"بوليتيكو": كييف تضغط على واشنطن لتسمح لها باستخدام الأسلحة الأمريكية في استهداف الأراضي الروسية
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
ذكرت صحيفة "بوليتيكو" أن كييف في ظل تقدم القوات الروسية في مقاطعة خاركوف شرق أوكرانيا، تضغط على الولايات المتحدة لتسمح لها باستخدام الأسلحة الأمريكية في استهداف الأراضي الروسية.
إقرأ المزيدوأضافت الصحيفة: "يبذل مسؤولون أوكرانيون جهودا جديدة لإجبار إدارة الرئيس بايدن على إلغاء الحظر المفروض على استخدام الأسلحة الأمريكية لتوجيه ضربات على الأراضي الروسية".
وأشارت إلى أن هذه السياسة الأمريكية حسب المسؤولين الأوكرانيين، تمنع الجيش الأوكراني من استهداف الأراضي الروسية.
وأكدت نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن موقف إدارة بايدن على هذا الصعيد لم يتغير حتى الآن.
من جانبه، اعترف وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس مؤخرا بأن لندن سمحت لكييف باستهداف شبه جزيرة القرم بالأسلحة البريطانية حيث تعتبر شبه الجزيرة "أرضا أوكرانية".
تجدر الإشارة إلى أن نظام كييف ورعاته عندما يتحدثون عن عدم استهداف الأراضي الروسية، يعنون مناطق روسيا قبل انضمام الأراضي الجديدة إليها، باعتبار دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيه وخيرسون والقرم "أوكرانية ومن حق قوات كييف قصف المحتلين الروس فيها".
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أسلحة ومعدات عسكرية الأزمة الأوكرانية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا شبه جزيرة القرم
إقرأ أيضاً:
الضربة الأمريكية لإيران: شريعة الغاب بإحداثيات جديدة!
د. أحمد يوسف **
في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، ساد اعتقاد واسع- تبنّاه المنظّر الأمريكي فرانسيس فوكوياما- بأن العالم قد دخل مرحلة "نهاية التاريخ"؛ حيث تتفرد الولايات المتحدة بقيادة النظام الدولي سياسيًا وعسكريًا، وتكرّس الليبرالية الغربية بوصفها النموذج المنتصر والأوحد للبشرية.
هذا التفرد الأمريكي لم يكن مُجرّد لحظة قوة عابرة؛ بل مشروع هيمنة ممتد، قام على مزيج من العسكرة، وتصدير القيم الغربية، والضغط الاقتصادي، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. غير أن الضربة الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية- في ذروة التصعيد الإقليمي عقب السابع من أكتوبر 2023- تعكس ليس فقط توجهًا عدوانيًا في السياسة الخارجية الأمريكية، بل أيضًا ارتباكًا في بوصلة الهيمنة التقليدية، ومحاولة يائسة لاستعادة هيبة تتهاوى في زمن التحولات الجيوسياسية الكبرى.
الضربة العسكرية الأمريكية لا يمكن قراءتها في معزل عن البيئة الاستراتيجية المتغيرة؛ فبعيدًا عن الادعاءات المتعلقة بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، تكشف الضربة عن منطق "الردع الفوضوي" الذي تلجأ إليه واشنطن حين تشعر أن زمام السيطرة بدأ يفلت من يدها، في ظل صعود قوى مناوئة، وتنامي محور المقاومة الذي تتصدره طهران.
وشكَّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحظة فاصلة في السياسة الأمريكية؛ فقد كان أول رئيس يرسم قطيعة حقيقية بين واشنطن والعالم؛ سواء عبر انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، أو تمزيقه لتحالفات عابرة للقارات، أو انحيازه الكامل لأقصى يمين المؤسسة الصهيونية. لقد بدأ ترامب كتابة الفصل الأول من نهاية التفرد الأمريكي، لا فقط عبر سلوك سياسي انعزالي، بل حين ربط شعاره "أمريكا أولًا" بشعار "إسرائيل أولًا"، في ازدواجٍ أضرّ بمصالح واشنطن وفتح أبواب المغامرة دون حساب.
