تريد روسيا من خاركيف وأدويسا؟ وهل يمنعها نظام باتريوت؟
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
كييف- الضربات الروسية على مختلف المقاطعات الأوكرانية حدث يومي يقل أو يزيد بحسب الأسباب والظروف، لكنه لا يتوقف منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، لكن اللافت مؤخرا أن الضربات تركز على مقاطعتي خاركيف شرقا وأوديسا جنوبا بوتيرة وبكثافة دمرتا معظم مرافق بنيتها الحيوية.
فعلى الحدود مع خاركيف تستمر روسيا منذ شهور بحشد أعداد كبيرة من الجنود، قريبا من مدينة كوبيانسك الإستراتيجية التي حررتها أوكرانيا إلى جانب مدن عدة وبلدات في سبتمبر/أيلول 2022.
وبحسب المتحدث باسم مديرية الاستخبارات في وزارة الدفاع الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي، فإن روسيا حشدت هناك 35 ألفا من جنودها، وتخطط لزيادة العدد إلى 50 أو 70 ألفا، مع إمكانية إضافة 15-20 ألفا آخرين يتم تدريبهم.
هذه الأعداد -بحسب سكيبيتسكي- ليست كافية للاستيلاء على خاركيف (ثاني أكبر مدن أوكرانيا)، لكنها كافية لشن "عملية دخول وخروج" في خاركيف وسومي المجاورة، وهي متوقعة في أواخر مايو/أيار الجاري أو أوائل يونيو/حزيران المقبل.
وبحسب مسؤولين وخبراء عسكريين، فإن الهدف من الهجوم على خاركيف لن يكون السيطرة عليها فعلا، بل التخريب والاستطلاع وتحويلها إلى "منطقة رمادية" تخفف الضغط الأوكراني على بيلغورود الروسية وجبهات إقليم دونباس.
ويوضح ذلك الخبير العسكري دينيس بوبوفيتش في حديث مع الجزيرة نت، مؤكدا أن خاركيف أصبحت مصدر صداع للروس، لأنها كسرت شوكتهم في بداية الحرب، وباتت نقطة انطلاق للصواريخ والمسيّرات ضدهم في العمق، خاصة نحو منطقة بيلغورود المجاورة.
ويضيف أن "السيطرة على خاركيف ليست سهلة، فهي تحتاج إلى أضعاف تلك الحشود الموجودة، وهذا أمر يستغرق أكثر من سنة، حيث يريد الروس الانتقام من مقاومة المدينة لهم، وتحويلها إلى منطقة رمادية بتخريب قدراتها الدفاعية والهجومية، وبالتالي تخفيف الضغط عليهم في جبهات دونيتسك التي يتقدمون فيها ببطء مكلف للغاية".
وفي هذا الإطار، قال إيهور تيريخوف عمدة مدينة خاركيف إن "جعل خاركيف غير صالحة للسكن هو أحد أهداف المعتدي، الروس يريدون تحويل خاركيف إلى حلب السورية بعد أن استعصت عليهم"، في إشارة إلى الضربات الصاروخية وضربات المسيّرات شبه اليومية التي تنشر الدمار على نطاق واسع في المرافق الحيوية والمباني السكنية بكل الأحياء.
ورغم أن أوديسا بعيدة عن إمكانية الاجتياح فإنها -بحسب خبراء- من أكثر المقاطعات التي "توجع" الروس في البحر الأسود جنوبا، ولا سيما بعد أن استعصى عليهم حصارها.
ويظهر ذلك من خلال الموانئ التي عادت إلى العمل دون رقابة روسية والمسيّرات التي تنطلق منها (كما تقول موسكو) ودمرت سفنا عدة تابعة للأسطول الروسي في البحر.
وهذا يفسر جانبا من الاهتمام الروسي بضرب أوديسا، لكن الخبير في "المعهد الأوكراني للمستقبل" إيهور تيشكيفيتش ينظر إلى الأمر من زوايا أخرى، ويقول للجزيرة نت إن "أوديسا هي ثالث أكثر 3 مدن تهم روسيا بعد كييف وخاركيف، فهي بالنسبة لهم رمز تاريخي للوجود والانتصار على الغرب في الحرب العالمية الثانية".
وأضاف أن أوديسا أيضا بوابة أوكرانيا الوحيدة على البحر الأسود حاليا، وفرصة الروس للسيطرة على شماله بالكامل تقريبا إذا حُيدت عن المشاركة في العمليات العسكرية ضدهم.
حلول كييفالحل بالنسبة لأوكرانيا يمكن في توفير أنظمة الدفاع الجوي الأميركية الفعالة "باتريوت"، وتسريع وصول طائرات "إف 16" التي يتدرب عليها الأوكرانيون.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال منتقدا بطء الدعم الغربي إنه "لا توجد أي تفسيرات عقلانية لغياب نظم "باتريوت" عن سماء خاركيف رغم أن العالم يمتلك أعدادا كافية منها"، ملمحا إلى حاجة بلاده لوجود 25 نظام باتريوت مع 6-8 قاذفات لكل منها من أجل حماية كامل سماء أوكرانيا.
