جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@16:14:52 GMT

عُمان والكويت.. والعِنَاق الصادق

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

عُمان والكويت.. والعِنَاق الصادق

 

 

حمد بن سالم العلوي

عندما يتعَانق الزَّعيمان على أرض الكويت، يكُون قد سبقهما عِناق الشعبيْن العُماني والكويتي بعقود؛ بل وقرون طويلة من الزمن الجميل، وعندما لَجَأ العُمانيون إلى الكويت قبل العام 1970 طلبًا للرزق والعمل الشريف، فقد استقبلهم الكويتيون برحابة صدر، وفتحوا لهم أفق المستقبل، فعملوا ودرسوا وتعلموا وطببوا مرضاهم، وكأنهم أفراد من أبناء الشعب الكويتي العزيز، وقد سبق هذه العلاقة الطيبة بين الشعبين الكريمين في عُمان والكويت، رابطة الجغرافيا والتاريخ المشترك والعلاقات الاجتماعية وحسن العشرة، فكانا يتعاونان كدولتين مطلتين على البحر من خلال شعبي البلدين، وذلك في شد أزر بعضهم بعضًا من خلال الرحلات التجارية المشتركة بين الهند والمناطق التجارية الأخرى على ضفاف الخليج العربي.

وكان ذلك يقوم على التعاون والتعاضد لا التنافر والتحاسد، كما هي حال بعض الدول الأخرى. إذن؛ العلاقات العُمانية-الكويتية قديمة قِدم التاريخ والجغرافيا، والترابط الاجتماعي بين الشعبين يحكمه نسيج من المصاهرة، والعلاقات الإنسانية الوطيدة، والنسب الممتد في عمق التاريخ.

لتأتي هذه الزيارة اليوم، وهي في تصنيف "زيارة دولة"، لتُمثل أرفع أنواع الزيارات بروتوكوليًّا بين الدول، والتي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عُمان، لأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، كدليل على عُمق أواصر الأخوة بين شعبي البلدين، وصدق المحبة وعظيم التآخي بين الزعيمين العُماني والكويت، وتوثيقًا لأواصر الأخوة الرائعة، فقد حضر سمو أمير دولة الكويت إلى سلطنة عمان في شهر نوفمبر الماضي ليُشارك في افتتاح أكبر مشروع اقتصادي مشترك بين دولة الكويت وسلطنة عمان، ألا وهو مشروع مصفاة الدقم الكبرى، لتكرير النفط في مدينة الدقم الاقتصادية، وكان يكفي أن يرسل وفدًا من المختصين لحضور المناسبة، ولكنَّه فضَّل-حفظه الله- أن يحضر بنفسه إلى السلطنة ليعطي للافتتاح الكثير من البهجة والدعم الشخصي.

وهي بالمناسبة مدينة بحرية قريبة من ساحل الشويمية، الذي أحبه سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الأسبق -طيب الله ثراه- والذي كان يجد فيه راحة النفس على الساحل العُماني الجميل والهادئ، والمطل على بحر العرب، وهذا البحر منحه العُمانيون هذا الاسم بحكم القوة والسيطرة العُمانية عليه أيام التاريخ العُماني القديم.

إنَّ عُمان التي تمتد بها جغرافيتها في الجزء الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية إلى رأس مسندم عند مدخل الخليج العربي، والكويت التي تستقر بها جغرافيتها على رأس هذا الخليج، لم تكن الجغرافيا لتفرِّق بين شعبي البلدين؛ وذلك بحكم التواصل البحري بين السفن العُمانية في المنطقة من ظفار في أقصى جنوب عُمان مرورًا بمدينة صور وساحل الباطنة إلى قلب الخليج، وصولًا إلى دولة الكويت والبصرة في العراق.

وقد كان العُمانيون ينظرون إلى الدول العربية على ضفاف الخليج، نظرة الأخوة الصادقة، وترى نفسها المُلزَم عليها -أدبيًّا وأخويًّا- حماية أشقائها من الطامعين فيهم، وكانوا إذا لزموا أنفسهم بحماية أي بلد آخر شقيق، يقومون بتشييد القلاع والحصون الدفاعية، وذلك بهدف الحماية والسيطرة، وإذا اطمأنوا باستقرار تلك البلاد سلَّموها لأهلها، وغادروها عائدين إلى مسقط، عرين العروبة في ذلك الزمان، وقد فعلوا مثل ذلك غير مرة مع أهل البحرين والبصرة، وذلك عندما طردوا الجيش الفارسي بقيادة كريم خان من البصرة العراقية، وقد كان الفرس قد أغلقوا شاطئ العرب بسلاسل الحديد، فقام الأسطول البحري العُماني بقطع سلاسل الحديد، وطرد الفرس من البصرة، وسُلِّمت البصرة إلى أهلها، وعاد الأسطول البحري العُماني إلى مسقط غير طامع في توسعة جغرافية عُمان على حساب أشقائه.

وعندما هدَّد عبدالكريم قاسم باحتلال دولة الكويت في مطلع ستينيات القرن الماضي، التزم العُمانيون المقيمون على أرض الكويت بالدفاع عنها، وكأنها وطنهم الأول، ولما دارت الأيام واحتل العراق الكويت في عام 1990، كان الجيش العُماني أول الواصلين إلى قلب الكويت، وذلك لأن عُمان ترفض الظلم والاعتداء منذ نشأتها الأولى قبل آلاف السنين.

