سواليف:
2025-07-30@18:39:07 GMT

نتنياهو يئد الصفقة ويجهض التهدئة

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

في ظلال طوفان الأقصى “65”

#نتنياهو يئد #الصفقة ويجهض #التهدئة

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

لم تتوقف على مدى أكثر من سبعة أشهرٍ متواصلة، محاولات التوصل إلى صفقةٍ لتبادل الأسرى والمعتقلين بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الكيان الصهيوني، رغم أن الأخيرة غير جادة في مسعاها، وغير صادقة في نواياها، ولا يبدو أنها ورئيسها بنيامين نتنياهو يريدون حقاً التوصل إلى صفقةٍ تفضي إلى استعادتهم أسراهم وعودة جنودهم وضباطهم أحياءً إلى عائلاتهم وأسرهم، إلا أن الوسطاء لم ييأسوا من المحاولة، ولم يتوقفوا عن السعي، لقناعتهم أن المقاومة الفلسطينية جادة في سعيها، وصادقة في نواياها، وعادلة في مطالبها، وهي تتطلع إلى صيغةٍ مقدرة تحقق أهدافها، وترضي شعبها، وتحرر بها أسراها.

مقالات ذات صلة مبتدأ وخبر 2024/05/11

ولعل ذوو الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية يعلمون يقيناً أن حكومتهم ورئيسها لا يريدون تحرير أبنائهم، ولا يبذلون جهوداً حقيقيةً لتحقيق هذا الهدف، الذي ترفعه الحكومة كاذبة، ويتشدق به وزراؤها وقادتها العسكريون والأمنيون، ويدعون كذباً وخداعاً أنهم يعملون لأجله، ويضغطون عسكرياً لتحقيقه، إلا أن الحقيقة التي بات المستوطنون الإسرائيليون يعلمونها جيداً، أن الجيش والحكومة لا يحرصون على استعادة جنودهم، ولا يريدون استبدالهم، ولا يشعرون بمعاناتهم، ولا بطول المدة التي قضوها في الأسر في ظل أجواء القصف والغارات العنيفة، وليس مستبعداً أنهم يتمنون قتلهم، ويريدون التخلص منهم، لئلا يضطروا إلى دفع أثمانٍ باهظة مقابل حريتهم.

وهم يدركون أن حكومتهم ورئيسها قد تورطوا فعلياً في قتل الأسرى، وذلك من خلال عمليات القصف الهمجية التي يقوم بها جيشهم في المناطق الفلسطينية التي يحتمل أن يكون فيها بعض الأسرى الإسرائيليين، وقد أعلن أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، عن مقتل العديد من جنود العدو ومجنداته وضباطه الأسرى، وأثبتت المقاومة صدقيتها في الإعلان الصريح والواضح عن أسماء القتلى، ونشرت صوراً لهم عندما كانوا في الأسر، حيث كانوا يتمتعون بصحةٍ جيدة، رغم حالة الحصار العامة التي يفرضها العدو على كل قطاع غزة، وتدميره للمستشفيات والمراكز الصحية، ومنعه إدخال الأدوية والمعدات الطبية الضرورية لأهل غزة، إلا أن المقاومة كانت حريصة على حياة الأسرى الإسرائيليين، عسكريين ومدنيين، رجالاً ونساءً، وكانت تجري لهم فحوصاتٍ طبية دورية، وتوفر لهم رغم صعوبة الظروف وشدة الحصار الأدوية اللازمة، وتجري لهم العمليات الضرورية المستعجلة.

ما زالت المحاولات قائمة والمساعي جارية، وما زال الوسطاء الإقليميون والدوليون يبذلون جهوداً كبيرة بين الطرفين لمحاولة التوصل إلى صيغة اتفاقٍ مرضية، أو صفقة شاملة تحقق أهداف الطرفين، رغم يقين المقاومة أن العدو يكذب ويراوغ، ويمكر ويخدع، وقد انقلب على الورقة الأخيرة التي كان جزءً منها، ووافق عليها، وأشرفت على إعدادها الإدارة الأمريكية، شريكته في العدوان، وحليفته التي تمده بالذخائر والقذائف والقنابل والصواريخ ومختلف أنواع السلاح، ورغم أن نتنياهو قد انقلب عليها وعصى أمرها وخالف تعليماتها، ولعله صفعها وأحرجها وأهانها، إلا أنها ما زالت تؤيده وتسانده، وتتفهم مخاوفه وتعذره في سياسته، وتبرر عدوانه وتدافع عن حقه ومظلوميته.

