اتفق خبير سياسي وآخر عسكري على أن الاحتلال الإسرائيلي يخشى من تداعيات حادث تبادل إطلاق النار الذي وقع عند الحدود الفاصلة مع مصر بمنطقة معبر رفح الحدودي، لذا تتعامل بحذر معه.

وفي تطور لافت، أكد الجيشان المصري والإسرائيلي وقوع تبادل إطلاق نار اليوم الاثنين عند الحدود الفاصلة بمنطقة معبر رفح، في حادثة نادرة أثارت تساؤلات بشأن تأثيراتها وتداعياتها.

وبعد فترة من منع الرقيب العسكري، أفادت هيئة البث الإسرائيلية وصحيفة معاريف أن جنديا مصريا قُتل وأصيب آخرون من الجانب المصري، في تبادل إطلاق نار بين الجيش الإسرائيلي وجنود مصريين عند معبر رفح، فيما قالت هيئة البث إنه لا توجد إصابات بين جنود الجيش الإسرائيلي.

وفي حديثه للجزيرة، أشار الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إلى أنه برغم ما توفر من إعلانات رسمية، فكان لا بد في البداية من التعامل مع تكتم مصري وتسريب إسرائيلي، في ظل تغير لحظي في المعطيات المتوفرة.

تنسيق معتاد

وتابع بأنه كان من المعتاد التعامل مع تنسيق للروايات بين الجانب المصري والإسرائيلي، متسائلا إن كان هذا التنسيق سيجري في ظل توتر العلاقات خلال الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي ربما يبرر استباق الاحتلال بتسريب معلومات كبدء الجانب المصري إطلاق النار.

ويرى جبارين أن إسرائيل تحاول من خلال هذه التسريبات أن تبرر مقتل جندي مصري أو أكثر باعتبار أن ما قامت به رد فعل وليس ابتداء بالاعتداء من طرفها وأنها تحترم القانون الدولي.

وأشار إلى أن إسرائيل تخشى من التورط في مثل هذه الحوادث الأمنية داخل رفح وتحديدا على الحدود المصرية، لأنها تعلم أنها لن تتعامل فقط مع السلطات المصرية التي ربما تبدي شكلا من أشكال التعاون، وإنما مع جميع المصريين البالغ عددهم 110 ملايين مصري.

وأوضح أن أي حادث بسيط يقع يمكن أن يعرض اتفاقية كامب ديفيد إلى نوع من المساءلة والتدقيق والخطر، وهي لدى الإسرائيليين مهمة باعتبار أن وظيفتها الأساسية المحافظة على الأمن القومي لدولتهم.

وفي هذا السياق، لفت جبارين إلى أن الجندي المصري لديه مشاعره التي تتأثر بما يحدث في المنطقة، وهي بطبيعة الحال لن تكون تحت سيطرة أي سلطة، الأمر الذي يعلمه الجانب الإسرائيلي جيدا، مشيرا إلى حوادث سابقة مثل حادثة المجند المصري محمد صلاح الذي قتل جنودا إسرائيليين منذ أشهر.

شراكة لا مجرد تنسيق

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي أن الاحتلال إذا أراد السيطرة على قطاع غزة بأي سيناريو فهو بحاجة إلى شراكة مع الجانب المصري وليس تنسيقا فقط، وأنه إذا كان الحديث عن وجود قوى دولية، فإن مصر ستكون حريصة على أن تكون حاضرة كإحدى هذه القوى.

ويتفق جبارين مع الرأي الذي يقول إن إسرائيل لديها شعور بأن السلام مع مصر مهدد، في ظل تدني مستوياته في مساحات مختلفة، كالجانب الشعبي والاقتصادي، لكن الجانب الأمني هو الأهم لها، وهي تتعامل مع أي خطر على الحدود بمفهوم "الذئاب المنفردة" الذي تواجهه في الضفة الغربية.

بدوره، تساءل الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي، عن سبب الصمت المصري تجاه ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود، مشيرا في الوقت ذاته إلى تحذيرات سابقة للجانب المصري من عمليات التهجير وعودة إسرائيل لاحتلال محور فيلادلفيا.