كما وصف البروفيسور جيفري ساكس بدقة، فإن سياسة ترامب "تدور في فلك أجندة نتنياهو"، ما جعل من أمريكا لاعبًا تابعًا للرؤية الأمنية الصهيونية، لا صانعًا لمعادلات الاستقرار في المنطقة.
وفي العقود التي تلت سقوط الاتحاد السوفيتي، زرعت أمريكا قواعدها في الخليج، وفرضت نماذج حكم تابعة، واحتكرت أدوات الردع الإقليمي. غير أن انسحابها الفوضوي من العراق وأفغانستان كان كفيلًا بتقويض صورة "القوة التي لا تُهزم"، وأدى إلى حالة انكشاف أخلاقي واستراتيجي لمشروع الهيمنة.
وفي هذا الفراغ، برزت إيران كقوة صاعدة، تقود تحالفًا يضم فواعل من لبنان إلى اليمن، وتشكل حالة "تمرد سيادي" على التبعية الأمريكية، ما جعلها العدو الطبيعي لإسرائيل ومن يقف خلفها.
وقد شكَّل هجوم 7 أكتوبر 2023 لحظةً فاصلة في تاريخ الصراع، فقد ضربت المقاومة الفلسطينية العمق الإسرائيلي بطريقة لم تشهدها المؤسسة الأمنية الصهيونية منذ عقود. لقد أصيبت أسطورة الردع بانهيار مُدَوٍ، وبدأت التساؤلات في الداخل الإسرائيلي: من نحن حقًا؟ وما مستقبلنا في هذه المنطقة؟ هنا، تدخلت أمريكا لإعادة التوازن، وأكدت مرة أخرى أن إسرائيل دون الدعم الأمريكي لا تساوي شيئًا.
لكن هذا التدخل، لم يضف إلى هيبة أمريكا، بل كشف اعتماد "الكيان الصهيوني" على حماية أجنبية، بما يقوّض أي أمل في قبوله كجزء طبيعي من المنطقة.
في المقابل، يُفاقِمُ صعود اليمين الديني المتطرف في إسرائيل الأزمة، إذ إن هذه الحكومة الإسرائيلية لم تعد تمارس احتلالًا عسكريًا فحسب، بل تمضي في مشروع إحلالي يستند إلى سرديات دينية متطرفة، ترسم للمنطقة مصيرًا كارثيًا إذا تُرك لها الحبل على الغارب.
للأسف، فبدلًا من كبح واشنطن جماح هذا التطرف، أصبحت شريكة فيه، وداعمة له عسكريًا وسياسيًا.
وعلى الرغم من التهديدات والضربات، تبدو إيران -بما تملكه من صلابة داخلية وحلفاء إقليميين- أقرب إلى البعث كقوة إقليمية فاعلة، من إسرائيل التي تستنزفها الحروب، وتخسر معركة القبول الشعبي، رغم كل اتفاقيات التطبيع التي تُفرض بالعصا الأمريكية.
فحتى لو تمَّ التطبيع مع بعض الأنظمة، تبقى الشعوب في المنطقة رافضة لهذا الكيان، وترى فيه كيانًا غريبًا قائمًا على النكبة والدمار، ولا مستقبل له في أي مشروع تعايش حقيقي بالمنطقة.
الضربة الأمريكية لإيران، وكل ما يرافقها من تبريرات، ليست سوى تأكيد أن منطق "شريعة الغاب" لا يزال يحكم النظام الدولي، ولكن بإحداثيات جديدة؛ لم تعد أمريكا اللاعب الأوحد، ولا العالم متفرجًا صامتًا؛ فالمعادلات تتغير، والأقطاب تتعدد، وما من ضربة تُشَن إلا وتفتح احتمالات جديدة للصراع... واليقين الذي يترسخ اليوم أكثر من أي وقت مضى، هو أن الهيمنة الأمريكية لم تعد قدرًا لا يُرد، ولا التفوق الإسرائيلي أمرًا لا يُمَس.
الأيام دول تتقلب في فلك يدور.. "وتلك الأيام نداولها بين الناس".
** مستشار سابق لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية