محللون: بايدن ضعيف ونتنياهو سيذهب أبعد مما تتخيل واشنطن
تاريخ النشر: 9th, May 2024 GMT
لا يعكس قرار الإدارة الأميركية تعليق تسليم شحنة ذخائر شديدة الانفجار إلى إسرائيل تراجعا في التأييد الأميركي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بقدر ما هو محاولة للنأي عن مجازر قد لا يستطيع الرئيس جو بايدن تحمل تداعياتها، كما يقول محللون.
فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في جلسة استماع أمام الكونغرس تعليق شحنة الذخائر بسبب مخاوف تتعلق بمصير المدنيين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لكنه قال في الوقت نفسه إن واشنطن لم تتخذ قرارا نهائيا بشأن مصير هذه الشحنة.
وتشير الخطوة الأميركية -حسب المسؤول السابق في وزارة الدفاع البنتاغون مايكل مونروي- إلى رفض إدارة بايدن "عملية واسعة" في رفح خصوصا وأن الأسلحة التي حصلت عليها إسرائيل خلال هذه الحرب "لم تستخدم بشكل يحترم القوانيين الأميركية خصوصا في مدينة غزة".
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال مونروي إن حديث أوستن عن أن القرار ليس نهائيا "يعني أنه مرتبط برفح، وقد يكون للضغط على إسرائيل للمضي قدما في صفقة الأسرى".
انتقاد لاذع لواشنطنورغم الخلافات التي تضرب حكومة الحرب الإسرائيلية، فإن القرار الأميركي الأخير استدعى انتقادات لاذعة من حزب بيني غانتس -خصم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اللدود الذي يوصف بأنه رجل واشنطن في مجلس الحرب- مما يعكس الإجماع الإسرائيلي على عملية رفح، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين.
ويرى جبارين أن هذا الموقف يؤكد حقيقة أن الحصول على دعم أميركي كامل وغير مشروط في هذه الحرب "يحظى بإجماع إسرائيلي"، ويعكس أن الاختلافات على إستراتيجيات الحرب اليومية وليست على الحرب نفسها.
لذلك فإن نتنياهو سوف يذهب إلى أبعد مما يمكن للولايات المتحدة أن تتخيله في هذه الحرب لا سيما وأنه لا يزال متحكما في كل شيء داخل إسرائيل حتى اليوم، على حد قول جبارين، الذي يعتقد أن واشنطن "لن تقترب من الخطوط الإستراتيجية مع إسرائيل في نهاية المطاف".
بدوره، يقول المحلل السياسي أحمد الحيلة إن الولايات المتحدة ليست مختلفة على عملية رفح وإنما هي توفر لنتنياهو فرصة تحقيق كل ما يريده من هذه الحرب.
أما قرار تعليق شحنة الذخائر فهو "يتعلق بصفقة محدودة قد تؤدي لمجازر ضد المدنيين لن تتحملها إدارة بايدن، خصوصا وأنها تعرف أن نتنياهو استعمل كل أنواع الأسلحة دون أي خطوط حمراء"، برأي الحيلة.
كما أن أوستن -يضيف المتحدث- "أكد الدعم الكامل لعملية رفح وقال إن الخلافات تتعلق بالطريقة، فضلا عن استخدام هدف القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس لفعل كل شيء بالقطاع".
كما أن حديث المسؤولين الأميركيين عن أن حماس لم توافق على مقترح الهدنة وإنما أبدت بعض التعديلات عليه "يعكس تراجعا من إدارة بايدن، ويجعلها تبدو وكأنها تمنح نتنياهو ضوءا أخضر لدخول رفح"، حسب المتحدث.
ليس هذا وحسب، بل إن سلوك الولايات المتحدة بعد قبول حماس لمقترح الهدنة، "تبدو وكأنها تمنح نتنياهو فرصة لدخول مفاوضات جديدة، جنبا إلى جنب مع السيطرة على كافة المعابر وفرض شكل جديد لإدارة القطاع مستقبلا"، كما يقول المحلل السياسي.
في المقابل، يعتقد مونروي أن إدارة بايدن تريد وقفا قريبا لهذه الحرب لكنها لا تملك فرض هذا الأمر على مجلس الحرب الإسرائيلي، معربا عن اعتقاده بأن الوسطاء ربما يخرجون بمقترح جديد يمزج بين متطلبات الطرفين خلال الأيام المقبلة.
إسرائيل في مفترق طرق
ومن وجهة نظر جبارين، فإن إسرائيل تقف في مفترق طرق حاليا لأن عليها أن تقرر سريعا إما دخول رفح وإما صفقة الأسرى، مشيرا إلى أن "مشكلة تل أبيب أنها لا تعرف كيف ستخرج من رفح إن هي واصلت الحرب، ولا كيف ستخرج من الصفقة إن قبلت بها، لذلك هي لم تتخذ قرارا نهائيا".
لكن جبارين يرى أن هناك قراءة خاطئة لتصرفات نتنياهو خلال هذه الفترة، قائلا "إنه لا يبحث فقط عن إطالة أمد الحرب وإنما عن هدف إستراتيجي يميني يمثل جزءا من تكوينه السياسي اليميني، فضلا عن أن خصومه في مجلس الحرب لم يثبتوا حتى الآن أنهم يقفون ضد خططه جديا".
ويضيف جبارين أن مواصلة الحرب محل إجماع داخل إسرائيل سياسيا وشعبيا، وأن المسألة كلها تتعلق باستعادة الأسرى ثم مواصلة القتال، مؤكدا أن "المجتمع الإسرائيلي لا يتحرك من منطلقات أخلاقية أبدا، ولا يكترث بما يرتكب من جرائم في غزة".
وحتى الجيش والمؤسسات الأمنية تبدي أحيانا استعدادا للتماهي مع رغبة نتنياهو في إطالة الحرب لأنها ستحاسب هي الأخرى في نهاية الأمر، كما يقول جبارين.
عملية مدتها سنة
وبعد ساعات من إعلان واشنطن قرار تعليق شحنة الذخائر، نقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر أن حكومة الحرب أقرت عملية مدتها عام كامل في رفح.
وتعليقا على هذا التسريب، قال مونروي إن إدارة بايدن لا تملك سوى تعليق بعض شحنات الأسلحة أو الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن أو الضغط على إسرائيل من خلال الأمم المتحدة في حال قرر نتنياهو دخول حرب طويلة الأمد في رفح.
أما الحيلة، فيرى أن الحديث عن عملية طويلة الأمد في رفح "يؤكد ان نتنياهو يريد إدارة جديدة لمعبر رفح بعيدة تماما عن حماس والبحث عمن يتسلم المساعدات ويوصلها للسكان تحت مظلة إسرائيل".
وختم الحيلة بالقول إن نتيناهو "يغير السياقات بموافقة أميركية لأن بايدن ضعيف جدا أمامه وأمام اللوبيات الصهيونية والكونغرس الذي يؤيد إسرائيل في مجمله"، مؤكدا أن القادم "لن يكون فرض واقع عسكري إنما واقع سياسي، مما يعني أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم إلا المواجهة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات إدارة بایدن هذه الحرب کما یقول فی رفح
إقرأ أيضاً:
خبراء: إسرائيل باتت عبئا أخلاقيا على الغرب ونتنياهو يتخذها رهينة
اتفق خبراء ومحللون سياسيون على أن هناك تحالفا واسعا يتشكل في الغرب ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، وليس ضد إسرائيل أو جيشها، مما يعكس تحولاً جذرياً في المواقف الغربية تجاه السياسات الإسرائيلية في حربها على قطاع غزة.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة كينغز كوليدج أندرياس كريغ، أن نتنياهو فقد الدعم حتى في الأوساط التقليدية المؤيدة لإسرائيل، ليس فقط اليهودية، بل أيضاً في الدوائر المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية أخرى.
وكتطور طبيعي لهذا التآكل في الدعم، أشار كريغ إلى أن الرأي العام تغير بشكل كبير ضد إسرائيل في أوروبا والولايات المتحدة، حتى في صفوف الشباب اليهود الذين بات ينظرون إلى نتنياهو كشخص "مارق" حتى داخل مجتمعهم.
وفي السياق ذاته، رأى الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي، أن إسرائيل "أصبحت عبئاً أخلاقياً على الغرب الذي أوجدها"، مؤكداً أن الدول الأوروبية لم تعد قادرة على دعم إسرائيل، حتى ألمانيا التي تحافظ على صمتها لأسباب تاريخية معروفة.
وبشأن محاولات نتنياهو مواجهة هذا التحالف المتنامي ضده، أوضح كريغ أن نتنياهو يحاول استخدام ورقة معاداة السامية سلاحا، قائلاً إن "انتقاد إسرائيل يعني انتقاد اليهود، وهذا من قبيل معاداة السامية".
إعلانغير أن هذه الإستراتيجية تواجه -حسب كريغ- تحدياً متزايداً، إذ أشار إلى أن هذا الاستخدام السيئ لهذه الورقة من قبل نتنياهو بدأ يضعفه.
وبالمثل، رأى مكي أن نتنياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر أرادا الاستفادة من مقتل دبلوماسيين إسرائيليين في واشنطن لتغيير الاتجاه وحرف البوصلة عما جرى خلال الأيام الماضية من مواقف أوروبية.
وأضاف أن نتنياهو وساعر عادا إلى "نغمة المظلومية" المعتادة في محاولة للضغط على القادة الأوروبيين لجعلهم يكفون عن انتقاد إسرائيل.
المواقف الغربية
وفيما يتعلق بمواقف الدول الغربية أكد الخبير بالشأن الإسرائيلي ساري عرابي، أن الدول الغربية تريد أن تقوم إسرائيل بحماية نفسها، فهي لا تريد أن تُستهدف إسرائيل أو جيشها.
وأوضح عرابي أن التضحية بنتنياهو "لا تمثل خطراً على الكيان الإسرائيلي، بل يرى الأوروبيون أن التضحية به من مصلحة إسرائيل"، لافتاً إلى أن هذا "ثمن مقدور" في وقت يبقى فيه الجيش والأجهزة الأمنية مؤسسات راسخة.
وحول تطور المواقف الأوروبية، قال كريغ إن معظم السياسيين في بريطانيا والاتحاد الأوروبي كانوا خائفين من التعبير عن آرائهم وانتقاد نتنياهو خلال السنة الماضية، ولكن الآن تجاوزوا حاجز الخوف هذا.
وكنتيجة مباشرة لهذا التحول، أكد أن هذا التطور يعكس إدراكاً أوروبياً متزايداً لضرورة اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه السياسات الإسرائيلية.
وفي السياق نفسه، أشار مكي إلى أن "أوروبا كلها" لم تعد قادرة على دعم إسرائيل"، مستشهداً بمواقف هولندا وغيرها من الدول، واعتبر أن "إيقاف أوروبا الآن أصبح صعباً" بعد أن بدأت في التحرك.
ورغم هذه الضغوط المتزايدة، اتفق الخبراء على أن نتنياهو سيستمر في سياساته الحالية لأسباب متعددة، إذ أوضح مكي أن "الأمر صار شخصياً تماماً" بالنسبة لنتنياهو، مشيراً إلى أنه تورط، كما أنه تمكن من تصفية جميع معارضيه داخل حكومته.
إعلانوأضاف مكي أن نتنياهو يعرف أن الغرب والولايات المتحدة "حتى لو كرهوه شخصياً أو أرادوا استبداله، فهم لن يستطيعوا التفريط بإسرائيل"، مضيفا "هو يحتمي بإسرائيل أو ربما يتخذها رهينة للبقاء في السلطة".
ولفت إلى أن الحرب "مفيدة له" لأنها تعطيه السيطرة على المجال العام والمعارضين وتؤجل التحقيقات القضائية ضده.
أزمة دستورية
وفي تطور داخلي مهم يعكس تعمق الصراع، أشار عرابي إلى أن تعيين نتنياهو لرئيس جديد لجهاز الشاباك دون التشاور مع رئيس الأركان إيال زامير خلق "أزمة دستورية حقيقية" بين رئاسة الحكومة والمؤسسة القانونية الإسرائيلية.
وأوضح عرابي أن هذا التعيين يأتي في إطار محاولة اليمين الديني القومي السيطرة على مفاصل القيادة الإسرائيلية بعد أن سيطروا على الجيش، مشيرا إلى أن هذا الجناح مهتم بالسيطرة على جهاز الشاباك.