لذا؛ فنحن لا نستغرب مشاعر الود والاحترام الكبيرين بين الشعب العُماني والكويتي، كون علاقتهما تقوم على إرث عظيم من المودة والأخوة الصادقتين منذ زمن بعيد، وأن زيارة سلطان عُمان إلى دولة الكويت، إنما جاءت تتويجًا لعلاقات قديمة وأزلية، وتوطيدًا لاستمرار نهج المحبة والأخوة الصادقة، ليس بين الزعيمين في البلدين وحدهما، وإنما بين الشعبين الذين ينعمان بدفء المحبة والاحترام المتبادل.

ولا شك أنَّ الكويت وعُمان قد أبعدتا عن شعبيهما نكبة الطائفية والتنابز بالألقاب، وهذه الآفة مدسوسة على العرب من اليهود أعداء الله ورسوله، وذلك لبث بذور الفرقة والتفرقة بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة، بُغية إشعال فتنة التناحر بين شعوب الأمة العربية، وقد تعهَّد بعضُ الجهلة ممن نصَّبوا أنفسهم وكلاء عن الله في الأرض، فصاروا يُعطون صكوك الغفران لمن يحبون، والحكم بالنار على من يُبغضون والعياذ بالله، وهذه آفة خطيرة ومُدمِّرة للتسامح والتصالح مع الذات.. حفظ الله عُمان والكويت، وأعز زعيميهما عزة مباركة دائمة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الكويت تجدد التزامها بـ«أوبك+» وتراهن على استقرار أسعار النفط العالمية

أكد وزير النفط الكويتي طارق الرومي التزام بلاده الكامل بقرارات مجموعة “أوبك+” الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية للنفط، مشيراً إلى أن القرارات تُتخذ بناءً على تحليل دقيق لمعطيات السوق وتطورات الطلب العالمي.

وجاءت تصريحات الوزير في بيان رسمي صادر عن وزارة النفط الكويتية، عقب مشاركته في الاجتماع الوزاري رقم 61 للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج، ضمن آلية الخفض الطوعي للإنتاج التي تنفذها “أوبك+”، والذي عُقد أمس بمشاركة ممثلين عن الدول الأعضاء والمنتجين المتحالفين.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية “كونا” عن الرومي تأكيده أن الكويت تدعم جميع الجهود الرامية إلى تحقيق توازن العرض والطلب في السوق العالمية، مشدداً على أهمية الحفاظ على أمن الطاقة كأولوية استراتيجية لمصدري ومستهلكي النفط على حد سواء.

وأضاف الوزير أن التحالف النفطي بقيادة السعودية وروسيا يتعامل بمرونة مع تقلبات السوق، وأن **”أوبك+” تواصل اتخاذ قرارات مدروسة مبنية على تقييم شامل لمستويات الإنتاج والمخزون العالمي، وكذلك الأوضاع الجيوسياسية والتجارية المؤثرة في السوق.

وجاء الاجتماع الوزاري للجنة المراقبة في وقت تشهد فيه الأسواق حالة من الترقب بشأن التمديد المحتمل لاتفاقيات الخفض الطوعي للإنتاج حتى نهاية العام الجاري، وسط تذبذب في أسعار الخام بسبب المخاوف المتعلقة بالطلب الصيني وبيئة أسعار الفائدة العالمية.

وكانت اللجنة قد شددت خلال الاجتماع على ضرورة الالتزام الكامل بالحصص المقررة ضمن الاتفاق، ودعت الدول الأعضاء إلى تعزيز مستويات الشفافية والإفصاح عن البيانات الإنتاجية لضمان تنفيذ القرارات بدقة.

وتُعد الكويت من أبرز الأعضاء الفاعلين في منظمة “أوبك” ومن الدول الملتزمة تقليديًا بتطبيق سياسات خفض الإنتاج، دعماً لاستقرار الأسعار وحماية مصالح المنتجين على المدى الطويل.

ويأتي موقف الكويت الداعم في سياق تحولات متسارعة في سوق الطاقة العالمية، بما في ذلك التوسع في الطاقة البديلة، والسياسات البيئية الغربية، ما يدفع الدول المنتجة لتبني استراتيجيات توازن حذرة تجمع بين حماية العائدات وضمان أمن الطاقة العالمي.

ويرى محللون في أسواق النفط أن تأكيد الكويت على دعم “أوبك+” يعزز الانطباع بأن التحالف لا يزال متماسكاً ومصراً على ضبط السوق، رغم التحديات الاقتصادية المتعددة، مؤكدين أن استمرار التنسيق بين المنتجين الرئيسيين عامل رئيسي في استقرار أسعار النفط خلال النصف الثاني من 2025.

مقالات مشابهة

  • الحصيني: إيران والكويت تتصدران قائمة أعلى درجات الحرارة في العالم
  • شاب أردني لم يشرب الماء منذ 18 عاماً وذلك لسبب صادم .. تفاصيل
  • الكويت ترحب بإعلان بريطانيا عزمها الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين
  • سعر الذهب في الكويت اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025
  • عبد الرحمن الصادق المهدي يوجه نصيحة لـ “بن زائد”
  • “إليبس” تبرم عقد جديد لتوريد أنابيب معزولة لمشروع ضخم في دولة الكويت
  • الكويت تجدد التزامها بـ«أوبك+» وتراهن على استقرار أسعار النفط العالمية
  • سعر الذهب في الكويت اليوم الثلاثاء 29 يوليو
  • الأمين العام لهيئة كبار العلماء: الصهاينة غاضبون من الأزهر الشريف وذلك يسعدنا
  • إعدام زوجين دفنا خادمتهما بعد تعذيبها حتى الموت في الكويت