وبحسب الخبير في مركز "مقاومة العملومات" أولكسندر كوفالينكو، "من غير المرجح أن يحل نشر باتريوت مشكلة الهجمات الصاروخية، خاصة في ظل وجود صواريخ "إس 300″ التي تمتلك روسيا آلافا عدة منها، وفي هذه المرحلة قد يكون اعتراضها مكلفا للغاية نظرا لمحدودية إمدادات الصواريخ الاعتراضية".
لكن رئيس مركز الدراسات العسكرية أولكسندر موسينكو يرى أن الأمر لن يكون سهلا في خاركيف حتى وإن توفرت تلك الأنظمة، موضحا في حديث مع الجزيرة نت "نظام باتريوت واحد مع 8 قاذفات سيكون كافيا لخاركيف، خاصة إذا غطى التجمعات السكنية المتوسطة والصغيرة".
ويتابع "هذه النظم يجب أن تبقى مفعلة، وقربها من الحدود الروسية سيجعلها هدفا ضعيفا، لذلك تبقى في الأمر ثغرة، فمن الضروري إيجاد توازن بين تغطية سماء خاركيف وعدم تعرض نظم الدفاع الجوي نفسه للخطر".
وبحسب موسينكو، فإن الدفاع عن خاركيف يجب أن يشمل عناصر عدة، أبرزها عمليات جديدة ينفذها من سماهم "المتطوعين الروس" داخل روسيا، ونقل الحرب إلى أراضي منطقة بيلغورود وتدمير قدراتها العسكرية والبنية التحتية فيها، واستهداف المطارات العسكرية والطرق اللوجستية، ثم يأتي بعد ذلك -وفقا له- دور منظومة الدفاع الأميركية "باتريوت" لحماية سماء أوكرانيا من الهجمات الروسية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع حصيلة القصف الروسي على كييف إلى 26 قتيلاً .. أوكرانيا تطالب بعزل روسيا
تجاوز عدد الضحايا جراء الضربة الروسية التي استهدفت العاصمة الأوكرانية كييف، 26 قتيلاً، بينهم ثلاثة أطفال، وفق ما أعلنته السلطات الأوكرانية، في حصيلةٍ جديدة بعد انتشال عشر جثث إضافية من تحت أنقاض مبنى سكني في منطقة سفياتوشينسكي بالمدينة .
وقع الهجوم خلال الساعات الأخيرة من مساء 31 يوليو 2025، حين شنّت القوات الروسية موجة عنيفة من الطائرات المسيرة والصواريخ، بلغت أكثر من 300 طائرة مسيرة وثمانية صواريخ كروز، ما مكّن من ضرب عدة أهداف في كييف بحدة لم تشهدها المدينة منذ أشهر . وأشار تقرير للهيئة الجوية الأوكرانية إلى أن أحد هذه الصواريخ أصاب مبنى سكني مكوّن من تسعة طوابق، مما أدى إلى إصابة أكثر من 150 شخصًا، بينهم 16 طفلاً وستة عناصر من الشرطة المحلية .
وقد وصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي هذه الضربة بأنها تصعيد غير مسبوق، داعياً دول العالم إلى تبنّي تغيير نظام الحكم في روسيا كمدخلٍ لوقف نهائي لموجة العدوان الروسية. وتحدث في كلمةٍ له ألقاها أثناء مؤتمر دولي، مؤكدًا أن النظام الحالي في موسكو يمثل خطرًا على استقرار أوروبا حتى بعد نهاية الحرب، إذا لم يتحقق تغيير فعلي في القيادة الروسية .
في رد فعل دولي، أدان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهجوم ووصفه بأنه "مقزز"، ملوّحاً بإجراءات عقابية جديدة ضد موسكو، رغم شكوك حول فعالية العقوبات المعمول بها حتى الآن .
كما تبنّى البرلمان الأوكراني قرارًا لرفع استقلالية مؤسستين رقابيتين لمكافحة الفساد، بما يعكس محاولة معالجة اضطرابات داخلية تسبّبت بها خلافات تشريعية سابقًا. ويأمل زيلينسكي أن يسهم هذا الإجراء في تهدئة الشارع وتحسين مسار العلاقات مع الشركاء الأوروبيين .
وتصاعدت المواجهات في مواقع أخرى، حيث أعلنت روسيا سيطرتها على مدينة تشاسيف يار الاستراتيجية في منطقة دونيتسك. بيد أن المؤسسة العسكرية الأوكرانية نفت هذه الادعاءات ووصفتها بأنها "دعاية روسية"، مع استمرارية القتال واشتداد المعارك على الجانب الغربي من المدينة .
يأتي ذلك في سياق تصعيد روسي ممنهج عبر أعوام، يستهدف العناصر المدنية والبنية التحتية في كييف ومناطقه السكنية.، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من 12,000 مدني منذ بدء الغزو الروسي، في حين ما تزال المعلومات حول عدد الضحايا الفعلي مرتفعة جدًا، نتيجة توسع نطاق القصف على المدن الأوكرانية .