صحيفة روسية: بكين وموسكو تسعيان لتقسيم أوروبا
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
يسعى الزعيم الصيني شي جين بينغ في زيارته إلى أوروبا لتقديم بلاده لعدد من دول القارة بديلا للوحدة عبر الأطلسي، التي أصبحت تشكل عبئا على القارة القديمة.
وفي تقريره، الذي نشرته صحيفة "فزغلياد" الروسية، يقول غليب بروستاكوف إن مسار جولة الرئيس الصيني شي جين بينغ يكشف أنه لن يضيّع الوقت في حوار عديم الفائدة مع أطراف موالية للجانب الأميركي؛ لذلك سيزور المجر وصربيا اللتين يتخذ الاتحاد الأوروبي منهما موقفا سلبيا بسبب نهجهما فيما يتعلق بموسكو والصراع الروسي الأوكراني.
ويضيف الكاتب أن شي يزور أيضا فرنسا، التي أعلن رئيسها، بالرغم من التغيرات على مستوى السياسة الخارجية، "الموت الدماغي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاستقلال الإستراتيجي لأوروبا".
بالإضافة إلى ذلك، فإن فرنسا نظرا لثقلها في التوحيد، يمكنها أن تمثل وجهة نظر بديلة لألمانيا فيما يتعلق بمستقبل أوروبا. ويستبعد هذا المستقبل الاتحاد الأوروبي من مواجهة نظامية بين الولايات المتحدة والصين، ويخلق فرصا لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا، بل وربما يذهب إلى حد إحياء التفاعل الاقتصادي بعد انتهاء الصراع الروسي الأوكراني.
نورد ستريموفي الحقيقة، تم التحضير لزيارة شي بعناية. ولعل المسألة الأكثر أهمية تتمثل في دعوة بكين إلى إجراء تحقيق دولي في "الهجمات الإرهابية" على خط أنابيب "نورد ستريم".
وقد قيل في العديد من المناسبات إن التحقيق في أكبر عملية تخريب للبنية التحتية في تاريخ العالم سيكون مفتاح تقسيم أوروبا. ومن الواضح أن الموقف تجاه التحقيق في هذا "الهجوم الإرهابي" يقسم الدول الأوروبية إلى دول مؤيدة لأميركا ودول تبحث عن بديل.
وأوضح الكاتب أنه في الحقيقة، لم تشعر أوروبا بعد بالعواقب المترتبة على تقليص التعاون في مجال الطاقة مع روسيا بسبب ضخ كميات صغيرة من الغاز عبر أوكرانيا.
ويغذي هذا التدفق النمسا، التي تستقبل أكثر من نصف وارداتها من الغاز، وكذلك سلوفاكيا وإيطاليا. واعتبارا من نهاية 2024، مع إغلاق طريق الغاز الأوكراني سوف يختفي هذا المصدر. وعليه، ستزداد المنافسة على الغاز الطبيعي المسال الأميركي والقطري وحتى الروسي.
ويفرض ارتفاع أسعار الغاز، والذي تعيشه ألمانيا في الوقت الراهن، عبئا أثقل على الاقتصادات الأضعف في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، الأمر الذي يحفز السخط الشعبي والاضطرابات بين النخب.
وبطريقة أو بأخرى، سيجرب الاتحاد الأوروبي في شتاء 2024 و2025 أو شتاء 2025 و2026 النقص الحقيقي في الطاقة، وهو الوقت الذي تستغرقه دول أوروبا لتقرر أخيرا درجة استقلالها الذاتي.
تقسيم وتصفية الناتووذكر الكاتب أن محاولات الصين إضفاء الطابع الذاتي على أوروبا تهدف إلى خفض تكاليف الصدام الحتمي بين بكين وواشنطن. ومما لا شك فيه أن الأميركيين سيجرون الاتحاد الأوروبي، وهو ثاني أهم شريك تجاري للصين بعد الولايات المتحدة نفسها، إلى قلب الحرب الاقتصادية مع الصين.
ومع ذلك، فإن المغريات التي تقدمها الصين قد لا تكون كافية للدول الأوروبية لخيانة الولايات المتحدة، حتى لو كانت تقبع في داخلها مثل هذه الرغبة، نظرا للاعتماد الكبير على الولايات المتحدة في قطاع الطاقة، وكذلك في قطاع الأمن.
وفي الأثناء، تتطابق الأهداف الإستراتيجية لروسيا والصين في الاتجاه الأوروبي، وتتمثل في تقسيم وتصفية الناتو وإنشاء مجموعة من الدول الانتهازية داخل الاتحاد الأوروبي من شأنها أن تمنع الكتلة بأكملها من الدخول في حرب اقتصادية واسعة النطاق مع الصين، فضلا عن الترويج لتغيير النخب في الدول التي تضطر إلى إظهار الدعم للولايات المتحدة، وعلى رأسها ألمانيا وإيطاليا وغيرهما.
