شاركت السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج في الملتقى الأول لاتحاد شباب المصريين بالخارج، تحت عنوان "مكافحة الهجرة غير الشرعية وتأهيل الشباب المصري لسوق العمل".

اتحاد شباب الخارج: مكافحة الهجرة غير الشرعية تحظى باهتمام غير مسبوق من الرئيس السيسي

جاء ذلك بحضور الدكتور محمود حسين رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب ورئيس الاتحاد والملتقى، والمهندس أحمد عصام نائب محافظ الإسماعيلية، ونواب البرلمان والشيوخ وكذلك كبار الشخصيات العامة ورجال الأعمال بالمحافظة، حيث نظم الملتقى اتحاد شباب المصريين بالخارج وتحت رعاية وزارتي "الهجرة والشباب والرياضة"، وذلك في الفترة من 23 إلى 26 من مايو الجاري في بيت شباب الإسماعيلية.

 

في بداية كلمتها، أعربت السفيرة سها جندي، عن سعادتها بالحضور والمشاركة في الملتقى الأول لاتحاد شباب المصريين بالخارج، موجهة الشكر إلى الدكتور محمود حسين رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب ورئيس اتحاد المصريين بالخارج، على الجهد الكبير في تنظيم الحدث الذي تم تنظيمه بالتعاون المشترك، وذلك حرصا على تعزيز التعاون المثمر بيننا، مثمنة الدعم المستمر من لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب وحرصها الدائم على التعاون مع وزارة الهجرة لإعداد أجيال من الشباب قادرة على المشاركة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للدولة وتنمية روح الولاء والانتماء لدى الشباب داخل وخارج الجمهورية.

وأكدت وزيرة الهجرة، حرصها الشديد على حضور هذا الملتقى المهم، والذي يأتي دعما للجهود المبذولة بهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال عمليات التوعية بجانب العمل على تعزيز جهود التدريب من أجل التوظيف وتوفير السبل والبدائل الآمنة أمام الشباب عوضا عن سلوك هذا الطريق، حيث يعد هذا اتساقا مع اهداف المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة" والتي تسعى الوزارة لتنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع عن طريق عمليات التأهيل والتدريب للشباب لأسواق العمل المحلية والأجنبية وفق أعلى المعايير، مشيرة إلى الجهود المبذولة لمكافحة الهجرة غير الشرعية في إطار"مراكب النجاة"، والتي جاءت بتكليف من السيد رئيس الجمهورية في ختام منتدى شباب العالم ٢٠١٩، مؤكدة أنه يتم العمل حاليا على استكمال تنفيذ المرحلة الجديدة من المبادرة، والتي يتم الجمع فيها بين محورين مهمين وهما توعية وتدريب الفئات الأكثر احتياجا عن طريق برامج وحملات التعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية وبدائلها الآمنة، وفق خطة تنفيذية موضوعة لتشمل 14 محافظة من المحافظات الأكثر توجها للهجرة غير الشرعية، بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل بالخارج والداخل وريادة الأعمال، والقيام بشكل دوري بتنفيذ الزيارات الميدانية وحملات طرق الأبواب لتوعية الأمهات والقُصّر في تلك المحافظات.

وأشارت وزيرة الهجرة إلى أنها ترأست أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة، وذلك لبحث آليات عمل اللجنة خلال الفترات المقبلة، وفقًا لمحددات القانون رقم 111 لسنة 1983 الخاص بالهجرة ورعاية المصريين في الخارج، وقرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم ١٣٩٩ لسنة ٢٠٠٤، بمشاركة ١٤ وزارة وجهة بما في ذلك وزارات الأمن القومي، من بين ١٥ جهة من أعضاء اللجنة، وقد مثلهم خلال اجتماعها الأول ٢٧ من كبار مسئولي هذه الجهات برئاسة وزيرة الهجرة، مضيفة أن اللجنة من شأنها العمل على دراسة إنشاء مراكز متخصصة للتدريب للراغبين في الهجرة في عدة مجالات، بجانب تنظيم دورات متخصصة لتأهيل الراغبين في الهجرة، وتوفير مواد ثقافية وإعلامية وقومية تربط المصريين بالخارج بالوطن، وتحافظ على هويتهم.

