كتب رضوان عقيل في" النهار": تلقى الرئيس نجيب ميقاتي سيلاً من الانتقادات من أكثر من كتلة نيابية حيال تعاطيه مع الأوروبيين واتهامه بالتسليم لهم والعمل وفق ما يريدونه حيث تحمّل كل هذه الردود، الأمر الذي دفعه إلى التمنّي على الرئيس نبيه بري عقد جلسة نيابية لوضع النقاط على حروف كل ما اتفق عليه مع المفوضية الأوروبية.

وحُدّد موعد الجلسة في 15 الجاري مع الإشارة إلى أن أصواتاً نيابية عدة قد طالبته بعقد مثل هذه الجلسة من باب كشف كل حقائق ما يدور في ملف النازحين مع الخشية أن تتحوّل إلى "سوق عكاظ". وانتقلت كرة النار هذه إلى البرلمان على أن تتحمّل الكتل مسؤولياتها أمام الرأي العام بدل الدخول في لعبة المزايدات من هنا وهناك. ويفوت هؤلاء أن عودة النازحين أكبر من قدرات لبنان ولا يعني هذا الحكم التسليم بهذا الواقع.
 
وتقول مصادر نييابية مواكبة إنه ليس من باب الدفاع عن ميقاتي "لكن إن لم تُقبَل هذه المساعدات الأخيرة وهي على شكل هبات، فهل كان يمكن البدء بمشاهدة عودة قوافل النازحين السوريين إلى بلدهم"، مع ملاحظة أن بري لم يأت على ذكر الموضوع المالي مع الرئيس القبرصي وفون ديرلاين. وتقول مصادر حكومية إن الزوبعة الأخيرة "لا أساس لها حيث جرى تصوير الحصول على هبات من الاتحاد الأوروبي على شكل رشوة مقابل السكوت عن إبقاء السوريين في لبنان والتسليم بهذا الأمر بناءً على اتهامات تفتقر إلى الدقة في وقت تكثر فيه أوراق طروحات العودة ومن دون التوقف عند مسألة العقوبات على سوريا وتأثيرها السلبي على أي خطة للعودة.
 
وفي خضم كل هذه التحديات الناتجة عن النازحين يبقى لبنان في مرحلة "إدارة الأزمة لا أكثر" في انتظار ما ستخلّفها في المستقبل. ومن غير المنطقي وضعها على عاتق مديرية الأمن العام من دون تعاون بقية الأجهزة ومؤسسات الدولة من الجيش إلى الوزارات المختصّة وضبط الحدود المشرّعة على شتّى أنواع التهريب مع اعتراف المعنيين بعدم وجود خطة لبنانية متكاملة. ويجري تقسيم النازحين إلى المسجّلين لدى مفوضية اللاجئين، والحائزين إقامات من الأمن العام، وتتمثّل الفئة الثالثة بالمجموعات التي دخلت البلد خلسة. وتعترف المصادر هنا بعدم وجود خطة حقيقية تحتاج إلى قرار دولي لعودة النازحين السوريين وهو غير متوفر إلى اليوم. وما فعلته قبرص والدول الأوروبية الأخرى لا يصب إلا في مصلحتها ومن دون الالتفات إلى حقيقة الكابوس الذي يعانيه كل لبنان.
 
ولم يكن الكشف عن هذه المساعدت وليد الزيارة الأوروبية الأخيرة مع الإشارة إلى جملة من الموانع التي تمنع أكثر من دولة أوروبية من الإسهام اليوم في وضع برنامج رجوع النازحين إلى ديارهم. وترافق هذه القضية الشائكة جملة من النقاط:

 
- لم يخصص الأوروبيون المليار يورو دفعة واحدة بل سيكون مجزّأً مع الإشارة إلى أن 830 مليون يورو مخصصة للتعامل مع أزمات لبنان وجرى تقسيمها: 430 مليون يورو لدعم النازحين السوريين و400 مليون يورو لتنفيذ مشاريع في الطاقة والصرف الصحي إلى مشاريع بنى تحتية أخرى يمكن للبنان الاستفادة منها في مشاريع تربوية وصحية وبيئية من نوع حماية الشاطئ منعاً من تسريب أي تلوّث نحو الشواطىء الأوروبية. وثمة 170 مليون يورو تُسمّى "الشريحة الإضافية" ستقدّم بجملة من الشروط وللسوريين حصة منها وخصّص 30 مليون يورو منها للجيش. وثمة 30 ألف أسرة تستفيد من هذه المساعدات وتُصنّف في خانة "الأكثر فقراً". تُتلقّى هذه الهبات منذ وجود الرئيس ميشال عون في الرئاسة. وإذا استُعين بخبراء أوروبيين وعملوا في هذه المشاريع يحصلون على أتعابهم ومخصصاتهم من هذا الرقم. وبحسب مصادر مواكبة لهذه المساعدات يتبيّن أن الأوروبيين لن يقدموا يورو واحداً للبنان من دون أن يستفيد النازح السوري بجزء منه.
 