ووصف الفلاحي ما حدث بأنه "حادث احتكاك"، لافتا إلى أن قواعد الاشتباك الثابتة تتيح الدفاع عن النفس وأنه في حال كانت هناك تجاوزات من أي طرف يحق للطرف الآخر الرد والدفاع عن نفسه.

واتفق الفلاحي مع جبارين بأن الاحتلال يعتبر هذه المساحة تمس أمنه القومي، لذا فهو يتعامل معها بحذر، لكنه لا يتوقع أن تتجاوز تداعيات هذا الحادث إلى ما يمكن أن يحرك الشارع المصري، خصوصا إذا ما تم التعامل معها كحادثة فردية.

وشدد الخبير العسكري على أن إسرائيل تعتبر مصر في المرتبة الأولى من حيث مهددات أمنها القومي، وهو ما يقتضي من السلطات المصرية عدم التفريط في ورقة قوى المقاومة الفلسطينية، باعتبارها ورقة دفاع عن الأمن القومي المصري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجانب المصری معبر رفح إلى أن

إقرأ أيضاً:

لماذا قررت كندا الاعتراف بفلسطين رغم دعمها إسرائيل؟

كالغاري- في خطوة مفاجئة خلفت دهشة وجدلا واسعا وشكلت تحولا لافتا في السياسة الكندية أعلنت أوتاوا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين ودعم رؤية حل الدولتين، مما أثار تساؤلات في الأوساط العربية خاصة بشأن كيفية تمكن الحكومة الكندية من اتخاذ هذه الخطوة رغم سياستها المؤيدة لإسرائيل واستمرار تصدير الأسلحة إليها.

وكان رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أعلن أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، مشيرا إلى أن هذه الخطوة مشروطة بالتزام السلطة الفلسطينية بإجراءات تتضمن إصلاحا جذريا للحكومة، وتنظيم انتخابات عامة في عام 2026 "لا يمكن لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) المشاركة فيها".

وأثار إعلان أوتاوا غضب كل من إسرائيل والولايات المتحدة، حيث أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن معارضته أي اعتراف بالدولة الفلسطينية حاليا، معتبرا هذه الخطوة مكافأة لحركة حماس، في حين أدانتها خارجية إسرائيل.

واعتبرت الخارجية الإسرائيلية أن تغيير موقف أوتاوا في هذا التوقيت يعزز موقف حماس في أي مفاوضات مستقبلية، ويضر بجهود التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرقل أي إطار محتمل لإطلاق سراح المحتجزين.

عاطف قبرصي: غطرسة إسرائيل وضعت كندا والدول الأوروبية أمام استحقاق كبير (صفحة جامعة ماكماستر)استحقاق كبير

ويعتقد أستاذ الاقتصاد في جامعة ماكماستر عاطف قبرصي أن كندا اختارت أن تؤيد الموقف الأوروبي الذي أسسته فرنسا ودعمته بريطانيا، ثم انضمت إليه دول أوروبية أخرى، لاتخاذ موقف إنساني في ظل التدهور غير المسبوق للأوضاع في قطاع غزة.

وأضاف قبرصي للجزيرة نت أن غطرسة الحكومة الإسرائيلية وضعت هذه الدول أمام استحقاق كبير، إما الالتزام بمواقف تدافع عن حقوق الإنسان، أو تأييد الجرائم والانتهاكات الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل، إلى جانب سياستها القائمة على الكذب والتضليل للتستر على هذه الجرائم، فكان لزاما عليها إعلان دعمها حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع اعتبار ما تقوم به تل أبيب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني.

إعلان

ويستطرد قبرصي أن الحكومة الكندية بعد أن طالتها أضرار تجارية وواجهت تهديدات من إدارة ترامب لم يعد بإمكانها الصمت أو الانصياع بشكل أعمى لسياسات الولايات المتحدة كما كان الحال سابقا، ولهذا قررت المضي في خطوة الاعتراف دون الرجوع إليها.

ووفقا له، فإن كندا الآن في موقف محرج وصعب أمام جزء كبير من شعبها الذي يطالب بسياسات أكثر عدالة وإنسانية، وأيضا أمام اتهامات بالتواطؤ في حرب الإبادة وانتهاك حقوق الإنسان، بسبب استمرارها في تزويد إسرائيل بالأسلحة.

النائبة جولي دزيروفيتش: إجراءات إسرائيل تقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين (التواصل الاجتماعي)انتقادات حادة

وعلى الرغم من إعلان حكومة أتاوا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين واتهام تل أبيب بانتهاك القانون الدولي جراء عرقلتها إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة فإن كندا تواجه انتقادات حادة عقب تقرير صدر عن "تحالف حظر الأسلحة" كشف استمرار تدفق الأسلحة الكندية إلى إسرائيل بشكل مباشر رغم ادعاءات الحكومة المتكررة بأنها علقت تصديرها في مارس/آذار 2024.

من جهتها، أكدت النائبة في البرلمان عن الحزب الليبرالي جولي دزيروفيتش أن سلسلة من الممارسات الإسرائيلية الحاسمة دفعتهم بشكل عاجل إلى الإعلان عن نيتهم الاعتراف بدولة فلسطين، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات من شأنها تقويض إمكانية تحقيق حل الدولتين، و"هو الموقف الثابت للحكومة الكندية".

وأوضحت جولي في تصريح نشرته عبر موقعها الإلكتروني أن هذه الإجراءات تشمل:

قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة) ضم الضفة الغربية وفرض السيادة عليها. تصاعد اعتداءات وعنف المستوطنين. منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. الحد من حركة الفلسطينيين لتقتصر على مناطق محددة في غزة. نوايا الحكومة الإسرائيلية المعلنة بضم أجزاء من قطاع غزة.

موقف متناقض

وتُعد كندا على مدار السنوات الماضية واحدة من أبرز الدول الداعمة لإسرائيل ضمن مجموعة الدول السبع، وسبق لحكوماتها المتعاقبة التأكيد أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يأتي عبر مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لكن الواقع على الأرض وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتلاشي فرص قيام دولة دفع الكنديين إلى إعادة تقييم موقفهم، وفق رئيس الوزراء مارك كارني.

وتحدثت الجزيرة نت مع عدد من الشبان الفلسطينيين الذين يتظاهرون أسبوعيا رفضا لحرب الإبادة في قطاع غزة بشأن عزم الحكومة الكندية الاعتراف بدولة فلسطين، واعتبروا الخطوة محاولة لامتصاص الضغوط الداخلية والدولية دون تغيير جوهري في موقفها الداعم لإسرائيل بـ"دليل استمرارها في تزويدها بالأسلحة التي تستخدم في قتل أبناء شعبنا".

وأكدوا على ضرورة أن تتخلى الحكومة الكندية عن هذا الدعم، وإلا فإنها تتناقض مع نفسها.

ويضع القرار أوتاوا في موقف حساس مع واشنطن وتل أبيب، فبينما يعزز مكانتها في الأمم المتحدة مع تصاعد الدعم الدولي للاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين لكنه يبقي تناقضها بين تصديرها الأسلحة إلى إسرائيل وتعهدها بتقديم 30 مليون دولار مساعدات إنسانية لغزة، ويثير تساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوة لتحقيق توازن دبلوماسي أم مجرد غطاء سياسي لاستمرار المصالح الاقتصادية والعسكرية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • لماذا قررت كندا الاعتراف بفلسطين رغم دعمها إسرائيل؟
  • ضياء رشوان: إسرائيل تتحكم في معظم معابر غزة.. واستفادت تجاريا من القطاع
  • مشهد يؤكد الخيانة.. «إخواني» يرفع العلم الإسرائيلي أمام السفارة المصرية في تل أبيب
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: مصر أدخلت أطنانا من المساعدات لغزة
  • هاشتاجات «إخوان خائنون» و«الإخوان عملاء إسرائيل» تتصدر إكس
  • اكتمال عبور القافلة الخامسة من المساعدات إلى غزة رغم تعنت الاحتلال الإسرائيلي
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • 5 آلاف طن مساعدات تدخل غزة ضمن حملة زاد العِزة برعاية الهلال الأحمر المصري
  • وزير الخارجية المصري: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري ومغلق من الناحية الفلسطينية
  • كيف تتعامل مصر مع الشائعات بشأن القضية الفلسطينية؟.. أستاذ علوم سياسية يُجيب