وقالت السفيرة سها جندي، إن العدوى هي المحرك الأساسي لظاهرة الهجرة غير الشرعية في القرى المصدرة لهذه الظاهرة، لذلك فإن مكافحة الهجرة غير الشرعية لن تأتى بعمليات التوعية فقط، لكن بإيجاد مسارات بديلة للهجرة غير الشرعية وفرص بديلة للعمل والارتقاء بالمستوى المعيشي للفائات الاكثر احتياجا في هذه القرى، لافتة إلى أن من بين أهم أدوات وزارة الهجرة لمكافحة الهجرة غير الشرعية وهو المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج، والذي نجح خلال الفترة من 2021 إلى 2023 من تقديم خدماته لإجمالي 29845 مستفيدًا، شملت التدريبات على ريادة الأعمال وكيفية البدء في إنشاء أو تطوير المشروعات الصغيرة، مهارات التوظيف والإرشاد المهني، تدريب البرمجة BACK-END، وتدريبات حرف يدوية، تدريب مبيعات SALES، جلسات استشارية عن آلية الحصول علي فرص عمل في ألمانيا للمؤهلات الفنية، وغيرها من التدريبات.

وتابعت السفيرة سها جندي، أنه تم تنفيذ عدد 42 حملة طرق أبواب لتوعية الشباب والأسر في 185 قرية، بالمحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية، بإجمالي مايقرب من 19.370 مستفيدا، فضلا عن تأهيل وتدريب الشباب والفتيات في هذه القرى وفق احتياجات سوق العمل الأوروبية والمحلية، من خلال برامج تدريبية مكثفة بإجمالي مايقرب من 29845 ألف خدمة، و28762 مستفيدًا، و350 فرصة عمل بالخارج، وبمتوسط المستفيدين من الفتيات من إجمالي الخدمات المُقدمة 4980 فتاة.

وأضافت وزيرة الهجرة أنها حرصت على تنفيذ عشرات القوافل الطبية من خلال تحريك العيادات المتنقلة، بالمحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، بالقرى الأكثر احتياجا، وعلى رأسها مؤسستي صناع الخير وراعي مصر والعديد من المؤسسات الوطنية الأخرى،  فضلا عن التعاون المستمر مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لتقديم تسهيلات للشباب لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال الجهاز كبديل عن الهجرة غير الشرعية، و لإقامة مشروعات تنمية مجتمعية بالمحافظات المختلفة من خلال مساهمة  الجهاز في تنفيذ مبادرة"مراكب النجاة" بـ  ١٤ محافظة مختلفة وتصميم تدريبات للشباب لبدء مشروعات صغيرة.

ووجهت وزيرة الهجرة، نصائحها للشباب بألا يسلكوا طريق الهجرة غير الشرعية، والبحث عن الفرص التي توفرها الدولة المصرية من فرص عمل وتدريب مهمة تقدمها لكل الشباب، بجانب مواكبة احتياجات الأسواق العالمية من مجالات البرمجة ولغة الآلة وعلوم الذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت متاحة للتدرب عليها بشكل شبه مجاني.

وفي ختام كلمتها أكدت سيادتها أنه مهما بلغت التحديات والصعوبات، التي نواجها فإننا سنعمل معا وبكل صدق ولن ندخر جهدا في بناء المستقبل بأيدينا؛ لضمان غد  أفضل لأبنائنا والأجيال المقبلة؛ فهم الأمل الذي تبني عليهم الدّولة أحلامها، ونحن جميعا علي ثقة في قدرات المصريين، وبالإرادة سنجتاز التحديات، وسط ماض يذكرنا بالتضحية والفداء، ومستقبل يطالبنا ببذل الغالي والنفيس من أجل الوطن، فبنا جميعا باذن الله «تحيا مصر».

من جانبه، أعرب الدكتور محمود حسين رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، ورئيس اتحاد شباب المصريين بالخارج والملتقى، عن سعادته البالغة بحضور ومشاركة السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، بأولى ملتقيات اتحاد شباب المصريين بالخارج، موجها عظيم شكره للسفيرة سها جندي وزيرة الهجرة لما تقدمه من جهود مضنية لخدمة المصريين بالخارج، قائلًا "إن وزيرة الهجرة لا تنام وتصل الليل بالنهار في خدمة مواطنينا بالخارج".

