النبش في التاريخ من أجل الفتنة وعرقلة خطى التعافي الوطني
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
محمود عثمان رزق
20 مايو 2024
لقد درج بعض الناشيطين السياسين الذين يزعمون أنهم يتبنون قضايا الهامش وبعض قضايا الإثنيات السودانية على نبش التاريخ لا من أجل معرفة الحقيقة أو إيجاد ما يجمع الناس أو من أجل البحث التاريخي الأكاديمي، ولكن النبش من أجل البحث عن مواقف وقرارات وتصريحات وأفعال يستفدون منها في صراعتهم مع خصومهم السياسيين المعاصرين على نهج التعميم.
أما أصحابنا النباشون فلهم منطق خاص بهم لم ينزل الله به من سلطان، فهم عكس المنطق الإستقرائي يجعلون فيه المقدمة الصغرى هي الطريق للمقدمة الكبرى في عملية تحير العقل والعقلاء. فهم يقولون لك "هشام لص" فإذن "كل أهله وقومه لصوص" !! هكذا بكل بساطة وسذاجة يدان الكل بسبب فرد أو مجموعة قليلة. ولقد أسميت هذا المنطق ب"منطق النباشين" وهو المنطق الوحيد في عالم الإنس والجن الذي يسبح بك عكس التيار مستخدما المقدمة الصغرى ليوصلك بها لمقدمة كبرى وتعميم أعم يجعل الولدان شيبا. يقول لك أحدهم: طالما أن التاريخ أثبت أن عثمان دقنة كان تاجر رقيق فبالتالي كل البجا في زمانه وفي زماننا وفي المستقبل هم تجار رقيق ولا فضيلة له ولا لهم في هذا الكون. بالله عليكم هل هذا علم؟ وهل هذا عقل؟ وهل هذا عدل؟ وهل هذا منطق؟
حقيقة أريد أن أعرف ماذا يريد هؤلاء؟ هل يريدون أن يبنوا سوداناً جديداً على نبش المساوي فقط؟ وهل تاريخنا أو تاريخ خصومنا ليس فيه سوى المساوي؟ أليس من الفضيحة أن يظل يكرر من يحمل الشهادات العاليا ويدعي الثقافة والعلم والفهم والفهلوة والأستاذية مصطلحات عفى عنها الزمن؟ "جلابة" "حلب" "عبيد" "عرب" زرقة" "نوبة" "السودان النيلي" "سلطنة دارفور" "سلطنة الفونج" "الشماليين" "الغرابة"......الخ، والواقع على الأرض قد تغير تغيراً كبيراً وتداخلت الأجناس وتزاوجت وتجاورت وتاجرت ودرست مع بعضها بعضاً، وتغير الوضع القانوني للمجتمع وتطورت الحياة، وهؤلاء ما فتئوا ينبشون ليلاً ونهاراً في هذه الأنابيش ليضعوها حجر عثرة أمام وحدة البلاد والعباد. ويا ليتهم ينبشون حقائق علمية لا يتطرق إليها الشك ولا يأتيها الباطل من أمامها ولا خلفها، ولكنهم ينبشون أخباراً مشكوك فيها، بعضها موضوع، وبعضها قد لويت أعناقها لتخدم غرضاً في نفس يعقوب، وهذا بالطبع لا يظهر إلا في ساحة التدافع العلمي حيث الرأي والرأي الآخر والدليل والدليل الآخر.
أن هؤلاء يجب أن يعلموا أن الكل مع سودانٍ جديد قائم على رؤى جديدة ومفاهيم جديدة تجمع ولا تفرق، وتعفو ولا تنتقم، وتتعاون ولا تتشاكس، وبهذه الطريقة وحدها تبنى الأوطان وتتقدم. أما النبش في التاريخ من أجل العثور على عثرات أفرادٍ أو قادة أو جماعاتٍ قد قضى نحبها لوضعها كعقبات في الطريق ليدان بها ويقصى بها الأبرياء الأحياء فلن تبني وطناً، ولن تجمع شتاتاً، ولن تبقي صداقة ولا أخوة ولا وداً. والخاسر الأول هنا هو النباش نفسه، لأنه هو من علمّ الآخرين النبش، كما علم حامل السلاح المعتدي بالأمس الشعبً كله حمل السلاح لأن قانون الطبيعة يقول: "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الإتجاه".
