لماذا تطيل (إسرائيل) #الحرب؟ – د. #منذر_الحوارات
لقد حطمت الحرب على #غزة كل الأرقام القياسية السابقة، بل وأسقطت كل التابوهات التي بُنيت على أن الكيان سينهار في أي حرب طويلة، لكن هل يمكن القول إن إطالة الحرب والعدوان باتت إستراتيجية متعمدة؟ اعتقد البعض أن مصلحة نتنياهو السياسية هي السبب الرئيس وراء ذلك، لكن التعمق في مجريات الحرب يثبت أن هذه إستراتيجية دولة وليس هدفاً لسياسي بعينه كائناً من يكون، فالقراءة المتعمقة للأحداث تشير إلى ذلك، فسيناريو الحرب منذ اليوم الأول يثبت أن دولة الاحتلال تلاحق في حربها هدفاً أول وأساسيا ألا وهو السكان، وهذا يعود بنا إلى الوراء عند نشأة الفكرة الصهيونية والتي تحدثت بوضوح عن الأرض الخالية من السكان، وكان المعنى هنا ليس أرضاً لا يوجد بها سكان، ففلسطين معروفة بأنها آهلة بالسكان منذ فجر التاريخ لكن المقصود هو إفراغ هذه الأرض من السكان قسرياً وطوعياً.
وما يؤكد استهداف العنصر البشري أنه منذ عقود قرر العقل الباطن في دولة الاحتلال أن الخطر الإستراتيجي الذي يواجه الكيان هي القنبلة الموقوتة الكامنة بين ثناياه، والمقصود هو العدد المتزايد للسكان الفلسطينيين، لذلك كان الخطر الأول الذي ينبغي التصدي له بالنسبة لقادة الاحتلال هو كيفية القضاء على هذا الخطر المتفاقم يومياً، وأكاد أجزم أن كل مولود فلسطيني جديد أصبح يشكل هاجساً لقادة دولة الاحتلال، وما يدلل على محاولة جسرهم لهذه الهوة السكانية المتفاقمة هو ظاهرة استئجار الأرحام في دول أخرى للحصول على أعداد إضافية من المواطنين اليهود، ورغم أن هذا المشروع في بدايته إلا أنه يؤكد عمق الهواجس الإسرائيلية، وهنالك محاولات عديدة للتهجير القسري ذُكرت سابقاً ومثلها من محاولات التهجير الطوعي بتسهيل هجرة الفلسطينيين إلى دول عدة، أما في الداخل وفي الضفة والقطاع فقد حاولت دولة الاحتلال ولا زالت تحاول خلق كل أشكال العقاب الجماعي، مثل الحرمان من الحقوق لدى فلسطينيي الـ 48 أو تنغيص سبل الحياة مثل بناء المستوطنات وتجزئة التجمعات الفلسطينية في الضفة وحرمانها من الخدمات ومحاولة خنقها، وفي غزة الحصار وتعميق الانقسام وتعزيزه بكل الوسائل.
ويثبت عدوانها الأخير أن هذا الهدف الإستراتيجي الرئيسي بين ثنايا الأهداف المرحلية ويطل برأسه في كل تفاصيل العدوان، فمنذ اللحظة الأولى تبين أن السكان هم ذلك الهدف، فقد لاحقتهم بالقنابل والصواريخ إلى أن وصل عدد مرات نزوحهم أكثر من ثلاث مرات في أقل من 7 أشهر، وكانت كل مرة تختلق الذرائع لقصف المنطقة التي يتجمع فيها أكبر عدد من الغزيين فقد لاحقتهم من الشمال إلى الوسط ومن الوسط إلى الجنوب وفي المستشفيات والمخيمات، وحتى في الجنوب من خان يونس إلى رفح والآن من رفح الى منطقة المواصي، وهي تتذرع بحماس في هذه المرات والآن بعد أن بدأت بالعدوان على رفح يتحدث قادة الاحتلال عن عودة حماس إلى الشمال، كل ذلك يؤكد أن دولة الاحتلال تريد إطالة معاناة الغزيين على أمل وحيد ورئيسي وهو أن تصبح الهجرة خياراً واقعياً لشعب ما يزال يرفضها وبشدة، وفي غضون ذلك اتّبعت خطة للسيطرة على معابر القطاع حتى تتحكم بالداخل والخارج وتتحكم بمستقبل أهله في كل المجالات، حتى الميناء البحري الذي تقوم الولايات المتحدة ببنائه والذي يبدو ظاهرياً مؤقتا، لكن في طياته أهدافا إستراتيجية كبرى، وأهمها وضع حدود بحرية واضحة للقطاع مُسيطر عليها ومراقبة أميركياً وإسرائيلياً.