يظن نتنياهو وحكومته، ومجلسه الحربي الذي نكص على عقبيه وانقلب على الاتفاق، أن المقاومة التي أعلنت موافقتها على الورقة الأخيرة، وحرصت على الإعلان رسمياً عن موقفها، وأبلغت عدداً من قادة دول العالم موافقتها، حرصاً منها على مصالح شعبها، وإيماناً منها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، أنها وافقت عن ضعف، وقبلت نتيجة ضغط، وأنها عاجزة عن الصمود أكثر، والثبات في مواجهة الضغوط والتحديات الإسرائيلية، وأنه يستطيع ببعض الضغط الإضافي والجهد العسكري دفعها إلى التراجع عن مواقفها، والتنازل عن شروطها، والقبول بالتعديلات الإسرائيلية، التي تعني الاحتلال واستمرار القتال، ومواصلة الحرب والقصف والعدوان.

أخطأ نتنياهو ويخطئ أكثر إذا ظن أنه يستطيع باجتياح معبر رفح، والتهديد باجتياح المدينة، أن يرغم الشعب والمقاومة على تقديم تنازلاتٍ، ولعله ذاق في الأيام القليلة الماضية، التي تلت انقلابه على الورقة، مرارة الفقد وألم الخسارة، إذ بادرته المقاومة وباغتته في كرم أبو سالم ومنطقة نتساريم، وأدخلت جنوده وضباطه في حقولٍ ملغمةٍ، كانت قد أعدتها لهم شراكاً وفخاخاً، فوقعوا فيها وقتل وأصيب عددٌ كبيرٌ منهم، فضلاً عن عمليات القنص الدقيقة، التي طالت قناصيه وجنوده، والصواريخ التي انطلقت نحو مستوطناته وبلدات الغلاف، من مدينة رفح المحاصرة التي تتعرض للقصف المستمر والمتواصل، ومن الشمال الذي ادعى جيش العدو أنه قد قضى على المقاومة فيها، وفكك بنيتها وقتل رجالها، ولم تعد تشكل خطراً عليه.

لم يعلم هذا الغبي نتنياهو وحكومته، أن حركة حماس هي التي دفعت إليه بالسلم لينزل من على الشجرة وينجو بنفسه وجيشه، وأن إعلانها الموافقة على الصفقة كان طود نجاته، إلا أن غباءه قد أوقعه في شر أعماله، وقد كان بإمكانه أن يستفيد من الورقة التي شارك في صياغتها، فهو بدونها سيبقى عالقاً مكانه، وستسوخ أقدامه في رمال غزة أكثر، وستتناثر أشلاء جنوده بين ركام بيوتها المدمرة، ولن يتمكن مهما حاول تكرار ما قام به، وتجريب ما أقدم عليه، من تحقيق نصرٍ زائفٍ لا يصدقه أحد، أو استسلام مستحيلٍ يحلم به ويتمناه، ولعله سيدرك بعد فوات الأوان أنه خسر الصفقة وضيع الفرصة ووأد الحلم وأجهض الأمل، واقترب أكثر من هوة السقوط وحافة الهاوية التي ظن بكذبه ونفاقه، وحيله وأحابيله، أنه سينجو وكيانه منها.

بيروت في 11/5/2024

[email protected]

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الصفقة التهدئة إلا أن

إقرأ أيضاً:

ترامب بين الصفقة والمحرقة

 

 

تمر غزة اليوم بمحنة إنسانية ومحرقة غير مسبوقة، وسط مشهد معقّد تتقاطع فيه إرادات ومصالح متضاربة. في خطوة لافتة، أعلن دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من وساطتها المزعومة في صفقة غزة، محمّلًا المقاومة وحدها المسؤولية، لكنه في جوهر موقفه يعلن بخبث تخليه عن فشل سياسي وعسكري متواصل يعانيه نتنياهو، ويتركه وحيدًا في مواجهة واقع صارم وقاسٍ.
هذا الانسحاب، وفق التقدير الأولي، لا يعني نهاية الوساطة، بل هو مناورة سياسية ماكرة تهدف إلى الضغط على المقاومة لانتزاع تنازلات قبل استئناف التفاوض، في محاولة لإعادة فرض معادلات ميدانية وسياسية وإنسانية جديدة على الأرض.
خيارات ترامب: إما الدفع باتجاه صفقة شاملة تجمع بين التطبيع وإعادة الإعمار، تُهمّش المقاومة وتُعيد تشكيل قيادة فلسطينية ملك اليمين، عبر إدارة مشتركة عربية–أمريكية–صهيونية، ترسخ واقعًا جديدًا يضمن استمرار السيطرة الصهيونية بشكل مختلف، أو الاستمرار في سياسة الاستنزاف التي تهدف إلى تثبيت الهيمنة على القطاع دون الدخول في مواجهة عسكرية شاملة قد تؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع أو اشتعال ثورة شعبية عالمية، خصوصًا في العواصم الغربية.
في هذا السياق، يستغل ترامب المحرقة السياسية والإنسانية لتحقيق مكاسب إقليمية وشخصية، ربما على أمل نيل جائزة نوبل للسلام.
أما نتنياهو، فهو اليوم في مأزق حقيقي، أمام خيارات محدودة وصعبة: إبرام صفقة جزئية قد تهدئ الغضب الدولي مؤقتًا، لكنه لا يريدها أن تمنع تجديد العدوان بعد 60 يومًا، أو تصعيد إبادة غزة عبر فرض حصار خانق وتقطيع أوصاله، أو اللجوء إلى خيار الاحتلال الكامل، الذي قد يُسقطه في وحل الاستنزاف.
هذا الخيار الأخير يحمل مخاطر سياسية وإنسانية جسيمة، لا سيما على الأسرى الفلسطينيين ومستقبل القطاع برمته. يظل هدف نتنياهو الأساسي ربط مصيره السياسي بنتائج الحرب، في محاولة محو عار السابع من أكتوبر، وهو يعاني من غياب بدائل حقيقية بين الغرق في مستنقع غزة أو قبول صفقة مجتزأة لا تضمن له استقرارًا طويل الأمد، أو صفقة شاملة تُغلق ملف غزة بالكامل، تمهيدًا لانتخابات قد تعيده إلى السلطة.
وسط هذه الخيارات المعقدة والمتشابكة، تظل غزة تكتوي بنار المحرقة، لكنها في الوقت ذاته تمثل حجر الزاوية في القضية الفلسطينية وأملها المستمر. تؤمن غزة أن النصر الحقيقي لا يُصنع بالقوة وحدها، بل بالإرادة الصلبة، والوعي الوطني، والصمود الأسطوري. بوصلتها الوطنية الثابتة ترفض أي تسوية تُفرغ القضية من جوهرها، وتصر على ضمان عدم تجدد المحرقة.
في نهاية المطاف، تقع المسؤولية الكبرى على عاتق الفلسطينيين والعرب، الذين عليهم أن يختاروا طريق التحرر الحقيقي عبر وحدة وطنية صلبة تواجه المشاريع الإقليمية والدولية التي تحاول تصفية القضية عبر التطبيع والصفقات الجزئية.
فالقرار النهائي لا يقع في أروقة البيت الأبيض أو الكنيست، بل ينبع من عزيمة الشعب الفلسطيني وصموده المتجدد، ومن عمق عربي يواجه لحظة تحدٍ حقيقية بين الوفاء لقضيته أو الغرق في غثائية الخذلان.

*رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تسلم تعديلات على رد حماس على مقترح الصفقة
  • هيئة شؤون الأسرى: أكثر من 10 آلاف معتقل لدى الكيان الصهيوني
  • المنفي يعقد اجتماعاً هاماً لبحث جهود التهدئة وترتيبات الأمن في طرابلس
  • هيئة شؤون الأسرى: أكثر من 10 آلاف معتقل لدى الاحتلال
  • إسرائيل تكشف عن تنفيذ 500 هجوم في لبنان منذ التهدئة وتعلن مقتل الآلاف!
  • برلماني: موقف القاهرة من غزة ثابت.. والتنسيق مع بريطانيا يعزز جهود التهدئة
  • نتنياهو يهدد بضم غزة إذا لم توافق حماس على صفقة تبادل الأسرى
  • هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
  • تيتيه تودّع السفير الفرنسي.. تأكيد على التهدئة ودعم التوافق السياسي في ليبيا
  • ترامب بين الصفقة والمحرقة