وبحسب الكاتب فإن الأمر ليس سهلا بسبب الافتقار إلى العنصر العقلاني وهو ما يتجلى في أقوال وأفعال النخب الأوروبية، التي تجهل مستقبل هذه الرابطة في عالم سريع التغير.
وفي ختام التقرير نوه الكاتب إلى أن أوروبا أصبحت أقل جاذبية بالنسبة لبلدانها الأعضاء. وفي حين تستطيع الصين تقديم تجارة واستثمارات متبادلة المنفعة، تستطيع روسيا ضمان طاقة رخيصة ومظلة نووية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات ترجمات الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
غارديان: دونالد ترامب يسعى إلى تغيير الأنظمة في أوروبا
يرى الكاتب الصحفي جوناثان فريدلاند أن الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب لم تعد مجرد شريك متردد لأوروبا، بل تحولت إلى طرف معادٍ يسعى صراحة إلى التأثير في مستقبلها السياسي.
وقال الكاتب -في عموده بصحيفة غارديان- إن الأمر وصل إلى العمل على تغيير الأنظمة داخل القارة، استنادا إلى ما ورد في إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة التي تقول إن "تنامي نفوذ الأحزاب الأوروبية الوطنية" مدعاة لتفاؤل كبير، وإن الولايات المتحدة ستفعل ما بوسعها لمساعدة أوروبا على "تصحيح مسارها الحالي".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: "الدعم السريع" تحتجز آلاف الرهائن وتقتل مَن لا يدفع فديةlist 2 of 2نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلاend of listوقد وجهت إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة انتقادات حادة إلى أوروبا، واعتبرتها مهددة بالاندثار الحضاري بسبب الهجرة وتراجع المواليد وما تصفه بقمع حرية التعبير.
وأكد الكاتب أن هذا الخطاب الذي يعكس رؤية ثقافية وعنصرية ترى أن أوروبا تفقد هويتها البيضاء والمسيحية لا يقتصر على لغة أيديولوجية أو مزايدات إعلامية، بل يمثل خطة سياسية واضحة تعلن واشنطن بموجبها نيتها دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة واليمين المتشدد في دول أوروبية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، والعمل على إضعاف الاتحاد الأوروبي.
ويربط فريدلاند هذا التوجه بالمصالح الروسية، معتبرا أن تقويض الاتحاد الأوروبي هدف إستراتيجي قديم بالنسبة لموسكو، وهو ما يفسر الترحيب الروسي بالسياسة الأميركية الجديدة، في تقاطع غير مسبوق بين موقفي واشنطن والكرملين.
لحظة مفصليةويتناول المقال أسباب العداء الأميركي للاتحاد الأوروبي، مرجحا أن جزءا منه يعود إلى قدرة الاتحاد على فرض قيود وتنظيمات تحد من نفوذ شركات أميركية وشخصيات نافذة مثل إيلون ماسك، إضافة إلى رغبة ترامب في التعامل مع دول أوروبية متفرقة يسهل الضغط عليها بدل تكتل قوي موحد.
إعلانوبغض النظر عن الدوافع يؤكد الكاتب أن الولايات المتحدة باتت ترى الاتحاد الأوروبي خصما لا حليفا، وهو واقع لم يعد قابلا للإنكار، وبالفعل حاول المدافعون عن ترامب القول إن الإدارة لا تعادي أوروبا بحد ذاتها، بل الاتحاد الأوروبي تحديدا.
أوروبا تواجه لحظة مفصلية تتطلب شجاعة سياسية للاعتراف بأن التحالف الأطلسي يمر بأزمة عميقة، وأن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة لم يعد مضمونا
وعلى الصعيد الأمني، ينتقد فريدلاند الموقف الأميركي من الحرب في أوكرانيا، معتبرا أن واشنطن تمارس ضغوطا على كييف للقبول بشروط تصب في مصلحة روسيا، في وقت يتجاهل فيه قادة أوروبيون -بمن فيهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته– حقيقة أن أقوى دولة في الحلف باتت أقرب إلى موسكو منها إلى حلفائها التقليديين.
من جهة أخرى، يسلط الكاتب الضوء على التناقض في الموقف البريطاني، حيث يعلن رئيس الوزراء كير ستارمر دعمه لأوكرانيا، لكنه يواصل إعطاء الأولوية للعلاقة مع واشنطن على حساب التعاون الأوروبي، سواء في ملفات الدفاع أو التجارة.
ويخلص المقال إلى أن أوروبا تواجه لحظة مفصلية تتطلب شجاعة سياسية للاعتراف بأن التحالف الأطلسي يمر بأزمة عميقة، وأن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة لم يعد مضمونا.
وفي ظل هذا الواقع، يدعو الكاتب القادة الأوروبيين إلى مواجهة الحقيقة وبناء موقف أوروبي أكثر استقلالية وتماسكا بدل التمسك بعلاقات لم تعد متبادلة ولا قائمة على الثقة القديمة.