كما أكد الدكتور محمود حسين، أن الملتقي يأتي في إطار خطة الدولة لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتماشيا مع توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بالتزام مصر بمكافحة هذه الظاهرة حيث يسعي الاتحاد لدعم جهود القيادة السياسية التي نجحت في وقف تدفقات الهجرة من السواحل المصرية منذ ، عام 2016فضلا عن استضافة 9 ملايين أجنبي بمصر؛ يتمتعون بالخدمات الاجتماعية والصحية أسوة بالمصريين، مشيرا إلى أن الملتقي سليقي الضوء على أهمية تأهيل و تدريب الشباب الراغب في الهجرة وذلك من خلال إنشاء مراكز للتأهيل والتدريب للعمالة الراغبة في الهجرة بالتنسيق مع الدول المضيفة يتم فيها التدريب وفقاً لاحتياجات سوق العمل بتلك الدول، بالإضافة إلى وحدات تدريب متنقلة بالقرى الأكثر تصديراً للهجرة برعاية الوزارات المعنية والتعاون مع اتحاد شباب المصريين بالخارج.

وأشاد رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، بالجهود التي تقدمها وزارة الهجرة فى ملف الهجرة غير الشرعية، تحت قيادة السيدة الوزيرة المجتهدة سها الجندي ونجاحها الكبير في العديد من المبادرات منها ما تم تنفيذه في المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة" للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية، فور تكليف فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وزارة الهجرة بتنفيذها بالتعاون مع كافة الجهات المعنية، في ختام النسخة الثالثة لمنتدى شباب العالم 2019، ومنذ ذلك الحين سعت الوزارة للتعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية بهذا الملف المهم، من وزارات وهيئات حكومية، أو منظمات دولية ذات الشأن، حتى تتحقق الأهداف المرجوة والمكلفة بها وزارة الهجرة في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدا أنه يمكن العمل في إطار توجيهات القيادة السياسية بالارتقاء وتطوير وتأهيل العنصر البشري، بالإضافة إلي التوجيهات الرئاسية بدراسة الأسواق العربية والأوروبية وتعزيز فرص الهجرة الآمنة لهذه الأسواق للشباب المصري المؤهل، بهدف تحقيق المردود المجتمعي المنشود وزيادة فرص التأهيل والتدريب وريادة الأعمال للشباب".

بينما قال النائب عمرو هندي عضو مجلس النواب عن المصريين بالخارج، إن السفيرة سها جندي حققت إنجازات غير مسبوقة، وعلى رأسها مبادرة "سيارات المصريين بالخارج" التي مثلت حلم لكل مصري بالخارج، هذا بجانب مبادرة الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية لشباب المصريين بالخارج.

فيما أكد النائب أحمد عثمان عضو مجلس النواب أن الجميع يعي المسئولية تجاه الأجيال الجديدة والشباب، وضرورة العمل على استنفار طاقاتهم، وتوفير التدريبات اللازمة لهم بعد المرحلة التعليمية لثقل مواهبهم وتكوير قدراتهم الكبيرة، حتى يمكنهم الالتحاق بسوق العمل وإحداث طفرة تنموية كبيرة، فمصر تحتاح لأيدي عاملة مدربة وفق معايير عالمية حتى يمكننا ركب التقدم.

وشهدت الندوة الافتتاحية فتح باب النقاش والاسئلة للشباب الحضور حيث تلقت معالي السفيرة عددا من الاسئلة أبرزها سؤال حول التدريبات التي تقدمها في مجالات مختلفة وأهمية إدراج مجالات تدريبية ومنها مجال المساحة، حيث قالت الوزيرة إننا نعمل على توسيع دائرة التدريبات التي يقدمها المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الادماج، وذكرت سيادتها سعي عدد كبير من الدول واهتمامها، مثل ايطاليا والسعودية وغيرهم، لتنفيذ مراكز تدريب مماثلة وهذا سيتيح الفرصة لضم تخصصات جديدة ضمن ما يقدمه المركز من برامج تدريبية متخصصة، هذا بجانب المركز الوطني للهجرة الذي تعمل عليه وزارة الهجرة بالتعاون مع الجهات المختصة وسيصبح مظلة وطنية جامعة لكل الجهود في هذا المجال.