فقد أثبتت التجربة أن خطاب الكراهية يولّد مثله، وحمل السلاح يولّد حمل سلاح مثله، والجفاء يولّد الجفاء، والعنصرية تولّد عنصرية مثلها، والجهوية والقبلية تولد مثلها، وكذلك نبش مساوي التاريخ سيولد مثله، وكل ذلك سيفش الغبينة ولكنه حتماً لن يبني وطناً والمثل يقول: "من فش غبينتو هدم مدينتو" فارحمونا من هذه العفانات النتنة يرحمكم الله، وقوموا لبناء وطن جديد على أسس جديدة وروح جديدة ودستور جديد وليفخر كل إنسان بنفسه وأهله ووطنه وأمته، وأعلموا أن أرض السودان واسعة تسع أضعاف أضعاف شعبها الحالي وتقول هل من مزيد، ولكنّ أخلاق الرجال تضيق.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
ابحث هنا.. القائمة أخبار قصيرة مؤتمر #حضرموت الجامع: ما تعرضت له اللجنة البرلمانية في #المكلا من تضييق ومنع وعرقلة يكشف عن جهات نافذة في السلطة المحلية تسعى للتستر على الفساد. 09:39 مساءً - الثلاثاء, 22 يوليو, 2025 رئيس الوزراء اليمني: استمرار وجود مقرات
لم تكد تمر ساعات قليلة على تسليم حركة حماس ردها للوسطاء فجر الخميس، وسط أجواء وصفت بـ"الإيجابية"، وتسريبات إسرائيلية اعتبرت الرد "يمكن البناء عليه"، حتى حدث تغير لافت بمواقف الحليفين الولايات المتحدة وإسرائيل وما تلا ذلك من تداعيات.
تداعيات المساء بدت مفاجئة لا سيما أنها مغايرة تماما لأجواء الصباح "الإيجابية"، حيث تضمنت تلك التداعيات سحبا للوفدين الأمريكي والإسرائيلي من الدوحة، وحديثا عن توسيع لعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، ومزاعم عن "صفقة تبادل جديدة".
وفجر الخميس، قالت حماس في بيان مقتضب، إن "الحركة سلّمت قبل قليل، للإخوة الوسطاء، ردها ورد الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مصدر إسرائيلي لم تسمه، قوله إن رد حماس يُظهر تحسنا مقارنة بالرد السابق، واعتبر المصدر أن رد الخميس "يمكن أن يشكل أساسا للمفاوضات".
كما نقل موقع "تايمز أوف إسرائيل" عن مصدر إسرائيلي لم يسمه، أن رد حماس المحدّث "يمكن التعامل معه"، دون تفاصيل.
وفي نبرة هادئة تتماشى مع حديث المصدرين السابقين، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، إن "الوسطاء (قطر ومصر) نقلوا رد حماس إلى فريق التفاوض الإسرائيلي، وهو قيد التقييم حاليًا"، وهو موقف عده مراقبون "إيجابيا".
وبالتزامن، نقلت القناة "12" العبرية، عن مسؤول إسرائيلي مطلع على المفاوضات لم تسمه، أنه تجرى دراسة رد حماس، مضيفة أن "أطراف المفاوضات تحاول معرفة ما يمكن احتواؤه وقبوله وما لا يمكن احتواؤه. لكن يبدو أن الرد الذي قدمته حماس اليوم أفضل" من السابق.
وفي السياق الإيجابي أيضا مضت القناة قائلة: "تحاول إسرائيل معرفة ما إذا كان من الممكن إيجاد جسور تتجاوز العقبات، وتجعل من الممكن دفع صفقة إطلاق سراح الرهائن".
هذه التطورات والمواقف والتسريبات الصباحية المعلنة من هنا وهناك والتي سارت جميعها في السياق الإيجابي، لم يكد يمر عليها سويعات معدودة، حتى بدأت تظهر في الطريق إرهاصات تبدل "مفاجئ".