- تعتمد الجهات الأوروبية الرافضة لعودة هؤلاء إلى بلدهم أن الأمم المتحدة ما زالت تصنّف سوريا دولة غير آمنة، الأمر الذي لا يشجّع ولا يدفع النازحين إلى مغادرة الأراضي اللبنانية وبلدان أخرى لجأوا إليها وخصوصاً في تركيا والأردن.
 
- ثمة دول أوربية عدة وخصوصاً فرنسا لا يمكنها التدخل في عودة النازحين ولو أقدمت الحكومة على هذا الفعل تعترضها حواجز قضائية ستظهر على السطح من جرّاء جملة من الدعاوى المرفوعة من القضاء الفرنسي ضد الرئيس بشار الأسد ومسؤولين سوريين آخرين من عسكريين وسياسيين. ولا يمكن القفز فوق هذه الملفات الفضائية.
 
- لا يمكن أي دولة أوروبية أو غيرها على مستوى الشركات والأفراد تخطّي مندرجات قانون قيصر في سوريا خشية وقوع من يخرقه التعرّض لعقوبات علماً بأن تركيا حصلت على بعض الاستثناءات منعاً من تعرّضها لأي عقوبات. ومن غير المستغرب هنا التوقف عند القائلين إن النظام السوري لن يقدم التسهيلات المطلوبة لعودة النازحين قبل رفع كل العقوبات عنه. ولن تقدم الأمم المتحدة وأكثر من دولة غربية وعربية على دفع دولار واحد في سوريا ما زالت هذه العقوبات موجودة وخصوصاً ما يتضمّنه "قيصر".
 
- سارعت فون ديرلاين وهي من اليمين الوسط في زيارتها لبيروت إلى إظهار أنها حققت إنجازاً في بيروت في موضوع النازحين والاستفادة من ورقتهم مع الجهات الحزبية التي تلتقي مع سياساتها قبل الانتخابات المقبلة للبرلمان الأوروبي في حزيران المقبل للرد على أحزاب من اليمين المتطرّف التي تنشط وتحذر في برامجها الانتخابية من تدفق النازحين السوريين إلى بلدانهم.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: النازحین السوریین ملیون یورو من دون

إقرأ أيضاً:

جنبلاط يردّ على نصرالله: هذا الكلام مرفوض

قال الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إن "الحزب قدّم مذكرة للأحزاب بما يتعلق بملف النازحين السوريين، وقد وصلت الى الرئيس نبيه بري، ثم حصل سجال واسع، وكانت توصيات المجلس النيابي بخصوص ذلك".

وخلال لقاءٍ حواري استضافته فيه "مؤسسة نجار للثقافة والحرية"، قال جنبلاط: "اكتشفنا بأن ليس هناك من تصنيف فعلي للوجود السوري واللاجئين، إن كانوا لاجئين سياسيين أو اقتصاديين أو عمّال أو برجوازيين، وبالنهاية يجب أن نصل الى وقف هذه الحملة العنصرية الهائلة تجاههم".   وأضاف: "لا بدّ من التنسيق الكامل بين UNHCR والدولة اللبنانية، والأفضل أن تكون الدولة ممثلة بجهاز واحد بينما تضمنت التوصيات في المجلس النيابي 5 أو 6 أجهزة، وهذا برأيي يضيّع البوصلة، إذ إن جهازاً واحداً يكفي إن كان الأمن العام أو الجيش".

وشدد على "ضرورة التأكد من أعداد ولادات اللاجئين السوريين، لأن تسجيل الأعداد غير كافٍ، وهناك الكثير غير مسجل"، مشيراً إلى "إمكانية إقامة مخيمات للنازحين إلى ان تتحقق عودة النازحين"، وأضاف: "هذه الفكرة طرحها الحزب التقدمي الاشتراكي العام 2012 ولكن رُفضت. اذا لم نقم بعض المخيمات، هل يمكن تحسين أوضاع تلك التجمعات؟ فهناك تجمعات هائلة، مثلاً بالشوف او في كسروان ليس هناك تجمعات ضخمة، والتجمعات الضخمة موجودة بالبقاع الغربي والشمالي وطرابلس وعكار".

ودعا إلى "وقف الحملة العنصرية، لأنها غير معقولة"، قائلاً: "تذكرني بالحملات العنصرية السابقة على الفلسطينيين والتي سببت ما سبّبته من أهوال بالبلد".
 
وفي ما يتعلق بمساعدات النازحين من قبل المؤسسات الدولية، سأل: "كيف تأتي تلك المساعدات؟ كيف يتقاضى اللاجىء السوري المساعدة، مباشرة من قبل unhcr، أو من NGOs والمجتمع الأهلي، واذا كان كذلك فما أدراكم ما هو المجتمع الأهلي، رأينا التجربة بالملايين التي أتت الى البلد بعد انفجار المرفأ، بعضها وصل الى المستحقين وبعضها ضاع".

وبشأن تعليم النازحين السوريين، قال جنبلاط: "أنصح أن يبقى التعليم في المدارس الرسمية للأطفال السوريين كي لا ندفعهم الى مدارس فيها داعش وفيها نصرة وغيرهما، فأنصح أن يبقوا بمدارسنا قدر استطاعتنا على التحمل، في ما تدفع الأمم المتحدة".

ورداً على كلام الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الذي دعا فيه إلى فتح البحار أمام النازحين الى قبرص وغير قبرص، قال جنبلاط: "هذا الكلام مرفوض، ويقصد السيد حسن بالتحديد رفع عقوبات قانون قيصر عن سوريا، ولكن ماذا بالمقابل؟ لا شيء، نحن نرى من عشر سنوات أو أكثر في هذا الحوار من أجل الحوار مثل حوار أوسلو، حول الإصلاحات في سوريا التي لم تعطِ شيئاً حول الفترة الانتقالية، ولكن يجب في المقابل الاتفاق على دفتر شروط، الإصلاح في سوريا، ونقطة مهمة وقف تصدير الكبتاغون".

وتابع: "لا أوافق على هذا المدخل بأن نرسل اللاجئين، وإذا أرسلنا البعض، البحرية لدينا لن تمنعهم، لكن هناك قوى بحرية أخرى ستمنعهم، ونكون بذلك نرسلهم إلى الموت".

وحول ما يجري في غزة وجنوب لبنان، قال: "قلت في أول المعارك يوم بدأت الحرب مع اسرائيل، أتمنى ان لا نتورط بالحرب أو أن يجرنا حزب الله ونصرالله الى حرب، وقد اندلعت الحرب، وفي أول خطاب لنصرالله قال نحن حالة مستقلة، أي نحن وحماس واليمن، أي حالات المقاومة المتعددة، منفصلون عن بعضنا لكن يوجد تنسيق، إنما بالخطاب الثاني اختلف الحديث وأصبح هناك تنسيق كامل بين الفصائل المقاومة التي دخلت الحرب لمساعدة الشعب الفلسطيني بغزة".

وأضاف: "لا يجب أن ننسى تاريخ لبنان في الخمسينيات والستينيات والثمانينيات وما قبل وما بعد، هناك اعتداءات اسرائيلية دائما، وقد وصلت القوات الاسرائيلية الى بيروت واحتلت نصفها، فإلى أن يكون القرار للدولة بالسلم والحرب وإلى أن نصل الى هذه المرحلة، فإن حزب الله يدافع عن لبنان وأتمنى بهذه اللحظة ان تبقى قواعد الاشتباك محفوظة".

ورداً على سؤال حول موضوع الانتخابات الرئاسية، قال: "لم أسمع أي جديد في هذا الخصوص، حتى عندما كنت في فرنسا إذ كان همّ الرئيس الفرنسي فصل المسارات اذا أمكن لبنان عن غزة".

وبشأن الإصلاح الاقتصادي، قال: "أعتقد كان الرئيس ماكرون على حق عندما زار لبنان ووضع جدول أعمال وما يسمى خارطة الطريق لصندوق النقد الدولي، لكن لم يطبق منه شيء، كذلك القانون المُبهم حول الكابيتال كونترول".

وأضاف: "آموس هوكشتاين زارني في جولته على المسؤولين الحاليين والسابقين، وقلت له إنه يجب أن يطبق الهدنة، فأجابني ما الهدنة؟ فقلت له ليكن هناك توازن للقوات المسلحة، بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، والملف الكامل ليس لدي. لكن حسبما فهمت من الرئيس بري هناك 13 نقطة عالقة إذا وجد الحل لها حول الحدود يمكن أن يشكل ذلك مدخلاً لفصل المسارات".

مقالات مشابهة

  • لبنان ومؤتمر بروكسيل: الحل يبدأ عند حدود لبنان
  • كرامي: الحملة ضد النازحين السوريين عنصرية تؤسس لحرب أهلية
  • عن ملف النازحين وزيارة سوريا.. ماذا أعلن وزير المهجرين؟
  • جنبلاط يردّ على نصرالله: هذا الكلام مرفوض
  • حركة نزوح سورية جديدة داخل لبنان
  • أزمة حادة في الغذاء والدواء يعيشها النازحون بالقضارف السودانية
  • رئيس بلدية مشحا: السوريون يحظون بالرعاية على حساب المواطن اللبناني
  • الجميل: حزب الله لا تهمه مصلحة لبنان وهو مسؤول عن بقاء النازحين
  • سلوم: النازحون عبء على القطاع الصحي حان وقت عودتهم
  • ميقاتي يدعو العرب لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان ومعالجة ملف النازحين السوريين