وحول سؤال أحد الشباب عن فرص وعقود العمل التي تقدم للأطباء المصريين للعمل بالخارج، فقالت الوزيرة إن الطبيب المصري طبيب مميز ومن الطبيعي أن يجد طلبا كبيرا عليه من مختلف المؤسسات والهيئات الطبية في أي من الدول، وهنا أود التأكيد على ضرورة فحص وتدقيق عقود العمل التي ترد من الخارج للتأكد من صحتها وكذلك ضمها لكافة الحقوق الخاصة بالراغب في الهجرة لتلافي أية عملات تلاعب قد تحدث في المستقبل.

وأوضحت وزيرة الهجرة، في إجابتها على استفسار أحد الشباب حول عدد اللاجئين في مصر، أن أعداد اللاجئين في مصر يقدر بنحو ٩ مليون من مختلف الدول، وستبقى مصر حاضنة لكل شخص يلجأ إليها حتى في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها العالم أجمع.

 

2c41e6ad-cab7-424d-87ea-def61db58199 8364454e-4752-4a68-87b1-66f01750eb7f b34c826d-dd80-4ea1-ac66-cefc9df9ff0b db987d76-8389-433c-b6bd-9b7e67b0e1c7

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سها جندي المصريين بالخارج اتحاد شباب المصريين بالخارج مكافحة الهجرة غير الشرعية السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج رئیس لجنة الشباب والریاضة بمجلس النواب اتحاد شباب المصریین بالخارج مکافحة الهجرة غیر الشرعیة للهجرة غیر الشرعیة الدکتور محمود حسین السفیرة سها جندی مراکب النجاة وزیرة الهجرة وزارة الهجرة فی الهجرة من خلال فی إطار

إقرأ أيضاً:

لماذا تبدأ السنة الهجرية في محرم رغم أن الهجرة كانت في ربيع الأول؟

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: هل حقًّا أن هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول؟ ولو كانت كذلك، فلماذا نحتفل ببداية السَّنَة الهجرية ويوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم؟

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن هجرته صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول، وكان العزم عليها والاستعداد لها في شهر المحرم، ولهذا كانت بداية العام به، وكذا الاحتفال بها يكون في شهر المحرم، فيكون الاحتفال بها بمعنى الهجرة لا بخصوص يومها.

الحكمة من جعل الهجرة النبوية بداية التقويم الإسلامي

وأشارت الإفتاء الى أن الهجرة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامي؛ لما مثلته من معانٍ سامية ورفيعة؛ إذ كانت دليلًا جليًّا على تمسك المؤمنين بدينهم؛ حيث هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وبيوتهم وأموالهم، لا يرغبون في شيء إلا في العيش مسلمين لله تعالى؛ ولذلك مدحهم سبحانه وأشاد بهم؛ فقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[الحشر: 8]، كما أنها كانت البداية الحقيقية لإقامة بنيان الدولة، ووضع أحكامها التشريعية التي صارت أساسًا لإنشاء النظم المجتمعية، وضبط العلاقات الإنسانية والدولية، وإقرارًا لمبدأ التعايش والتعددية.

دعاء استقبال العام الهجري الجديد.. للرزق والتيسيرهل يؤثر نسيان تسبيح الركوع على صحة الصلاة؟.. أمين الفتوى يجيبفائدة عظيمة يكشفها المفسرون.. لماذا فضل الله الأم على الأب؟استعن بالله.. الأوقاف تقدم نصائح لطلاب الثانوية خلال الامتحانات

بداية التقويم الهجري وأول من وضعه

وأوضحت انه يعرف تاريخ كلِّ شيء بأنه غايته ووقته الذي ينتهي، وأما عرفًا: فهو توقيت الفعل بالزمان؛ ليعرف ما بين قدر ابتدائه وأي غاية فرضت له، وقيل: هو عبارة عن يوم ينسب إليه ما يأتي بعده، وقيل: عبارة عن مدة معلومة تعد من أول زمن مفروض؛ لتعرف الأوقات المحددة، فلا غنى عن التاريخ في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية. ينظر: "فيض القدير" للإمام المناوي (1/ 101، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

وقد كانت العرب أول الأمر تؤرخ بعام الفيل، وهو عام مولده صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يزل التاريخ كذلك في عهد سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، إلى أن وَلِي عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، فجمع الصحابة واتفقوا رضي الله عنهم على الهجرة بداية للتقويم الإسلامي.

فذكر الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (4/ 511، ط. هجر): نقلا عن الواقدي أنه قال: [حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه، قال: استشار عمر في التأريخ فأجمعوا على الهجرة] اهـ.