فمع عصر الخميس، أعلن مكتب نتنياهو في بيان جديد، استدعاء وفد إسرائيل المفاوض بالعاصمة القطرية الدوحة للتشاور بعد تقديم حماس ردها.
وقال مكتب نتنياهو، في بيانه: "في ضوء رد حماس هذا الصباح، تقرر عودة فريق التفاوض لمواصلة المشاورات في إسرائيل.. نُقدّر جهود الوسيطين قطر ومصر، وجهود المبعوث (الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف) ويتكوف، لتحقيق اختراق في المحادثات".
وعقب البيان، سارع مسؤول إسرائيلي لتأكيد أن الخطوة لا تعني انهيار المفاوضات، ونقلت هيئة البث العبرية عن المسؤول الذي لم تسمه، أن "المحادثات لم تنهر، بل هي خطوة منسقة بين جميع الأطراف".
وتابع: "هناك قرارات مصيرية يجب اتخاذها، ولذلك عاد الوفد لمواصلة المشاورات. لا يزال الزخم إيجابيًا".
دقائق معدودة فقط مرت على بيان سحب وفد نتنياهو، ثم أعلن ويتكوف أيضا، إعادة وفد واشنطن من الدوحة لإجراء مشاورات بعد الرد الأخير من حركة حماس الذي زعم أنه يُظهر "عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار بغزة".
وكان ويتكوف أكثر صراحة حينما قال عبر منصة إكس: "قررنا سحب فريقنا من الدوحة للتشاور، عقب الرد الأخير من حماس، الذي يُظهر بوضوح عدم وجود رغبة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة"، على حد زعمه.
كما زعم أن حماس "لا تتصرف بحسن نية" رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء.
وأردف: "سننظر الآن في خيارات بديلة لإعادة الرهائن (الأسرى الإسرائيليين بغزة) إلى الوطن، ومحاولة توفير بيئة أكثر استقرارا لسكان القطاع".
وتوالت التداعيات، إذ التقط نتنياهو أطراف الحديث من ويتكوف فيما يتعلق بـ"الخيارات البديلة"، ليخرج رئيس وزراء إسرائيل ويدعي أن حكومته تعمل على إنجاز "صفقة جديدة" لاستعادة أسراها بقطاع غزة، وذلك في تضاد تام لمواقف الصباح.
وزعم نتنياهو خلال حديثه بمناسبة اجتماعية في القدس، عمل حكومته "على تحقيق صفقة تحرير جديدة للرهائن (الأسرى الإسرائيليين بغزة)، لكن إذا اعتبرت حماس هذا التحرك دليل ضعف، فهي مخطئة"، دون تفاصيل عن تلك الصفقة، وفق القناة "13" العبرية الخاصة.
يأتي ذلك بينما أكدت حماس مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
فيما تؤكد المعارضة الإسرائيلية أن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يرغب في صفقات جزئية تتيح استمرار الحرب، بما يضمن بقاءه في السلطة، عبر الاستجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، حيث تزامنت التطورات السابقة مع نقل صحيفة "يسرائيل هيوم" الخاصة، عن مصادر أمنية لم تسمها، قولها إن الجيش الإسرائيلي "يستعد لتوسيع المناورة في غزة في ضوء رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار".
وفي السياق ذاته، خرج مصدر مطّلع متحدثا للصحيفة نفسها، بأن "عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض من الدوحة لا تدل على تطور إيجابي، بل العكس"، زاعما أن "حماس تضع العراقيل".
التطورات السابقة برمتها، يبدو أنها لم تمر مرور الكرام على زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي حاول إلقاء الكرة في ملعب نتنياهو مرة أخرى، وفق مراقبين، عندما طالب الحكومة بطرح "مقترح اتفاق علني".
هذا المقترح وفق ما كتبه لابيد عبر منصة إكس، لا بد أن يشمل إنهاء الحرب وإعادة جميع الأسرى وزيادة كبيرة في المساعدات لقطاع غزة و"إنهاء حكم حماس"، مضيفا أنه "اقتراح تدعمه الغالبية العظمى من الشعب الإسرائيلي، ويجب أن يدعمه العالم بأسره".
وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومنذ 6 يوليو/ تموز الجاري، تُجرى بالدوحة مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة، لإبرام اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.