مقالات ذات صلة جيل جديد تماما من الشباب الأمريكي …سلمت يا طوفان / رانيا عثمان النمر 2024/05/14إحكام السيطرة على مداخل ومخارج القطاع، بحرياً أميركياً / إسرائيلياً، وبرياً الجدار العازل في عمق القطاع مسافة كيلومتر، والسيطرة على كل المعابر يؤكد أن هناك إستراتيجية طويلة الأمد تُعدها إسرائيل والولايات المتحدة، وربما يكون القادم من مخطط أخطر بكثير مما رأيناه يضع في مقدمة أهدافه استنزاف سكان القطاع وإطالة زمن الحرب، وكل هذا الخراب والتدمير والقتل ليس سوى الخطوة الأولى من هذا المشروع الكبير والخطير، والأكثر خطورة أن إسرائيل ستبدأ خطوتها الثانية في اليوم التالي لإيقاف الحرب حيث ستختلق الذرائع من شتى الأنواع لمنع إعادة إعمار غزة، لذلك فإن مشروعها يستثمر الحرب بكل تفاصيلها المعقدة وأيضاً ما بعد الحرب هناك خطة أخرى طويلة المدى والغاية الرئيسة في كلتا الحالتين هي المواطنون الفلسطينيون، وهؤلاء في جوهر المشروع الصهيوني والذي يُعتبر نتنياهو وغيره ليسوا سوى أدوات من أدواته، لذلك يجب البدء بالتفكير الجدي عن الكيفية التي يمكن بواسطتها إيقاف الحرب وإعادة إعمار غزة وتوحيدها مع الضفة الغربية، وذلك لن يتم إلا بوأد مشروع إسرائيل التهجيري القسري والطوعي.
وبذلك يصبح واضحاً أسباب إطالة الحرب ومنع أي حل، فالأولى للتخريب والثانية لمنع الإعمار وفي كلتا الحالتين يكمن السبب بتهجير أهل غزة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرب غزة دولة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
ضجيج كبير وردع قليل.. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟
تواصل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) تنفيذ ضرباتها الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية، في إطار معركة "إسناد غزة"، وهو ما يثير تساؤلات بشأن فشل تل أبيب في تحييد هذه الجبهة رغم ضرباتها المكثفة على اليمن.
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن إسرائيل باتت تعاني اختلالا في مفهوم الردع والدفاع، إذ اعتادت تاريخيا أن تكون ضرباتها أكثر ردعا وأثرا وأقل تكلفة، لكن بالأعوام الـ30 الأخيرة باتت تقوم بعملية ردع عبر الاحتلال.
ووفق حديث جبارين لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن إسرائيل تنفذ عمليات في اليمن ذات ضجيج إعلامي وبتكلفة كبيرة، لكن بأثر ردع قليل.
وبناء على ذلك، فإن إسرائيل عالقة بين البعد الإستراتيجي الاستخباراتي، وبين كل ما يريده وزيرا المالية والأمن القومي الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير للحفاظ على توليفة الحكومة.
وأمس الأحد، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية حيوية بصاروخ باليستي فرط صوتي وطائرات مسيّرة، مؤكدا أنهم يعملون على فرض حظر كامل على حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون بعد النجاح في فرض حظر جزئي.
المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية نوعية استهدفت مطار #اللد بمنطقة #يافا المحتلة، ونعمل على فرض حظر كامل للملاحة فيه#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/Vk8FqTvwZu
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 1, 2025
بدوره، يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور إن الحوثيين يرسلون رسالة مفادها بأنهم "يمتلكون القوة الكافية لتوجيه ضربات للاحتلال طالما استمر بارتكاب جرائم الإبادة في قطاع غزة".