وقد بوَّب البخاري في "صحيحه" لذلك بقوله: "باب التاريخ ومتى أرخوا التاريخ"، وأورد فيه قول سهل بن سعد رضي الله عنه: "ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة".

قال ابن كثير (4/ 511): [وقال أبو داود الطيالسي: عن قرة بن خالد السدوسي، عن محمد بن سيرين، قال: قام رجل إلى عمر فقال: أَرِّخوا. فقال: ما أَرِّخوا؟ فقال: شيء تفعله الأعاجم؛ يكتبون: في شهر كذا من سنة كذا. فقال عمر: حَسَنٌ فأَرِّخوا. فقالوا: من أي السنين نبدأ؟ فقالوا: من مبعثه. وقالوا: من وفاته. ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ فقالوا: رمضان. ثم قالوا: المُحَرَّم؛ فهو منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام. فاجتمعوا على المُحَرَّم] اهـ.

ثم قال (4/ 512): [وروى محمد بن إسحاق، عن الزهري، وعن محمد بن صالح، عن الشعبي، أنهما قالا: أرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم وإسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة... والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها من المُحَرَّم، فيما اشتهر عنهم، وهذا هو قول جمهور الأئمة] اهـ.

يقول الزرقاني في شرحه على "المواهب اللدنية" (2/ 153، 154، ط. دار الكتب العلمية): [ولم يؤرخوا بالمولد ولا بالمبعث؛ لأن وقتهما لا يخلو من نزاع من حيث الاختلاف فيهما، ولا بالوفاة النبوية؛ لما يقع في تذكره من الأسف والتألم على فراقه] اهـ.

سبب التأريخ للعام الهجري بشهر المحرم

ونوهت انه من المعلوم أن دخول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة كان في شهر ربيع الأول وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها في شهر المُحَرَّم بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار؛ ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ قالوا: رمضان، ثم قالوا: المُحَرَّم، فهو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، وهو شهر حرام فاجتمعوا على المُحَرَّم.

قال الحافظ ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (4/ 512) [والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها مِن المُحَرَّم فيما اشتهر عنهم، وهذا هو قول جمهور الأئمة] اهـ.

قال أبو القاسم السُّهيْلي في "الروض الأنف" (4/ 151، ط. دار إحياء التراث العربي): [قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة يوم الإثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل لثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وهو التاريخ فيما قال ابن هشام] اهـ.

وقد سبق ذكر أثر سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أنهم ما عَدُّوا إِلَّا مِن مَقدَمِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الْمَدينة.

كما روى الحافظ البيهقي عن أبي البَدَّاح بن عاصم بن عدي، عن أبيه، قال: "قدِم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، فأقام بالمدينة عشر سنين".

وفي روايةٍ عن ابن شهاب، قال: "كان بين ليلة العقبة وبين مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أشهر أو قريب منها، وكانت بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة في ذي الحجة، وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة في شهر ربيع الأول، وتوفي في ربيع الأول لتمام مهاجره من مكة إلى المدينة عشر سنين". ينظر: "دلائل النبوة" للإمام البيهقي (2/ 511، ط. دار الكتب العلمية).

وتابعت: ما ذُكر هو مذهب الجمهور، ولم يخالف سوى ابن حزم رحمه الله؛ فمذهبه أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة مهاجرًا، ولكن لم يتابَع عليه؛ إذ الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك السَّنَة.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 464، ط. دار المعرفة) عن غزوة خيبر: [وحكى ابن التين عن ابن الحَصَّار أنها كانت في آخر سَنَة ست، وهذا منقول عن مالك، وبه جزم ابن حزم، وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بأن مَن أطلق سَنَة ست بناه على أن ابتداء السَّنَة من شهر الهجرة الحقيقي، وهو ربيع الأول] اهـ.

وقد حاول العلماء طلب مناسبة اختيار المُحَرَّم لبداية التاريخ، فذكروا حرمته وفضله؛ قال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" (4/ 306، ط. مكتبة السُّنَّة): [لكونه شهر الله، وفيه يُكسى البيت، ويُضرب الوَرِق، وفيه يوم تاب فيه قوم فتيب عليهم] اهـ.

