تستمر الأزمة الناتجة من العملة المعدنية الجديدة بالتصاعد في اليمن بعد أن دشنت سلطة صنعاء رسمياً منذ نهاية مارس/ آذار الماضي، عملية طرحها للتداول عبر نقاط وآلية استبدال العملات التالفة حيث يعقب ذلك إصدار للعملات المعدنية للفئات ما دون 100 ريال.

 

بدوره، قال البنك المركزي الحكومي في عدن إنه يتابع صك الحوثيين عملة معدنية فئة 100 ريال وإعلان طرحها للتداول بدلاً من العملة التي وصفها بالقانونية من هذه الفئة الورقية، مجدداً رفضه هذا الفعل التصعيدي الخطير وغير القانوني الذي لا يأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال مصالح المواطنين، لافتاً إلى أن هذه العملة تعد مزورة كونها صادرة من كيان غير قانوني.

 

يأتي ذلك في ظل انقسام وأزمة اقتصادية ونقدية متفاقمة ألقت بظلالها على معيشة اليمنيين، إذ يرزح غالبية السكان تحت وطأة أزمة إنسانية كارثية، وفاقة وبطالة في ظل فقدان نسبة كبيرة من اليمنيين لمصادر دخلهم المتاحة مع استمرار مشكلة رواتب الموظفين المنقطعة من دون حلّ حتى الآن.

 

وخلف الصراع وتبعاته بروز نظامين اقتصاديين مختلفين في كل من صنعاء وعدن، وعملة منهارة ومنقسمة بين طرفي الصراع، إذ أصبحت عملية تداولها تمثل مشكلة كبيرة في ظل خلافات عدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً على النقد المطبوع.

 

المسؤول الحكومي السابق، وأستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، مطهر العباسي، يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه لن يكون هناك أي تأثير كبير على العرض النقدي بالنظر إلى مستوى وحجم العملة المعدنية التي تم الإعلان عن صكها.

 

ورصدت "العربي الجديد" وضع الأسواق ومختلف التعاملات اليومية في صنعاء بعد بدء إنزال القطع المعدنية الجديدة من فئة 100 ريال للتداول حيث كان ظهورها محدوداً في الفترة الأولى بالتزامن مع استمرار التعامل بنفس الفئة من الأوراق النقدية.

 

ويعتبر العباسي عملية صك العملة بالخطوة الجيدة بما أنها تهدف لمعالجة العملة الورقية التالفة، لكنه في نفس الوقت يراها إجراء بدائياً على الرغم من أهميته في حال الاستخدام المحدود للعملة المعدنية التي تم صكها وليس لها أي تأثير على السيولة التي ستظل مشكلة قائمة في الاقتصاد اليمني.

 

أما الباحث الاقتصادي بلال أحمد، فيقول في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد": "كان هناك غموض في موضوع الأوراق النقدية التالفة المتداولة حيث كانت معدة للإتلاف والاستغناء عنها ثم تم طرحها للتداول بسبب أزمة السيولة، لذا فإن المفروض التخلص من هذه الأوراق التالفة وليس فقط استبدالها بالقطع المعدنية أو أي نقد آخر".

 

لكن ما دامت هذه الأوراق النقدية مستمرة في التداول بوضعها المتردي والمتهالك وفق أحمد؛ فالعملة المعدنية حلّ مناسب على الأقل للمواطنين طالما هي قطع معدنية من فئة 100 ريال وليست أوراقاً نقدية.

 

ويترقب المواطنون زيادة ضخ هذه القطع المعدنية وانتشارها في الأسواق والحصول عليها في ظل اشتداد أزمة الأوراق النقدية الصغيرة التالفة والتي يلاحظ تلاشيها من التداول بشكل كبير بسبب تردي وضعيتها وتلفها.

 

المواطن طه الشهاري، يقول لـ"العربي الجديد"، إنهم كمواطنين يعيشون في معاناة يومية بسبب الأوراق النقدية التالفة والتي نتج عنها مشاكل عديدة لا يسلم منها أحد في مختلف التعاملات، في الأسواق ومتاجر التجزئة والتي تكاد تنعدم "الفكة" لديها.

 

ويلفت بائع في متجر تجزئة للمواد الغذائية، يعقوب الريمي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأوراق النقدية التالفة تسبب لهم ليس فقط بمشاكل مع الزبائن بل بخسائر كونها أغلبها مقطعة ويضطرون لمعالجتها وإلصاقها لكي يتم قبولها من قبل المواطنين.