إعلانواستبعد الخبير العسكري ما يدعيه الاحتلال بإسقاط الصواريخ اليمنية، مشيرا إلى تقدم الصناعات العسكرية للحوثيين، وأنها "ستثير رعبا، وستصل إلى مستوى إفشال قدرة الاحتلال في اعتراضها".
أما الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فأكد أن ضربات الحوثيين تعد إحدى المشكلات التي تواجهها إسرائيل في غزة، لكنها ليست الوحيدة.
وحسب مكي، فإن هذه الضربات "لا تسبب صدمة لإسرائيل في منظومة الردع فحسب، وإنما بقدرتها في التعامل مع المحيط الخارجي".
وأعرب عن قناعته بأن صواريخ اليمن "سببت أزمة لإسرائيل في نظرتها لنفسها كدولة متفوقة في المنطقة".
وبشأن تداعياتها، قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إن عمليات الحوثيين "تزيد تكاليف العدوان على غزة، وتجعل من الزمن عدوا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومخططه الكبير".
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الحوثيين أطلقوا 43 صاروخا باليستيا من اليمن على إسرائيل، إضافة إلى ما لا يقل عن 10 طائرات مسيرة، منذ استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي.
الجيش الإسرائيلي يصرح باعتراضه صاروخا أطلق من #اليمن، والشرطة الإسرائيلية تقول إنها تقوم بعمليات بحث ميدانية في أعقاب تفعيل صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب والوسط والقدس#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/ZZgzMO4pUn
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 1, 2025
فشل إسرائيليوأعرب عابد الثور عن قناعته بأن إسرائيل "فشلت في ضرباتها ضد منشآت مدنية واقتصادية وحيوية يمنية"، مؤكدا أن هذه الضربات تعد جريمة واضحة.
وأضاف "لو كانت إسرائيل قادرة على فرض حظر بحري وجوي على اليمن لنفذته منذ بداية طوفان الأقصى"، مشيرا إلى أن "الحوثيين يعلمون بنتائج إسناد غزة، وأصروا على ذلك للرد على المجازر".
وعلى مدار الأشهر الماضية، شنت إسرائيل غارات عدة على اليمن، إحداها في السادس من مايو/أيار الماضي، وألحقت أضرارا كبيرة بمطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة على البحر الأحمر.
إعلانوأطلق الحوثيون 17 صاروخا منذ الثاني من الشهر الماضي، أي بمعدل صاروخ كل يومين تقريبا، مما يعطل حركة الطيران ويحدث إرباكا مستمرا في الحركة الطبيعية للإسرائيليين.
من جانبه، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي أن ذهاب إسرائيل إلى تصعيد مع الحوثيين يعني تصعيدا مع إيران، "لذلك تبقى عالقة في جبهة اليمن، دون أي قدرة بسبب العمى الاستخباراتي وغياب الردع الحقيقي".
وجدد تأكيده على أن ضربات الحوثيين لديها تكلفة اقتصادية واجتماعية على إسرائيل.
إستراتيجية واشنطن
ويشأن الدور الأميركي، قال الخبير العسكري إن واشنطن خرجت عسكريا من البحر الأحمر، لكن إسنادها الاستخباراتي واللوجستي لا يزال مستمرا مع إسرائيل.
ولا يمكن للإستراتيجية الأميركية -وفق عابد الثور- أن تتخلى عن إسرائيل، التي "لا تتجاوز قدرتها الإستراتيجية العسكرية بما لا يتخطى فلسطين المحتلة بألف كيلومتر".
في المقابل، قال مكي إن الولايات المتحدة لم تبدِ أي رد فعل سياسي أو عسكري واضح باتجاه ضربات اليمن، مشددا على أن واشنطن يهمها وجود ضغوط على نتنياهو، و"ألا يشعر بالأمان المطلق".
ووفق مكي، فإن المفاوضات بين واشنطن وطهران لن تنعكس على ضربات الحوثيين باتجاه إسرائيل، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقتنع بعد ضربات واشنطن على اليمن بأنه "دخل مستنقعا ومغامرة خاسرة، مما سيعرضه لخسائر أخلاقية وعسكرية".