وقيل: لأن فيه اجتماعًا للأشهر الحرم في السَّنَة الواحدة؛ قال أبو هلال العسكري في "الأوائل" (ص: 151، ط. دار البشائر- طنطا): [أراد بذلك اجتماع الأشهر الحرم في سنة واحدة] اهـ.

وقيل: "لكونه وقت انصراف الناس وصدَرهم إلى بلادهم؛ قالوا: قدم المدينة في ربيع الأول؛ لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام". ينظر: "التوشيح" للإمام السيوطي (6/ 2474، ط. مكتبة الرشد).

جاء في "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا" للحافظ مغلطاي (1/ 168، هامش 1، ط. دار القلم، الأولى ت: الفتيح): [وقالوا في سبب جعله من المُحَرَّم على الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة في ربيع الأول: لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام، فأجمعوا على المُحَرَّم. وفي قول آخر: لتجتمع الأشهر الحرم في سَنَة واحدة] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 268): [وقد أبدى بعضهم للبداءة بالهجرة مناسبة؛ فقال: كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة: مولده، ومبعثه، وهجرته، ووفاته، فرجح عندهم جعلها من الهجرة؛ لأن المولد والمبعث لا يخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السَّنَة، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه؛ لما توقع بذكره من الأسف عليه، فانحصر في الهجرة. وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المُحَرَّم؛ لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المُحَرَّم؛ إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المُحَرَّم، فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمُحَرَّم] اهـ.

الحكمة من الاحتفال بالسنة الهجرية في شهر المحرم

أما فيما يتعلق باحتفالنا بالسَّنَة الهجرية في شهر المُحَرَّم من كلِّ عام، فهو احتفال بما مثَّلته من معانٍ سامية ورفيعة، كالرغبة في العيش بسلامٍ، وهجران كل قبيح إلى كلِّ صحيح، وذلك بمجاهدة النفْس وتزكيتها، وهو أمر مُرغَّب فيه شرعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» رواه الشيخان.

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (13/ 8، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي هذا الحثُّ على نيةِ الخير مطلقًا، وأنه يُثاب على النية] اهـ.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» رواه البخاري.

قال العلَّامة ابن حجر في "فتح الباري" (11/ 319): [أعلَمَهم أنَّ مَن هجَر ما نهى الله عنه كان هو المهاجر الكامل... وهذا الحديث مِن جوامع الكَلِم التي أُوتِيها صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وفي الاحتفال بهذا الموسم المبارك امتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعمٍ وعبرٍ وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5].

وكذلك هو وسيلة لتذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأن يسر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، مما كان سببًا لنصرة الإسلام وسيادته؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، والوسائل لها حكم المقاصد.

وبينت بناء على ما سبق: أن هجرته صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول، وكان العزم عليها والاستعداد لها في شهر المحرم، ولهذا كانت بداية العام به، وكذا الاحتفال بها يكون في شهر المحرم، فيكون الاحتفال بها بمعنى الهجرة لا بخصوص يومها.

طباعة شارك بداية التقويم الهجري التقويم الهجري التقويم الإسلامي سبب التأريخ للعام الهجري شهر المحرم أول من وضع التقويم الهجرى

مقالات مشابهة

  • بحضور محافظ الوادي الجديد.. الجمعية الشرعية تطلق مؤتمرها الأول للحروق
  • منتخب الشباب يهزم إسبانيا ويتصدر مجموعته في كأس العالم لليد
  • مركز وفاق يختتم مبادرة "همتكم شباب"
  • لينك نتائج الطلبة المصريين بالخارج من المرحلة الابتدائية وحتى ثانية ثانوي 2025
  • أكاديمية الشرطة تستقبل الملتقى الثاني للمواطنة الرقمية
  • لماذا تبدأ السنة الهجرية في محرم رغم أن الهجرة كانت في ربيع الأول؟
  • بمشاركة 30 شركة.. «الشباب والرياضة بالإسكندرية».. جسر جديد لتوظيف الشباب من قلب الأنفوشي
  • أكاديمية الشرطة تستقبل الملتقى الثانى للمواطنة الرقمية بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة
  • بالتعاون مع الشباب والرياضة.. أكاديمية الشرطة تستقبل الملتقى الثانى للمواطنة الرقمية| صور
  • جلسة حوارية لاتحاد الصحفيين السوريين مع إعلاميي درعا