 

ويرى خبراء اقتصاد أن صك عملة معدنية ذات أدنى قيمة 100 ريال، تعتبر عملة مساعدة لتسوية المدفوعات البسيطة، وما دام كونها بديلاً للعملة التالفة فليس لها أي تأثير على التضخم أو على سعر الصرف، لأنها لا تستخدم في تصفية المدفوعات الكبيرة لتسوية العقود أو الصفقات التجارية وغيرها، بل إن لها فوائد إيجابية في تسهيل المعاملات والمبادلات البسيطة والتخلص من عبء العملة التالفة وأضرارها الصحية.

 

كانت سلطة الحوثيين في صنعاء قد أعلنت توجهها لحل مشكلة تلف الأوراق النقدية عن طريق إصدار عملة معدنية من فئة 100 ريال كخطوة أولى ستتبعها خطوات أخرى في صك المزيد من القطع تشمل الفئات الأدنى من الأوراق النقدية، يأتي ذلك في الوقت الذي يلاحظ فيه اختفاء العملة المعدنية "الفكة" التي كانت سائدة ومتداولة منذ فترة ما قبل العام 2015، من فئة 10 ريالات و20 ريال.

 

بالمقابل، حذر البنك المركزي الحكومي في عدن من تداول أي عملة صادرة من فرع البنك في صنعاء، مؤكداً أنّ حلّ أزمة السيولة واستبدال التالف يكمن في رفع الحظر عن تداول العملة الوطنية بمختلف فئاتها وطبعاتها في مختلف محافظات الجمهورية وسيقوم البنك المركزي بمسؤولياته القانونية في استبدال أيّ عملة تالفة مهما كان حجمها ومكان تواجدها والتخلص منها.

 

بدوره، يبدي الباحث الاقتصادي مراد منصور، تحدث لـ"العربي الجديد"، عن استغرابه من عملية الطباعة السابقة التي قامت بها الحكومة المعترف بها دولياً من خلال طباعة أشكال مختلفة للأوراق النقدية المتداولة خصوصاً الفئات الصغيرة 100 و200 ريال، وكذا طباعة جزء من النقد للفئات الأعلى خمسمائة وألف ريال بأحجام صغيرة والتي تختلف كلياً عن المتداولة في مناطق الحوثيين.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد العملة المعدنية الحوثي الحكومة العملة المعدنیة الأوراق النقدیة العربی الجدید فئة 100 ریال من فئة

إقرأ أيضاً:

ترقّب لتحرّك الخماسية الرئاسي بعد دعوتها إلى مشاورات محدودة النطاق والمدة

لم تتبدل وتيرة التطورات الميدانية في الجنوب عما سبقها في الأيام الأخيرة لجهة الاعتداءات الاسرائيلية ،علماً أنّ العامل اللافت الذي برز في الساعات الأخيرة تمثل في تكرار الاستهدافات الاغتيالية التي تنفذها المسيّرات الإسرائيلية على تخوم الحدود اللبنانية السورية. وعزز تصعيد وتيرة العمليات الجارية المعطيات التي تنحو في اتجاه ترجيح حرب استنزاف لا تزال طويلة من دون أفق مرئي قريب لنهايتها ما دام أفق الحرب المتدحرجة في غزة ورفح مقفلا على أي وقف نار او تسوية أو هدنة.   وتكشف هذه المعطيات أن معظم الانطباعات التي رافقت أجواء القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في البحرين تعكس معلومات ومعطيات تثير القلق على لبنان لجهة الاستمرار طويلا في مواجهات الاستنزاف كما أن هذه الأجواء والمعطيات لعبت دوراً أساسياً دافعاً نحو إصدار سفراء مجموعة الدول الخماسية قبل يومين بيانهم الذي حض على نهاية سريعة للأزمة الرئاسية لجملة أسباب أبرزها ألا يفقد لبنان مكانه في أي مفاوضات لا بد ستحصل في وقت ما حول الأوضاع المتفجرة في المنطقة، وفق ما ذكرت "النهار".

أضافت: المحاذير المبكرة لجهة توظيف بيان "سفراء الخماسية" وتصويره من جانب الرئيس نبيه بري بانه تبن لدعوته الى الحوار تعززت عبر ما يمكن ان يشكل لغماً جديداً يتمثل في اجتهاد بري لموضوع عقد الجلسات، اذ نقل عن الأخير أنه اعتبر مجدداً ان الخماسية تبنت موقفه من دعوته للحوار والتشاور من دون شروط مسبقة وانه يقول بضرورة عقد جلسات انتخابية متتالية، "على أن تُعقد كل جلسة لـ4 أو 5 دورات، وفي حال تعذّر انتخاب الرئيس ندعو لجلسة بعد انقضاء 24 ساعة، إلى أن يتمكن النواب من انتخابه". واثار ذلك تساؤلا ملحاً عما اذا كانت المعارضة والقوى الأخرى ستقبل باجتهاد بري علما انه يختلف أيضا مع بيان الخماسية نفسها. وكتبت "الديار": تترقب الاوساط السياسية اجواء التحركات والاتصالات في الايام المقبلة بعد بيان اللجنة الخماسية الاخير الذي دعا الكتل السياسية الى "مشاورات محدودة النطاق والمدة" لتحديد مرشح او قائمة قصيرة من مرشحي الرئاسة ثم الذهاب فوراً الى جلسة انتخابية بجولات متعددة لانتخاب الرئيس الجديد، وحدد مهلة لانجاز هذه المشاورات في نهاية ايار الجاري. وافادت مصادر مطلعة ان اللجنة لم تحدد طبيعة تحركها في ضوء هذا البيان، لكنها اشارت الى ان السفراء الخمسة سيكون لهم تحركات منفردة لحث الاطراف اللبنانية على الشروع في عقد هذه المشاورات. وقالت مصادر مقربة من الرئيس بري : "إن هناك أمراً ثابتا في البيان وهو الحوار في شان الملف الرئاسي، وان تاكيد اللجنة على ضرورة التشاور بين الكتل ينطبق على مبادرة دولة الرئيس بري كما طرحها، لكن يبقى الحضور الجامع لنجاح المبادرة". وحول تحديد البيان لمهلة نهاية ايار، قالت المصادر انه "أمر ممكن جداً، خصوصا بعد ما جرى في المجلس بشان ملف النازحين السوريين والتوصية بشأنه، فالجميع التقوا بعد ان كلف الرئيس بري النائب علي حسن خليل دعوة الكتل التي لبت الدعوة وحضرت اللقاء التشاوري. انها تجربة مشجعة تؤكد ضرورة الحوار والتشاور في ملف الرئاسة". ورداً على سؤال، رفضت المصادر المقربة من الرئيس بري ما يقال عن أن أحداً من اعضاء اللجنة الخماسية يعرقل اجماع اللجنة على الحضور الى طاولة الحوار.

بدورها، ذكرت "نداء الوطن": الملف الرئاسي وُضع على نار حامية بعد بيان اللجنة الخماسية الذي ألقى الكرة في ملعب الثنائي الشيعي، والذي حضّ فيه السفراء، المسؤولين اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية سريعاً، قبل شهر تموز المقبل الذي من المتوقع ان يشهد انعقاداً لمؤتمر للسلام، ويتوجّب على رئيس الجمهورية حضوره والمشاركة في فعالياته ليتسنّى له ان يكون جزءاً من مشروع التسوية من زاوية "الحزب". وكتبت "الشرق الأوسط": ضيق الوقت لا يسمح، كما تقول مصادر سياسية، بانتخاب الرئيس بحلول نهاية الشهر الحالي، وتلفت إلى أن سفراء "الخماسية" أعدوا خريطة طريق لإنجازه، وإن كانوا يتوخون منها حث النواب وتحفيزهم للتلاقي حول ضرورة وقف تعطيل العملية الانتخابية، تحسباً لما يمكن أن يطرأ من تطورات تتطلب وجود الرئيس ليحجز مقعداً للبنان في حال تقررت إعادة النظر بخريطة الطريق في الشرق الأوسط تمهيداً للوصول إلى تسوية جديدة. إلا أن ضيق الوقت ليس هو المانع الوحيد الذي يؤخر الانتخاب، كما تقول المصادر السياسية لـ"الشرق الأوسط"، بمقدار ما أن هناك مجموعة من الأسئلة تتطلب الإجابة عنها، وإن كان بيان سفراء "الخماسية" ينطوي ضمناً على تحذير للنواب، هو أقرب إلى الإنذار، لتحميلهم مسؤولية تعطيل انتخاب الرئيس.        

مقالات مشابهة

  • رواد الفضاء يدرسون تأثيرات الإشعاعات الفضائية على الأعضاء الداخلية للجسم
  • هل التحول الرقمى ضرورة ملحة لتحقيق العدالة الناجزة؟.. رئيس مجلس الدولة يجيب
  • بنك أبوظبي التجاري مصر يفتتح فرعه الرئيسي بالقاهرة الجديدة
  • ما المبالغ النقدية المسموح للمسافرين الخروج بها من المملكة؟.. الزكاة والجمارك تجيب
  • ترقّب لتحرّك الخماسية الرئاسي بعد دعوتها إلى مشاورات محدودة النطاق والمدة
  • عاجل: البنك المركزي في عدن يرد على اتهامات بتهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة
  • التحذير من متحور كورونا الجديد "FLiRT KP.2"
  • الكشف عن حجم الاموال التي يتم تهريبها شهريا عبر مطار عدن الى الخارج
  • المغاربة يواصلون التألق بعد تأهل مشاركة مغربية إلى المرحلة النهائية من مسابقة تنظمها وكالة الفضاء السعودية
  • تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية